هل تنجح وساطة المولوي فضل الرحمن بين كابل وإسلام آباد؟
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
كابل- التقى زعيم "جمعية علماء الإسلام الباكستانية" المولوي فضل الرحمن بكل من رئيس الوزراء الأفغاني بالوكالة الملا محمد حسن آخوند ونائبه للشؤون السياسية المولوي عبد الكبير، في العاصمة الأفغانية كابل، خلال زيارة هي الأولى من نوعها بعد عودة حركة طالبان إلى السلطة عام 2021.
تأتي زيارة فضل الرحمن إلى كابل في ظل توتر العلاقات بين الجانبين، حيث تتهم السلطات الباكستانية الحكومة الأفغانية بالوقوف وراء مقاتلي حركة طالبان باكستان وتوفير ملاذ آمن لها قرب الشريط الحدودي بين البلدين، كما تحمّل الحركة مسؤولية تدهور الوضع الأمني.
وعندما لم تستمع الحكومة الأفغانية للمطالب الباكستانية ولم تطرد مقاتلي الحركة من أراضيها، قامت إسلام آباد بطرد اللاجئين الأفغان للضغط على الحكومة الأفغانية.
فهل يمكن أن يلعب المولوي فضل الرحمن دورا في تحسين العلاقات الأفغانية الباكستانية التي تدهورت منذ وصول طالبان بشكل لم يتصوره أحد، بحكم العلاقة التاريخية بين الطرفين خلال وجود القوات الأميركية والأجنبية في أفغانستان؟
رئيس الوزراء الأفغاني الملا محمد حسن آخوند (يمين) والمولوي فضل الرحمن في القصر الرئاسي (المكتب الإعلام الحكومي) خطوة جيدةيجيب نائب السفير الأفغاني السابق في إسلام آباد زردشت شمس "لا أعتقد أن يتمكن الرجل من حل المشكلة خلال زيارة واحدة، يمكن اعتبارها خطوة جيدة لفتح باب الحوار بين الطرفين على الأقل، يستطيع تقريب وجهات النظر حول القضايا المثيرة للجدل بين كابل وإسلام آباد ويخلق أساسا للحوار، لقد تغيرت طالبان كثيرا وهي ليست طالبان تسعينيات القرن الماضي".
ويرى خبراء الشأن الأفغاني أن ملف حركة طالبان باكستان كان من النقاط الأساسية في زيارة زعيم "جمعية علماء الإسلام الباكستانية" إلى كابل ولقائه الجانب الأفغاني، وأن الحكومة الأفغانية تعتبر أن الملف شأن باكستاني محض ولا تستطيع أن تعد الجانب الباكستاني بالقيام بأي شيء بخصوصه.
ويقول زردشت شمس للجزيرة نت إن "المشكلة الأساسية في العلاقات بين البلدين هي ملف طالبان باكستان، ولا تستطيع الحكومة الأفغانية تلبية المطالب الباكستانية، وحتى لو أرادت فإنها لا تملك قدرة على فعل أي شيء ضد الحركة، لأنها لا تريد فتح جبهة جديدة ضدها".
وبحسب مصادر أفغانية مقربة فإن هذه الزيارة لها 3 أهداف رئيسية، وهي إقناع حركة طالبان باكستان بالجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة الباكستانية، ومساعدة الحكومة الأفغانية في تأمين المناطق الحدودية يوم الانتخابات البرلمانية التي ستُعقد الشهر المقبل، وخفض التوتر بين كابل وإسلام آباد.
ويُعتبر حزب "جمعية علماء الإسلام الباكستانية" من أهم الأحزاب الإسلامية المتحالفة مع الحكومة الباكستانية وجيشها، ويتمتع بنفوذ كبير في المناطق الحدودية مع أفغانستان، وتمكن من الحفاظ على حضوره في السياسة الباكستانية من خلال إحراز مقاعد في البرلمان ومجلس الشيوخ الباكستاني.
إقناع حركة طالبان باكستان بالتفاوض مع الحكومة الباكستانية من أهداف زيارة فضل الرحمن لكابل (المكتب الإعلام الحكومي) رسائلوينظر إلى المولوي فضل الرحمن على أنه دعّم حركة طالبان أفغانستان طيلة عقدين ماضيين، وجاء إلى كابل بالتنسيق مع الحكومة الباكستانية لنقل رسائلها إلى الجانب الأفغاني.
وعن ذلك يقول وزير الخارجية الأفغانية بالوكالة أمير خان متقي للجزيرة نت "يحظى مولانا فضل الرحمن باحترام الجميع في المنطقة، وهو مطلع على الوضع في أفغانستان وباكستان، ونأمل أن يلعب دورا في تحسين العلاقات بين البلدين، وأن ينقل النيات الطيبة من قادة أفغانستان إلى المسؤولين في باكستان ونأمل أن تكون لهذه الزيارة نتائج جيدة".
ويرى متابعو الشأن الأفغاني أن الزيارات الرسمية التي قام بها مسؤولون باكستانيون إلى أفغانستان لم تؤد إلى نتائج ملموسة، لذا فكرت السلطات الباكستانية في تغيير آلية التواصل مع الحكومة الأفغانية التي تتزعمها حركة طالبان وفي إرسال شخص -على الأقل- يستطيع فهم ما يفكر به قادة طالبان لأنهم ينتمون فكريا إلى مدرسة واحدة.
يقول المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد للجزيرة نت "إن توجيه دعوة إلى زعيم "جمعية علماء الإسلام الباكستانية" يهدف إلى منع الدعاية السلبية ضد طالبان في باكستان ونقل الحقيقة إلى الشعب الباكستاني".
وعبّر نائب رئيس الوزراء الأفغاني للشؤون السياسية المولوي عبد الكبير -خلال اجتماعه بالمولوي فضل الرحمن- عن قلق بلاده من وجود تنظيم الدولة وسياسة إسلام آباد تجاه اللاجئين الأفغان في باكستان.
تثمين
يقول رئيس قسم الإعلام في مكتب نائب رئيس الوزراء للشؤون السياسية حسن حقيار للجزيرة نت، إن "الحكومة الأفغانية تثمن الدور الذي يلعبه المولوي فضل الرحمن في تحسين العلاقات بين البلدين، وبينا له أنه على الحكومة الباكستانية أن تقف معنا في مكافحة تنظيم الدولة الذي يهدد الأمن في المنطقة".
ويضيف "وأوضحنا له أننا ملتزمون باتفاق الدوحة ولن نسمح لأحد أن يستخدم الأراضي الأفغانية ضد الجيران، وعلى باكستان أن تقبل بنا كدولة مستقلة ولا تتدخل في شؤوننا ونحن لا نريد التدخل في شؤون الآخرين".
وأثارت زيارة زعيم "جمعية علماء الإسلام الباكستانية" ردود فعل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي.
ورأى عدد من النشطاء أنها تأتي في إطار الدعاية الانتخابية وأنه ما دام لم يلتق زعيم حركة طالبان الشيخ هيبة الله آخوند زاده -الذي يملك صلاحية واسعة لاتخاذ قرارات مصيرية مثل موقف الحكومة الأفغانية من حركة طالبان باكستان، فإن السلطات الأفغانية الموجودة في كابل لا تملك صلاحية اتخاذ القرارات المهمة.
يقول الكاتب والباحث السياسي فضل الرحمن اوريا للجزيرة نت "أعتقد أن الأمور ستتجه إلى جهة جديدة بعد الزيارة التي قام بها المولوي فضل الرحمن، وستزداد أزمة باكستان الأمنية والاقتصادية، وحركة طالبان باكستان ستصعّد أكثر وستخلق زخما جديدا ضد القوات الباكستانية"، حسب تصريحه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مع الحکومة الباکستانیة حرکة طالبان باکستان الحکومة الأفغانیة العلاقات بین رئیس الوزراء بین البلدین للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
هل تنجح المعارضة في تفجير الخلاف بين الثنائي والعهد؟
قد تكون احدى المطالب الدولية المرتبطة بتشكيل الحكومة تقوم على اضعاف "حزب الله" في المعادلة الداخلية اللبنانية، لكن من الواضح، ومن خلال التجارب السابقة، ان الدول الاقليمية او الدول الغربية تدرك طبيعة التوازنات في لبنان وهذا ما يمنعها من الذهاب بعيدا في "حشر" الحزب او اقصائه او عزله، وحتى بعد اضعافه. هناك قدر معين لا يمكن تجاوزه نظرا للترابط بين الواقع الحزبي والطائفي والمذهبي في بلد مثل لبنان وعليه تبدو مطالب المعارضة في لبنان مبالغا فيها في مواجهة الحزب.قد يكون الارتجال في رفع سقف مطالب المعارضة مفضوحا من خلال مراقبة تناقض الفيتوهات بين "القوات اللبنانية" مثلا التي تتحدث عن رفض حصول الثنائي على الوزراء الخمسة من دون احداث ضجة حول وزارة المالية، وبين "التغييريين" الذين يركزون ايضا على هذه الحقيبة السيادية، وعليه قد يكون الهدف الاستراتيجي لخصوم "حزب الله" في الداخل مختلفاً، لا بل متناقضاً عن اهداف الخارج.
تهدف قوى المعارضة بشكل شبه علني الى احداث خلاف فعلي بين "الثنائي الشيعي" والعهد الجديد، اذ ان العلاقة بين "حزب الله" وحركة "امل" وبين الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام كانت تخطو بشكل مستمر خطوات ايجابية قبل ان تبدأ المعارضة بإبتزاز سلام (تحديدا) وتاليا عون بعدم اعطاء الثقة للحكومة وبالتالي افشال عملية التأليف اذا بقي التجانس او التوافق مع الثنائي.
تريد المعارضة دفع سلام ومن خلفه عون الى خطوات صدامية مع "حزب الله" ما يخلق اشتباكا منذ اللحظة الاولى للعهد يمتد الى قضايا مختلفة منها قانون الانتخاب والتعيينات وغيرها من الملفات، ما يظهر "الحزب وأمل" بأنهما خارجان عن توافق اللبنانيين ويعارضان عملية البناء الموعودة.
لكن هذا ليس الهدف الوحيد، فالعصفور الثاني الذي ستصيبه المعارضة، او جزء اساسي منها، هو تعطيل العهد، فجزء من القوى المسيحية لا يريد لعهد جوزيف عون ان ينجح لانه يهدد وجود الزعامات المسيحية التي فشلت في السلطة منذ العام ٢٠٠٥ حتى اليوم، ما يعني ان الصدام بين الثنائي والعهد سيفتح الباب نحو ارباح صافية لبعض الاحزاب والشخصيات المسيحية تحديدا داخل قوى المعارضة.
علما ان نجاح العهد خيار غربي وعربي وليس خيار "حزب الله" لكن الهامش السياسي الذي يتمتع به المعارضون في لبنان قد يجعلهم يذهبون الى مثل هذا التصعيد بحجة اضعاف "حزب الله" لكنهم في الواقع يعملون على حماية موقعهم السياسي ومنع اي تهديد لهم في ساحاتهم الشعبية.
المصدر: خاص لبنان24