تأهب أردني لموجة غلاء مدفوعة باضطرابات البحر الأحمر
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
تتصاعد مخاوف الأردن على تجارته الخارجية، استيراداً وتصديراً، بسبب المخاطر التي باتت تحيط بسلاسل التوريد في أعقاب تزايد التوترات في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وسط هجمات الحوثيين التي تستهدف السفن الإسرائيلية وغيرها التي تتعامل مع الكيان المحتل، ما دفع الولايات المتحدة وحلفاء لها إلى التدخل بتشكيل قوة بحرية لمواجهة الحوثيين، الأمر الذي يُعقد المشهد في الممر الملاحي الحيوي.
ويتوقع مسؤولون أردنيون أن تلقي هذه الأوضاع بانعكاسات مباشرة على بلادهم من حيث انخفاض الصادرات التي تمر نسبة كبيرة منها من خلال باب المندب، وكذلك الواردات، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتكاليف الإنتاج قريباً.
ويشير المسؤولون إلى تصاعد أجور الشحن وإحجام شركات التأمين عن تقديم التغطيات التأمينية للسفن المتجهة إلى البحر الأحمر مع تصاعد الهجمات والتوترات في مضيق باب المندب واحتمال نشوب مواجهات بحرية بين قوات الحوثيين وقوات التحالف التي تشكلت لحماية السفن بقيادة الولايات المتحدة أخيراً.
يشير المسؤولون إلى تصاعد أجور الشحن وإحجام شركات التأمين عن تقديم التغطيات التأمينية للسفن المتجهة إلى البحر الأحمر مع تصاعد الهجمات والتوترات في مضيق باب المندب
يقول المدير العام لشركة الجسر العربي للملاحة عماد عبادلة، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد": "من المؤكد أن تطورات الأوضاع في البحر الأحمر ومهاجمة سفن تجارية ستؤثر بقوة ليس فقط في أسعار الشحن، بل في انقطاع سلاسل الإمداد، خصوصاً مع دول جنوب شرق آسيا التي يستورد الأردن منها جزءاً كبيراً من احتياجاته السلعية ومدخلات الإنتاج".
وخلص تقرير أعده منتدى الاستراتيجيات الأردني أخيراً، إلى أن من المحتمل أن يكون هناك تأثير سلبي ملموس في كل من الواردات والصادرات الأردنية، ما قد يؤثر بعدة مؤشرات على مستوى الاقتصاد الوطني في حال إغلاق مضيق باب المندب، وبالتالي لا بد من دراسة البدائل المناسبة والمتاحة من أجل إدارة المخاطر المحتملة من هذا الإغلاق، وتقليل أثرها ما أمكن على الواردات، والصادرات، والمنتج والمستهلك.
وأكد المنتدى ضرورة الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على غزة وإعادة حالة الاستقرار إلى المنطقة من أجل تعزيز منعتها ونموها الاقتصادي، بخاصة في ظل توالي الاضطرابات العالمية خلال الأعوام القليلة الماضية وانعكاساتها السلبية على اقتصادات العالم والمنطقة والأردن بالتحديد.
ويستحوذ مضيق باب المندب على ما نسبته 30% من إجمالي تجارة الحاويات العالمية، التي منها ما نسبته 10% من إجمالي تدفقات النفط العالمية المنقولة بحراً.
ويقول مسؤول أردني لـ"العربي الجديد" إن الجهات المختصة تعمل بالتنسيق مع القطاع الخاص على إيجاد البدائل الممكنة لمواجهة احتمالات إغلاق باب المندب أو توقف حركة الملاحة البحرية فيه بسبب تصاعد التوترات.
ويضيف المسؤول: "ندرك الآثار التي ستلحق بالاقتصاد الأردني بسبب الاضطرابات في البحر الأحمر وتصاعد الأحداث، وما ينجم عن ذلك من اختلال سلاسل التوريد، وارتفاع كلف الاستيراد والتصدير وكلف الإنتاج والسلع المستوردة والمصدرة".
الحكومة الأردنية قررت منع إعادة تصدير سلع أساسية مثل السكر والأرز والزيوت النباتية بهدف المحافظة على المخزون الغذائي ولمواجهة أي تداعيات لاضطرابات باب المندب
وكانت الحكومة الأردنية قد قررت منع إعادة تصدير سلع أساسية مثل السكر والأرز والزيوت النباتية بهدف المحافظة على المخزون الغذائي ولمواجهة أي تداعيات لاضطرابات باب المندب واختلال سلاسل التوريد.
ووفق منتدى الاستراتيجيات، فإن متوسط التبادل التجاري الأردني عبر المضيق بلغ خلال الفترة من 2020 إلى 2022 ما نسبته 28% تقريباً من إجمالي التبادل التجاري الكلي للأردن.
وعلى صعيد واردات المملكة من خلال المضيق، فقد بلغت نسبتها 30% من إجمالي الواردات، التي وصلت إلى نحو 22 مليار دولار سنوياً خلال الفترة نفسها.
وأوضح المنتدى أن أبرز البلدان التي يستورد منها الأردن (بقيمة بلغت 6.6 مليارات دولار سنوياً) هي الصين، والهند، وكوريا الجنوبية، وتايوان، واليابان، وإندونيسيا، وماليزيا، وفيتنام، وسنغافورة، وبنغلادش، وتايلاند، فضلاً عن دول من جنوب القارة الأفريقية، وأستراليا، ونيوزيلندا.
ويقول الخبير الاقتصادي مازن مرجي لـ"العربي الجديد" إن ارتفاع المخاطر بسبب التوترات في المنطقة بشكل عام والبحر الأحمر بشكل خاص سيؤدي إلى تراجع حركة التجارة في المنطقة وحدوث مشاكل في سلاسل التوريد، وربما إلى نقص في بعض السلع ومدخلات الإنتاج، وهذا يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتزايد الضغوط على المواد الأساسية.
ويضيف مرجي أن الحلول الأخرى التي قد تبدو متاحة أو التصدير والاستيراد من خلال منافذ أخرى مكلفة جداً، وتستغرق وقتاً وجهداً إضافيين لنقل السلع.
ما يقارب ثلث واردات الأردن يأتي عبر مضيق باب المندب، وبالتالي إن أي إغلاق للمضيق قد يؤثر بشكل ملموس في السوق الأردني
وتبلغ حصة بعض السلع الواردة إلى الأردن عبر مضيق باب المندب حسب تقرير منتدى الاستراتيجيات نسبة كبيرة، إذ تصل في الأقمشة مثلاً إلى نحو 89% من إجمالي استيراد الأردن من المنتج نفسه من جميع دول العالم. فيما بلغت الواردات من الآلات والمعدات الكهربائية والميكانيكية 73%، أما المركبات فقد شكلت 55%.
وأشار التقرير إلى أن ما يقارب ثلث واردات الأردن يأتي عبر مضيق باب المندب، وبالتالي إن أي إغلاق للمضيق قد يؤثر بشكل ملموس في السوق الأردني من خلال رفع كلف العملية الإنتاجية نتيجة الانقطاعات المحتملة وارتفاعات كلف الشحن والنقل.
وبخصوص صادرات الأردن عبر مضيق باب المندب، فقد وصل متوسط قيمتها إلى بلدان العالم إلى أكثر من 2.1 مليار دولار سنوياً خلال الفترة 2020ـ2022، وهي تشكل ما نسبته 21.4% من إجمالي صادرات المملكة.
وتمثلت أبرز البلدان المصدر إليها من خلال المضيق بكلّ من الهند، وإندونيسيا، والصين، وبنغلادش، وماليزيا، وأستراليا، واليابان.
وجاءت الصناعات الكيميائية والتعدينية كالأسمدة والأملاح والمركبات غير العضوية كأبرز المنتجات المصدرة إلى بلدان العالم عبر المضيق، وبنسبة تركز عالية تصل إلى 92% من إجمالي الصادرات الوطنية الكلية عبر هذا الممر.
ومن المتوقع أن تتأثر صادرات الأردن من الأسمدة بشكل رئيسي في حال إغلاق المضيق، إذ تشكّل حصة تلك الصادرات ما نسبته 54% من إجمالي الصادرات الأردنية الكلية للأسمدة عبر جميع المنافذ.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: الاردن البحر الأحمر اقتصاد الملاحة البحرية الحوثي عبر مضیق باب المندب سلاسل التورید البحر الأحمر من إجمالی من خلال
إقرأ أيضاً:
معركة البحر الأحمر.. واشنطن بلا مخالب
يمانيون../
تواصل واشنطن إغراق نفسها في مستنقع اليمن، رغم الإجماع الأمريكي على الفشل الذريع في تحقيق أهدافهم المعلنة. فمنذ منتصف مارس الماضي، كثفت المقاتلات الأمريكية الغارات العدوانية على محافظات عدة، ولكن أهدافها تجمعات سكنية وبقايا ميناء ومستشفى للسرطان وخيام للبدو وكذلك الأسواق والطرقات والمحصلة سقوط المئات من الشهداء والجرحى، أما الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية فصافرات الإنذار وكاميرات الصهاينة المستوطنين تثبت أنها لا تزال بسلام وتؤدي مهامها على أكمل وجه.
هزائم نكراء تتلاقها الولايات المتحدة على أكثر من صعيد، ففي سماء اليمن، حققت الدفاعات الجوية نتائج ملموسة في إمكاناتها وفاعلية عملياتها. فخلال الأسبوع الماضي تمكنت من إسقاط ثلاث طائرات استطلاع مسلحة نوع “إم كيو 9” في أجواء محافظتي صنعاء والحديدة، ليرتفع عدد الطائرات الأمريكية المُسقطة خلال هذا الشهر إلى سبع، وإجمالي الطائرات المُسقطة منذ بداية عمليات الإسناد إلى 22 طائرة، بخسائر تجاوزت 200 مليون دولار، ما يمثل أعلى تكلفة يتكبدها البنتاغون في حملته ضد اليمن. وتجدر الإشارة إلى أن تكلفة الطائرة المسيرة المتطورة “ريبر” تبلغ حوالي 30 مليون دولار وتحلق على ارتفاعات تزيد عن 12 ألف متر، ما يجعل إسقاطها إنجازاً عسكرياً نوعياً.
انفو جرافيك – حصيلة طائرات MQ9 التي تمكنت الدفاعات الجوية اليمنية من اسقاطها (حتى 22 أبريل 2025م)
إن اللافت في المشهد هو التطور النوعي في قدرات الدفاع الجوي اليمنية. فوفقًا لتقارير متطابقة من “فوكس نيوز” و”ذا وور زون” وشبكة (CNN) ووكالة أسوشيتد برس، نجحت القوات اليمنية في إسقاط ما لا يقل عن 7 طائرات أمريكية مُسيّرة من طراز “إم كيو-9 ريبر” المتطورة خلال أسابيع قليلة، والتي تُقدر قيمة الواحدة منها بعشرات الملايين من الدولارات، ليصل إجمالي الخسائر إلى 200 مليون دولار.
المفاجأة المدوية لواشنطن تأتي من قدرة اليمن المتطورة على إسقاط أحدث طائراتها المسيرة. ففي غضون أقل من ستة أسابيع، تمكنت الدفاعات اليمنية الجوية الباسلة من إسقاط سبع طائرات مسيرة أمريكية من طراز “ريبر” المتطور، وفقاً لما كشفته وكالة “أسوشيتد برس” نقلاً عن مسؤولين عسكريين. هذه الخسائر المادية الفادحة، التي تتجاوز قيمتها 200 مليون دولار، تمثل أغلى فاتورة يتكبدها البنتاغون في حملته العبثية ضد اليمن. وإذا علمنا أن تكلفة الطائرة المسيرة الواحدة من هذا الطراز تقارب 30 مليون دولار وتحلق على ارتفاعات تزيد عن 12 ألف متر، فإن هذا الإنجاز اليمني يمثل صفعة مدوية للغطرسة الأمريكية وتفوقها التقني المزعوم.
ويُعد إسقاط هذه الطائرات المُسيّرة، التي تعتمد عليها واشنطن بشكل كبير في عمليات الاستطلاع والمراقبة، خسارة استراتيجية كبيرة للولايات المتحدة، حيث أعاق قدرتها على الانتقال إلى “المرحلة الثانية” من عمليتها التي كانت تهدف إلى تحقيق التفوق الجوي واستهداف قادة “أنصار الله”.
وقد اعترف مسؤولون أمريكيون بأن “الخسارة المستمرة للطائرات بدون طيار جعلت من الصعب على الولايات المتحدة تحديد مدى تدهور مخزونات أسلحة الحوثيين بدقة”، مؤكدين أن أداء القوات اليمنية في استهداف هذه الطائرات يتحسن باستمرار.
إخراج القوة البحرية عن الخدمة
وفي تطور لافت يُنذر بتغيير جذري في موازين القوى البحرية، تُحكم القوات المسلحة اليمنية قبضتها على المياه الإقليمية في البحر الأحمر، مُوسعة نطاق عملياتها لتتجاوز استهداف السفن التجارية التابعة للعدو الإسرائيلي ليشمل القطع البحرية الأمريكية نفسها. هذا التصعيد، الذي يأتي في سياق الدعم اليمني المتواصل لفلسطين وغزة، يُلقي بظلال قاتمة على قدرة واشنطن على بسط نفوذها وإدارة عملياتها العسكرية في المنطقة الحيوية.
تأثير العمليات العسكرية اليمنية أعاق الخطط الاستراتيجية الأمريكية القائمة على سرعة الانتشار في أي نقطة في البحار الممتدة، إلا أن هذه الميزة فقدتها الولايات المتحدة مع إغلاق اليمن لمضيق باب المندب وهو الشريان الرئيسي للإمدادات العسكرية الأمريكية، وفي هذا السياق ذكر تقرير صادر عن “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” إلى أن “التهديدات المتزايدة التي تواجه الإمدادات العسكرية الأمريكية بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، تُعيق بشكل كبير قدرة واشنطن على نشر قواتها وإدارة العمليات بفاعلية.” هذا التقييم يعكس حالة الارتباك والقلق المتصاعد داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية إزاء القدرات المتنامية للقوات اليمنية.
كما يواصل اليمن إخراج القطع الأمريكية عن الخدمة منها حاملات الطائرات، وأول أمس صرح مسؤولون أمريكيون لقناة الجزيرة أنه سيتم سحب حاملة الطائرات “ترومان” في القريب العاجل، وهذا التصريح جاء بعد أيام من تأكيد رئيس المجلس السياسي الأعلى بأن “ترومان” خرجت عن الخدمة بفعل الضربات اليمنية عند أول مواجهة لها، كما علّق الرئيس المشاط على التصريح الأمريكي في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، أن إدارة ترامب تمارس التضليل والكذب منذ اليوم الأول للعدوان على اليمن، من ضمن ذلك التضليل محاولة العدو الأمريكي عبر وسائله الإعلامية إثبات أن حاملة الطائرات “ترومان” لم تتعرض لعملية بطولية من قواتنا المسلحة الضاربة، أخرجتها عن الجاهزية، وأفقدتها زمام المبادرة في الأيام الأولى من مشاركتها في العدوان على بلدنا. وقال: “إن من ضمن ذلك التضليل نشر مقاطع بتاريخ 22 أبريل كما يزعم من قام بنشرها”.. داعيا وسائل الإعلام الدولية بما فيها الأمريكية إلى مطالبة المجرم ترامب وقياداته الفاشلة بنشر بيانات الحاملة “ترومان” للفترة من 20 إلى 23 من مارس 2025م، بما فيها تصوير الكاميرات المثبتة على جوانبها وداخل غرفة قيادتها.
ما يعزز مصداقية صنعاء أن الجيش اليمني تمكن من إخراج ثلاث من حاملات الطائرات الأمريكية خلال الفترة الأولى من التصعيد على غزة، منها “آيزنهاور، لينكولين، وروزفلت”، كما أن اضطرار الأمريكي لاستقدام حاملات طائرات جديدة -بالرغم من الحاجة الأمريكية لها في ظل التصعيد مع الصين- يؤكد مدى المأزق الأمريكي في البحر الأحمر.
منصة “باي جياهاو” الصينية من جانبها أكدت أن حاملة الطائرات “كارل فينسون” تعرضت لأضرار بالغة، ما اضطرها للتراجع لمسافة 800 كيلومتر، وهو ما يُعد ضربة موجعة لصورة الأسطول الأمريكي القوي.
يُضاف إلى الخسائر في الطائرات المسيرة، التكاليف التشغيلية الهائلة للعمليات العسكرية الأمريكية. فالتكلفة التشغيلية لحاملة الطائرات الواحدة تتراوح بين 6 إلى 8 ملايين دولار يومياً، وقد ترتفع إلى 10 ملايين دولار في حالة تنفيذ مهام قتالية، بالإضافة إلى ملايين أخرى لتكاليف التشغيل والصيانة والتدريب. كما أن استخدام الصواريخ الاعتراضية باهظة الثمن، حيث يتراوح سعر صاروخ “ثاد” الواحد بين 11 إلى 15 مليون دولار، وبطارية “ثاد” بين 800 مليون إلى 1.2 مليار دولار، يؤكد أن الولايات المتحدة تنزلق إلى “حرب استنزاف” مكلفة للغاية في اليمن. ورغم قدرة واشنطن على الاستمرار لأشهر طويلة، إلا أن هذه التكاليف الباهظة، بالإضافة إلى الخسائر المتزايدة، تثير تساؤلات جدية حول جدوى هذه الحملة.
تحديات هيكلية وتأخر في تطوير القدرات الأمريكية
يُسلط تقرير لمجلة الدفاع الإيطالية الضوء على التحديات الهائلة التي تواجه البحرية الأمريكية في سعيها لدمج أنظمة جديدة لاعتراض الطائرات بدون طيار على متن مدمراتها المتطورة، مُشيراً إلى معضلة تقنية وعسكرية معقدة تُعيق قدرتها على مواكبة التهديدات المتسارعة التي تشكلها القوات اليمنية. كما يُبرز تقرير لمعهد البحرية الأمريكية التحديات الجسيمة التي تعرقل مساعي البحرية الأمريكية لتسريع تطوير ونشر أسطول فعال من السفن السطحية غير المأهولة لمواجهة التهديدات العالمية المتزايدة، مُحذراً من أن الرهان على السفن غير المأهولة لا يزال بطيئاً ومتعثراً وسط تحديات هيكلية وتكتيكية تُعيق هذا التحول الاستراتيجي الحيوي.
هذه الحقائق تُشير بوضوح إلى أن العدوان الأمريكي الغاشم على اليمن لم يفلح في تحقيق أهدافها في ردع القوات اليمنية أو إضعاف قدراتها. بل على العكس فهذه الضربات قد زادت من تصميم اليمنيين على مواصلة دعمهم لفلسطين ومواجهة النفوذ الأمريكي في المنطقة.
إن اعترافات وسائل الإعلام الأمريكية والمسؤولين العسكريين بالتحديات المتزايدة التي تواجهها قواتهم في البحر الأحمر، والخسائر الفادحة التي تتكبدها، تُعد بمثابة شهادة على التراجع الأمريكي وتغيير موازين القوى البحرية في المنطقة. فاليمن، بإمكاناته المتواضعة وإرادته الصلبة، يُعيد رسم قواعد الاشتباك ويُجبر أقوى قوة بحرية في العالم على إعادة حساباتها وتقييم استراتيجياتها في منطقة باتت عصية على الهيمنة الأمريكية المطلقة.
إن هذا الفشل المتواصل للولايات المتحدة في اليمن، وتكبدها خسائر مادية وبشرية متزايدة، سيكون له تداعيات عميقة على الداخل الأمريكي. فالتساؤلات حول جدوى هذه الحرب العبثية ستتعالى، وستزداد الضغوط على الإدارة الأمريكية لوضع حد لهذا النزيف المستمر للموارد. والأهم من ذلك، أن هذا الفشل العسكري والسياسي يقوض من مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى أمام منافسيها على الساحة الدولية، الذين يراقبون عن كثب هذا التراجع الأمريكي في مواجهة صمود يمني أسطوري.
إن اليمن، بصموده الأسطوري وتضحياته الجسيمة، وبما حققه من تقدم ملحوظ في قدراته العسكرية، قد لقن الولايات المتحدة درساً قاسياً في فنون القتال وإرادة الشعوب. هذا العدوان لن يزيد شعب الإيمان والحكمة إلا عزة وكرامة وإصراراً على مواصلة طريق الحق ونصرة قضايانا العادلة. وسيظل اليمن، بعون الله، شامخاً عصياً على الانكسار، شاهداً على تهاوي أوهام القوة الأمريكية وتراجع نفوذها في المنطقة