سلَّط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء الضوء على التقرير الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة، بعنوان "الخسائر والأضرار في أنظمة الأغذية الزراعية: معالجة الثغرات والتحديات"، والذي يشير إلى ارتباط أنظمة الأغذية الزراعية بتغير المناخ، حيث تُفقد كل عام مئات المليارات من الدولارات بسبب الكوارث وما تخلفه على المحاصيل والإنتاج الحيواني، مما يقوض مكاسب التنمية التي تحققت بصعوبة وسبل عيش المزارعين.

ويأتي ذلك في إطار اهتمام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، برصد وتحليل كل ما هو متعلق بالتقارير الدولية التي تتناول الشأن المصري أو تدخل في نطاق اهتماماته.

وأوضح التقرير أن أنظمة الأغذية الزراعية تساهم بشكل كبير في الانبعاثات، وعلى هذا النحو، يجب أن تلعب أنظمة الأغذية الزراعية دورًا مركزيًا في توفير الحلول لتغير المناخ - سواء التكيف معه أو التخفيف منه - مع تلبية احتياجات الأمن الغذائي للأجيال الحالية والمستقبلية.

ووفقًا للتقرير، فإن أكثر من ثلث (أو 35%) من خطط العمل المناخية الحالية تشير صراحة إلى الخسائر والأضرار، مما يسلط الضوء على الأهمية المتزايدة لهذه القضية على المستوى العالمي، حيث تم تحديد الزراعة باعتبارها ضمن القطاعات الأكثر تأثرًا بتغير المناخ.

وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من دور الزراعة المركزي في أنظمة الأغذية الزراعية العالمية - التي تشمل الإنتاج والتوزيع والاستهلاك - إلا أنها لم تكن محور التركيز الأساسي في المناقشات المحيطة بالخسائر والأضرار، ومع ذلك تواجه المجتمعات التي تعتمد على النظم الغذائية الزراعية لكسب عيشها حاليًا تحديات حادة، بما في ذلك الفقر وانعدام الأمن الغذائي ومحدودية الوصول إلى الخدمات، وأكد التقرير على الحاجة الماسة إلى بذل جهود مستهدفة لمعالجة نقاط الضعف في نظم الأغذية الزراعية، مع الاعتراف بدورها المحوري في سبل العيش والتنمية المستدامة.

وذكر التقرير أنه في عام 2020، تم توظيف أكثر من 866 مليون شخص في قطاع الأغذية الزراعية على مستوى العالم وحقق القطاع حجم مبيعات قدره 3.6 تريليون دولار.

وأضاف التقرير أن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) افتُتِح في 2023 باتفاق تاريخي بشأن تفعيل صندوق الخسائر والأضرار لمساعدة البلدان الضعيفة على التعامل مع آثار تغير المناخ، وفي هذا السياق، كانت الدول النامية، التي تقع على الخط الأمامي في مواجهة تغير المناخ وتتصارع مع تداعيات تصاعد الأحداث المناخية المتطرفة مثل الجفاف والفيضانات وارتفاع منسوب مياه البحار، قد دعت بإصرار إلى إنشاء صندوق الخسائر والأضرار.

وتمثل الخسائر والأضرار في النظم الغذائية الزراعية عبئًا اقتصاديًّا كبيرًا، حيث تشير البيانات المستمدة من تقييمات ما بعد الكوارث التي أجريت بين عامي 2007 و2022 إلى أن الخسائر الزراعية شكلت في المتوسط 23% من إجمالي تأثير الكوارث في جميع القطاعات، وتسبب الجفاف وحده في أكثر من 65% من الخسائر في قطاع الزراعة خلال هذه الفترة، وهو ما يعني فقدان ما يقدر بنحو 3.8 تريليون دولار من المحاصيل والإنتاج الحيواني في السنوات الثلاثين الماضية.

ومن المتوقع أن تسبب الأحداث المناخية في المزيد من الخسائر والأضرار، مما يؤثر على الإنتاجية والكفاءة وسبل عيش أولئك الذين يعتمدون على أنظمة الأغذية الزراعية، ويحدد التقرير أيضًا الحاجة الملحة لتعزيز المنهجيات والأدوات اللازمة لتقييم الآثار السلبية لتغير المناخ، حيث غالبًا ما تفشل الأساليب الحالية في التقاط الأحداث بطيئة الظهور والأبعاد غير الاقتصادية للخسائر والأضرار. ووجدت الدراسة أن عدم وجود تعريف متفق عليه دوليا للخسائر والأضرار يزيد من تعقيد الجهود المبذولة لمواجهة هذا التحدي.

وقد تم تحديد الدعم المالي كعامل حاسم من قبل منظمة الزراعة والأغذية، مع انخفاض المستويات الحالية لتمويل المناخ المتتبع عن الاحتياجات المحتملة لأنظمة الأغذية الزراعية. وتشير الدراسة أيضًا إلى عدم وجود بيانات محددة حول الاحتياجات المالية للخسائر والأضرار، مما يدعو إلى إيجاد حلول لاستهداف هذه المشكلة.

كما يحدد التقرير سلسلة من الإجراءات للتخفيف من تأثير الخسائر والأضرار في أنظمة الأغذية الزراعية ويدعو إلى التعاون الدولي وشراكات أقوى، ويشمل ذلك توضيح معنى الخسائر والأضرار التي لحقت بنظم الأغذية الزراعية الوطنية، وتعزيز تقييم مخاطر المناخ، والاستثمار في جمع البيانات والبحث، وتنفيذ تدابير التكيف، وتعزيز الاستجابة لحالات الطوارئ، واعتماد نهج التعافي القائم على "إعادة البناء بشكل أفضل".

وسلط التقرير الضوء على كيفية معالجة الدول للخسائر والأضرار وآثارها المحددة على أنظمة الأغذية الزراعية من خلال: الاعتراف بالخسائر والأضرار، ومراعاة اعتبارات التوزيع الجغرافي حيث أن ثلاثة أرباع البلدان التي تذكر صراحة الخسائر والأضرار هي دول متوسطة الدخل.

ويبرز قطاع الزراعة باعتباره القطاع الأكثر تضررًا، حيث أبلغت 40% من البلدان عن خسائر اقتصادية مرتبطة بشكل واضح بالزراعة، وتكشف الدراسة أنه بالنسبة للبلدان التي أبلغت عن الخسائر والأضرار، تبرز الزراعة باعتبارها القطاع الوحيد الأكثر تأثرًا، وجدير بالذكر أن الظواهر الجوية المتطرفة تهيمن على مسببات الخسائر الاقتصادية، حيث تتعلق 37% من الحالات بقطاع الزراعة، وترتبط الأحداث البطيئة الحدوث، على الرغم من الإبلاغ عنها من قبل مجموعة أصغر من البلدان، بالزراعة، مما يؤكد ضعف القطاع في مواجهة التحديات المتنوعة المرتبطة بالمناخ.

وأفاد التقرير في الختام أن الغرض الرئيس هو تحفيز المناقشات حول الدور المركزي لأنظمة الأغذية الزراعية في النقاش بشأن الخسائر والأضرار وتحديد الثغرات في البيانات والمعرفة والتمويل التي تحتاج إلى معالجة. وأشار بشكل عام، إلى أنه يجب توجيه الدعم المقدم للبلدان وتعزيزه حتى يمكن معالجة الخسائر والأضرار في أنظمة الأغذية الزراعية في أقرب وقت ممكن. ويجب أيضًا أن يضمن هذا الدعم عدم تخلف أحد عن الركب أثناء السعي لتحقيق إنتاج وتغذية وبيئة وحياة أفضل.

اقرأ أيضاًمعلومات الوزراء: استهداف زيادة عدد السلع التموينية إلى أكثر من 100 سلعة خلال 2024-2030

«معلومات الوزراء» يستعرض أبرز الخبرات الدولية والإقليمية في إنشاء المناطق الاقتصادية الخاصة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الأغذية التغير المناخي معلومات الوزراء الخسائر والأضرار فی للخسائر والأضرار أکثر من

إقرأ أيضاً:

البنك الدولي: الخسائر جراء الحرب 8.5 مليار دولار.. جهاد البناء: 3 مليارات دولار كلفة الإعمار

بدأت التداعيات والنتائج الكارثية للحرب تتظهر تباعاً بحيث ألحق التصعيد في لبنان أضراراً بنحو 100 ألف وحدة سكنية، وفق ما أفاد تقرير صادر عن البنك الدولي أمس في حين تجاوزت الخسائر الاقتصادية في البلاد 5 مليارات دولار خلال أكثر من عام من القتال بين "حزب الله" وإسرائيل. وبحسب البنك الدولي، فقد تسبّب النزاع في تضرّر ما يقدر بـ99209 وحدات سكنية... ومن بين هذه الوحدات المتضررة، يُقدّر أنّ 18 في المئة مدمرة بالكامل، بينما 82 في المئة تعرّضت لأضرار جزئية"، وذلك بين 8 تشرين الأول 2023 و27 تشرين الأول 2024"، مشيراً إلى أن "النزاع تسبب بخسائر اقتصادية بلغت قيمتها 5,1 مليارات دولار".

وكتبت" الاخبار": تبيّن أرقام وتقديرات «لجنة إحصاء الأضرار في جهاد البناء» بناءً على الإحصاء حيث أمكن، والتقدير بالطرق العلمية حيث يتعذّر، أن التدمير الكامل طاول نحو 45 ألف وحدة سكنية في مختلف المناطق اللبنانية. هذه الكشوفات، هدفها التحضير لـ«اليوم التالي» بكل ما فيه من أسئلة مرتبطة بالنزوح والعودة وإعادة الإعمار... ففي المحصّلة لدينا 1.2 مليون متر مكعب من الركام، بينما يظهر بوضوح أن كلفة إعادة إعمار الضاحية لغاية نهاية تشرين الأول بلغت 630 مليون دولار، مقابل 2.3 مليون دولار في باقي المناطق.

التقديرات تتغيّر مع كلّ يوم إضافي للحرب. فحتى نهاية تشرين الأول الماضي، تطابق حجم الدمار الذي تسبّبت به آلة الحرب الصهيونية مع ما سبّبته في عدوان تموز 2006. يومها، أُحصي تدمير 246 مبنى في الضاحية الجنوبية. والآن (أي حتى نهاية تشرين الأول الماضي)، وصل عدد المباني المدمّرة بشكل كلّي إلى 220 مبنى، وبلغ مجمل عدد الوحدات السكنية والتجارية المدمّرة تماماً في المناطق التي تتعرّض للاعتداءات 45 ألف وحدة، منها 20% على أبعد تقدير هي وحدات تجارية. لكن، لن تكتمل الصورة الفعلية أو تتضح الكلفة الفعلية لعملية إعادة الإعمار، قبل وقف إطلاق النار، بحسب لجنة إحصاء الأضرار في جهاد البناء. فالرقم الفعلي المُفترض صرفه على العملية مركّب ويتألف من إعادة إعمار الوحدات السكنية المدمّرة، وترميم الوحدات المتضرّرة، ورفع الأنقاض، وإعادة إنشاء البنية التحتية اللازمة.
وتبيّن الكشوفات اليومية في الضاحية الجنوبية وجود أضرار إنشائية في المباني المحيطة بالمباني المُستهدفة. فالصواريخ المُستخدمة في القصف تسبّب تدميراً كبيراً للأحياء. بالتالي، يحتمل أن يتحوّل عدد كبير من المباني المتضرّرة أو المتصدّعة إلى مشاريع هدم، ولا سيّما مع تضرّر الأساسات، ما يجعلها غير قابلة للترميم، أو يرفع كلفة الترميم لتكون أعلى من كلفة إعادة الإنشاء. وفي حال اعتماد نموذج حرب تموز 2006، سيتحوّل 30% من المباني المتضرّرة إلى الهدم الكلي، فضلاً عن وجود 100 مبنى متضرّر جزئياً.

وتشير التقديرات الأولية إلى 7 آلاف وحدة سكنية مدمّرة تماماً في بيروت وجبل لبنان (أي في الضاحية الجنوبية بشكل أساسي وفي سائر أحياء بيروت وجبل لبنان). وبحسب أعضاء اللجنة في جهاد البناء التقتهم «الأخبار» فإن هذه التقديرات هي الأدق لأنّ الكشوفات في هذه المناطق شبه يومية خلافاً لما هي في مناطق أخرى. ففي محافظتي البقاع وبعلبك الهرمل، تقدّر اللجنة بأن هناك 5 آلاف وحدة سكنية مدمّرة بين شتورة والهرمل. مع الإشارة إلى أنّ الإحصاء في هاتين المحافظتين سهل، وفقاً للجنة، لأنّ البيوت متفرّقة، والمساحات بينها كبيرة، بعكس الضاحية. وفي الجنوب، جرى تقسيم المنطقة إلى قسمين؛ شمال نهر الليطاني، وجنوبه. اعتُمدت في مناطق الجنوب التقديرات المبنية على تقارير البلديات بشكل أساسيّ. وتبيّن أنّ عدد الوحدات السكنية المدمّرة بشكل كامل، بلغ 28 ألف وحدة سكنية، 4500 منها في منطقة شمال نهر الليطاني. لكن، لا تشير هذه الأرقام بالضرورة إلى العدد الفعلي للبيوت المدمّرة، فجزء كبير منها مؤلّف من طابقين، ويُعدّ وحدتين سكنيتين. لذا، لن تظهر دقّة هذه الأرقام قبل الكشف الميداني. وبالمقارنة مع حرب تموز، فإن عدد الوحدات المدمّرة في منطقة شمال النهر حينها كان يساوي ثلثي المدمّرة اليوم، أي حوالي 3 آلاف وحدة سكنية. لذا، وبسبب شدة المعارك، تقدّر الفرق الهندسية أن يصل عدد البيوت المدمّرة جنوب النهر إلى ضعفين ونصف عددها شمال الليطاني. واستندت في هذا التقدير إلى نموذج حرب تموز 2006.

كل هذه المسوحات والتقديرات بُنيت على قاعدة أنّ «التفكير باليوم التالي للحرب، يفرض التخطيط بدءاً من اليوم». الأكلاف، والتعامل مع النزوح، بالإضافة إلى الأسئلة الهندسية والمعمارية والثقافية والمجتمعية، كلها تفرض إطلاق هذه الورشة. أكلاف اليوم التالي تبدأ باحتساب كلفة رفع الأنقاض أولاً، وإعادة الإعمار ثانياً. فحتى نهاية تشرين الأول الماضي، بلغ حجم الأنقاض المُفترض رفعها مليوناً و200 ألف متر مكعب. تكلّف عملية رفع كلّ متر مكعب أقلّ من 10 دولارات، ما يعني أنّ التقدير الأولي لهذه العملية هو أقلّ من 12 مليون دولار. وهذا الرقم يمثل فقط عملية رفعها من السطح إلى السطح، أي جرفها من مكانها، ونقلها إلى مكان آخر، من دون الدخول في مشاريع إضافية يُروّج لها مثل ردم البحر.

بعد ذلك، يأتي دور الإعمار. في بيروت، تصل كلفة متر المربع من البناء إلى 450 دولاراً بمعدل وسطي لمساحة الوحدة السكنية يبلغ 200 متر مربع، أي بكلفة إجمالية تبلغ تكلفة إعادة إعمار الضاحية نحو 630 مليون دولار في حال بقي عدد الوحدات المدمرة بشكل كلّي عند 7 آلاف. لكن، هذا الرقم مرشّح للارتفاع مع كلّ غارة تستهدف المنطقة. أما في البقاع والجنوب، فكلفة المتر المربع تبلغ 420 دولاراً بمعدل وسطي يبلغ 170 متراً مربعاً، أي ما يُقدّر بأنه يبلغ 2.3 مليارات دولار (28 ألف وحدة سكنية في الجنوب و5 آلاف وحدة في البقاع). والواضح بالنسبة إلى جهاد البناء أن المدّة الفاصلة من وقف إطلاق النار حتى إعادة الإعمار التام، تمتدّ من 3 سنوات على أقلّ تقدير، وصولاً إلى 5 سنوات.

وأكّدت الفرق الهندسية التي كشفت على منطقتي حارة حريك والمريجة حيث حصلت عمليتا اغتيال الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله، ورئيس المجلس التنفيذي الشهيد السيد هاشم صفي الدين، أنّ الصواريخ المُستخدمة لم تدمّر المباني المحيطة بشكل كبير، بل صدّعتها بشكل كبير. وفي مقارنة بين العمليتين، أشارت الفرق إلى أنّه في حارة حريك استُهدفت مساحة قُدّرت بـ400 متر مربع، ودُمرت 4 مبان، بينما استُهدفت المريجة بمساحة وصلت إلى 1000 متر مربع، منها 10 مبانٍ مدمّرة.

بعكس ما تروّج له بعض وسائل الإعلام، ومنها الصهيونية، لم تُدمّر قرى المواجهة الأمامية بشكل تام، ولم تُمسح عن الخريطة. «حتى ميس الجبل، لم تُدمّر بشكل كامل»، تقول الفرق الهندسية. وتشير إلى أنّ «الدمار واسع، نعم، ولكن يقتصر على عدد من الساحات والأحياء». فالدمار الكبير تركّز في الأحياء المواجهة لفلسطين المحتلة.

مقالات مشابهة

  • كيف تغير سياسات ترامب خريطة الاقتصاد العالمي؟
  • الأغذية العالمي يدعو إلى المرور الآمن لشاحنات المساعدات في السودان
  • جـــناح الأديــان يناقـــش الأضـــــرار المناخــية
  • انفوجراف.. 3.6 مليار شخص في خطر نتيجة تغير المناخ
  • «COP29».. جناح الأديان يناقش الحلول المستدامة في ملف المناخ
  • البنك الدولي: الخسائر جراء الحرب 8.5 مليار دولار.. جهاد البناء: 3 مليارات دولار كلفة الإعمار
  • الإمارات تؤكد ضرورة التعاون لتمويل صندوق «الخسائر والأضرار»
  • «الأغذية العالمي» يحرك 3 قوافل لمناطق بالسودان ويدعو لتمديد فتح الحدود
  • ‏«COP 29» آفاق جديدة لمواجهة تغير المناخ!!
  • خسائر لبنان جراء عدوان إسرائيل 8.5 مليارات دولار ودمار 100 ألف وحدة سكنية