الجزيرة:
2025-03-10@18:42:43 GMT

ماذا وراء هروب أخطر سجين في الإكوادور؟

تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT

ماذا وراء هروب أخطر سجين في الإكوادور؟

عاشت الإكوادور مساء الأحد الماضي على وقْع خبر اختفاء السجين الأخطر في البلاد من سجن ليتورال في مدينة غواياكيل الساحليّة، لكن السلطات اعترفت بعد ذلك أن رئيس عصابة "لوس تشونيروس"، والملقّب بـ "فيتو"، قد هرب من السجن.

ورغم أن شهرة "فيتو"، في عالم الجريمة، انحصرت في بلدان أميركا اللاتينية، فإن نيله مستوى العالمية تحقق في أغسطس/ آب الماضي، عندما اجتاحت صورته وسائل الإعلام الدولية، وهو عاري الصدر، مُكبّلٌ بين جحافل من الأمنيين، وذلك أثناء نقله من سجن إلى سجن شديد الحراسة، على خلفية شبهة تورطه في تصفية المرشح الرئاسي فيافسنسيو في العاصمة كيتو.

ولئن حرصت السلطات الإكوادورية في ذلك الوقت على الترويج لتلك الصورة المُهينة لـ "فيتو"، فإنّها اليوم عاجزة عن لملمة فضيحة هروبه.

كانت الإكوادور قبل 2017 توصف بجزيرة السلام في منطقة أميركا الجنوبيَّة؛ نظرًا لانخفاض معدل الجريمة فيها، لاسيما أنها لم تكن يومًا من الدول المنتجة للمخدِّرات، والكوكايين على وجه الخصوص، لكن الأوضاع انقلبت بشكل سريع وصادم في السنوات الأخيرة، وصارت أسماء عصاباتها ورؤسائها متداولة بشكل واسع في عالم الجريمة المنظمة وتجارة المخدّرات، من خلال القصص المُثيرة التي تنتشر عنها خارج القارة.

وعلى خطى بطولات إمبراطور المخدِرات بابلو إسكوبار في كولومبيا أو اِل تشابو في المكسيك، ها هو اليوم "فيتو" الإكوادور، ينحت قصة اختفائه أو هروبه من السجن وربما من البلاد، تاركًا الجميع في حَيرة.

قبل الهروب

قبل عرض خبر هروب "فيتو"، وجبت الإشارة إلى أن اللقطات الهوليودية التي نشرتها وزارة الداخلية الإكوادورية الصيف الماضي- الخاصة بنقله إلى سجن شديد الحراسة؛ بهدف التحقيق معه في صحة إصداره أوامر بتصفية المرشح فيافسنسيو- لم تدم سوى أيام معدودات، خضعت بعدها الحكومة السابقة لأمر "فيتو" بإرجاعه إلى السجن الذي يقيم فيه، بين جيشه من عصابة "لوس تشونيروس" التي تعمل بالتنسيق مع عصابة "سينالوّا" المكسيكية ذائعة الصيت.

ويتفهّم الإكوادوريون خضوع الحكومة لأوامر "فيتو"، لاسيما في حفاظه على مقر إقامته في سجن ليتورال، فالرجل الذي يعتبر الأخطر في الإكوادور، يسجّل من داخل "جناحه" في السجن مقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي، ويتمتع بخدمات الإنترنت، ولديه هواتفه المحمولة، ويتواصل مع الخارج، حتى في طلب وجبات "ديلفري"، ولا أحد يجرؤ على الوقوف في وجهه، لكنه- ظاهريًا- مسجون.

أما عن غرفته التي وثقتها كاميراته وكاميرات صحفي استقصائي السنة قبل الماضية، فتتضمن تلفزيونًا وثلاجة ولابتوب، وستائر وحوض سباحة وكل مستلزمات الراحة، إضافة إلى امتلاكه مزارع لتربية الأسماك والخنازير في مساحة السجن الخارجية، لتغذية عناصر عصابته.

إضافة إلى أن "فيتو" لا يرتدي زيّ السجناء، ولا يلتزم بوقت زيارة، لاسيما في حال زيارات زوجته، التي أقامت معه خمسة أيام سنة 2021، في "جناحه". على صعيد آخر، تتزين جدران سجن "ليتورال" من الداخل، بصور "فيتو" المرسومة بعناية.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول من سنة 2022، سجلت كاميرات سكان محيط السجن، مقاطعَ فيديو لألعاب نارية وموسيقى "دي جي"، في ساحة السجن، اتضح بعد ذلك أنها أقيمت بمناسبة عيد ميلاد "فيتو".

وكشفت مقاطع "تيك توك" السجناء الحاضرين أجواء احتفالية توفرت فيها المشروبات الروحية والراقصات، اللاتي تمّ جلبهن من الخارج. والغريب أن وسائل الإعلام تناقلت في ذلك الوقت، الخبر بالصوت والصورة، دون اتهام جدّي للحكومة أو إدارة السجن بمسؤوليتهما عن تلك التجاوزات، وكأن الجميع مُسلّم بأن أوامر "فيتو" تسري على الجميع، حكومة وشعبًا.

أمّا الحدث الذي تغلّب على عيد الميلاد، فتمثّل في "فيديو كليب"، صوّره أنصار "فيتو" من داخل السجن، وجلبوا له موسيقيين وفريق تصوير، وذلك لتهنئته بالعودة إلى مقرّه. وتتحدث كلمات الأغنية عن شهامته وطيبته والنظرة الخاطئة التي يتناقلها البعض عنه، وتبدأ لقطات الفيديو بصورة له ممسكًا بكتاب، ثم وهو يحتضن بعض أنصاره. وتمثل الأغنية لونًا موسيقيًا مكسيكيًا، غالبًا ما يتمّ إهداؤه لرؤساء العصابات. كل ذلك، والحكومة لم تتجرأ على اتخاذ خطوة حازمة ضده!

موقف حرج للحكومة

ورغم كلّ هذا النفوذ الذي يحظى به "فيتو"، وبعض رؤساء العصابات الأخرى في السجون وخارجها، فإن الحكومة تتعامل مع هذه الحقيقة المُرّة بهامش سُلطة توهم بها الشعب بمسكها ظاهريًا بزمام الأمور، من خلال اتفاقات تعقدها مع المجرمين.

غير أن إخلالات المجرمين بهذه الاتفاقات- أحيانًا – تضع الحكومة في مواقف محرجة، تفضح ضعفها بشكل كامل، من ذلك هروب "فيتو" الأخير.

فعند انتشار خبر "اختفاء" فيتو، لم تخرج الحكومة على الفور لتوضّح اللبس الذي تملّك الرأي العام، وخرج ممثلان عن جهاز الأمن والمسؤول الإعلامي بمؤسسة الرئاسة، بعد ساعات، ليقولا: إن "فيتو" غير موجود في السجن، لكنهما لا يؤكّدان هروبه. وأمام موجة الاستنكار التي اجتاحت شبكات التواصل الاجتماعي، تمّ تكذيب التصريح، ثم تمت العودة لتأكيد صحته، ولم يتمّ تأكيد هروب "فيتو" إلا بعد أكثر من 16 ساعة، كل ذلك حدث وسط غياب فاقع لتصريح أو بيان من رئيس البلاد ووزيرة الداخلية والإدارة المركزية للسجون.

غير أنه، وبعد تواتر التسريبات من داخل السجن إلى شخصيات سياسية نافذة، ثبت أن "فيتو"، هرب منذ يوم 25 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ومعه 21 سجينًا من عصابته، والأرجح أنه هرب من باب السجن، لاسيما أن السجناء قاموا بتعطيل أغلب كاميرات المراقبة.

ورغم هذا لم تفصح السلطات إلى الآن عن تورط الأسماء التي سهّلت عملية هروبه. واكتفى الرئيس بالإعلان عن فرض حالة الطوارئ لمدة شهرين في البلاد، بما في ذلك السجون، لكن العصابات أعلنت حالة التمرد، وأدخلت البلاد في دُوامة عنف وتفجيرات عشوائية.

ليست هذه المرة الأولى التي يهرب فيها "فيتو" المحكوم بـ34 سنة سجنًا، بل هرب سنة 2013، وتمكنت الشرطة من إلقاء القبض عليه بعد شهرين، لكن مؤهلات الحكومة، المنتخبة حديثًا، لا توحي بأي نجاح على مستوى اتّباع خُطة أمنية واضحة لمكافحة تفشّي ظاهرة انتشار الجريمة في البلاد، وتضاعف نفوذ عصابات الجريمة المنظمة والمخدرات.

يُضاف إلى ذلك، التطور الهائل الذي سجلته الإكوادور في انتشار الجريمة وتجارة المخدرات، ما أدى بالضرورة إلى ارتفاع معدّل جرائم القتل العمد، وجعلها تحتل المرتبة الأولى في بلدان أميركا الجنوبية، سنة 2023 بـ44 ضحية لكل 100000 ساكن، بعد أن كان 5.8 سنة 2017. ويعتبر معدل جرائم القتل العمد معيارًا لقياس غياب دور الدولة، أمام هيمنة قانون العصابات على المجتمعات.

 

 

فيديو الجزيرة عن إلقاء القبض على فيتو في أغسطس الماضي

https://www.youtube.com/watch?v=oCCuCFldkqQ

صورة من موقع فرنسا 24

https://www.france24.com/es/am%C3%A9rica-latina/20230813-ecuador-pandillero-acusado-de-amenazar-de-muerte-a-fernando-villavicencio-fue-trasladado

 

صورة من الفيديو كليب

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

وزارة الإعلام: نهيب بالمواطنين التحلي بالوعي وعدم الانجرار وراء الأخبار المضللة التي تستهدف النسيج الاجتماعي، ونؤكد على ضرورة الاعتماد على المصادر الرسمية للحصول على المعلومات الدقيقة، لما لذلك من أهمية في الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي

2025-03-09SAMERسابق وزارة الإعلام: رُصد خلال اليومين الماضيين، محاولات ممنهجة لإعادة تداول صور ومقاطع فيديو قديمة، يعود بعضها إلى سنوات سابقة وأخرى مأخوذة من خارج البلاد، بهدف التلاعب بالرأي العام وتقديمها على أنها أحداث جارية في الساحل السوري، في محاولة واضحة لإثارة الفتنة وزعزعة الاستقرار انظر ايضاًوزارة الإعلام: رُصد خلال اليومين الماضيين، محاولات ممنهجة لإعادة تداول صور ومقاطع فيديو قديمة، يعود بعضها إلى سنوات سابقة وأخرى مأخوذة من خارج البلاد، بهدف التلاعب بالرأي العام وتقديمها على أنها أحداث جارية في الساحل السوري، في محاولة واضحة لإثارة الفتنة وزعزعة الاستقرار

آخر الأخبار 2025-03-09وزارة الإعلام: تكثّف جهات معادية حملاتها التحريضية عبر وسائل الإعلام، بهدف إثارة الفوضى ونشر التضليل 2025-03-09وزراء الخارجية المشاركون في اجتماع دول جوار سوريا يؤكدون دعمهم لأمنها واستقرارها ورفع العقوبات عنها 2025-03-09البيان الختامي لاجتماع دول جوار سوريا: أمن سوريا واستقرارها ركيزة للأمن والاستقرار في المنطقة 2025-03-09رئيس الجمهورية ‏العربية السورية السيد أحمد الشرع في كلمة حول المستجدات الأخيرة في الساحل السوري: لقد مرّت بلادُنا بتجارُبَ مريرةٍ وصعبةٍ خلالَ السنواتِ الماضية، حتى نالت حريتها وحققت ثورةُ الشعبِ أهدافَها، ثم تعرضت مؤخراً لمحاولاتٍ عديدة، لزعزعةِ استقرارِها وجرِّها إلى مستنقعِ الفوضى 2025-03-09الوزير الشيباني: نرحب بدعم دول الجوار لسوريا في مواجهة التحديات التي تتعرض لها 2025-03-09الملك الأردني يلتقي المشاركين في اجتماع دول جوار سوريا ويؤكد أهمية التنسيق للتصدي للتحديات المشتركة 2025-03-09تشييع 8 شهداء من أبناء حماة ارتقوا خلال معارك مع فلول النظام البائد في الساحل 2025-03-09الصحة تبحث مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سبل تعزيز التعاون المشترك 2025-03-09قرار رئاسي بتشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق في أحداث الساحل السوري 2025-03-09سوريا ترحب بتخفيف العقوبات عنها وتجميد الأصول المرتبطة ببشار الأسد من قبل السلطات السويسرية

صور من سورية منوعات تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20 الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية إلى الفضاء 2024-12-05فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • إدارة سجن بني ملال تكشف تفاصيل وفاة سجين وتنفى شائعات الإصابة بمرض معدٍ
  • ماذا وراء التأخير والتكاليف الخيالية لمشروع نيوم السعودي؟
  • مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام لـ سانا: ننفي الشائعات التي تنشرها وسائل إعلام إيرانية حول هروب أبناء الطائفة العلوية في دمشق إلى السويداء، ونؤكد أن الخبر ضمن سياق الحرب الإعلامية التي تستهدف سوريا الجديدة ووحدتها
  • الجزيرة نت ترصد الدمار الذي خلفه الاحتلال بمستشفيات الجنوب اللبناني
  • أخطر سجين في بريطانيا يضرب عن الطعام
  • وزارة الإعلام: نهيب بالمواطنين التحلي بالوعي وعدم الانجرار وراء الأخبار المضللة التي تستهدف النسيج الاجتماعي، ونؤكد على ضرورة الاعتماد على المصادر الرسمية للحصول على المعلومات الدقيقة، لما لذلك من أهمية في الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي
  • حرية سجين
  • "آكل لحوم البشر".. أخطر سجين في بريطانيا يضرب عن الطعام
  • ماذا نعرف عن المساعدات العسكرية التي قدمتها أمريكا لأوكرانيا قبل قرار ترامب بإيقافها؟
  • مقتل 22 شخصاً على الأقل جراء اشتباكات بين عصابات في الإكوادور