ماذا وراء هروب أخطر سجين في الإكوادور؟
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
عاشت الإكوادور مساء الأحد الماضي على وقْع خبر اختفاء السجين الأخطر في البلاد من سجن ليتورال في مدينة غواياكيل الساحليّة، لكن السلطات اعترفت بعد ذلك أن رئيس عصابة "لوس تشونيروس"، والملقّب بـ "فيتو"، قد هرب من السجن.
ورغم أن شهرة "فيتو"، في عالم الجريمة، انحصرت في بلدان أميركا اللاتينية، فإن نيله مستوى العالمية تحقق في أغسطس/ آب الماضي، عندما اجتاحت صورته وسائل الإعلام الدولية، وهو عاري الصدر، مُكبّلٌ بين جحافل من الأمنيين، وذلك أثناء نقله من سجن إلى سجن شديد الحراسة، على خلفية شبهة تورطه في تصفية المرشح الرئاسي فيافسنسيو في العاصمة كيتو.
ولئن حرصت السلطات الإكوادورية في ذلك الوقت على الترويج لتلك الصورة المُهينة لـ "فيتو"، فإنّها اليوم عاجزة عن لملمة فضيحة هروبه.
كانت الإكوادور قبل 2017 توصف بجزيرة السلام في منطقة أميركا الجنوبيَّة؛ نظرًا لانخفاض معدل الجريمة فيها، لاسيما أنها لم تكن يومًا من الدول المنتجة للمخدِّرات، والكوكايين على وجه الخصوص، لكن الأوضاع انقلبت بشكل سريع وصادم في السنوات الأخيرة، وصارت أسماء عصاباتها ورؤسائها متداولة بشكل واسع في عالم الجريمة المنظمة وتجارة المخدّرات، من خلال القصص المُثيرة التي تنتشر عنها خارج القارة.
وعلى خطى بطولات إمبراطور المخدِرات بابلو إسكوبار في كولومبيا أو اِل تشابو في المكسيك، ها هو اليوم "فيتو" الإكوادور، ينحت قصة اختفائه أو هروبه من السجن وربما من البلاد، تاركًا الجميع في حَيرة.
قبل الهروبقبل عرض خبر هروب "فيتو"، وجبت الإشارة إلى أن اللقطات الهوليودية التي نشرتها وزارة الداخلية الإكوادورية الصيف الماضي- الخاصة بنقله إلى سجن شديد الحراسة؛ بهدف التحقيق معه في صحة إصداره أوامر بتصفية المرشح فيافسنسيو- لم تدم سوى أيام معدودات، خضعت بعدها الحكومة السابقة لأمر "فيتو" بإرجاعه إلى السجن الذي يقيم فيه، بين جيشه من عصابة "لوس تشونيروس" التي تعمل بالتنسيق مع عصابة "سينالوّا" المكسيكية ذائعة الصيت.
ويتفهّم الإكوادوريون خضوع الحكومة لأوامر "فيتو"، لاسيما في حفاظه على مقر إقامته في سجن ليتورال، فالرجل الذي يعتبر الأخطر في الإكوادور، يسجّل من داخل "جناحه" في السجن مقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي، ويتمتع بخدمات الإنترنت، ولديه هواتفه المحمولة، ويتواصل مع الخارج، حتى في طلب وجبات "ديلفري"، ولا أحد يجرؤ على الوقوف في وجهه، لكنه- ظاهريًا- مسجون.
أما عن غرفته التي وثقتها كاميراته وكاميرات صحفي استقصائي السنة قبل الماضية، فتتضمن تلفزيونًا وثلاجة ولابتوب، وستائر وحوض سباحة وكل مستلزمات الراحة، إضافة إلى امتلاكه مزارع لتربية الأسماك والخنازير في مساحة السجن الخارجية، لتغذية عناصر عصابته.
إضافة إلى أن "فيتو" لا يرتدي زيّ السجناء، ولا يلتزم بوقت زيارة، لاسيما في حال زيارات زوجته، التي أقامت معه خمسة أيام سنة 2021، في "جناحه". على صعيد آخر، تتزين جدران سجن "ليتورال" من الداخل، بصور "فيتو" المرسومة بعناية.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول من سنة 2022، سجلت كاميرات سكان محيط السجن، مقاطعَ فيديو لألعاب نارية وموسيقى "دي جي"، في ساحة السجن، اتضح بعد ذلك أنها أقيمت بمناسبة عيد ميلاد "فيتو".
وكشفت مقاطع "تيك توك" السجناء الحاضرين أجواء احتفالية توفرت فيها المشروبات الروحية والراقصات، اللاتي تمّ جلبهن من الخارج. والغريب أن وسائل الإعلام تناقلت في ذلك الوقت، الخبر بالصوت والصورة، دون اتهام جدّي للحكومة أو إدارة السجن بمسؤوليتهما عن تلك التجاوزات، وكأن الجميع مُسلّم بأن أوامر "فيتو" تسري على الجميع، حكومة وشعبًا.
أمّا الحدث الذي تغلّب على عيد الميلاد، فتمثّل في "فيديو كليب"، صوّره أنصار "فيتو" من داخل السجن، وجلبوا له موسيقيين وفريق تصوير، وذلك لتهنئته بالعودة إلى مقرّه. وتتحدث كلمات الأغنية عن شهامته وطيبته والنظرة الخاطئة التي يتناقلها البعض عنه، وتبدأ لقطات الفيديو بصورة له ممسكًا بكتاب، ثم وهو يحتضن بعض أنصاره. وتمثل الأغنية لونًا موسيقيًا مكسيكيًا، غالبًا ما يتمّ إهداؤه لرؤساء العصابات. كل ذلك، والحكومة لم تتجرأ على اتخاذ خطوة حازمة ضده!
موقف حرج للحكومةورغم كلّ هذا النفوذ الذي يحظى به "فيتو"، وبعض رؤساء العصابات الأخرى في السجون وخارجها، فإن الحكومة تتعامل مع هذه الحقيقة المُرّة بهامش سُلطة توهم بها الشعب بمسكها ظاهريًا بزمام الأمور، من خلال اتفاقات تعقدها مع المجرمين.
غير أن إخلالات المجرمين بهذه الاتفاقات- أحيانًا – تضع الحكومة في مواقف محرجة، تفضح ضعفها بشكل كامل، من ذلك هروب "فيتو" الأخير.
فعند انتشار خبر "اختفاء" فيتو، لم تخرج الحكومة على الفور لتوضّح اللبس الذي تملّك الرأي العام، وخرج ممثلان عن جهاز الأمن والمسؤول الإعلامي بمؤسسة الرئاسة، بعد ساعات، ليقولا: إن "فيتو" غير موجود في السجن، لكنهما لا يؤكّدان هروبه. وأمام موجة الاستنكار التي اجتاحت شبكات التواصل الاجتماعي، تمّ تكذيب التصريح، ثم تمت العودة لتأكيد صحته، ولم يتمّ تأكيد هروب "فيتو" إلا بعد أكثر من 16 ساعة، كل ذلك حدث وسط غياب فاقع لتصريح أو بيان من رئيس البلاد ووزيرة الداخلية والإدارة المركزية للسجون.
غير أنه، وبعد تواتر التسريبات من داخل السجن إلى شخصيات سياسية نافذة، ثبت أن "فيتو"، هرب منذ يوم 25 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ومعه 21 سجينًا من عصابته، والأرجح أنه هرب من باب السجن، لاسيما أن السجناء قاموا بتعطيل أغلب كاميرات المراقبة.
ورغم هذا لم تفصح السلطات إلى الآن عن تورط الأسماء التي سهّلت عملية هروبه. واكتفى الرئيس بالإعلان عن فرض حالة الطوارئ لمدة شهرين في البلاد، بما في ذلك السجون، لكن العصابات أعلنت حالة التمرد، وأدخلت البلاد في دُوامة عنف وتفجيرات عشوائية.
ليست هذه المرة الأولى التي يهرب فيها "فيتو" المحكوم بـ34 سنة سجنًا، بل هرب سنة 2013، وتمكنت الشرطة من إلقاء القبض عليه بعد شهرين، لكن مؤهلات الحكومة، المنتخبة حديثًا، لا توحي بأي نجاح على مستوى اتّباع خُطة أمنية واضحة لمكافحة تفشّي ظاهرة انتشار الجريمة في البلاد، وتضاعف نفوذ عصابات الجريمة المنظمة والمخدرات.
يُضاف إلى ذلك، التطور الهائل الذي سجلته الإكوادور في انتشار الجريمة وتجارة المخدرات، ما أدى بالضرورة إلى ارتفاع معدّل جرائم القتل العمد، وجعلها تحتل المرتبة الأولى في بلدان أميركا الجنوبية، سنة 2023 بـ44 ضحية لكل 100000 ساكن، بعد أن كان 5.8 سنة 2017. ويعتبر معدل جرائم القتل العمد معيارًا لقياس غياب دور الدولة، أمام هيمنة قانون العصابات على المجتمعات.
فيديو الجزيرة عن إلقاء القبض على فيتو في أغسطس الماضي
https://www.youtube.com/watch?v=oCCuCFldkqQ
صورة من موقع فرنسا 24
https://www.france24.com/es/am%C3%A9rica-latina/20230813-ecuador-pandillero-acusado-de-amenazar-de-muerte-a-fernando-villavicencio-fue-trasladado
صورة من الفيديو كليب
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+
تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
صحيفة فرنسية: الأسد هرب عبر نفق يربط قصر الرئاسة بمطار المزة
سرايا - تكشفت تفاصيل جديدة حول رحلة هروب بشار الأسد من العاصمة السورية دمشق في ليلة السابع من ديسمبر، برفقة ابنه الأكبر حافظ، وبعض المساعدين المخلصين، وأفراد رئيسيين مثل منصور عزام، أمين رئاسة الجمهورية.
وذكرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، نقلا عن مصادر قريبة من النظام، طلبت عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية تفاصيل جديدة عن رحلة هروب الرئيس السوري السابق بشار الأسد، تحت الأرض من دمشق يوم دخولها من قبل قوات المعارضة المسلحة.
وأشارت إلى أنهم غادروا عبر نفق يربط قصر الرئاسة بمطار المزة العسكري القريب، وهو طريق تم إنشاؤه في وقت سابق مع تصاعد التوترات في سوريا.
وذكرت أنه من هناك، توجهوا إلى القاعدة العسكرية الروسية في حميميم، على الساحل السوري.
وأوضح التقرير أن "مغادرة الأسد لم يكن مخططًا لها مسبقًا، ورغم علمه بتقدم المسلحين نحو دمشق، لم يخبر الأسد حتى أفراد عائلته المقربين أو كبار المسؤولين، بما في ذلك شقيقه ماهر الأسد.
وأضاف أن شقيقه ماهر الأسد رئيس الفرقة المدرعة الرابعة الذي كان يخشاه الجميع، هرب أيضًا بواسطة مروحية إلى نفس القاعدة الروسية، حيث وصل إليها بعد تأخر دام 36 ساعة.
وأشار التقرير إلى أن الأيام التي سبقت هروب الأسد كانت مليئة بالفوضى، وبينما كانت الفصائل المسلحة تتقدم نحو دمشق، كانت السلطات الحكومية والمسؤولون في حيرة من أمرهم بشأن مكان الرئيس.
وبدوره، روى مصدر قريب من النظام حديثًا حاسمًا بين أحد المسؤولين ووزير الداخلية محمد الرحمون، الذي عندما سُئل عن الحواجز في العاصمة، أكد أنه لا يمكن لأحد أن يدخل، دون أن يدرك تدهور الوضع.
وبحلول بعد ظهر يوم الأحد، كان مسلحو المعارضة قد دخلوا المدينة بالكامل، مما يعني نهاية سيطرة الأسد.
وأكد تقرير "لوفيغارو" أن هروب الأسد جاء بعد أشهر من توتر العلاقات مع روسيا، أكبر داعم له، موضحا أنه "في أواخر نوفمبر، كان الرئيس السوري السابق في موسكو حيث شهد المزيد من الهزائم العسكرية، أبرزها سقوط حلب في يد المعارضة، رغم الدعم الجوي الروسي المحدود".
وحسب المطلعين، طلب الأسد مزيدًا من القوات الروسية لتعزيز نظامه، لكن طلبه قوبل بالرفض من قبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي أخبره بأن موسكو مشغولة بالحرب في أوكرانيا ولا يمكنها إرسال تعزيزات إلى سوريا.
وكان واضحًا أن موسكو قد غيرت أولوياتها، في السابع من ديسمبر، بعد أشهر من المناقشات الداخلية، اجتمع دبلوماسيون روس وإيرانيون في الدوحة لتحديد مصير الأسد، مؤكدين أنه حان الوقت لكي ينسحب، على حد وصف الصحيفة.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 1346
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 24-12-2024 12:14 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...