الجزيرة:
2024-07-01@16:34:04 GMT

ماذا وراء هروب أخطر سجين في الإكوادور؟

تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT

ماذا وراء هروب أخطر سجين في الإكوادور؟

عاشت الإكوادور مساء الأحد الماضي على وقْع خبر اختفاء السجين الأخطر في البلاد من سجن ليتورال في مدينة غواياكيل الساحليّة، لكن السلطات اعترفت بعد ذلك أن رئيس عصابة "لوس تشونيروس"، والملقّب بـ "فيتو"، قد هرب من السجن.

ورغم أن شهرة "فيتو"، في عالم الجريمة، انحصرت في بلدان أميركا اللاتينية، فإن نيله مستوى العالمية تحقق في أغسطس/ آب الماضي، عندما اجتاحت صورته وسائل الإعلام الدولية، وهو عاري الصدر، مُكبّلٌ بين جحافل من الأمنيين، وذلك أثناء نقله من سجن إلى سجن شديد الحراسة، على خلفية شبهة تورطه في تصفية المرشح الرئاسي فيافسنسيو في العاصمة كيتو.

ولئن حرصت السلطات الإكوادورية في ذلك الوقت على الترويج لتلك الصورة المُهينة لـ "فيتو"، فإنّها اليوم عاجزة عن لملمة فضيحة هروبه.

كانت الإكوادور قبل 2017 توصف بجزيرة السلام في منطقة أميركا الجنوبيَّة؛ نظرًا لانخفاض معدل الجريمة فيها، لاسيما أنها لم تكن يومًا من الدول المنتجة للمخدِّرات، والكوكايين على وجه الخصوص، لكن الأوضاع انقلبت بشكل سريع وصادم في السنوات الأخيرة، وصارت أسماء عصاباتها ورؤسائها متداولة بشكل واسع في عالم الجريمة المنظمة وتجارة المخدّرات، من خلال القصص المُثيرة التي تنتشر عنها خارج القارة.

وعلى خطى بطولات إمبراطور المخدِرات بابلو إسكوبار في كولومبيا أو اِل تشابو في المكسيك، ها هو اليوم "فيتو" الإكوادور، ينحت قصة اختفائه أو هروبه من السجن وربما من البلاد، تاركًا الجميع في حَيرة.

قبل الهروب

قبل عرض خبر هروب "فيتو"، وجبت الإشارة إلى أن اللقطات الهوليودية التي نشرتها وزارة الداخلية الإكوادورية الصيف الماضي- الخاصة بنقله إلى سجن شديد الحراسة؛ بهدف التحقيق معه في صحة إصداره أوامر بتصفية المرشح فيافسنسيو- لم تدم سوى أيام معدودات، خضعت بعدها الحكومة السابقة لأمر "فيتو" بإرجاعه إلى السجن الذي يقيم فيه، بين جيشه من عصابة "لوس تشونيروس" التي تعمل بالتنسيق مع عصابة "سينالوّا" المكسيكية ذائعة الصيت.

ويتفهّم الإكوادوريون خضوع الحكومة لأوامر "فيتو"، لاسيما في حفاظه على مقر إقامته في سجن ليتورال، فالرجل الذي يعتبر الأخطر في الإكوادور، يسجّل من داخل "جناحه" في السجن مقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي، ويتمتع بخدمات الإنترنت، ولديه هواتفه المحمولة، ويتواصل مع الخارج، حتى في طلب وجبات "ديلفري"، ولا أحد يجرؤ على الوقوف في وجهه، لكنه- ظاهريًا- مسجون.

أما عن غرفته التي وثقتها كاميراته وكاميرات صحفي استقصائي السنة قبل الماضية، فتتضمن تلفزيونًا وثلاجة ولابتوب، وستائر وحوض سباحة وكل مستلزمات الراحة، إضافة إلى امتلاكه مزارع لتربية الأسماك والخنازير في مساحة السجن الخارجية، لتغذية عناصر عصابته.

إضافة إلى أن "فيتو" لا يرتدي زيّ السجناء، ولا يلتزم بوقت زيارة، لاسيما في حال زيارات زوجته، التي أقامت معه خمسة أيام سنة 2021، في "جناحه". على صعيد آخر، تتزين جدران سجن "ليتورال" من الداخل، بصور "فيتو" المرسومة بعناية.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول من سنة 2022، سجلت كاميرات سكان محيط السجن، مقاطعَ فيديو لألعاب نارية وموسيقى "دي جي"، في ساحة السجن، اتضح بعد ذلك أنها أقيمت بمناسبة عيد ميلاد "فيتو".

وكشفت مقاطع "تيك توك" السجناء الحاضرين أجواء احتفالية توفرت فيها المشروبات الروحية والراقصات، اللاتي تمّ جلبهن من الخارج. والغريب أن وسائل الإعلام تناقلت في ذلك الوقت، الخبر بالصوت والصورة، دون اتهام جدّي للحكومة أو إدارة السجن بمسؤوليتهما عن تلك التجاوزات، وكأن الجميع مُسلّم بأن أوامر "فيتو" تسري على الجميع، حكومة وشعبًا.

أمّا الحدث الذي تغلّب على عيد الميلاد، فتمثّل في "فيديو كليب"، صوّره أنصار "فيتو" من داخل السجن، وجلبوا له موسيقيين وفريق تصوير، وذلك لتهنئته بالعودة إلى مقرّه. وتتحدث كلمات الأغنية عن شهامته وطيبته والنظرة الخاطئة التي يتناقلها البعض عنه، وتبدأ لقطات الفيديو بصورة له ممسكًا بكتاب، ثم وهو يحتضن بعض أنصاره. وتمثل الأغنية لونًا موسيقيًا مكسيكيًا، غالبًا ما يتمّ إهداؤه لرؤساء العصابات. كل ذلك، والحكومة لم تتجرأ على اتخاذ خطوة حازمة ضده!

موقف حرج للحكومة

ورغم كلّ هذا النفوذ الذي يحظى به "فيتو"، وبعض رؤساء العصابات الأخرى في السجون وخارجها، فإن الحكومة تتعامل مع هذه الحقيقة المُرّة بهامش سُلطة توهم بها الشعب بمسكها ظاهريًا بزمام الأمور، من خلال اتفاقات تعقدها مع المجرمين.

غير أن إخلالات المجرمين بهذه الاتفاقات- أحيانًا – تضع الحكومة في مواقف محرجة، تفضح ضعفها بشكل كامل، من ذلك هروب "فيتو" الأخير.

فعند انتشار خبر "اختفاء" فيتو، لم تخرج الحكومة على الفور لتوضّح اللبس الذي تملّك الرأي العام، وخرج ممثلان عن جهاز الأمن والمسؤول الإعلامي بمؤسسة الرئاسة، بعد ساعات، ليقولا: إن "فيتو" غير موجود في السجن، لكنهما لا يؤكّدان هروبه. وأمام موجة الاستنكار التي اجتاحت شبكات التواصل الاجتماعي، تمّ تكذيب التصريح، ثم تمت العودة لتأكيد صحته، ولم يتمّ تأكيد هروب "فيتو" إلا بعد أكثر من 16 ساعة، كل ذلك حدث وسط غياب فاقع لتصريح أو بيان من رئيس البلاد ووزيرة الداخلية والإدارة المركزية للسجون.

غير أنه، وبعد تواتر التسريبات من داخل السجن إلى شخصيات سياسية نافذة، ثبت أن "فيتو"، هرب منذ يوم 25 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ومعه 21 سجينًا من عصابته، والأرجح أنه هرب من باب السجن، لاسيما أن السجناء قاموا بتعطيل أغلب كاميرات المراقبة.

ورغم هذا لم تفصح السلطات إلى الآن عن تورط الأسماء التي سهّلت عملية هروبه. واكتفى الرئيس بالإعلان عن فرض حالة الطوارئ لمدة شهرين في البلاد، بما في ذلك السجون، لكن العصابات أعلنت حالة التمرد، وأدخلت البلاد في دُوامة عنف وتفجيرات عشوائية.

ليست هذه المرة الأولى التي يهرب فيها "فيتو" المحكوم بـ34 سنة سجنًا، بل هرب سنة 2013، وتمكنت الشرطة من إلقاء القبض عليه بعد شهرين، لكن مؤهلات الحكومة، المنتخبة حديثًا، لا توحي بأي نجاح على مستوى اتّباع خُطة أمنية واضحة لمكافحة تفشّي ظاهرة انتشار الجريمة في البلاد، وتضاعف نفوذ عصابات الجريمة المنظمة والمخدرات.

يُضاف إلى ذلك، التطور الهائل الذي سجلته الإكوادور في انتشار الجريمة وتجارة المخدرات، ما أدى بالضرورة إلى ارتفاع معدّل جرائم القتل العمد، وجعلها تحتل المرتبة الأولى في بلدان أميركا الجنوبية، سنة 2023 بـ44 ضحية لكل 100000 ساكن، بعد أن كان 5.8 سنة 2017. ويعتبر معدل جرائم القتل العمد معيارًا لقياس غياب دور الدولة، أمام هيمنة قانون العصابات على المجتمعات.

 

 

فيديو الجزيرة عن إلقاء القبض على فيتو في أغسطس الماضي

https://www.youtube.com/watch?v=oCCuCFldkqQ

صورة من موقع فرنسا 24

https://www.france24.com/es/am%C3%A9rica-latina/20230813-ecuador-pandillero-acusado-de-amenazar-de-muerte-a-fernando-villavicencio-fue-trasladado

 

صورة من الفيديو كليب

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

هل سيودعوننا السجن؟.. لوموند: مسلمو فرنسا بين القلق والاستسلام أمام التجمع الوطني

قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن المسلمين في فرنسا أعربوا عن أسفهم من تغلغل أفكار اليمين المتطرف في البلد، وعبروا عن خشيتهم من تفاقم وضعهم، وعن قلقهم بشأن مستقبل التعايش إذا وصل المتطرفون إلى السلطة.

وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم غايتان سوبرتينو- أن خليل مرون، إمام مسجد إيفري كوركورون، وهو أحد أكبر المساجد في فرنسا، أبدى قلقه في خطبة صلاة الجمعة، بشأن مستقبل قيم التعايش والإنسانية وحذر جمهوره قائلا "إن الامتناع عن التصويت هو أسوأ عدو لفرنسا. إذا لم تصوت، فلن تتمكن من القول بعد ذلك: لم أتمكن من فعل أي شيء".

لافتة في مظاهرة مناهضة للإسلاموفوبيا بفرنسا كتب عليها: "مسلمون لا كبش فداء" (الأوروبية)

وأكد خليل مرون، وهو مغربي الأصل قدم إلى فرنسا عام 1972، أنه يريد "وأد الامتناع عن التصويت في مهده"، مشيرا إلى أنه "أصبح فرنسيا قبل ولادة رئيس حزب التجمع الوطني جوردان بارديلا"، بدون أن يهاجم الحزب اليميني لوحده، لأن "هناك أيضا أقلية عنيفة في أقصى اليسار".

وقال الإمام إن خشيته من وصول المتطرفين إلى السلطة، ليس فقط لأجل المسلمين، بل لأجل فرنسا نفسها، خاصة أن الإشارة بأصابع الاتهام إلى الإسلام والإدلاء بخطاب معاد للسامية يبدو في نظر البعض أنه السبيل الوحيد للوصول إلى السلطة، متسائلا عن قدرة هؤلاء المتطرفين على الدفاع عن الفرنسيين وعن مدى مهاراتهم الاقتصادية وعن مشروعهم الاجتماعي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2موقع أميركي: هل تتجه إسرائيل نحو حرب أهلية؟list 2 of 2موندويس: مخطط إسرائيل المسرّب لضم الضفة الغربية يحدث بالفعلend of list

ولاحظ الكاتب أن معظم الخارجين من الصلاة لم يبدوا استعدادا للاستجابة لنداء الإمام، مرددين عبارات مثل "السياسة لا تهمني" و"على أي حال كلهم متشابهون، المال هو الذي يحكم"، و"بارديلا أو غيره، سنرى ماذا يغير ذلك"، بل إن بعضهم يرفضون التحدث علنا، رغم الانتصار المحتمل لليمين المتطرف الذي هدد منذ فترة طويلة بالتدخل في حياة المسلمين، باسم "الحرب ضد الإسلام الراديكالي".

العنصرية موجودة بالفعل

ويقول المحامي أمير بن ماجد (36 عاما) للصحيفة: "الإيمان يجعلنا متفائلين مهما كانت الظروف. هناك الملايين في فرنسا، ولن يتمكنوا من طردنا جميعا"، ويضيف: "لقد اعتدنا على الخطابات المناهضة للمسلمين على أي حال"، ولكنه في نفس الوقت يعترف بالخوف من رؤية هذه الأفكار تحظى بالدعاية، ويتأسف "لكل الطاقة والوقت الذي يخصص لانتقاد الإسلام في النقاش العام، بدلا من جمع كل العقول والمواهب لتغيير هذا الوضع".

وتساءل عمر الذي امتنع عن ذكر اسمه العائلي: "ماذا سيفعلون؟ هل سيدخلوننا جميعا إلى السجن؟ يمكنهم أن يفعلوا ما يريدون، ولكنهم لن يدفعونا أبدا إلى التخلي عن إيماننا. بالنسبة لنا، كل شيء هو من إرادة الله، حتى لو وصل اليمين المتطرف إلى السلطة".

زليخة: لقد وصلنا بالفعل إلى نقطة اللاعودة. الفاشيون يعرفون أنهم سيفوزون، وهم يعتقدون أننا جميعا إرهابيون.

ومع ذلك، ينبغي أن يتوقع المسلمون إجراءات ملموسة -حسب الكاتب- لأن حزب مارين لوبان وجوردان بارديلا، اقترح في مناسبات مختلفة في الماضي، إجراءات مثل حظر الذبح وبيع المنتجات الحلال والوعظ باللغة العربية -لغة القرآن- في المساجد، والحجاب في الأماكن العامة، ومع أن برنامج حزب التجمع الوطني لم يضمن شيئا من ذلك، فإن قادته يريدون نقاشها بعد الانتخابات الرئاسية.

وتقول زليخة (58 عاما) التي طلبت تغيير اسمها الأول، وهي موظفة حكومية في بلدية إيسون: "ربما وصلنا بالفعل إلى نقطة اللاعودة. الفاشيون يعرفون أنهم سيفوزون، وهم يعتقدون أننا جميعا إرهابيون".

وتضيف زليخة بوصفها عضوا في جمعية تساعد الطلاب الأجانب، أن هؤلاء "يعاملون مثل الماشية" وتؤكد أن العنصرية موجودة بالفعل، معبرة عن شعورها بالقلق من رؤية ابنها يغادر فرنسا: "يخبرني أن فرنسا لم تعد فرنسا التي أعرفها، ولا أريد البقاء هنا بعد الآن".

مقالات مشابهة

  • الإكوادور تبلغ ربع نهائي كوبا أمريكا
  • حادثة اللاعب ريختر وراء وقف مباراة ألمانيا والدنمارك
  • الجامعة العربية وحزب الله.. ماذا وراء الانفتاح؟
  • باحث: محمد مرسي أخرج 300 إرهابي من السجن
  • كشف هوية أخطر مهربي البشر في أوروبا (شاهد)
  • هل سيودعوننا السجن؟.. لوموند: مسلمو فرنسا بين القلق والاستسلام أمام التجمع الوطني
  • غزة.. ماذا بعد؟ يناقش أبعاد تصريحات العسكريين الإسرائيليين على مسار الحرب
  • هروب عدد من السجناء من سجن تديره قوات الانتقالي .. وإيقاف قسم شرطة عن العمل وإحالته للتحقيق
  • ماذا قال بارولين للقيادات اللبنانية؟
  • وصولا للقاءات العائلية.. ماذا وراء التحولات النوعية بخطاب أردوغان حول التطبيع مع الأسد؟