هل يطيح أبناء حفتر بأكبر حلفائه في الداخل؟
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
تطوّرت خلافات رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح مع أبناء خليفة حفتر، حتى وصلت إلى حراك "لإزاحته"، رغم ظهورهما معا في افتتاح أحد المشاريع بمدينة بنغازي. غير أن جلسة الاثنين المنقولة على الهواء شهدت نقاشا حادا بين رئيس المجلس وأحد النواب المحسوبين على معسكر اللواء المتقاعد بخصوص قانون إعادة الرئاسة المعطل.
ووفق تقرير خبراء مجلس الأمن الأخير، صرح أحد البرلمانيين من الكتلة المحسوبة على بلقاسم نجل حفتر بأنه "عمل بنشاط على تعزيز نفوذ عائلة حفتر داخل مجلس النواب وحكومة الاستقرار الوطني".
ويؤكد التقرير نفسه وثيقة وصفها بالسرية من مصدر دبلوماسي، تقول إن "بلقاسم حفتر مارس الضغط من أجل منح مزيد من النفوذ لعائلته على المؤسسات السياسية في الشرق"، فعقب يوم واحد من تكليف رئيس حكومة الاستقرار أسامة حماد لنجل حفتر مديرا تنفيذيا لصندوق إعادة إعمار درنة، طالب عقيلة صالح لجنة الموازنة العامة بعدم الموافقة على صرف أي مبالغ إلا بموافقته.
وفي غياب صالح خلال جولة إقليمية، قادت الكتلة نفسها جلسة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقررت رفض المشاركة في أي حوار بحضور رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، في الوقت الذي خرج فيه صالح من القاهرة ببيان مشترك مع حفتر ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي متبنيا خطابا ينادي بعدم إقصاء أحد.
وفي المقابل، نقل رئيس البعثة الأممية في ليبيا عبد الله باتيلي في إحاطته أمام مجلس الأمن، أن عقيلة صالح يشترط حضور حماد إذا حضر الدبيبة، وفي حين يرى البعض في موقف رئيس البرلمان وكتلة بلقاسم حفتر تبادل أدوار، يراه آخرون صداما على قيادة المجلس، فـ"لا يمكن أن تمضي العملية السياسية دون رضا آل حفتر ذات النفوذ المباشر عليها"، وفق خبراء مجلس الأمن.
#فيديو| رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في جلسة البرلمان اليوم يؤكد أنه لا يحق لمجلس الدولة الاعتراض على القوانين الصادرة عن البرلمان ومنها قانون إنشاء هيئة الحج #الساعة24 #ليبيا pic.twitter.com/KuiitmaGOk
— الساعة 24 (@alsaaa24) January 8, 2024
بداية النشاطولعل نشاط كتلة نجل حفتر في البرلمان ظهر مع نهاية 2022، عندما أقالت محافظ المصرف المركزي ببنغازي علي الحبري، وبعدها أوقفت رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان فتحي باشاغا، وولّت مكانه وزير المالية أسامة حماد.
وجرت كلتا الجلستين في غياب عقيلة صالح، الذي صرح لاحقا بأنه غير راض عن إيقاف باشاغا، ثم غاب أيضا عن جلسة استقال فيها نائبه الثاني، وتولى مكانه مصباح دومة الذي بات على رأس الكتلة الجديدة.
وفي صيف 2023، بلغ الصدام ذروته عندما أعلن صالح بطلان مخرجات جلسة عقدت في غيابه بقيادة دومة، وتقرر خلالها إقالة رئيس هيئة الرقابة ورئيس المجلس الوطني للتخطيط وتعيين آخرين مكانهما، بل وتسمية رئيس للمحكمة الدستورية العليا في بنغازي.
الأنباء التي ترددت حول سعي أبناء حفتر لتغيير رئاسة البرلمان منذ 2020، أكدها قبل الجلسة النائب بدر النحيب، في تصريحات تلفزيونية متحدثا عن عريضة حملت توقيعه وتوقيع 85 نائبا آخرين مطالبين بتغيير رئاسة البرلمان المنصبة منذ 2014، الأمر الذي رفضه عقيلة صالح على الهواء مباشرة بحجة أن الطلب يجب أن يُقدم ضمن جدول أعمال جلسة أخرى، وأن الرئاسة لن تعتد بعريضة وقعت خارج القاعة.
والخطوة التي لم ينفها كليا النائب إبراهيم الدرسي، لكنه فسرها بأنها خطوة قانونية معطلة منذ 10 سنوات بحسب اللائحة الداخلية للمجلس التي تنص على دورة برلمانية كل 6 أشهر يعاد فيها انتخاب الرئيس ونائبيه ومقرره ورؤساء اللجان المختصة، مضيفا أن "اللائحة لم تطالب بإزاحة عقلية صالح، بل بإعادة انتخاب الرئاسة".
وفي حين تحدث النائب بدر النحيب عن مناقشة طلب النواب الموقعين في الجلسة المقبلة، وأنها ستبث على الهواء مباشرة كذلك، أكد النائب إبراهيم الدرسي للجزيرة نت، أنها ستكون جلسة "عادية وبجدول أعمال محدد"، مضيفا أن تغيير الرئاسة أمر صعب الحدوث كونه "يستلزم إجماع نواب برقة بوصف الرئاسة من نصيبها"، مشيرا إلى وجود حسابات مناطقية وقبلية معقدة.
في الوقت الذي يصر فيه عدد من النواب على أن الإجراء لا يعدو كونه تفعيلا للائحة الداخلية المعطلة، يصر الناشط الفدرالي عبد الجواد البدين على أن الأمر برمته يأتي ضمن مساعي أبناء حفتر لإزاحة حليفه السابق عقيلة صالح من منصبه، بسبب خلافات ليست جديدة، محذرا من تأثير ذلك سلبا على المشهد السياسي المعقد أصلا.
خلافات يرجعها المحلل السياسي فرج فركاش، إلى وقت انسحاب قوات حفتر وفشلها في السيطرة على العاصمة، ويقول "رأينا كيف سحب عقيلة صالح البساط من تحت أقدام حفتر، وأفشل مشروع التفويض المزعوم في 2020″، مشيرا إلى إقرار صالح حينها بأن الهجوم على طرابلس كان خطأ.
والخلافات التي بلغت ذروتها في حوار جنيف يفسرها فركاش للجزيرة نت بـ"عرقلة حفتر فوز قائمة عقيلة صالح بالمجلس الرئاسي حينها، وهو ما رد عليه بعرقلته الميزانية التي كانت مقررة لحكومة الوحدة ومنع وصول الأموال إلى حفتر"، مذكرا بإذن صالح لرئيس الحكومة باستخدام ترتيبات مالية خاصة، عوضا عن إقرار الميزانية عبر البرلمان.
وفي محاولات إزاحة عقيلة صالح من رئاسة البرلمان، يرى الكاتب الصحفي عبد الله الكبير، أن نجل حفتر بلقاسم هو من يقف وراءها مع مجموعة من النواب "بسبب عدم خضوع عقيلة المدعوم من القاهرة بشكل كامل لحفتر وأبنائه الساعين للإطاحة به وتكليف شخصية موالية لهم"، وهو ما أكدته مصادر برلمانية للجزيرة نت.
#بنغازي.. باسم الفرجاني ابن عم المشير حفتر يطرد المستشار الإعلامي لفخامة المستشار عقيلة صالح من الصف الأول أثناء افتتاح أحد الجسور. pic.twitter.com/81K01KCQsD
— ليبيا لايف (@libyalive218) January 7, 2024
انعكاسات تغيير عقيلةوهذا تغيير سيكون له تأثيره في الحوار السياسي كما يوضح الكبير، إذ "لن يكون مجلس النواب مستقلا في مواقفه، بل سيكون الرئيس المنصّب من حفتر خاضعا بشكل تام ونهائي لقراراته ومواقفه" في ما يخص محادثات باتيلي، وقانون الانتخابات أيضا.
ورغم كل المحاولات، يرى مراقبون أن الدعم المصري لعقيلة صالح هو ما يبقيه في منصبه كون القاهرة ترى فيه الضامن لمصالحها في المنطقة، مفسرين ذلك بالتصريحات الداعمة للبرلمان ورئاسته وزيارات رئيس جهاز المخابرات المصرية عباس كامل المتكررة للشرق ولقائه صالح.
ورغم مخاوف الناشط الفدرالي عبد الجواد البدين من إزاحة عقيلة صالح في هذا الوقت بالذات، وسيطرة حفتر الكاملة سياسيا وعسكريا على المشهد في "برقة"، يرى المحلل السياسي فرج فركاش أن الأمر "ربما سيفتح المجال لتقاربات أكثر بين القوى الفاعلة في الشرق والغرب" ما من شأنه دفع قاطرة الحل السياسي خطوة إلى الأمام.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: عقیلة صالح من مجلس النواب نجل حفتر
إقرأ أيضاً:
القاضي يرد على البركاني ويطالب بالتحقيق في أموال واستثمارات مسؤولي الدولة
نفى عضو مجلس النواب شوقي القاضي، الاتهامات المتعلقة بمطالبته أموالا وهبات من السعودية، مبديا استعداده للإستقالة والمحاكمة، بعد يومين من اتهامات له وجهها رئيس البرلمان سلطان البركاني، في حادثة أثارت ردود فعل غاضبة وساخرة في الأوساط اليمنية.
وقال القاضي في منشور له على منصة فيسبوك: "إذا ثبتَ أني توسطتُ بأحد أو كتبتُ مناشدة أو طالبتُ دولة وتسولتها مالاُ أو شحتُ أحداً أي هبة فأنا مستعد للاستقالة من مجلس النواب وتقديم نفسي للمحاكمة".
وشدد على ضرورة إنهاء زمن المكايدات بين من سماهم بـ "معاتيه الأحزاب ومراهقي السياسة في الشرعية"، مشيرا إلى أن ما دمَّر اليمن ورهنها لجماعة الحوثي إلا "تلك المكايدات الرخيصة والانتقامات الشخصية والمكوناتية على حساب ضياع اليمن وتشريد اليمنيين".
وأضاف: "جميعنا على قارب واحد تتخبطه الأمواج وتتربّص به المهالك ولن ينجو منا أحد إذا غرق لا سمح الله، وسنعيش وأبناؤنا وأحفادنا مشردين في الدول نلهث وراء تجديد الإقامات ما لم نوحِّد صفوفنا، ونوجِّه بوصلتنا لتحرير وطننا من أذرع ملالي طهران ومرتزقة مشاريع التمزيق والارتهان وبيع الجُزُر".
وأقر القاضي، بالخلل خلل الذي وصفه بـ "الكبير" في أداء جميع مؤسسات الشرعية وفي مقدمتها مجلس النواب، داعيا لرفع الصوت عالياً لتقييم وتقويم أداء المجلس وسرعة تشكيل وتفعيل لجانه وعقد جلساته ولو بالوسائل المتاحة أسبوعياً.
ونوه لأهمية رقابة المجتمع المدني والناشطين والصحافيين والأكاديميين لدور وأداء المجلس لما فيه تقييم وتقويم أداء مجلس القيادة الرئاسي والحكومة وجميع مؤسسات الشرعية لتحقيق وإنجاز الأهداف وتوفير الخدمات وإصلاح الاقتصاد وإنهاء التمرد واستعادة الدولة على كامل أراضيها.
وفي ما يتعلق بمكافحة الفساد، طالب القاضي، بتفعيل دور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد ونيابة الأموال العامة لـ "مراقبة إيرادات الدولة وتوريدها وإنفاقها بموجب أوعيتها ومصادرها وأبوابها القانونية والدستورية المعلنة للبرلمان والجهات المعنية".
كما طالب بالتحقيق في "أموال وممتلكات وعقارات واستثمارات جميع مسؤولي الدولة بدءاً بالرئيس هادي ونائبه محسن، ومجلس القيادة الرئاسي، وهيئة رئاسة وأعضاء مجلس النواب وفي مقدمتهم النائب شوقي القاضي ورؤساء ووزراء الحكومة وجميع قيادات الدولة وتقديم براءة ذمة مالية".
وخلال اليومين الماضيين، اندلع سجال حاد على منصة التواصل الاجتماعي بين رئيس مجلس النواب اليمني سلطان البركاني، وعضو البرلمان شوقي القاضي، على خلفية إزالة رسالة للأخير من على جروب "واتساب" الخاصة بالمجلس.
وقال القاضي إن نائب رئيس البرلمان محسن باصرة أزال رسالة شكوى طرحها للنقاش إلى جانب حذف اسمه من جروب مجلس النواب على "واتس آب"، ما دفع القاضي إلى التهديد بكشف تفاصيل ما جرى عبر بث مباشر، وإطلاع الكل عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.
وكتب القاضي بنبرة حادة في تدوينة على منصة (إكس) "طرحتُ بين أيديكم قضية تهمّنا جميعاً، ولكن للأسف زميلي النائب محسن باصرة أقدم على حذفها وإزالتي من المجموعتين (النواب والخاصة). لا أدري ما مصلحته أو مبرراته، لكنني سأكشف التفاصيل كاملة للشعب اليمني، كتابةً وبالفيديوهات."
ونأى رئيس البرلمان البركان بنفسه بالرد على رسالة القاضي، الذي كتبها قبل يومين لكنه رد في رسالة اليوم على منشور لأحد الصحفيين بشأن القضية نفسها، الأمر الذي يكشف مدى الخلافات بين أعضاء البرلمان.
وعن فحوى رسالة القاضي قال البركاني إنها تتحدث عن مطالبات التجمع اليمني للإصلاح للعضو شوقي القاضي بتسديد اشتراكاته الحزبية الشهرية، وهو أمر لا يعني مجلس النواب ولا يجوز نشره في مجموعة مجلس النواب.
وأضاف "يتحدث القاضي في الرسالة عن أن الأشقاء في المملكة أوقفوا عنه ما اسماه المبلغ الموهوب من الأشقاء فإيقافها او استمرارها أمر يعنيهم ولا شأن لمجلس النواب فيه، وشرعاً للواهب حق العودة عن هبته وهي ليست من القضايا التي يمكن مناقشتها في مجموعة النواب، لأن بقية التفاصيل التي ادعاها لا نعلمها وليس من حقنا أن نناقش أمرا ً لا يخص مجلس النواب ولا يعني البلد"، حد قوله.
وأردف "قضية شخصية ومبالغ مالية يريدها شوقي القاضي من المملكة السعودية ليست قضية برلمانية حتى تقام الدنيا ولا تقعد، وكان بإمكاني أن أطلب من الأخ محسن باصرة، أن ينشر الرسالة، ليعرف القراء جميعاً حقيقتها لولا أن فيها بعض الإساءات ونحن في غنى عن الوقوع في مثل ذلك" كما يقول.
تلك السجال بين رئيس البرلمان البركاني والعضو شوقي القاضي، الذي تحول إلى ترند في اليمن، أثار جدلًا واسعًا بين أوساط اليمنيين، الأمر الذي يكشف عن مدى تحول البرلمان من مجلس تشريعي يعقد الجلسات ويناقش القوانين إلى جروب على تطبيق "الواتساب" ويتصارعون على مستحقات وهبات مالية تمنحها السعودية.