أطفال الجنوب وتروما الحرب: إضطرابات وسلوكيّات لا تغفلوا عنها
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
لا تقتصر الحرب في جنوب لبنان على الأضرار التي يحدثها القصف المعادي في الأرزاق والممتلكات، إنمّا لها تأثير ينطبع في مخيّلة الأطفال هناك. أتتخيّل ان تتبدّل حياتك لوهلة؟ أن تنقلب رأساً على عقب بدون سابق إنذار. أن تدمّر مدرستك أو حارتك وتسلخ عن محيطك ومنزلك الآمن هرباً من مدفعيّة لا تميّز بين كبير وصغير، بين قريب أو صديق أو غريب؟ هو حال أطفال لبنان في الجنوب، حيث لا يتوقّف العدوان ولا تهدأ المسيّرات من خرق هدوء الأجواء وتحطيم مساكن مخلّفة ذكرى أليمة لسكانها الذين لجأوا الى بلدات أخرى وأماكن إيواء أكثر "أمناً" من بيوتهم الدافئة.
ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، أدّى التصعيد عند الحدود الجنوبية بين لبنان وإسرائيل إلى نزوح 76018 شخصاً من الجنوب حيث القرى والبلدات المتاخمة للحدود، والعاصمة بيروت ومنطقة بعبدا القريبة منها.
كما تشير المنظمة الى أن "حوالى 81% يقيمون حالياً مع أقاربهم و2% فقط من النازحين يقيمون في 14 مركز إيواء جماعي موزّعة في جنوب البلاد، لا سيّما في مدينة صور الساحلية وحاصبيا. أما البقية فقد استأجروا شققاً، أو انتقلوا للعيش في منازل أخرى يملكونها في مناطق أبعد من المناطق الحدودية المتوترة".
إضرابات وسلوكيّات غريبة عن أطفالكم
هذا النزوح القسري يحدث ندوباً نفسية واضطرابات لدى الأطفال الذين يشعرون أن أهلهم، مثلهم الأعلى، لا حول ولا قوة لهم سوى الانتقال من مكان الى آخر، ما يوثّر على سلوكياتهم ويجعلهم بحاجة لمتابعة لتخطّي الظروف الصعبة التي يمرّون بها.
وعن انعكاسات النزوح على أطفال الجنوب، تشير الاختصاصية في علم النفس تاتيانا نصّار لـ"لبنان 24"، الى أنه على الصعيد النفسي من الممكن أن يعاني الصغار من عوارض تتمثّل بالكوابيس، القلق، الأرق، الخوف من خسارة أشخاص مقربين أو ما يعرف بقلق الانفصال، تبدّل في نمط النوم وتناول الطعام، إضافة الى صعوبة في التعامل مع مشاعرهم "الصعبة".
أمّا على الصعيد السلوكي، فيمكن أن نلاحظ تغيراً في ردود الفعل لديهم، بطريقة مباشرة أو بعد فترة أيّام أو أشهر. وتعدد نصّار بعضاً من التبدلات في السلوك الناتجة عن الصدمة لدى الأطفال: "العنف، الانسحاب من التجمّعات، النزعة الانطوائية، مشاكل ثقة". وتضيف نصّار أنّه من "المرجّح أيضاً أن نلاحظ بعد السلوكيات التي تدلّ على تردي النمو العاطفي، كما أنه من الممكن أن يظهر عند البعض نوع من التخدير العاطفي".
كذلك، تشير بعض الدراسات الحديثة بشأن اضطرابات السلوك الناجمة عن صدمة الحرب لدى التلاميذ الى أنه قد يعني البعض من النكوص أي العودة الى سلوكيّات طفولية أقلّ من مرحلته العمرية، بحيث يقوم بـ"مصّ الإصبع" أو التبوّل اللاإرادي أو حتى استخدام عبارات "لغة الأطفال". كما تلفت الدراسة الى مشاكل الأكل بسبب الصدمة، فبعض الأطفال يتوقّف عن تناول الطعام أو يقلل من حجم حصصه الغذائية ويصبح فاقداً للشهية، في حين قد يفرط البعض الآخر في الأكل ويكثر من الأغذية السكريّة كالشوكولا والبسكويت.
بالإضافة الى ذلك، تتحدّث الدراسة عن عارض آخر وهو ضعف السيطرة على الإخراج. وتوضح أنه "في ظروف الضغط قد يصاب الطفل بالإسهال أو الإمساك، حصر البول أو عدم القدرة على التحكّم بالإفرازات".
كذلك، تؤثر الصدمة على السلوكيات الجنسية لدى الأطفال، بحسب الدراسة. إذ قد تزداد ملامسة الأعضاء الجنسية لديهم بسبب وجودهم في وضع ضاغط، فهم بهذا السلوك سيجدون تهدئة آنية لا تتطلب تنظيم وتركيز الأفكار أو السلوك.
وطبعاً للحرب والنزوح انعكاس كبير على المستوى الأكاديمي لدى الأطفال فهم يفقدون القدرة على التركيز والتذكر، ما يؤدي الى تراجع في الأداء العلمي والدراسي.
لا تغفلوا عن الأمور البسيطة
لأنّ البساطة في كلّ شيء هي السر وخاصة عند الحديث عن الأطفال، لا تغفلوا عن بعض الأمور السهلة والبسيطة في التعامل مع أولادكم خلال فترة الحرب أو النزوح القصري، فهم يحتاجون الى اهتمامكم للتأقلم بطريقة أفضل مع كلّ ما يشهدونه في تغييرات وانسلاخ عن المحيط الآمن.
وتشير نصّار في حديثها الى "لبنان 24" الى "أهمية اطلاع الأهل على العوارض التي تظهر لدى أطفالهم في حالات الحرب وعدم الضغط عليهم أو تعييرهم أو تسخيف مشاعرهم"، مشددة على ضرورة "عرض المساعدة والدّعم بشكل متكرّر واستخدام تقنية الاستماع الفعّال، بالإضافة الى التقرّب من الأطفال وإعلامهم بانهم ليسوا الوحيدين وان ما يشعرون به طبيعي".
وتلفت الاختصاصية في علم النفس الى "أهميّة خلق نوع من الـ"روتين" حتّى في حال النزوح". وتفسّر: "يجب تحديد وقت للعشاء لكلّ العائلة، وقت للتحدث أو للعب"؛ بمعنى آخر يجب القيام بنشاطات تساعد في خلق توازن والاعتياد على الوضع الراهن.
كذلك، تشدد على "أهميّة عدم تغيير الحقائق، لأنه على الطفل أن يشعر بالثقة مع الأهل والصراحة المحدودة هي ما يطمئن وليس تخفيف الحقائق أو تسخيفها". كما تنصح الأهل طلب المساعدة من اختصاصيين عند الحاجة.
ما هو دور لمعالج أو الإختصاصي في هذه الحالة؟
وعن الخطوات العلاجية لمساعدة الأطفال في تخطي الصدمة الناتجة عن الحرب، تقول نصّار إنّ "الأهمّ لدى المعالجين هو بناء الثقة والشعور بالأمان، وهم يقومون بتقييم متكرّر لحالة الطفل. ويلجأون الى "التثقيف العاطفي أي إعطاء معلومات عن العوارض والمشاعر وردود الفعل الطبيعية في مثل هذه الظروف غير الطبيعية".
كما يستعين المعالجون بأسلوب العلاج التعبيري عبر الرسم أو التمثيل أو اللعب أو الكلام، إذا كان عمر الولد يسمح بذلك. ويسعى ايضاً المعالجون، وفقاً لنصّار الى "تحفيز الطفل على الاسترخاء وتعليمه طرق التنفس، كما يسعون الى خلق مجتمع او عائلة داعمة لبعضها".
التحديّات التي يواجهها المعالجون في حالات "تروما الحرب"
في حالات معالجة صدمة الحروب لدى الأطفال، يعاني الإختصاصيون في علم النفس والمعالجون من صعوبات عدّة خلال المراحل الأولى من متابعة الأطفال. وتقول نصّار إن "أهمّ التحديّات هي في القدرة لدى الطفل على التكلم أو التعبير، فالافصاح عن مشاعره وأفكاره يكون محدوداً في الكثير من الأحيان. أمّا التحدي الثاني فيكمن في القدرة على اكتساب ثقة الولد في وقت قصير".
وتكمل نصّار أنه "في أغلب الأحيان تتحرّك الصدمة خلال فترة العمل مع الطفل وهنا يكون دور المعالج مساعدة الولد على اختبار مشاعره بشكل صحي"، كما تشير الى أنه "في بعض الأوقات يكون عدم اطلاع الأهل على التأثيرات النفسية أحد التحديات التي يواجهها المعالج".
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: لدى الأطفال الى أن
إقرأ أيضاً:
أطفال المنيا يوجهون الشكر للقومي للطفولة في ختام معسكر "آفاق جديدة.. للناشئين"
صرحت الدكتورة سحر السنباطي رئيس المجلس القومي للطفولة والأمومة أن المجلس يسعي لدعم حقوق الأطفال وتحقيق المصلحة الفضلي له ، وأنه تم رفع وعي الناشئين بمعسكر " آفاق جديدة .. للنشء" من خلال الأنشطة بحقوق الطفل ، وأهداف المبادرة الرئاسية "بداية جديدة .. لبناء الإنسان" ، والتي جاءت بناءً على تكليفات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتنفيذ برامج وأنشطة وخدمات متنوعة تشمل كل الفئات العمرية، والتى كان للأطفال نصيبا كبيرا من الاهتمام ضمن مبادرات " بداية جديدة " .
وأوضحت " السنباطي" أن التدريبات تمت في شكل مجموعات عمل تفاعلية من خلال تنفيذ أنشطة لا صفية تعتمد على الفكر والإبداع والترفيه والمشاركة ، ويتضمن التدريب المكون القيمي ومكون المهارات والمكون المعرفي والذي يتم من خلاله التركيز على تغيير أنماط التفكير السلبي ، وكيفية تحويله إلى تفكير ايجابي وتعديل الحالة السلوكية للناشئين، بالإضافة إلى تنفيذ أفكار بطريقة أكثر إيجابية تؤدي إلى إبراز السلوكيات المفيدة التى تبدأ بتغيرات بسيطة وتنتهى بتغيرات جذرية مما يجعل المراهق مع مرور الوقت يصبح شخصاً أكثر قدرة على التكيف والتغيير للأفضل .
وفي ختام المعسكر وجه الأطفال المشاركين وأولياء أمورهم رسالة شكر وتقدير للمجلس القومي للطفولة والأمومة على إتاحة هذه الفرص لهم بالمشاركة في فعاليات المعسكر للاستفادة والتعبيرعن أرائهم وعرض كل مشكلاتهم واحتياجاتهم بالعديد من الطرق والأساليب كما تناولت الحلول والمقترحات لكافة المشكلات ، وأعرب الأطفال المشاركين في الأنشطة عن سعادتهم بالإنضمام لأنشطة المجلس والتي أكسبتهم الدعم والثقة بأنفسهم ، وأكدت على أن لهم تأثير مهم على المستقبل ، وكذلك دور فعال في المجتمع والأسرة ومع اقرانهم من خلال نقل الخبرات لهم ، مؤكدين علي رغبتهم في استمرار تواصلهم مع المجلس والمشاركة في كافة الفعاليات والأنشطة التي يتم تنفيذها مستقبلا ، وقدم الأطفال العديد من الأنشطة الفنية داخل المجموعات منها الغناء ، والتمثيل ، والإلقاء ، والشعر ، وغيرها .
وطالبت هنادي على الله مدير برنامج رعاية ودمج النشء والمراهقين الأطفال المشاركين في المعسكر بضرورة الاستفادة من كافة الخدمات التي يقدمها المجلس القومي للطفولة والأمومة وآليات الحماية ومنها لجان حماية الطفل على مستوى الجمهورية ، والإبلاغ عن حالات الأطفال في خطر من خلال منظومة نجدة الطفل ١٦٠٠٠ وغرفة المشورة الأسرية والدعم النفسي بالمجلس القومي للطفولة والأمومة، والتي يمكن التواصل معها من خلال خط نجدة الطفل علي الرقم١٦٠٠٠ علي مدار اليوم وطوال الأسبوع، أو من خلال الواتس آب علي الرقم 01102121600 .
والجدير بالذكر أن معسكر " آفاق جديدة.. للنشء " شارك فيه ١٠٠ طفل من مختلف الفئات بالمدارس " العامة والتجريبي لغات " ، ومدارس الأقباط والمعاهد الأزهرية ، وذوي الإعاقة من مدارس التربية الخاصة ، أطفال منتدى الطفل المصري "، في المرحلة العمرية من 12-17 سنة، وأعرب الأطفال المشاركين عن سعادتهم بالانضمام للمعسكر التدريبي والترفيهي، الذي ينظمه المجلس القومي للطفولة والأمومة ضمن أنشطة برنامج رعاية ودمج النشء واحتفالا باليوم العالمي للطفل ، بالتعاون مع محافظة المنيا ، والوحدة العامة لحماية الطفل بالمحافظة ، ووزارة التربية والتعليم ووزارة التضامن الاجتماعي، ووزارة الشباب والرياضة، والأزهر الشريف ، ومكتبة مصر العامة بالمنيا ، ومنظمات المجتمع المدني .
IMG_2869 IMG_2868 IMG_2870 IMG_2866