الفحم.. كلمة السر في الجيل التالي من الأجهزة الإلكترونية
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
يعد الفحم موردا وفيرا في العديد من دول العالم، ويُنظر إليه عادة على أنه شيء قذر وملوث للبيئة، وكان سببا في تغير المناخ عبر استخدامه كوقود أحفوري. ولكن مع زيادة الضغط العالمي نحو استخدام وسائل أخرى لإنتاج الطاقة، كان من المهم البحث عن حلول تعيد توظيف الفحم وتكسبه قيمه اقتصادية كبيرة.
وأظهر جهد بحثي مشترك بين باحثين من أميركا وتايوان؛ الدور الحيوي الذي يمكن أن يلعبه الفحم في الجيل التالي من الأجهزة الإلكترونية، عبر توظيفه من خلال عمليات متخصصة في بناء مواد عالية النقاء يبلغ سمكها بضع ذرات فقط، ويمكن أن تؤدي أكثر من وظيفة داخل الأجهزة.
وتكشف دراسة نشرتها دورية " كومينيكيشن إنجينيرينغ"، تفاصيل هذا الجهد المشترك بين الباحثين الأميركيين من "جامعة إلينوي أوربانا شامبين" و"المختبر الوطني لتكنولوجيا الطاقة" و"مختبر أوك ريدج الوطني"، وزملائهم بـ"شركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية"، فقد قاموا بتطوير عملية تحول الفحم إلى أقراص كربونية نانوية الحجم تستخدم لتكوين أغشية رقيقة جدا مناسبة للتطبيق في الترانزستورات والذاكرات ثنائية الأبعاد، وهي مكونات أساسية للإلكترونيات المتقدمة.
ووفق الدراسة فإن "الميزة الرئيسية لهذا الابتكار هي إنشاء تلك العوازل ذرية الحجم باستخدام طبقات الكربون المشتقة من الفحم، مما يسمح ببناء أجهزة إلكترونية أصغر حجما وأسرع وأكثر كفاءة".
وتوضح الدراسة أن طبقات الكربون الذرية الرقيقة تدعم التشغيل الأسرع وتقلل استهلاك الطاقة مقارنة بالمواد التقليدية، وذلك بسبب خصائصها الفريدة، فهي تفتقر إلى بنية بلورية منتظمة، مما يمنع تسرب التيار الكهربائي، ويقلل من استهلاك الطاقة الإضافية أثناء عمليات الجهاز، وهذا الهيكل غير المتبلور يميزها عن غيرها من المواد الرقيقة ذريا، مما يعزز ملاءمتها للتطبيقات الإلكترونية.
وتضيف الدراسة أن الباحثين استكشفوا أيضا الدور الذي يمكن أن تلعبه طبقات الكربون الذرية في عمل "الميمرستورات"، وهي مكونات إلكترونية قادرة على تخزين ومعالجة البيانات، حيث وجدوا أن الاعتماد على طبقات الكربون الرفيعة جدا المشتقة من الفحم كعوازل، يساعدها على تعزيز دقة وموثوقية تخزين البيانات، وهو تقدم حاسم في تنفيذ تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
وبينما ركزت الدراسات السابقة التي حاولت البحث عن توظيف جديد للفحم على تناول إمكاناته بشكل نظري، فإن هذه الدراسة الجديدة التي جمعت بين باحثين من الجامعات والشركات أخذت خطوة إلى الأمام بالتركيز على التنفيذ العملي، ووصفت خطوات تحويله إلى مادة مفيدة في الأجهزة، وهذه الخطوات هي:
تجهيز الفحم: وفي تلك العملية يتم الحصول على البقايا الصلبة التي تُترك بعد الاحتراق غير الكامل أو التحلل الحراري للفحم، وهذه البقايا هي المادة الأولية لإنشاء مواد تعتمد على الكربون. تكوين أقراص الكربون النانوية: فقد طُورت عملية تحول البقايا الصلبة من الفحم إلى أقراص كربونية نانوية تُعرف باسم "نقاط الكربون"، ويتضمن هذا التحول تقنيات متخصصة وعمليات كيميائية لتفكيك تلك البقايا إلى هذه الهياكل الكربونية الصغيرة. تجميع نقاط الكربون: فيمكن تجميع نقاط الكربون أو توصيلها لتكوين أغشية رقيقة ذريا، وتعمل هذه الأغشية كأساس لإنشاء طبقات الكربون الرقيقة للغاية اللازمة للأجهزة الإلكترونية. تكوين عوازل رفيعة ذريا: فتُستخدم طبقات الكربون المشتقة من البقايا الصلبة للفحم كعوازل رفيعة ذريا في الأجهزة الإلكترونية، وصُممت هذه الطبقات خصيصا بحيث تحتوي على هياكل ذرية غير منتظمة الشكل، مما يسمح لها بالعمل بفعالية كعوازل في بناء أجهزة ثنائية الأبعاد مثل الترانزستورات والميمريستورات. التطبيق في الأجهزة الإلكترونية: تُدمج طبقات الكربون في بناء الترانزستورات والذاكرات ثنائية الأبعاد، حيث تُستخدم في الترانزستورات كبوابات عازلة، مما يتيح تشغيل الجهاز بشكل أسرع واستهلاك أقل للطاقة مقارنة بالمواد التقليدية في الميمرستورات، وتعمل هذه الطبقات كعوازل تسهل تكوين الخيوط بسرعة، وانخفاض استهلاك الطاقة، وتعزيز موثوقية تخزين البيانات لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.وعلى الرغم مما تحقق في هذه الدراسة، فإن نتائجها لا تعدو أن تكون مجرد إثبات مبدأ لاستخدام طبقات الكربون المشتقة من الفحم في الأجهزة الإلكترونية، كما يقول أستاذ هندسة الإلكترونيات بجامعة أسيوط المصرية محمد فرحات في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت".
ويوضح فرحات أن هناك ثلاثة شروط مهمة يجب تحقيقها حتى يتم تطوير عملية تصنيع مناسبة للإنتاج الصناعي على نطاق واسع، وهذه الشروط هي:
أولا- قابلية التوسع والتنفيذ الصناعي: فقد تكون الفكرة ناجحة معمليا ولكنها تفشل عند التطبيق الصناعي على نطاق موسع، لذلك فإن التحدي يكمن في تطوير عملية تصنيع فعالة من حيث الكلفة ومتوافقة مع التصنيع واسع النطاق في البيئات الصناعية. ثانيا- تحسين العملية: والمقصود بها ضمان إمكانية تكرار النتائج التي تم التوصل لها معمليا بشأن جدوى طبقات الكربون المشتقة من الفحم في بناء ترانزستورات وميمريستورات ثنائية الأبعاد عند الانتقال إلى المستوى الصناعي. ثالثا- التوافق والتكامل: فيجب التأكد من سلاسة دمج عوازل الكربون القائمة على الفحم في عمليات تصنيع أشباه الموصلات الحالية، حيث يعد التوافق مع المواد والتقنيات الأخرى المستخدمة في صناعة أشباه الموصلات أمرا ضروريا للتطبيق العملي. وعد بالاستمرار لتحقيق الحلمولم تتطرق الدراسة إلى تفاصيل الخطوات التالية نحو التطبيق الصناعي، ولكن الأستاذ بقسم علوم وهندسة المواد بجامعة إلينوي أوربانا شامبين والباحث الرئيسي بالدراسة تشينغ كاو، قال في بيان صحفي نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، إنهم أنتجوا أجهزة توفر الدليل على مبدأ استخدام طبقات الكربون المشتقة من الفحم في الأجهزة ثنائية الأبعاد، وما تبقى هو إظهار إمكانية تصنيع مثل هذه الأجهزة على نطاق واسع.
وأضاف "نحن مهتمون جدا بهذا الأمر، وسنحاول الوفاء بهذا الوعد خلال السنوات القليلة المقبلة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الأجهزة الإلکترونیة فی الأجهزة الفحم فی فی بناء
إقرأ أيضاً:
ارتفاع تلوث الطاقة بأميركا مع توسع استخدام الفحم
وصلت انبعاثات قطاع الطاقة بالولايات المتحدة إلى أعلى مستوياتها خلال 3 سنوات، ومن المرجح أن ترتفع أكثر خلال أشهر الذروة في الصيف، إذ يدفع استخدام أنظمة تكييف الهواء المتزايد إلى زيادة توليد الطاقة من المحطات التي تعمل بالفحم والغاز الطبيعي.
وعلى مدى الأشهر الـ5 الأولى من عام 2025، ارتفعت انبعاثات قطاع الطاقة في الولايات المتحدة من حرق الوقود الأحفوري بنسبة 5% إلى حوالي 640 مليون طن متري، وفقا لبيانات إمبر.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4أجزاء الأمازون المحمية تعوض الانبعاثات من بقية مناطقهlist 2 of 4الشحن المستدام.. ثمن تحول ناقلات السيارات إلى "الأخضر"list 3 of 4ماذا يعني تسعير الكربون وكيف يتم؟list 4 of 4دراسة تحذر من نفاد ميزانية كربون الكوكب بسبب الانبعاثاتend of listوتنبع الزيادة البالغة 32 مليون طن تقريبا في الانبعاثات -مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي- بشكل رئيسي من زيادة استخدام الفحم ضمن مزيج توليد الطاقة، إذ خفضت شركات الطاقة حتى الآن استخدام الغاز الطبيعي مقارنة بالعام الماضي بعد ارتفاع أسعار الغاز.
وارتفع مستوى تلوث الطاقة بنسبة 5% إلى أعلى مستوياته في 3 سنوات خلال الفترة من يناير/كانون الأول إلى مايو/أيار، مدفوعا بشكل أساسي بارتفاع بنسبة 20% على أساس سنوي في تلوث الفحم.
وبدأت شركات الطاقة في زيادة توليد الكهرباء من الفحم والغاز من أجل تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء من المنازل والشركات المرتبطة بالاستخدام المتزايد لمكيفات الهواء التي تستهلك كثيرا من الطاقة.
وستؤدي هذه الاتجاهات الأعلى في توليد الطاقة بدورها إلى زيادة إجمالي تلوث قطاع الطاقة، حتى مع وصول إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة النظيفة مثل المزارع الشمسية إلى مستويات قياسية.
وعلى مدار النصف الأول من عام 2024، ارتفع توليد الطاقة التي تعمل بالفحم في الولايات المتحدة بنسبة 14% مقارنة بالفترة نفسها عام 2024 إلى 14.9 مليون ميغاواط في الساعة.
وكان الدافع الرئيسي وراء ارتفاع استخدام الفحم هو الزيادة الحادة في سعر الغاز الطبيعي خلال الربع الأول من العام، مما فرض ضغوطا جديدة على تكاليف المرافق وحفز الاستخدام الأعلى للفحم الأرخص ضمن مخاليط توليد الطاقة.
إعلانوتنتج محطات الطاقة التي تعمل بالفحم ما يقرب من 950 ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون لكل تيراواط ساعة من إنتاج الكهرباء، وفقًا لشركة إمبر.
ويقارن ذلك بنحو 540 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون لكل تيراواط ساعة من محطات الطاقة التي تعمل بالغاز، وهو ما يفسر لماذا ارتفعت انبعاثات الوقود الأحفوري الإجمالية ارتفاعا حادا أكثر بكثير من إنتاج الطاقة من الوقود الأحفوري حتى الآن هذا العام.
ويبدو أن هذا الاتجاه سيمتد هذا العام بعد أن ضربت موجات حر قياسية عدة أجزاء من الولايات المتحدة خلال النصف الثاني من يونيو/حزيران، ومن المتوقع أن تشهد مزيدا من موجات الحر خلال يوليو/تموز وأغسطس/آب وحتى سبتمبر/أيلول.
ولدى الولايات المتحدة فترتا ذروة محددتان لاستخدام الطاقة كل عام للتدفئة خلال فصل الشتاء وللتبريد خلال فصل الصيف.
ولمواجهة الارتفاع الناتج عن استخدام الكهرباء، ستحتاج شركات المرافق إلى إنتاج قدر أكبر من الطاقة من جميع مصادر الإنتاج، ولكن بشكل خاص من الوقود الأحفوري المطلوب لتلبية الجزء الأكبر من استخدام النظام في الليل عندما يتوقف توليد الطاقة الشمسية.
وبما أن أسعار الغاز تظل أعلى بكثير من مستويات العام الماضي، فإن معظم أنظمة توليد الطاقة ستواصل إعطاء الأولوية لرفع الإنتاج من الفحم الأرخص نسبيا بدلا من الغاز الأكثر تكلفة.
ويؤدي هذا إلى تمهيد الطريق لارتفاع جديد في انبعاثات الطاقة، التي وصلت بالفعل إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2022، ومن المقرر أن تصل إلى ذروتها السنوية خلال الأشهر المقبلة مع نشر شركات الطاقة كل الطاقة التي يمكنها حشدها لمواكبة الطلب.