بنسبة 250%.. ارتفاع كبير في تعاطي الإسرائيليين القنب الطبي خلال الحرب
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
القدس المحتلة- مع الارتفاع المتواصل في الصدمات والأزمات النفسية واضطرابات ما بعد الصدمة في المجتمع الإسرائيلي إثر عملية "طوفان الأقصى" وجراء الحرب على قطاع غزة، سُجل ارتفاع ملحوظ في تعاطي الإسرائيليين للحشيش الطبّي وفي الطلب المتزايد على الأدوية النفسية والمهدئات.
ومنذ "طوفان الأقصى" بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، سجل عدد الوصفات الطبية الجديدة للحشيش أو "القنّب" الطبي ارتفاعا بنسبة 250%، مع ملاحظة قفزة عالية في نطاق استخدامه في أوساط الإسرائيليين خلال الحرب.
وإلى جانب ارتفاع الوصفات الطبية للقنب الطبي الصادرة عن مراكز وعيادات صناديق المرضى الرسمية التابعة لوزارة الصحة الإسرائيلية، وزع متطوعون هذا القنب على آلاف "الناجين" من أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول والنازحين من مستوطنات "غلاف غزة".
تأثيرات جانبية
وكُشف النقاب عن هذه المعطيات في تحقيق استقصائي أجراه الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل" حيث وثّقت إفادات بعض الأطباء الذين يعالجون مستوطنين مصابين بما بعد الصدمة، وشهادات العديد من هؤلاء عن تحسن كبير بفضل استخدام الحشيش الطبي.
ورغم تحسن الحالة النفسية لمن أصيبوا بالصدمة جراء تناوله، فإن بعض الأطباء والمعالجين يرون في الإفراط في تناوله خطأ يضر المرضى، ومن شأنه أن يتسبب بمضاعفات وتأثيرات جانبية. وعارضت وزارة الصحة الإسرائيلية استخدام الحشيش الطبي أثناء معالجة أحداث الصدمة وتحاول الحد منه.
وخلال الأسابيع الأولى من الحرب، تطوعت شولي كوهين، من مستوطنة سديروت بالجنوب، لتوزيع الحشيش الطبي على سكان "غلاف غزة" قائلة للموقع الإلكتروني إن "الآلاف من سكان الغلاف الذين كانوا يتعاطونه بانتظام، ظلوا عالقين دونه وبلا وصفات طبية لشرائه".
وأوضحت أنها شاركت بالتطوع في توزيع القنّب الطبي على سكان الغلاف "عندما شعروا أنهم بحاجة إلى الحشيش أكثر من أي وقت مضى بسبب الصدمة والاضطراب النفسي".
وتبرعت شركات القنب الطبي والصيدليات بكميات هائلة منه، ويقول الصحفي الذي أعد التحقيق الاستقصائي تاني غولدشتاين "لقد أنشأ المتطوعون غرفة طوارئ خضراء تقوم بجمع القنب والحشيش الطبي من المتبرعين وإرسال متطوعين لتوصيله للنازحين في مركبات أطلقوا عليها اسم إسعاف القنب".
وتطوعت كوهين في هذه السيارات، حتى أنها سافرت بداية الحرب إلى المستوطنات الحدودية في "غلاف غزة" لتوزيع الحشيش على المحتاجين الذين ما زالوا هناك، برفقة اثنين من الحراس الأمنيين المتطوعين المسلحين من فرق الحراسة الخاصة التي تعرف باسم "أخوة بالسلاح".
وعملت "غرفة الطوارئ الخضراء" لمدة شهرين ووزعت الحشيش على حوالي 1400 نازح من "غلاف غزة" وتم تنفيذ النشاط بموافقة وإشراف وزارة الصحة، مما سمح للمتطوعين بالتوزيع على أي مريض لديه ترخيص لتعاطي الحشيش حتى وإن لم يكن بحوزته وصفة طبية بذلك.
"قفزة هائلة"
وفي ظل حالة الطوارئ واستحالة تلقي الخدمات الطبية بمنطقتي "غلاف غزة" والنقب الغربي، مددت وزارة الصحة -لـ 3 أشهر- جميع تراخيص استخدام الحشيش الطبي التي انتهت صلاحيتها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأجازت للمستوطنين النازحين من الجنوب تجديد تراخيص الحشيش المفقودة عن بُعد، عبر البريد الإلكتروني.
وخلال الحرب، بحسب ما وثقه الصحفي غولدشتاين "حدثت قفزة هائلة في الطلب على القنب الطبي بإسرائيل. ومنحت وزارة الصحة ألفي ترخيص جديد لتعاطي القنب في أكتوبر/تشرين الأول، و3 آلاف في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مقارنة بحوالي ألف ترخيص الشهر السابق للحرب".
ويدعي الناشطون -من أجل تقنين الحشيش والقنب الطبي- أن هذه الموافقات الطبية غيض من فيض، حيث يتم رفض معظم الطلبات أو تأخيرها لفترة طويلة، وينتظر الكثيرون الحصول على الموافقة والترخيص من قبل وزارة الصحة الإسرائيلية.
وقال العديد ممن يتعاطون الحشيش والقنب الطبي، بشكل قانوني أو غير قانوني في إفاداتهم للموقع الإلكتروني، إنه يساعدهم على التعامل مع الاضطراب العقلي في حالات الأزمات والصدمة. ورغم ذلك، يقول الصحفي الإسرائيلي "ينقسم الأطباء حول ما إذا كان استخدام الحشيش في هذه الظروف مفيدا أم غير مفيد أو حتى ضارا".
ووجد الأطباء أدلة كثيرة على افتراض أن الحشيش الطبي يساعد في التعامل مع متلازمة ما بعد الصدمة، ولكن غولدشتاين يقول "لم يتم إثبات ذلك حتى الآن في دراسة علمية صحيحة. حالة الطوارئ والوضع المؤلم ليسا سببا للحصول على ترخيص لاستخدام القنب في إسرائيل".
ويتفق بعض الأطباء -الذين التقاهم الموقع الإلكتروني- على أن الحشيش والقنب الطبي يساعد في علاج ما بعد الصدمة، لكنهم يعارضون استخدامه لعلاج أولئك الذين يعانون حاليا من ضائقة نفسية بسبب تداعيات الهجوم المفاجئ والحرب، بحجة أنهم ليسوا في مرحلة ما بعد الصدمة، بل في اضطراب نفسي.
اضطرابات وصدمات
ويرى أطباء آخرون أن الحشيش والقنب الطبي يساعد في معالجة الاضطرابات النفسية الناجمة عن الحرب، ويدعمون التوسع في تعاطيه. ويرجعون ذلك إلى أن العديد من الإسرائيليين يعيشون حاليا في حالة من اضطراب ما بعد الصدمة، لأن الحرب على غزة تثير فيهم صدمات من الماضي، وفي مرحلة ما بعد الصدمة يبدو أن الحشيش يساعدهم، بحسب ما نقل عنهم الموقع الإلكتروني.
وعقب ما يسميه الإسرائيليون "أحداث السبت الأسود" (7 أكتوبر/تشرين الأول) وفي بداية الحرب على غزة، اتخذت المؤسسة الطبية بوزارة الصحة نهجا ليبراليا وخففت القيود، ولكن مع ارتفاع الطلب على الحشيش والقنب الطبي، تراجعت إلى نهجها التقليدي في إصدار الترخيص ومنح الوصفات الطبية للمرضى ولمن يعانون من صدمة واضطرابات نفسية.
وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نشر كل من الطبيب جلعاد بودنهايمر (مدير قسم الصحة النفسية بوزارة الصحة الإسرائيلية) وإيل فروختر (رئيس المجلس الوطني لاضطراب ما بعد الصدمة) رسالة إلى الأطباء والمرضى تحت عنوان "الحذر من استخدام القنب كوسيلة للتعامل ومواجهة الأحداث المؤلمة".
ومع بداية الشهر الثالث للحرب على غزة، أفادت جمعيات مساعدة المرضى الذي يستخدمون الحشيش والقنب الطبي بأنه منذ نشر رسالة وزارة الصحة، وافق الأطباء على عدد أقل من التراخيص لاستخدام القنب الطبي، ومددوا عددا أقل من التراخيص الحالية.
ووفق إيلي ليفي، الرئيس التنفيذي لجمعية "المعلا" -التي توفر التشخيص والتدريب والدعم الطبي والعقلي لحوالي 4 آلاف مريض يستخدمون الحشيش والقنب الطبي- فإن "أمر وزارة الصحة جعل من الصعب على العديد من الأطباء إصدار تراخيص القنب والوصفات الطبية".
ونتيجة لذلك، يقول ليفي "(يوجد) أناس بأعداد هائلة أصيبوا بصدمات نفسية، ودُمر عالمهم، وتعرضوا للهجوم وفقدوا أحباءهم، ونزحوا من منازلهم، وعادوا من خدمة الاحتياط بالحرب، وأشخاص أصبح هذا الرعب كله بمثابة حافز لصدمات سابقة ونفسيتهم تنقلب رأسا على عقب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: وزارة الصحة الإسرائیلیة أکتوبر تشرین الأول استخدام الحشیش ما بعد الصدمة الحشیش الطبی غلاف غزة
إقرأ أيضاً:
كوب بـ100 ألف دولار.. كيف تضامن المصريون لإغاثة غزة؟
القاهرة- عندما حصلت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة "مرسال" الخيرية هبة راشد على منحة لنيل درجة الماجستير بجامعة أوكسفورد البريطانية لم تكن تتصور أبدا أن ثمة رابطا بين مسارها التعليمي وطرق التضامن من أجل إغاثة غزة.
ومع بداية رحلتها الدراسية اشترت هبة راشد كوبا تستخدمه لشرب القهوة كل صباح دراسي، ليصبح عزيزا على قلبها فهو يذكرها بالجهد المضني الذي بذلته من أجل الوصول لهدفها، لذا وحين توقفت الحرب على قطاع غزة تبادر إلى ذهنها أن تستغل ذلك الكوب في جمع التبرعات الإنسانية لأهالي القطاع.
وفورا تحولت الفكرة إلى واقع حيث طرحت رئيسة أمناء "مرسال" الكوب للبيع من خلال مزاد عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وتقول المتضامنة المصرية عبر حسابها على فيسبوك "منذ أن دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ وأنا أفكر في أجمل ما لدي ويمكنني أن أقدمه لدعم الناجين من الحرب في القطاع.. وهذا الكوب أعتز به وهو رفيق رحلتي الدراسية".
وقد مر يومان فقط على بدء المزاد لتعلن هبة راشد -أول أمس الثلاثاء- عن بيع الكوب بمبلغ 4.6 ملايين جنيه مصري (تقريبا 100 ألف دولار) وسيخصص لتجهيز غرفتين للعمليات الجراحية في قطاع غزة المحاصر.
ومنذ الإعلان عن التوصل لاتفاق إنهاء الحرب على القطاع الفلسطيني، وقبل أسبوع، تتكثف الجهود الشعبية والأهلية بمصر من أجل رفع المعاناة عن أهالي غزة، بطرق متنوعة وفي بعض الأحيان بآخر ما يمتلكه المتبرع.
إعلان أطباء نحو التطوعوكثفت النقابات المهنية بمصر استعداداتها لأعمال إغاثة القطاع فور فتح المعبر البري. وبهذا الصدد برزت مجهودات نقابة الأطباء، إذ فتحت باب تسجيل الأطباء الراغبين في التطوع لعلاج جرحى العدوان الإسرائيلي.
وأعلن نقيب الأطباء أسامة عبد الحي استعداد ما يزيد على ألفي طبيب للسفر إلى غزة متطوعين لعلاج الجرحى، مشيرا إلى أن الأولوية ستكون لتخصصات التخدير والجراحة والعظام والتجميل.
ومن جانبه قال أمين صندوق نقابة الأطباء أبو بكر القاضي إنهم فتحوا باب التسجيل -قبل انتهاء الحرب- لمن يرغب من الأطباء بالتطوع للسفر إلى غزة، وسجل ألفا طبيب، ثم جدد نحو 950 آخرين استعدادهم للتطوع عقب إعلان وقف إطلاق النار.
وأوضح القاضي -للجزيرة نت- أن النقابة تسعى حاليا للحصول على الموافقات اللازمة من أجل سفر الأطباء، مشيرا إلى بدء تجهيز عدة قوافل إغاثية تشمل أدوية ومستلزمات طبية، إلى جانب تكفل النقابة بدفع إيجارات شهرية لبيوت تسكنها 300 أسرة فلسطينية نزحت إلى مصر خلال الحرب، مع تقديم كافة المساعدات الطبية.
وبدورها أعلنت مؤسسة بهية، وهي متخصصة في تقديم العلاج للمصابات بالسرطان، عن استعدادها لاستقبال الفلسطينيات من مرضى الأورام لتقديم الرعاية اللازمة لهن.
صحفيون يسعون للتوثيقوعلى نفس مسار الجهد النقابي، أعلن مجلس نقابة الصحفيين عن إعادة فتح باب التبرع لدعم الشعب الفلسطيني بالتزامن مع توقف الحرب، داعيا النقابات المصرية لتوحيد الجهود في هذا الإطار.
وقدم أكثر من 250 صحفيا طلبا لمجلس النقابة لتنظيم زيارة إلى قطاع غزة للتعبير عن التضامن مع أهالي القطاع الفلسطيني ولتوثيق المعاناة التي لحقت بهم طيلة 15 شهرا.
وكانت نقابة الصحفيين أعلنت -في أبريل/نيسان الماضي- أنها بصدد اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنح الصحفيين الفلسطينيين كل المزايا والخدمات التي تقدمها لزملائهم المصريين.
إعلانوفي يوليو/تموز الماضي، منحت النقابة مدير مكتب الجزيرة بقطاع غزة وائل الدحدوح جائزة حرية الصحافة لعام 2024 "باعتباره رمزا لصمود الصحفيين الفلسطينيين في وجه العدوان الصهيوني الغاشم وآلة حربه الوحشية" وفق بيان صحفي.
متطوعون بالتحالف الوطني للعمل الأهلي أمام معبر رفح (مواقع التواصل) التبرع رغم الفقربالتصفيق والهتاف ورفع العلم الفلسطيني، ودع أهالي جوجر -وهي إحدى قرى منطقة الدلتا- 8 شاحنات متجهة إلى غزة محملة بمواد غذائية ومستلزمات طبية وملابس وأغطية وأدوات دراسية، وكان الأهالي قد جهزوها فور الإعلان عن وقف إطلاق النار في القطاع.
وقد نقلت صحف محلية عن بعض أفراد القرية أن تجهيز القافلة الإغاثية تم بمجهودات أهلية بعيدة عن أجهزة الدولة، مشيرة إلى أن كثيرا من أطفال القرية تبرعوا بمصروفهم الشخصي من أجل تجهيز تلك الشاحنات.
وليست قرية جوجر استثناء فثمة جهود أهلية كثيرة مشابهة انطلقت مع الإعلان عن وقف الحرب على غزة، مثل مجهودات قرية برقين -التي تقع في نفس النطاق الجغرافي لجوجر- حيث جهزت 9 شاحنات بالمواد الغذائية والمستلزمات المعيشية من أجل السفر إلى القطاع الفلسطيني.
من جهته رأى المدير التنفيذي للمركز الدولي للدراسات التنموية مصطفى يوسف أن موقف المصريين حيال أهل غزة هو استمرار لنفس المسار الذي سلكوه مع السوريين والسودانيين حين استقبلوهم على أرضهم وقدموا المساعدة لمن احتاجها.
وأضاف يوسف في حديثه للجزيرة نت "المصريون حتى الفقراء منهم اقتسموا لقمة الخبز مع السوريين والسودانيين عندما جاؤوا لمصر تجنبا للصراع في أوطانهم، وكان طبيعيا أن يحدث نفس الأمر مع الفلسطينيين لأن قضيتهم هي قضية كل مصري".
وكان التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي -الذي يضم 34 كيانا أهليا وتنمويا- قد أعلن أمس عن وصول قافلة إغاثية تضم مئتي شاحنة محملة بـ3 آلاف طن من المساعدات المتنوعة إلى معبر رفح.
إعلانوتعد تلك القافلة هي التاسعة حيث تم تسيير 8 قوافل إغاثية تابعة للتحالف، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.