الخليج الجديد:
2025-01-24@20:47:54 GMT

المقاومة السودانية… الصراع من أجل البقاء

تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT

المقاومة السودانية… الصراع من أجل البقاء

المقاومة السودانية… الصراع من أجل البقاء

عندما ينتقل الشعب من خانة الاستسلام للذبح، إلى خانة المقاوِم دفاعا عن نفسه وعرضه وماله، فحق لمن يعتدي عليه أن يخاف.

رغم خطورة تسليح المدنيين، لكن الصراع المُبيد، لم يترك للسودانيين خيارا، فقد حشرهم في زاوية الدفاع عن النفس، أعيش أو لا أعيش..

رغم أن نشوء المقاومة السودانية يصب لصالح الجيش السوداني، فإن عمل المقاومة غير مرتهن بحساباته السياسية، وستقاتل لأجل البقاء والدفاع عن النفس، حيث وُجِد الخطر.

يعاني الشعب السوداني ويلات الحرب، ويدفع فاتورة حرب النفوذ بين الجنرالات، ويعيش أبناؤه ما بين نازح ومشرد، أو مقتول، بسبب الممارسات الوحشية لميليشيات حميدتي.

قوات الدعم السريع تضم مرتزقة أفارقة من الخارج بدعم إقليمي زودها بقوة أظهرت ضعف وخور الجيش السوداني، الذي ينسحب من مواقعه، ويعجز عن حماية المدنيين العزل.

* * *

بينما تتجه الأنظار إلى طرفي الصراع في السودان، البرهان وحميدتي، والبحث في مآلات الحرب بينهما لتحديد مستقبل السودان، يبرز في المعادلة لاعب جديد، أربك حسابات الجميع، وهو الشعب السوداني نفسه.

الشعب السوداني يعاني ويلات الحرب، ويدفع وحده فاتورة حرب النفوذ بين الجنرالات، ويعيش أبناؤه ما بين نازح ومشرد، أو مقتول مغتَصَب المال والعرض، بسبب الممارسات الوحشية لميليشيا الدعم السريع، التي تضم مرتزقة أفارقة من خارج السودان، وتحظى بدعم إقليمي جعلها من القوة بما يكفي لإظهار ضعف وخور الجيش السوداني، الذي ينسحب من مواقعه الواحدة تلو الأخرى، ويعجز عن حماية المدنيين العُزْل.

لكن الشعب المقهور قال كلمته، وأعلن عن بزوغ شمس المقاومة المسلحة، لحماية النفس والمال والعرض، على قاعدة «ما حَكَّ جِلْدَكَ مثلُ ظُفرك»، بعد أن تخلى عنه الجميع، ووقفت الدول العربية، خاصة دول الجوار صامتة صمت القبور عن تلك الكوارث التي ألمت بالشعب السوداني.

السودانيون أدركوا أن عليهم حماية أنفسهم بأنفسهم، وهم يرون الخيبات المتتابعة تظهر على أداء الجيش السوداني، بتسليحه الضعيف، وهزال آلته الإعلامية، واهتراء أدائه السياسي، واعتماده على الشعارات الجوفاء، مقابل التسليح القوي لميلشيات الدعم، ونشاطها الإعلامي الذي برعت فيه، والتحركات السياسية والدبلوماسية التي يقوم بها حميدتي باتجاه الدول الافريقية لدعم موقفه.

جيش البرهان بدوره، رحّب بالمقاومة السودانية وباركها، ويبدو أنها كانت بمثابة طوق نجاة بالنسبة له، إذ ستكون ظهيرا شعبيا للجيش في مواجهة قوات الدعم السريع.

وكالعادة في شأن بزوغ أي كيان تحرري، وُجد من يحاول إجهاضه، تشكيكا وتهوينا وتهويلا، وبرز فريق من المثقفين والناشطين والحقوقيين، والتجمعات النقابية والأحزاب السياسية، يعترضون على تسليح المدنيين، ويحذرون من مآلاته، وأرسلوا إلى الأمم المتحدة يطالبون بوقف تحشيد وتسليح المدنيين، منعا لوقوع حرب أهلية. ويعمل المعترضون على عدة محاور لوأد هذه المقاومة:

أولا: التهوين من شأنها وقدرتها على خوض المعارك، ويستندون في ذلك إلى إعلانات الاصطفاف لمئتي ألف مع القوات السودانية، التي سبقت اندلاع القتال الفعلي، وبمجرد اشتعال الحرب اختبأت تلك الأصوات.

ثانيا: التشكيك في نشأة المقاومة، حيث يدور الحديث في أوساط المعارضين عن كوْن النظام السوداني السابق، هو من يقف خلف هذا التحشيد، لتصفية حسابات سياسية.

ثالثا: الترهيب من اندلاع حرب أهلية بسبب تسليح المدنيين، بحجة أن دعوات المقاومة تنطلق من أساس إثني وجهوي، ومن الممكن أن تتحول إلى عمليات انتقامية ضد الأعراق والأجناس السودانية المختلفة.

والرد على المسوغات واحد هو، أن الشعب السوداني بات لا يصارع من أجل مجرد إنهاء الحرب والاستقرار السياسي، الشعب السوداني الآن يحمل السلاح من أجل البقاء، من أجل حماية الأنفس والأعراض والأموال، التي صارت حمى مباحا لقوات الدعم الهمجية، فليس هناك من شيء يسبق ذلك المنحى في ترتيب الأولويات. الشعب السوداني ليس لديه ما يخسره، هل يخشى من الحرب الأهلية؟

فالحرب موجودة بالفعل بين الجنرالات، تأكل الأخضر واليابس. عندما تتحدث عن الخطر الوجودي، وعن تهجير الملايين وقتل عشرات الآلاف واغتصاب النساء ونهب الأموال، وتدمير هائل للبنية التحتية من مرافق الكهرباء والمياه والجسور، وانهيار القطاع الصحي، فلن يمثل فارقا معرفة مصدر هذه الدعوات، سواء كانت من قبل النظام السابق أو من داخل الجيش السوداني، أو من القوى المدنية، فأنت تتحدث عن قضية دفاع مشروع عن النفس.

السودانيون في كل الأحوال يموتون، فلا أقل من أن يموت المرء وهو يدافع عن نفسه وعرضه وماله. حميدتي لم يعمل حسابا لظهور هذا اللاعب الجديد، ومن ثم جعل يتوعد المقاومة ويصف عناصرها بالانقلابيين، وله أن يخاف، فعندما ينتقل الشعب من خانة الاستسلام للذبح، إلى خانة المقاوِم دفاعا عن نفسه وعرضه وماله، فحق لمن يعتدي عليه أن يخاف.

كما أن ظهور المقاومة الشعبية أربك حساباته العسكرية، فعندما دخلت الميلشيات في حربها مع الجيش السوداني، تعلم أن الجيوش النظامية التي تعتمد على المواقع والتموضع يصعب عليها مواجهة حروب الميلشيات والعصابات، التي تعتمد على الكر والفر والعمليات الخاطفة، لكن قوات حميدتي سوف تجد نفسها بعد اليوم في مواجهة مقاومة مسلحة غير نظامية، تعتمد على الأسلوب نفسه تقريبا.

رغم أن نشوء المقاومة السودانية يصب في صالح الجيش السوداني، فإن عمل المقاومة غير مرتهن بحساباته السياسية، وستقاتل لأجل البقاء والدفاع عن النفس، أينما ووقتما وجد الخطر.

الخطوة التي ينبغي أن يقطعها الجيش السوداني لاستثمار هذا الحدث وإنهاء الحرب بشكل يؤمن مستقبل السودان، أن يقوم بالرعاية الكاملة لتسليح المقاومة السودانية، بحيث تكون لديه قاعدة بيانات بعدد قطع الأسلحة وأسماء من يحملها وتوعية القبائل والأهالي بأنها حالة خاصة اضطرارية، وأن مصلحة الدولة تحتم تسليم السلاح بعد انتهاء الحرب، وتوثيق هذا الاتفاق مع زعماء العشائر والقبائل والوجهاء.

أعلم مدى الخطورة التي يمثلها تسليح المدنيين، لكن الصراع المُبيد، لم يترك للسودانيين خيارا، فقد حشرهم في زاوية الدفاع عن النفس، أعيش أو لا أعيش، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

*إحسان الفقيه كاتبة أردنية

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السودان حميدتي الحرب الأهلية الصراع الجيش السوداني المقاومة السودانية الدعم السريع تسليح المدنيين المقاومة السودانیة تسلیح المدنیین الجیش السودانی الشعب السودانی أجل البقاء عن النفس من أجل

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يتهم قوات الدعم السريع بإحراق مصفاة الجيلي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

اتهم الجيش السوداني، اليوم الخميس، «قوات الدعم السريع» بإحراق مصفاة الجيلي شمالي الخرطوم.

وأوضح الجيش السوداني، في بيان: «عمدت ميليشيا آل دقلو الإرهابية صباح اليوم، إلى إحراق مصفاة الخرطوم بالجيلي في محاولة يائسة لتدمير بنى هذا البلد، بعد أن يئست من تحقيق أوهامها بالاستيلاء على مقدراته وأرضه».

و«مصفاة الجيلي»، (70 كيلومتراً شمال العاصمة الخرطوم)، كانت تُغطي، قبيل الحرب الراهنة بالبلاد، نحو 70 في المائة من الاستهلاك المحلي من البنزين وغاز الطهي، وإذا عملت بكامل طاقتها يمكنها إنتاج من 100 ألف إلى 120 ألف برميل في اليوم.

وحسب خبراء اقتصاديين، تقدَّر تكلفة المصفاة التي أُسست بشراكة بين الحكومة السودانية ودولة الصين لمدة 25 عاماً، بنحو 4 مليارات دولار.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يقترب من فك الحصار عن القيادة العامة
  • عاجل| مصادر بالجيش السوداني للجزيرة: الجيش يفك الحصار عن القيادة العامة في الخرطوم بعد عام ونصف من الحصار
  • الجيش السوداني: قوات الدعم السريع أحرقت مصفاة الخرطوم
  • الجيش السوداني يتهم قوات الدعم السريع بإحراق مصفاة الجيلي
  • أبرزها مصر والإمارات.. كيف تستغل القوى الإقليمية الحرب السودانية لتحقيق مكاسبها؟
  • د. محمد بشاري يكتب: غزة: معركة البقاء والصمود أمام مأساة متجددة
  • الجيش الروسي يؤكد استخدام القوات الأوكرانية المدنيين كدروع بشرية
  • الآلية الوطنية لحماية المدنيين تناقش إعادة تشكيل الآلية بما يواكب المستجدات التي فرضتها الحرب
  • الجيش السوداني يقترب من “مصفاة الجيلي”
  • الخارجية السودانية: المليشيا بعد أن عجزت عن مواجهة الجيش والقوات المساندة له لجأت إلى استهداف محطات الكهرباء والمياه