التهجير بين مخطّطات الاحتلال ومقاومة الغزّيين

لا تخفي إسرائيل مخطّطاتها للقطاع، وتعمل يومياً على محاولة تطبيقها، لكن التسليم بأن ما تريده سيتحقق لا يعكس قراءة صحيحة للواقع على الأرض..

يؤكّد الفلسطينيون منذ بدء العدوان أن التمسّك بالأرض خط أحمر لا تهاون فيه، مهما بلغ توحّش إسرائيل وفاتورة الدم التي يدفعونها منذ 3 أشهر.

يجاهر مسؤولون إسرائيليون بالرغبة في إبادة جميع أهالي غزّة، وأن من ينجو من الإبادة والعقاب الجماعي لا مكان له على أرضها، بل سيجبر على القبول بالتهجير.

رغم أن إحباط مخطّط الاحتلال مرهون بالفلسطينيين في ظل الخذلان واكتفاء الدول بمشاهدة المجازر، فذلك لا يعفي دولا تُسرّب إسرائيل أسماءها شريكة بمؤامرة التهجير من التبرّؤ من أي دور قذر.

* * *

بلغت الوقاحة الإسرائيلية مرحلة تسريب أن هناك نقاشات تُجرى مع دول، من بينها الكونغو الديمقراطية، لاستقبال محتمل للفلسطينيين من غزّة، ضمن مخطّط التهجير القسري الذي يستميت الاحتلال لتحقيقه في القطاع.

يحدُث ذلك، بينما يجاهر مسؤولون إسرائيليون بالرغبة في إبادة جميع أهالي غزّة، وأن من ينجو من هذه الإبادة وكل أنواع العقاب الجماعي لا مكان له على أرض القطاع، بل سيكون مجبراً على القبول بخيار التهجير، لأن غزّة لن تكون قابلة للحياة. ما نقل عن وزيرة الاستخبارات جيلا غمليئيل، في جلسة للكنيست الثلاثاء الماضي، يصبّ في هذا السياق.

قدمت غمليئيل تصوّراً للقطاع في مرحلة ما بعد الحرب، يقوم على عدم وجود أي سلطات بلدية واعتماد الأهالي على المساعدات وتصاعد البطالة وتحوّل أكثر من نصف الأراضي الزراعية في القطاع إلى مناطق عازلة.

مع العلم أن الوزيرة نفسها كانت قد نشرت، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مقالاً جاهرت فيه بأنه عوضا عن ضخّ الأموال لإعادة إعمار القطاع أو لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي وصفتها بـ"الفاشلة"، يمكن "تمويل إعادة توطين" الغزّيين.

أما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش فكان أكثر تحديداً، إذ حصر عدد الفلسطينيين الذين يرغب ببقائهم في القطاع بين مائة ألف ومائتي ألف من أصل أكثر من مليونين. وطبعاً، موجة تطرّف كهذه لا يمكن أن يكون وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير غائباً عنها، وإن تفرغ في الأيام الأخيرة لمهاجمة أميركا، بسبب رفضها تصريحاته مع سموتريتش بشأن التهجير.

لا تخفي إسرائيل مخطّطاتها للقطاع، وهي تعمل يومياً على محاولة تطبيقها، لكن التسليم بأن ما تريده سيتحقق لا يعكس قراءة صحيحة للواقع على الأرض...

رغم هول المجازر التي تدخل شهرها الثالث من دون توقف، وتجاوز الشهداء 23 ألفاً والجرحى 57 ألفاً، ورغم حجم الدمار الواسع في شمال القطاع كما الجنوب، وانعدام المأوى للأهالي، فلا يجب إغفال حقيقة أنه عندما جرى التوافق على الهدنة أواخر نوفمبر الماضي، والتي أتاحت وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار وتبادلاً للمحتجزين، فإن أول ما قام به الأهالي هو محاولة العودة إلى منازلهم، ليس فقط لتفقّدها، بل اختار قسم منهم الإقامة فوق أنقاضها، بعدما أدركوا أنه لا يوجد أي مكان آمن في غزة برمتها.

ويومها، كانت الشهادات تؤكّد استخدام جيش الاحتلال الرصاص لترهيب الأهالي ومنعهم من العودة. وحتى الذين استمرّوا في النزوح، وباتوا يتخذون اليوم من مدينة رفح مستقراً لهم، يدركون جيداً أن هذه آخر محطة لهم، لأن ما بعد ذلك هو التهجير خارج القطاع.

وقبل اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت الثلاثاء الماضي، وفيما كانت النقاشات مستمرّة بشأن إمكانية التوصل إلى وقف جديد للنار، لم تغب عودة الأهالي النازحين في جنوب القطاع إلى الشمال عن المطالب التي وُضعت على الطاولة.

يؤكّد الفلسطينيون، منذ بدء العدوان الإسرائيلي، أن التمسّك بالأرض هو الخط الأحمر الذي لن يتم التهاون فيه، مهما بلغ حجم التوحّش الإسرائيلي. تؤكّد فاتورة الدم التي يدفعونها منذ ثلاثة أشهر ذلك.

وإذا كان إحباط مخطّط الاحتلال مرهون بالفلسطينيين فقط في ظل الخذلان الذي يتعرّضون له واكتفاء غالبية الدول بمشاهدة المجازر المرتكبة بحقّهم، فإن ذلك لا يعفي الدول التي تُسرّب إسرائيل أسماءها شريكة في مؤامرة التهجير من ضرورة المسارعة إلى التبرّؤ من أي دور مشبوه في هذه المخطّطات، وإلا فإن الصمت لن يفسّر إلا في خانة التواطؤ.

*جمانة فرحات كاتبة صحافية لبنانية

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين التهجير غزة المقاومة الاحتلال إسرائيل إبادة المجازر العقاب الجماعي بتسلئيل سموتريتش إيتمار بن غفير

إقرأ أيضاً:

غزة: أكثر الأماكن التي تضررت بها خيام النازحين في القطاع نتيجة الأمطار

أكد الدفاع المدني في غزة تعرض الخيام التي تؤوى آلاف النازحين في مناطق عديدة من القطاع صباح اليوم الأحد، إلى أضرار جسيمة بعد أن تدفقت مياه الأمطار بداخلها، ما أدى إلى تضرر واتلاف أمتعتهم وأفرشتهم. 

وفيما يلي نص التصريح كما وصل وكالة سوا:

تصريح صحفي صادر عن الدفاع المدني في غزة:

▪تعرضت الخيام التي تؤوى آلاف النازحين في مناطق عديدة من قطاع غزة صباح اليوم إلى أضرار جسيمة بعد أن تدفقت مياه الأمطار بداخلها، ما أدى إلى تضرر واتلاف أمتعتهم وأفرشتهم.

▪تركزت الحالات التي تضررت فيها خيام النازحين في كل من: مخيم إيواء ملعب اليرموك ومتنزه بلدية غزة ومنطقة مخيم الشاطئ والخيام المقامة في بعض المدارس، وكذلك في وسط وجنوب القطاع في وادي الدميثاء بالقرارة ومنطقة وادي السلقا ومحيط بركة حي الأمل وحرم جامعة الأقصى ومنطقة الشاكوش بمواصي رفح ومنطقة البركة وساحل البحر في دير البلح.
 
▪نوجه تساؤلات للعالم الإنساني وللمنظمات الدولية بأن خيام النازحين تعرضت لأضرار صباح اليوم بمجرد سقوط أمطار محدودة وخفيفة؛ فكيف الحال لو شهدت هذه الخيام أمطار غزيرة ومتواصلة؟ بالتأكيد أننا أمام مشهد إنساني كارثي إذا استمر النازحون في المخيمات على هذا الحال لاسيما في ظل تلف كثير من خيامهم وعدم صلاحها للإيواء.

▪نحذر بشدة بأن النازحين أمام مخاطر كبيرة حال تعرضت المناطق المنخفضة إلى غمر مياه الأمطار في ظل انسداد قنوات الصرف الصحي بفعل تدمير جيش الإحتلال الإسرائيلي للبنى التحتية في مناطق القطاع، والخشية أيضا من انهيار منازل ومباني ينزح فيها مواطنون هي غير صالحة للسكن وآيلة للسقوط بسبب تعرضها للقصف الإسرائيلي.

▪نناشد المجتمع الدولي الإنساني والأمم المتحدة بأن تتداعى لإنقاذ حياة النازحين الفلسطينيين في المخيمات بقطاع غزة قبل فوات الأوان، وأن تساعدهم وتمدهم بخيام وكرفانات إيواء للوقاية من أضرار فصل الستاء.

المصدر : وكالة سوا

مقالات مشابهة

  • غرفة تجارة عدن تبحث مع رجال الأعمال التحديات التي تواجه القطاع الخاص
  • حرب الإبادة.. إسرائيل تواصل عدوانها على غزة وغرق خيام «خان يونس»
  • الفقاعات.. مخطط إسرائيل الجديد لحكم قطاع غزة
  • تحليل الأعمال الفنية التي تتناول موضوعات الذاكرة والنسيان: تداخل بين الماضي والحاضر
  • حماس: الوضع الإنساني في غزة يتفاقم مع فظاعة ما تفعله إسرائيل
  • القطاع الخاص ينكمش في منطقة اليورو خلال شهر تشرين الثاني الماضي
  • القطاع الخاص ينكمش في منطقة اليورو خلال شهر نوفمبر الماضي
  • 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
  • غزة: أكثر الأماكن التي تضررت بها خيام النازحين في القطاع نتيجة الأمطار
  • إسرائيل تطبق الحصار على الخيام تمهيداً لاقتحامها ومقاومة عنيفة تواجهها