قبل أكثر من 3 أشهر، كان الفنان التشكيلي الفلسطيني يعبر عن كل ما يحدث في غزة بفرشاته، داخل ورشته الخاصة بوسط قطاع غزة، ومع بدء الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، اضطر لترك كل ما لديه بمنزله والنزوح إلى مرسمه الواقع بجوار مستشفى الشفاء الطبي كحال آلاف الغزيين، لكن يداه لم تتوقف عن رسم معاناة شعبه على ورق بسيط بدلا من «إسكتشاته»، إذ تحدت رسوماته قذائف الاحتلال الإسرائيلي.

رسومات الفنان التشكيلي الفلسطيني باسل المقوسي

«لوحاتي تتحدى قذائف الاحتلال، وأرسم دائمًا من أجل فلسطين، هنا ولدت، هنا عشت، وهنا فقدت بعض أفراد أسرتي، هنا ذكرياتي وهنا اعبر عن معاناتي ومعاناة أهلي»، بهذه الكلمات عبر الفنان التشكيلي الفلسطيني باسل المقوسي، عن معاناة أهالي غزة، مؤكدًا أن الاحتلال الإسرائيلي لن يوقفه عن التعبير عنها: «ما راح نستسلم، راح نرسم ونفضحهم».

لم يمنعه النزوح من رسم معاناة أهالي غزة، فداخل خيمة قماشية بأحد مخيمات اللاجئين جنوب مدينة رفح الفلسطينية، أمسك «المقوسي»، بفرشاته وأوراقه، محاولا تجسيد معاناة النازحين كما يعايشها معهم: «نزحنا من غزة إلى رفح، لكن هاد النزوح ما راح يمنعنا عن تجسيد معاناة أهالينا في غزة ورفح، نزحت وأسرتي من غزة إلى المرسم ثم إلى منزل أحد الأصدقاء في خانيونس، وأخيرًا في رفح».

الفنان التشكيلي الفلسطيني باسل المقوسي يتحدى الاحتلال

مشاهد النزوح الجماعي، كانت حاضرة في لوحات الفنان التشكيلي الفلسطيني، إذ عبر عنها فيس لوحاته داخل خيمته برفح: «راح نحكي ونعبر عن جرائم الاحتلال، راح نفضحهم بريشتنا ورسوماتنا، مشاهد النزوح كانت صعبة لهيك حبيت أعبر عنها، وبرسم حياة النازحين البائسة، هاي المشاهد أصبحت جزءا من ذاكرتي وحياتي».

لا يتمنى الفنان الفلسطيني سوى انتهاء الحرب وأن يعم السلام على أهل غزة الذين فقدوا الكثير من أقاربهم في الحرب، مثلما فقد هو بعضا من أسرته ولوحاته: «ياريت هاي الحرب تنتهي ونعود لمنازلنا، الحرب دمرت مرسمي شبابيك ولوحاتي مثلما دمرت كل أهل غزة».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أهل غزة الحرب على غزة الاحتلال الإسرائيلي

إقرأ أيضاً:

عائلة غريب .. 45 عامًا من الصمود الفلسطيني في وجه الإستيطان

غزة- مراسل «عُمان» - بهاء طباسي:

تعيش عائلة سعدات غريب، من قرية بيت إجزا شمال غرب مدينة القدس المحتلة، محاصرة في منزلها الذي يتوسط مستوطنة «جفعون حداشا»، بعد انتزاع أجزاء من أراضيهم، وسط مضايقات من الاحتلال، الذي يتحكم في بوابة منزلهم عن بعد، ويراقبهم باستخدام الكاميرات المنتشرة بكثرة في محيط المنزل.

يقع البيت الموروث عن المواطن الفلسطيني صبري غريب على مساحة 100 دونم قرب جدار الفصل العنصري الذي يفصل مدينة القدس عن الضفة الغربية، وهو ما يعزل أفراد العائلة عن محيطهم الطبيعي، بما في ذلك أماكن العمل، المدارس، والمرافق الصحية.

البيت، الذي يعيش فيه سعدات وزوجته ووالدته وأولاده الأربعة، محاصر تمامًا بجدار الفصل العنصري، أسلاك شائكة، كاميرات مراقبة تعمل على مدار الساعة، وبوابات إلكترونية تخضع لسيطرة الشرطة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من المستوطنات، تعلو تلة جبلية، وتكشف ستر المنزل، وفقًا لما رصدته جريدة «عُمان».

من الناحية الاقتصادية يعاني أفراد عائلة سعدات غريب من نقص فرص العمل، بسبب القيود المفروضة على الحركة. كما أن الزراعة، التي تُعتبر مصدر رزق رئيسي للعائلة، تأثرت بشكل كبير نتيجة لمصادرة الأراضي وإعاقة الوصول إلى الحقول الزراعية.

ومنذ أواخر سبعينيات القرن الماضي وحتى الآن تقاوم عائلة غريب مساعي المستوطنين وسلطات الاحتلال الرامية لتهجيرهم من بيتهم وأرضهم، حيث باتوا رمزًا للصمود الفلسطيني في وجه الاحتلال. وسط هذه الظروف القاسية، يحكي سعدات معاناة طويلة بدأت منذ عقود مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي يسعى بلا هوادة إلى السيطرة على الأرض ومحو معالم وجود عائلته.

عرض مغرٍ ورفض حازم

يعود سعدات بذاكرته إلى عام 1979، عندما حاول المستوطنون شراء المنزل والأراضي المحيطة به، وقوبلوا برفض والده (صبري غريب): «قدموا لنا عروضًا مالية خيالية، وكانوا مستعدين لدفع أي مبلغ نطلبه مقابل الحصول على قطعة صغيرة من الأرض. لكن والدي رفض بشكل قاطع».

يقول غريب خلال حديثه لـ«عُمان»: «هذا القرار الحاسم من الوالد مثّل بداية سلسلة طويلة من المضايقات».

منذ ذلك الحين، بدأ المستوطنون، بدعم من الجيش الإسرائيلي، بمحاولات مستمرة للاستيلاء على الأرض.

يوضح غريب: «في البداية، حاولوا السيطرة على 25 دونمًا، ثم توسعت مطالبهم لتشمل 40 دونمًا، خاصة وأن الأرض تقع في منطقة مرتفعة تشرف على المناطق المحيطة، مما يجعلها ذات أهمية استراتيجية».

اعتداءات متواصلة وعقود من المضايقات

لم يتوقف الاحتلال والمستوطنون عن محاولاتهم لانتزاع الأرض طوال الفترة الممتدة من 1979 وحتى 1993، لكنهم لم ينجحوا في ذلك.

يؤكد غريب: «رغم الضغوط الهائلة، لم يتمكنوا من مصادرة أي سنتيمتر من الأرض خلال تلك الفترة، وظلت القضية التي ينظرها القضاء الإسرائيلي حبيسة الأدراج».

لكن عام 1993 كان نقطة تحول، فبعد توقيع اتفاق أوسلو بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وفي العام 1995 قررت المحكمة الإسرائيلية تعليق النظر في القضية لحين تسوية ملف الأراضي في المناطق المصنفة «أ» و«ب» و«ج» بالضفة الغربية.

كان من المفترض أن يكون هذا التقسيم مؤقتًا، ويستمر لمدة 5 سنوات فقط حتى عام 1999، على أن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن القضايا العالقة (الحدود، القدس، اللاجئين).

لكن من الناحية الفعلية، استمر الاحتلال في توغلاته الاستيطانية بالأراضي الفلسطينية، بل زاد من سيطرتها على المنطقة (ج) من خلال بناء المستوطنات، هدم المنازل الفلسطينية، وفرض قيود مشددة على حركة الفلسطينيين واستخدام أراضيهم.

وبالنسبة لعائلة غريب، استغلت سلطات الاحتلال القرار، وبدأت في بناء مستوطنات على مساحة 40 دونمًا من أرض العائلة.

يقول غريب: «لم يكتفوا بذلك، بل جلبوا مستوطنين متطرفين ليسببوا لنا مشاكل يومية».

ويصيف: «لا يترددون في التعدي علينا لفظيًا وجسديًا. يسبون الدين، ويتعرون أمام النساء والأطفال، ويطلقون النيران على سيارتنا دون أي رادع».

تحول المعاناة إلى حصار كامل

في عام 2002، بدأت إسرائيل ببناء جدار الفصل العنصري، الذي أحاط منزل العائلة بالكامل. «كانوا يخططون لبناء الجدار بحرية، لذلك اعتقلوني أنا ووالدي وأخي، بينما تمكنت أمي من الهرب بصعوبة. احتجزونا حتى انتهوا من بناء الجدار»، يروي غريب.

وفي العام 2007، بعد الانتهاء من بناء الجدار العازل، نصب الاحتلال بوابة إلكترونية يتحكم في فتحها وإغلاقها مركز شرطة مستوطنة «جفعون حداشا».

يبين غريب: «لم يُسمح لأحد بالدخول سوى أبناء العائلة، الذين تظلُّ البوابة مغلقةً في وجوههم لثلاث أو أربع ساعات يوميًّا، بينما يُمنع أي أحد من زيارتهم إلا بتصريح مسبق».

«لمدة ثلاثة أشهر كاملة، استمرت سلطات الاحتلال في التحكم بالبوابة، التي لم تُفتح إلا بعد صدور قرار من محكمة إسرائيلية يؤكد أنها تخص عائلتنا ويجب أن تبقى مفتوحة على مدار الساعة»، يكمل غريب شهادته: «تلقيت عروضًا من سلطات الاحتلال بالهجرة إلى أي دولة أختارها، لكنني رفضت بكل تأكيد».

حرمان من الأرض والحرث

إلى جانب الحصار المفروض على البيت، مُنع سعدات من الوصول إلى 60 دونمًا من أرضه الواقعة خلف الجدار العنصري لمدة عامين كاملين. لكنه عندما تمكن أخيرًا من دخول الأرض في أكتوبر الماضي، فوجئ بأن الاحتلال قد أقام سياجًا على 20 دونمًا منها، لمنعه من استخدامها.

وبذلك تمكنت سلطات الاحتلال من منع عائلة غريب من ممارسة نشاط الزراعة، الذي يمثل دخلًا أساسيًا لهم.

يوضح سعدات أن «أرضه خلف جدار الفصل العنصري بحاجة للحراثة، وإذا لم يتمكن من زراعتها، ستعتبرها إسرائيل أرضًا مهجورة وتصادرها باعتبارها أملاك تخص الداخل الفلسطيني المحتل».

إحباط من السلطة الفلسطينية

المعاناة لم تكن محصورة في الاحتلال والمستوطنين، بل امتدت إلى المؤسسات الفلسطينية الرسمية.

يوضح أن لديه طلبين أساسيين؛ الأول هو «تخصيص محامٍ حكومي متخصص للدفاع عن قضية الأرض»، والثاني «هو تسهيل حراثة الأرض لمنع مصادرتها».

لكن بدلًا من الاستجابة، تعرض غريب لضغوط نفسية كبيرة، حتى اضطر إلى دخول المستشفى.

«لن نتنازل عن أرضنا»

رغم العقبات المستمرة، يصر سعدات غريب على مواصلة الدفاع عن أرضه: «هذه الأرض إرث والدي وأجدادي، ولن أسمح للاحتلال أو لأي جهة أخرى بالاستيلاء عليها. نحن هنا صامدون رغم كل شيء».

ويختتم شهادته قائلاً: «رسالتي إلى العالم وإلى كل مسؤول فلسطيني هي أن يقفوا معنا، لأن هذه القضية ليست قضية عائلة واحدة، بل قضية وطن بأكمله».

مقالات مشابهة

  • عيد بلا مظاهر.. بيت لحم تتحدى الحرب بحفاظها على روح الميلاد
  • معاناة الفلسطينيين في القائمة القصيرة للأوسكار
  • كتابات تتحدى الحرب: ثورة 19 ديسمبر او اين ذهب الوطن
  • تفاصيل معاناة بشير الديك من الإهمال داخل العناية المركزة
  • ارتفاع عدد ضحايا قصف منزل يؤوى نازحين فى دير البلح لـ12 شهيدا
  • استشهاد 6 في قصف إسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين بقطاع غزة
  • الاحتلال يقصف مدرسة تؤوي نازحين بغزة ويستهدف مستشفى كمال عدوان
  • "الحرب العالمية" .. جديد أبو على يوتيوب
  • عائلة غريب .. 45 عامًا من الصمود الفلسطيني في وجه الإستيطان
  • رئيس"الوطني الفلسطيني": مجزرة الاحتلال بحق عائلة في جباليا جريمة وحشية