أسباب رفع الفيتو عن بيع يوروفايتر تايفون إلى السعودية
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
يثير توقيت الإعلان الألماني ومكانه بشأن رفع الفيتو عن بيع مقاتلات "يوروفايتر تايفون" للسعودية تساؤلات عن الأسباب التي دفعت برلين لاتخاذ مثل هذه الخطوة "المفاجئة"، وهي التي كانت تضع لعدة سنوات مضت حواجز أمام إنجاز العقد المبرم، لعدة اعتبارات تتصدرها "قضايا حقوق الإنسان".
وفي تصريحات عقب لقاءاتها مع الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ ووزير الخارجية في إسرائيل يسرائيل كاتس، أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، الأحد، أن "برلين أصبحت مستعدة للسماح ببيع مقاتلات يوروفايتر للسعودية".
لم تشر بيربوك مباشرة إلى الأسباب التي دفعت بلادها الآن لرفع الفيتو، لكن العبارات التي أطلقتها في المقابل ألمحت إلى أن الخطوة ترتبط بـ"دور الرياض البنّاء في الأزمة الأمنية التي تشهدها المنطقة"، ومنذ هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر.
وتقود المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا برنامج "يوروفايتر" الذي يجمع شركات مصنعة هي "بي إيه إي سيستمز" و"إيرباص" و"ليوناردو"، وكان الحظر الذي فرضته برلين قد أثار منذ سنوات عدة غضب شركائها، وخاصة في لندن وباريس.
بيربوك أشارت إلى أن السعودية وإسرائيل "لم تتخليا عن سياسة التطبيع" بعد هجوم 7 أكتوبر، وأن اعتراض الرياض للصواريخ التي يطلقها الحوثيون "يؤكد على هذا ونحن ممتنون لذلك".
وبينما قالت إن استخدام القوات الجوية السعودية مقاتلات "يوروفايتر" في هذا الإطار هو أمر "لم يعد خافيا" في إشارة لإسقاط صواريخ الحوثيين، اعتبرت أن المملكة "تسهم بصورة حاسمة في أمن إسرائيل، حتى في هذه الأيام، وهي تساعد في احتواء خطر" نزاع إقليمي.
ما التقييمات داخل الرياض؟ولم تصدر أي تعليقات من جانب المسؤولين السعوديين بشأن الخطوة التي كشفت عنها بيربوك، ووصفتها أوساط ألمانية بـ"المفاجئة".
ومع ذلك يعتقد المحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي أن "رفع الحظر الألماني عن تصدير طائرات يوروفايتر يأتي استمرارا لتطور العلاقات السعودية – الألمانية، وكذلك العلاقات السعودية الأوروبية ومن ثم السعودية-الأميركية".
وكانت المملكة قد "بذلت جهودا دبلوماسية وسياسية في سبيل إحلال السلام في اليمن، وجمعت أطراف القتال على مائدة التفاوض تحت مظلة الأمم المتحدة"، وفق آل عاتي.
ويضيف في حديث لموقع "الحرة" أن التطور في الموقف الألماني "جاء كنتيجة حتمية لهذه الجهود وأخرى انعكست على الكثير من الأماكن والصراعات في العالم".
كما جاء بعدما "نجحت السعودية في نسج علاقات كبيرة مع روسيا والصين، واتجاهها إلى عدة خيارات على مستوى التعاون العسكري والسياسي".
المحلل السعودي أشار إلى زيارة وزير الدفاع، خالد بن سلمان الأخيرة إلى لندن وفرنسا، والحديث الذي دار في باريس عن طائرات "رافال"، وصولا إلى بحث فرص التعاون العسكري والدفاعي.
ويعتبر أن "الرياض أثبتت أنها قادرة على تنويع المدارس العسكرية، في سبيل الدفاع عن حدودها ومقدساتها ومكتسباتها"، ولذلك لا ينفصل الموقف الألماني عن هذا السياق، حسب قوله، وفي محاولة من برلين التراجع عن "خطأها الاستراتيجي".
ماذا عن ألمانيا؟وكانت ألمانيا قد جمّدت مبيعات الأسلحة للرياض منذ مقتل الصحفي، جمال خاشقجي، أواخر عام 2018 في عملية أنحت الاستخبارات الأميركية خصوصا باللائمة فيها على ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان.
وما سبق ألقى بظلاله على طلبية كبيرة لشراء 48 طائرة "يوروفايتر تايفون" تم توقيعها في لندن خلال زيارة للأمير السعودي قبل سنوات عدة.
وتمتلك السعودية أسطولا يضم أكثر من 70 طائرة "يوروفايتر".
وسبق أن قال المسؤولون في الرياض إنهم يريدون المزيد، وهددوا بشراء أنواع أخرى من المقاتلات في أماكن أخرى إذا لم يتم تلبية طلبهم، حسب ما أورد تقرير تحليلي لموقع "ديفينيس نيوز"، ونشر الاثنين.
الموقع نقل عن دان دارلنغ، محلل شؤون الدفاع في "فوركاست إنترناشيونال" إنه "مندهش من تغيير الزعماء الألمان لهجتهم".
وأضاف أن "الضغوط البريطانية على ألمانيا لحملها على رفع اعتراضاتها على التصدير، إلى جانب القليل من السياسة الواقعية الجديدة في برلين في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا يبدو أنها غيرت موقف الحكومة الحالية بشأن هذه المسألة".
وتعد السعودية واحدة من أكبر أسواق التصدير في العالم، وفق ريتشارد أبولافيا، المدير الإداري لشركة "AeroDynamic Advisory".
وبالنظر إلى التطورات الأخيرة، فإن "الحكومة الألمانية لديها بالتأكيد الأساس المنطقي لتغيير سياستها، حسب ما قال أبو لافيا لـ"ديفينس نيوز".
"عدة أسباب"ويعتبر العميد حسن الشهري، وهو خبير عسكري واستراتيجي سعودي، أن رفع ألمانيا لفيتو البيع جاء "بعد أن أدركت برلين خطأها الاستراتيجي وما قد يسبب لها من سوء السمعة حول العالم".
ويعتقد أيضا في حديث لموقع "الحرة" أن هناك أسبابا داخلية تقف وراء تغير الموقف الألماني، ويضاف إليها "ضغوط بريطانية وإسبانية وإيطالية، أي شركاء التصنيع في يوروفايتر تايفون".
ولا تتوقف الضغوط عند الحد المذكور، وفق المحلل العسكري بل ترتبط أيضا بـ"إيرباص"، التي لها مصالح كبيرة مع المملكة.
ويشير من جانب آخر إلى "وجود تنافس بين الدول الصناعية، وبات على أشده، بعدما أبدت المملكة رغبتها في شراء طائرات رافال من فرنسا".
ما أبرز خصائصها؟وتعتبر طائرة يوروفايتر تايفون من أكثر الطائرات القتالية الحديثة متعددة الأدوار تقدما وتطورا في العالم، وفقا لموقع "بي إيه إي سيستمز"، وموقع "يوروفايتر".
وتبلغ السرعة القصوى لها 2 ماخ، وأقصى ارتفاع يمكن أن تصل إليه هو 55,000 قدم، ويبلغ طولها نحو 16 مترا، وفقا لـ"يوروفايتر".
وتتميز هذه الطائرة بالقوة وسرعة الحركة والمرونة العالية، بالإضافة إلى القيام بهجمات جو-جو وهجمات جو- أرض في نفس الوقت، وفقا لـ"بي إيه إي سيستمز".
وتعطي طائرة تايفون القوات الجوية التي تستخدمها القدرة على القيام بمجموعة متنوعة من العمليات الجوية، بداية من عمليات السيطرة الجوية وحفظ الأمن، وصولا إلى المشاركة في النزاعات الحربية الشديدة، وكل ذلك بفضل مرونتها وقدرتها الاستثنائية على التكيف مع مختلف الظروف. كما تتمتع بقدرات قتالية عالية وتوفر قدرة عالية للطيار على النجاة من المخاطر، ومزودة بأجهزة استشعار متطورة.
وتايفون هي طائرة مرنة في جوهرها، ومصممة لتكون قابلة للتطوير والترقية باستمرار.
ويتم تطوير قدراتها باستمرار، ويشمل ذلك إضافة أسلحة مثل "سبير" و"مارتي إي آر" وأجهزة للاستشعار وإدارة المعلومات من تلبية المتطلبات التشغيلية المستقبلية والحفاظ على الجهوزية للتصدي للأخطار المستقبلية.
وفي حديثه لـ"الحرة" لم يستبعد المحلل السعودي الشهري "وجود أسباب دولية وإقليمية وراء رفع فيتو البيع من جانب ألمانيا".
وقد تكون مرتبطة بأوكرانيا والسلام في اليمن، فضلا عن تحسن العلاقات السعودية الإيرانية، و"حاجة الغرب للمملكة في ظل التغيرات المتسارعة في هذه المرحلة"، وفق قوله.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: یوروفایتر تایفون
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة الأزهر: الحوار الحضاري ليس فيه "حق الفيتو" الذي يستحل دماء الدول المستضعفة
أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن المؤتمر الذي تعقده كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر بعنوان: " الدعوة الإسلامية والحوار الحضاري رؤية واقعية استشرافية"، أحسنت الكلية في اختيار موضوعه، لافتًا إلى أن عنوان المؤتمر السابق كان: "نحو شراكة أزهرية في صناعة وعي فكري آمن رؤية واقعية استشرافية"؛ والقاسم المشترك بين المؤتمرين هو الحرصُ على تحديد آفاق الرؤية التي تضع عينا بصيرة على الواقع بهمومه وقضاياه وتضع العين الثانية على استشراف المستقبل لترمق ملامحه من بعيد، والنفوس شغوفة بما يكون في المستقبل تسترق السمع، تتحسس صورته التي ربما لا يمهلها الأجل لتراها رأي عين.
رئيس جامعة الأزهر يكرم خريجي الأزهر التايلانديينودعا رئيس جامعة الأزهر خلال كلمته بالمؤتمر اليوم الأحد إلى ضرورة أن يَعْمَلَ الإنسانُ في يومِه لما يُسْعِدُهُ في غده، مستشهدًا بمقولة سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا"، وأن التخطيط للمستقبل والسعي لما يحقق تقدم العباد والبلاد لتُتِمَّ الأجيالُ القادمةُ ما بدأته وتعبت فيه الأجيالُ المعاصرة لهو من أهم وسائل القوة والنجاح والتقدم والازدهار، وقد سبقتنا الأمم بإتقانها هذا التخطيطَ وإحسانِها رؤيةَ آفاق المستقبل التي تقوم على أسس قوية وأعمدة راسخة تؤسس للبناء عليها في المستقبل .
وفي حديثه عن الحور الحضاري، بيَّن رئيس جامعة الأزهر أن موقع الحوار من الدعوة الإسلامية كموقع الرأس من الجسد، ولا يصلح الجسد إلا بالرأس، وتاريخ الحوار موغلٌ في القدم، يعود إلى بَدْءِ خلق الإنسان، حين خلق الله تعالى سيدنا آدم عليه السلام وأمر الملائكة بالسجود له وأمر إبليس بالسجود له، فدار حوار بين الله جل جلاله وبين الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، كما جرى الحوار بينه سبحانه وبين إبليسَ أشقى خلقه، وبينه سبحانه وبين سيدِنا آدمَ وذريتِه الذين كرَّمَهُم الله جل وعلا وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا، وقص الذكر الحكيم هذه الحواراتِ في كثير من سور الكتاب العزيز، ولو شاء سبحانه لأمرهم جميعا فأتمروا، ونهاهم جميعا فانتهُوا، ولكنه جل وعلا يعلمنا أن نلزم الحوار سبيلا مع الأخيار والأشرار، لتتضح الحجة، ويَمِيزَ الحقُّ والباطل، ليحيا من حَيَّ عن بينة ويَهْلِكَ من هلك عن بينة . وهكذا يعلمنا الذكر الحكيم حتى لا نَغْفُلَ عن هذه الوسيلة الإقناعية.
بالحوار قامت السماوات والأرضوأوضح أنه بالحوار قامت السماوات والأرض فلم يقهرهما خالق القوى والقدر على طاعة أمره حين خلقهما، ولو قهرهما لخضعتا وذلتا، بل خيرهما وحاورهما وسجل ذلك في محكم التنزيل العزيز فقال سبحانه : " ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ( فصلت 11) . مضيفًا فضيلته أن الحوار هو منطق العقول الراشدة التي تسعى إلى الوصول إلى الصواب والسداد، في أناة وحيدة وإنصاف، بعيدا عن التشويش والضجيج الذي يملأ الأفق ويسد المسامع ويعصف بالحق.
وأكد أن الحوار الحضاري هو الحوار الصادق الذي يتغيا الحق والعدل والإنصاف، وليس فيه " حق الفيتو " الذي يغلب فيه صوت الفرد أصوات الجماعة، وكما قالوا "رأي الجماعة لا تشقى البلاد به رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها"، حق الفيتو الذي تستحل به الدولة العظمى القوية دماء الدول المستضعفة وتستبيح قتل رجالها ونسائها وأطفالها كما يحدث اليوم في غزة في حرب ضروس استشهد فيها أكثرُ من أربعين ألفِ شهيد، منهم أكثرُ من عشرة آلاف طفل لا تتجازو أعمارهم سن العاشرة، فضلا عن النساء والعجائز.
وتابع فضيلته أن هذا يحدث منذ سنة كاملة من الإبادة الجماعية التي تقوم بها آلة الدمار الصهيوني على مرأى ومسمع من العالم الذي طالما تغنى بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وأقام البرلمانات الدولية وتفاخر باعتمادها على حرية الرأي والحوار الحضاري واحترام العهود والمواثيق الدولية إلى آخر هذه العبارات الطنانة التي لا وجود لها عند التعامل مع المسلمين.
وأضاف أن لغة الحوار هي لغةُ العقل والمنطق، ولغةَ الحرب هي لغةُ السلاح والدمار، فيا عقلاء العالم : لماذا تركنا لغة السلام إلى لغةِ السلاح، ومنطقِ السلاح، ودمارِالسلاح، وإزهاقِ الأنفس والأرواح ؟
فهل يمكن أن نجتمع على كلمة سواء توقف هذا الدمار ؟ هل يمكن أن تصمت أصوات المدافع وتنطق أصوات الحوار الراشد بالدعوة إلى الاحتكام إلى العقل والمنطق والحكمة والسلام ؟
وقال رئيس جامعة: "إنني على يقين أن أمتنا الإسلامية إذا اتحدت واجتمعت كلمتُها فإن وَحدتها جديرةٌ بأن تُذْهِبَ " حق الفيتو " إلى غير رجعة، وتَرْكُمَه في مزبلة التاريخ ؛ لأنه حقٌّ قام على الظلم والجَور والعدوان، وليس له مثقالُ ذرة من وصف الحق الذي يحمل اسمه، فهو حق أُرِيدَبه باطل، وظلمٌ ينبغي حَذْفُهُ من جميع المواثيق الدولية، بل هو رِجْس ونَجَسٌ لا يغسل أدرانَه ماء البحر !!
وفي ختام كلمته، أعرب فضيلته عن تقدير جامعة الأزهر لهذه الجهودَ المخلصة التي يقوم بها فضيلة الإمام الأكبر الأستاذُ الدكتور أحمد الطيب شيخُ الأزهر الشريفِ حفظه الله تعالى في ملف مهم جد، ملفِّ " الحوار الإسلامي الإسلامي " الذي يسعى إلى جمع كلمة الأمة الإسلامية، وَلَمِّشملِها، ووحدةِ صفها ؛ حتى تكونَ لها رايةٌ مرفوعة، وكلمةٌ مسموعة، وتستردَ عافيتها وعزتها وكرامتها وتغسلَ عن وجهها المشرقِ وجسدِها النظيف أدرانَالفُرقة والتشتُّتِ والضَّعْفِ، وتعودَ أمةً واحدة كما أمر الله جل وعلا في قوله : " إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ " ( الأنبياء 92)، نقولُ لأشقائنا في العالم الإسلامي : أطفئوا نار الخلاف والشقاق والنزاع، وتذكروا أننا جميعا أمةٌ واحدة، وأن السهم الذي يصيب به أحدُنا أخاه يرتد في صدره ويصيبُه هو.