لم تتوصل التحقيقات المستمرة في اختراق امن المطار السيبيراني اول من امس بعد الى نتائج حاسمة تكشف الجهة التي تقف وراء الخرق ولو ان الشبهات تتركز على إسرائيل.
وعادت شاشات المغادرة والوصول إلى العمل بشكل طبيعي، بعد ظهر أمس.
وأعلن امس وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية في مؤتمر صحافي ان" المطار يعمل بشكل طبيعي، ولم يكن هناك اي مشكلة في ما خصّ الرحلات الجوية"، موضحاً ان "حوالي 70 في المئة من شاشات المطار باتت تعمل كالسابق ويُعمل على الأخرى بشكلٍ متتالٍ".

وقال: "اننا ادارة رسمية وعلينا تفعيل الامن السيبراني، وما حدث ليس له علاقة بأي إهمال، لقد حصلت بعض الأضرار والعمل جارٍ على تصحيحها". وأوضح ان"هناك اجراءات احترازية، فقد فصلنا الانترنت عن المطار وذلك لحصر الاضرار". ورداً على سؤال عن تحديد نوع الخرق، قال: "العمل جار مع الاجهزة الامنية المختصة، والاجابة ستكون خلال ايام لتحديد اذا كان الخرق داخلياً او خارجياً". واعلن ان "التحدّي اليوم هو أن نقوم بإجراءات جذرية وتأمين التمويل لها كي لا يتكرر ما حدث ونكون 99 في المئة في أمان"

وكتبت سابين عويس في" النهار": لا يمكن الاستخفاف أبداً بما تعرّض له المطار، ولا يمكن التقليل من اهميته، عبر اعتباره عملية قرصنة بسيطة، أو عبر التخفيف من حجمه على الحرب الدائرة بين الحزب وإسرائيل، نظراً إلى المخاطر التي تنطوي عليها مثل هذه العملية والرسائل الفعلية التي وجّهتها. وهي لا تقتصر على الأبعاد الخارجية أو ما ترغب إسرائيل في إيصاله إلى اللبنانيين من خلال مطارهم الدولي، الموجود جغرافياً وسياسياً ضمن نطاق نفوذ الحزب، بل ايضاً وربما بدرجة لا تقل اهمية، الأبعاد الداخلية التي تعكس حجم الفجوة كما الاهمال الرسمي المتعمَّد في التعامل مع مصالح اللبنانيين وسلامتهم وسلامة المسافرين.

فالعملية أثارت مجموعة من الملاحظات التي تجدر الاشارة اليها والتعامل معها بجدية تامة منعاً لانزلاق المطار، ومعه لبنان واللبنانيون، إلى مطارح خطيرة جداً تهدد الامن والاستقرار وحتى السلم الأهلي.

فالخرق الإلكتروني الذي تعرضت له شاشات الرحلات لا يمكن وضعه إلا في اطار رسالة تحذير وجّهها المقرصنون إلى الدولة، كما إلى الحزب، حيال القدرة على الاختراق والوصول إلى كل شيء. كان جزء من هذه الرسالة وصل في شكل امني عبر الاستهداف المركزي في عملية اغتيال القيادي في حركة "حماس" صالح العاروري في عقر دار الحزب، وبعملية اتسمت بتقنية عالية. لا تختلف عملية استهداف المطار الكترونياً عن تلك العملية من حيث التقنية، علماً ان الخرق السيبراني كما حصل، وفي ظل عدم وجود اي حماية للنظام العامل في المطار، كما في أي مؤسسة أو ادارة رسمية اخرى، يشكل مزحة امام عملية اغتيال العاروري، ويمكن أي هاوٍ ان يقوم بها. ليست المرة الاولى التي يشهد فيها لبنان عملية قرصنة. ويجدر التذكير هنا بقضية الرئيسة السابقة لمكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في قوى الامن الداخلي المقدم سوزان الحاج والمقرصن إيلي غبش، أو بالمقرصن خليل صحناوي الذي نجح عام 2018 في اختراق اكثر من مؤسسة مصرفية ورسمية حيث سجلت سرقة "داتا" الأحوال الشخصية في وزارة الداخلية، ما أتاح الوصول إلى الأجهزة الأمنية التابعة للوزارة، إضافة إلى قرصنة حركة المطار بعدما تم سحب "داتا" مديرية الطيران المدني فيه.

هذا التحذير يمكن اعتباره إنذارا مبكرا لما يمكن ان تذهب اليه أعمال القرصنة. فبالأمس كانت الشاشات وأحزمة الحقائب، ماذا لو استُهدفت اجهزة الطيران المدني مثلاً؟

في انتظار كشف المقرصنين، ورغم النفي الذي اصدرته ما يسمى جماعة "جنود الرب"، فإن ذكر هذه المجموعة في الكتابات يعزز الاعتقاد ان من يقف وراءها يهدف في شكل واضح إلى تحميل جهة داخلية مسؤولية العملية، والدفع نحو مواجهة داخلية وربما فتنة بين الافرقاء اللبنانيين، سيما وانه ترددت معلومات غير مؤكدة عن اجهزة امنية تشير إلى تقنيات عالية جداً في الخرق، من الصعب توافرها ربما في أيدي جهات لبنانية
في أي حال، وأياً تكن الخلفيات لعملية القرصنة، فإنه لا يمكن استبعاد فرضية تورط إسرائيل فيها، وهذا يؤكد ضرورة ان تكون الدولة بكل اجهزتها مدعوة إلى تحرك جدي، لكشف من يقف وراءها واهدافها، والتعامل معها بجدية عبر تعزيز امكانات الأجهزة في مكافحة القرصنة وضمان الامن الإلكتروني، من دون ان يعني ذلك في الموازاة، الاخذ في الاعتبار الرسالة الاسرائيلية بأن لبنان مكشوف امنياً، والحرب ليست بالضرورة حربا عسكرية إذ يمكن خوضها الكترونياً، خصوصاً ان حربا كهذه ليست متكافئة في ظل ضعف الدولة وضعف إمكاناتها في المواجهة والحماية.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: لا یمکن

إقرأ أيضاً:

ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟

تناولت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية العبرية التقارير الأجنبية عن "هجوم إسرائيلي مُخطط على إيران"، ونقلت تحليل معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بشأن تلك القضية، موضحة أن طهران تحاول إخفاء وضعها الاقتصادي البائس.

 

وقالت "غلوبس" تحت عنوان "الانهيار الاقتصادي الإيراني يشعل فتيل البرنامج النووي.. على الورق على الأقل"، إن التقارير الأجنبية بشأن النووي الإيراني أثارت استغراب الكثيرين في إسرائيل، وجاء في أحدها بصحيفة "ذا تلغراف" البريطانية، أن إيران رفعت مستوى التأهب في نظام الدفاع الجوي بمنشآتها النووية، خوفاً من هجوم إسرائييل أمريكي، مشيرة إلى أنه على الورق، يبدو توقيت مثل هذا الهجوم مثالياً من حيث الأمن الإقليمي، لأن حركة حماس الفلسطينية ضعفت بشكل كبير، وأصبح حزب الله في وضع حرج، وفي الوقت نفسه سقط نظام بشار الأسد في سوريا، وتعطلت سلاسل الإمداد الإيرانية بالأسلحة والأموال.
ونقلت عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أنه منطقياً وعسكرياً، هذا هو الوقت المناسب لضرب إيران، ولكن يبدو أن طهران تسيء تفسير نوايا إسرائيل التي لن تهاجم وحدها، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي يفرض عقوبات في وقت ينفتح فيه على المفاوضات مع طهران.

في أول تعليق له.. محمد جواد ظريف يكشف كواليس استقالتهhttps://t.co/jFwmRVqVik

— 24.ae (@20fourMedia) March 3, 2025  تأثير العقوبات الأمريكية

وتقول الصحيفة الإسرائيلية إن سياسة العقوبات التي ينتهجها دونالد ترامب تسير على قدم وساق، مشيرة إلى أنه قبل نشر تقرير "ذا تلغراف"، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على أكثر من 30 تاجراً ومشغلا لناقلات النفط وشركات الشحن المشاركة في أسطول الظل الذي يخدم صناعة النفط الإيرانية، وتشمل القائمة عقوبات على تجار النفط في عدد من الدول، بالإضافة إلى مدير شركة النفط الوطنية الإيرانية، ومديري ناقلات النفط من الصين.
وتحدثت الصحيفة عن تأثير عقوبات النفط على الوضع الاقتصادي في إيران، التي يعيش أكثر من ثلث سكانها تحت خط الفقر، في الوقت الذي يقدم النظام الإيراني أكثر من 10 آلاف دولار لأسر أعضاء حزب الله الذين أصيبوا في الحرب، فيما ظلت المكاتب الحكومية والبنوك والمدارس في 22 من محافظات إيران البالغ عددها 31 مغلقة اليوم الإثنين بسبب عدم توفر الكهرباء اللازمة لتشغيلها.


تقدم البرنامج النووي

وعلى النقيض تماماً من حالة الاقتصاد المحلي، فإن البرنامج النووي الإيراني أصبح الآن في أكثر مراحله تقدماً على الإطلاق، وفقاً لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ونقلت غلوبس عن المعهد أنه "من الممكن أن يكون هذا نابعاً من مصلحة داخلية في إيران لإظهار قدرتها على الصمود في الخارج، بعد التصريحات الإسرائيلية بشأن القضاء على الدفاع الجوي الإيراني، وليس من المستحيل أن يرغب النظام، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد، في إيصال رسالة مفادها أنه على الرغم من أن الوضع الداخلي رهيب، فإن التهديد الخارجي أعظم، كما كانت الحال خلال الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن العشرين".
في السياق ذاته، أجرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية حواراً مع بيني سباتي، الباحث البارز في برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، والذي عكس في حديثه صورة قاتمة عن إيران، مؤكداً أن الأزمة الحالية أكثر خطورة من الحرب الإيرانية العراقية.

هل يُسقط تعدين البيتكوين النظام الإيراني؟https://t.co/tepd2E95XR

— 24.ae (@20fourMedia) February 28, 2025  إقالة دون تأثير

وعلى الرغم من أن إقالة وزير الاقتصاد الإيراني عبد الناصر همتي تثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على التعامل مع الأزمة الاقتصادية المستمرة، إلا أن سباتي يقول إن هذه الإطاحة لن يكون لها أي تأثير تقريباً، وأن "حكومة هذا الرئيس لا تتخذ القرارات حقاً، ولا تتمتع بأي تأثير حقيقي، ولكن من يتمتع بتأثير حقيقي هو الزعيم، في إشارة للمرشد علي خامنئي، ومستشاريه، وغالبيتهم من الحرس الثوري.
وبحسب سباتي، فإن إشارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى أن الوضع الحالي أكثر خطورة من الحرب الإيرانية العراقية، تكشف عن الضعف الإيراني.
ورأى أن رفض خامنئي استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية يسبب أضراراً جسيمة، لأنه يحط من قدر الدولة الإيرانية والاقتصاد الإيراني، والمجتمع أيضاً، ويذهب بكل شيء نحو الهاوية على شكل كرة من الثلج.

مقالات مشابهة

  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • الرئيس اللبناني: أتطلع إلى المحادثات التي سأجريها مع الأمير محمد بن سلمان
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِيٌّ (2)
  • أمريكا: لا يمكن إنهاء الحرب في أوكرانيا دون مشاركة روسيا بالمفاوضات
  • تحذير.. عند بدء عملية الإعمار هذا ما سيحصل للدولار
  • عون إلى السعودية وجلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل واجتماع وزاري في المطار
  • أسرار نووية قرب لبنان .. مفاجآت عن قنبلة ووثائق خطيرة!
  • موسم التشرذم السياسي في السودان
  • إحباط عملية تهريب أموال من ايران عبر تركيا