#تشخيص_الأزمات ليس صعبا – #ماهر_أبوطير
البلد العربي الأكثر تأثرا بما يجري في غزة والضفة الغربية، وإذا كانت هذه الحالة لها أسباب كثيرة، فمن المهم معالجة حالة التأثر بوسائل مختلفة، حتى لا تتعمق هذه التأثيرات اكثر.
من حيث المبدأ سبب التأثر الاكبر يرتبط بالجوار مع فلسطين والتاريخ والجغرافيا والتداخل الأردني الفلسطيني، وادراك الأردنيين منسوب المخاطر التي قد تتدفق الى الأردن من اسرائيل، اضافة الى مشاعر الوطنية العالية التي يتسم بها الأردنيون، وارتباطهم بأمتهم وقوميتهم، ومع كل هذا طبيعة البنية الاجتماعية وتركيبتها والاتجاهات السياسية فيها، والمحددات التي تصوغ شخصيتها العامة، والتأثيرات المتبادلة داخل الأردن ذاته على مستويات مختلفة.
التأثر ينحصر بمحاور محددة، اولها حالة القلق الشديد بشأن المستقبل وعدم اليقين تجاه ما سيحدث غزة في ظل استمرار الحرب، والكلام عن سيناريوهات التهجير من الضفة وغير ذلك، وثانيها ما يرتبط بالحالة المعنوية المنخفضة جراء المذابح الاسرائيلية، والتي تركت اثرا ليس سهلا على الوجدان الأردني، وثالثها الارتداد الاقتصادي السيئ في ظل المخاوف السابقة، وحالة الانجماد وخفض الانفاق، وتأثيرات كل الازمة حتى على الملاحة في الاحمر، والسلع المستوردة الى الأردن، وتأجيل الافراد وربما بعض الشركات للمشاريع الشخصية اضافة الى خسارة الوظائف في بعض القطاعات، وموجات الغلاء المحتملة خلال الأشهر القليلة المقبلة وما يعنيه ذلك على صعيد استقرار الداخل، ورابعها ما يتعلق بسوء الفهم الذي يطل برأسه احيانا حول دور ونوايا الافراد او المجموعات وتعبيراتهم المتسرعة او المتعمدة تجاه مبدأ تثبيت استقرار الأردن، وحالة الشك ازاء دور البعض، واستعداده للمغامرة بالأردن بسبب حسابات معينة، وخامسها القلق من احتمالات تحول الحرب الى اقليمية بما يعنيه ذلك على كل دول المنطقة، وليس الأردن حصرا، وسادسها المؤشرات المتتالية التي يتم اعلانها على اساس الشفافية حول الوضع الداخلي وتتسبب بسلبية شديدة، في ظل غياب اي ايجابية في المحتوى السياسي والاعلامي بشكل عام، وسابعها تفشي الاشاعات بشكل غير مسبوق جراء وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل ثانية، والاستعداد الغريب لتصديق كل شيء مسيء، بما يؤشر في العمق على اهمية مراجعة منسوب الثقة بالدولة، خصوصا، في ظل استمرار الحملات من بعض الاطراف الداخلية، وبعض الجهات الخارجية، وثامنها المهددات الامنية المختلفة على الصعيد الداخلي، وعلى صعيد الحدود الشمالية والشرقية والغربية.
هذه محاور قد ينطبق بعضها على بعض الدول العربية، لكن بشكل منخفض جدا، لكنها في الأردن عميقة بطريقة واضحة، مما يجعلنا نسأل عن عام 2024، والحلول الواجب اتباعها من اجل ادامة موقف الأردن المساند لفلسطين، حيث لا مصلحة ابدا لأهل فلسطين في ان يضعف الأردن، او يتراجع، في الوقت الواجب فيه تنشيط الحياة في الأردن بشكل طبيعي قدر الامكان، من اجل حياته واهله ومستقبله ايضا، خصوصا، ان اغلب العرب ايضا يواصلون حياتهم كالمعتاد فيما تتعمق الآثار الحساسة هنا بشكل اعلى، واكثر حدة على كل المستويات.
الكلام هنا لا يعني أبدا إدارة الظهر لفلسطين وغزة والضفة الغربية والقدس، ولا التورط ايضا في الهواجس والمبالغات والاتهامات والشكوك، ويعني بشكل واضح ومحدد تخفيف اثار الازمة علينا، ومعالجتها على كافة المستويات، واسترداد الحياة في الأردن يعني حمايته، بما يعنيه لأهله من جهة، وبما يعنيه من اهمية بقائه مساندا فاعلا لفلسطين على المدى الاستراتيجي.
أن نترك الأردن ليضعف تدريجيا، ليس عملا صالحا بكل ما تعنيه الكلمة، حتى لو كانت النوايا حسنة، وكثيرا ما ادت النوايا الحسنة الى نتائج كارثية في عالم العرب ومشتقاتهم ايضا.
تشخيص الازمات ليس صعبا، لكننا بحاجة الآن الى حلول.
الغد
مقالات ذات صلةالمصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
نهيان بن مبارك يفتتح القمة العالمية لإدارة الطوارئ والأزمات 2025
افتتح معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، اليوم، أعمال القمة العالمية لإدارة الطوارئ والأزمات 2025، التي تنظمها الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث تحت رعاية كريمة من سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، مستشار الأمن الوطني.
وتستمر على مدار يومين تحت شعار «معاً نحو بناء مرونة عالمية»، بمشاركة دولية هي الأكبر في تاريخ القمة.
كما افتتح معاليه «معرض تقنيات إدارة الأزمات»، و«معرض جاهزية الأجيال»، واللذَين يتم تنظيمها بالتوازي مع أعمال القمة في مركز أدنيك أبوظبي، بحضور حشد من المسؤولين الحكوميين المحليين والدوليين وصناع القرار والخبراء والأكاديميين، وممثلين عن المنظمات الدولية والشركات التكنولوجية، فضلاً عن روّاد عالميين في مجالات إدارة الأزمات والطوارئ والكوارث والإغاثة الإنسانية.
وألقى معاليه الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان الكلمة الرئيسية للقمة بعنوان «الصمود العالمي: حماية أجيال المستقبل»، حيث قال: «يسرني أن أرحب بكم جميعاً في القمة العالمية لإدارة الطوارئ والأزمات 2025، والتي تنعقد بدافع نبيل يتمثل في إنقاذ الأرواح والحفاظ على سلامة الأفراد والمجتمعات».
وأضاف معاليه: «أتوجّه بخالص الشكر إلى سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم أبوظبي ومستشار الأمن الوطني، على رعايته الكريمة لهذه القمة، كما أشكر الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث على تنظيم هذا الحدث المهم، الذي يوفّر منصة دولية رفيعة المستوى للمختصين لتبادل الرؤى والمعارف وأفضل الممارسات في هذا المجال الحيوي».
وأكد معاليه أننا في دولة الإمارات نفتخر بفعالية وكفاءة استراتيجياتنا الوطنية في التعامل مع الكوارث، سواء كانت طبيعية أو من صنع الإنسان، وتعمل الهيئة بالتعاون مع الشركاء الوطنيين على وضع السياسات والأنظمة التي تضمن تنفيذ الخطط الوطنية على أعلى مستوى من الكفاءة».
وأشاد معاليه باستضافة أبوظبي لهذه القمة الدولية، مشيراً إلى أن دولة الإمارات حريصة على تمكين الأفراد والمؤسسات من تنمية معارفهم، وتحسين أدائهم، وبناء جسور التعاون الإقليمي والدولي، كما أكدت قيادة الدولة الرشيدة أن المجتمع المزدهر يقوم على دعائم الأمن والسلامة، كما أن الدعم المجتمعي الفاعل ضروري في أوقات الحاجة، ونحن نعتز بأن مجتمعنا في دولة الإمارات يتمتع بقدرة عالية على الاستجابة لاحتياجات أفراده.
وذكر أن هذه القمة تجسيد حي لالتزام الدولة بحماية الأرواح وتعزيز سلامة المجتمعات، ليس على المستوى المحلي فقط، بل في المنطقة والعالم أيضاً، مشيراً إلى أن المجتمع الناجح هو المجتمع الذي يُحسن الاستعداد لمواجهة التحديات، سواء كانت من صنع الإنسان أو من الطبيعة، فهذه القمة تساعدنا على فهم التهديدات المرتبطة بتغير المناخ، والأوبئة، والحروب، والمجاعات، والهجمات السيبرانية، والإرهاب، وغيرها من الأخطار، كما تتيح لنا تبني التقنيات الحديثة للتعامل معها، في إطار من التعاون الإقليمي والدولي.
وأكد معاليه على أهمية القيم الإنسانية مثل التسامح والتضامن الإنساني في مواجهة الأزمات، مضيفاً: «متفائل بقدرتنا الجماعية على تجاوز التحديات، وهذا ليس مجرد تفكير إيجابي، بل قناعة راسخة بأن النجاح في المستقبل يتطلب استجابات مبنية على القيم الإنسانية العليا».
واعتبر أنه من المشجّع أن نرى الدول حول العالم تتعلّم من تجارب غيرها الناجحة، وتسعى لبناء قدراتها في اتخاذ قرارات مدروسة وسريعة وفعّالة، بما يضمن الحفاظ على ثقة الشعوب ومشاركتها.
وقال معاليه: إن المرونة تمكّننا من التكيف مع المستقبل المتغير، وتعكس الطاقة الإيجابية الكامنة في كل فرد لإحداث فرق حقيقي في حياة الآخرين، موضحاً أن من أهم المهارات الإنسانية التي يجب تنميتها لمواجهة التحديات هي التواصل، والتنظيم، والحوار، وحل النزاعات، والتفاوض، وابتكار الفرص، والتعاطف، والعمل الجماعي، وكلها تسهم في تعزيز الصمود وبناء مجتمعات أكثر قدرة على التكيف.
واختتم معاليه كلمته قائلاً: «أجدد شكري لسمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان على دعمه اللامحدود لهذه القمة، كما أشكر جميع المشاركين على التزامهم النبيل في دعم المجتمعات وتطوير أنظمة الاستجابة، فلقد أتيحت لكم في هذه القمة فرصة فريدة لتشكيل أجندة فاعلة ومؤثرة في هذا المجال الحيوي، وأتمنى لكم كل النجاح والتوفيق».
أخبار ذات صلةمن جانبه، قال معالي علي سعيد النيادي، رئيس الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث: «تؤكد هذه القمة المكانة العالمية التي باتت تحتلها دولة الإمارات في مجال الاستجابة للطوارئ، انطلاقاً من رؤية قيادتنا الرشيدة والتي جعلت من الدولة نموذجاً متفرداً في استشراف المستقبل، والتخطيط الاستراتيجي، وبناء الشراكات الدولية».
وأضاف معاليه: «نحن نؤمن بأن التحديات العابرة للحدود تتطلب حلولاً عابرة للحدود، ونهجاً استشرافياً واستباقياً، ومن هنا يأتي تنظيم هذه القمة لتكون منصةً دولية لتوحيد الجهود، وتبادل المعارف والخبرات، وتحقيق التكامل بين مختلف مكونات منظومة الطوارئ والأزمات في العالم».
وشهد اليوم الأول من القمة انطلاق أعمال محور القدرات العالمية، حيث ألقى الدكتور سيف الظاهري، مدير مركز العمليات الوطني، كلمة بعنوان «فتح آفاق المستقبل»، شدد فيها على أهمية بناء أنظمة مرنة تدعم الابتكار وتعزز من استمرارية الخدمات الحيوية خلال الأزمات.
وأوضح، خلال الكلمة، أن استخدام الطائرات المسيّرة وذاتية القيادة في الاستجابة للكوارث سيزداد بمعدل 20 ضعفاً بحلول عام 2028، مشيراً إلى أن 70% من القرارات التي سيتم اتخاذها أثناء الطوارئ والأزمات والكوارث ستكون مدعومة بالذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030.
بدوره، ألقى معالي كمال الدين حيدروف، وزير حالات الطوارئ في أذربيجان، كلمة بعنوان «بناء أنظمة مرنة: تعزيز التعاون الدولي للاستعداد للأزمات»، تناول خلالها ضرورة بناء منظومات متكاملة للتعامل مع التحديات غير المتوقعة.
وشهدت الجلسة أيضاً مشاركة الدكتور فابيو تشيليلنو، رئيس دائرة الحماية المدنية الإيطالية، بمحاضرة بعنوان «مخاطر على تناغم: نهج قائم على المجتمع»، تطرق خلالها لدور المجتمعات المحلية في رفع الجاهزية العامة.
وألقى كارلوس توريس فيدال، مدير مركز الحوادث والطوارئ في الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، محاضرة بعنوان «ربط القدرات العالمية: قوة موحدة»، أكد فيها على ضرورة التنسيق بين المؤسسات والجهات العالمية لتحقيق استجابة موحدة وفعالة، وتم اختتام محور القدرات العالمية بجلسة نقاشية شملت جميع المتحدثين.
وتواصلت أعمال القمة من خلال محور تجسير الإمكانيات، الذي بدأ بكلمة افتتاحية ألقاها فهد بطي المهيري، مدير إدارة السلامة والوقاية في الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، تحت عنوان «السعي نحو مبادئ مشتركة»، وأوضح فيها أن إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث اليوم لم تعد مجرد استجابة للأحداث، بل رؤية استباقية ومسؤولية عالمية مشتركة لبناء مجتمعات أكثر قدرة على المرونة، مشيراً إلى أن التعاون الدولي يعتبر أمراً أساسياً للحد من المخاطر، وأن الأمن الحقيقي لا يكمن في امتلاك الموارد فقط، بل في كيفية تجسيرها وربطها ومشاركتها لصنع واقع أكثر أماناً للجميع.
وفي محاضرة حملت عنوان «تعزيز المرونة من خلال الابتكار والتعاون»، تناول بيت غينور، المدير السابق للوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ (FEMA)، أهمية القيادة الاستثنائية خلال الأزمات.
كما شارك كيليان كلاينشميدت، خبير في الشؤون الإنسانية والتنموية، بمحاضرة ملهمة بعنوان «من الأزمات إلى الفرص»، واختُتمت جلسات المحور بجلسة تحفيزية قدمها لارس سدمان، خبير عالمي في القيادة العالمية والتغيير، بعنوان «كسر الحواجز من أجل غدٍ أفضل».
ويتزامن مع انعقاد القمة تنظيم «معرض تقنيات إدارة الأزمات» ويتميز بكونه منصة دولية تجمع بين التقنية والمعرفة، حيث يستعرض أحدث أنظمة القيادة والتحكم الذكية، والتقنيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الضخمة، وتقنيات توليد الإنذارات المبكرة للكوارث الطبيعية والبيئية والصحية.
كما يأتي تنظيم «معرض جاهزية الأجيال»، انسجاماً مع إعلان عام 2025 «عام المجتمع»، ويهدف إلى بناء ثقافة مجتمعية متقدمة في التعامل مع الأزمات، عبر منصات تعليمية وتفاعلية موجهة للأطفال والشباب لتعزيز الوعي الوقائي، من خلال ورش عمل وسيناريوهات للطوارئ تحاكي الواقع وتغرس ثقافة الاستعداد المبكر.
المصدر: وام