قبل أربع وستون عاماً، وتحديداً في التاسع من يناير عام 1960، وضع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حجر الأساس لمشروع بناء السد العالي، وفي ظروف سياسية واقتصادية صعبة، تمثلت في رفض البنك الدولي والولايات المتحدة وبريطانيا تمويل عملية البناء، وما تعرضت له مصر من عدوان عسكري ثلاثي من دول إنجلترا وفرنسا وإسرائيل عام 1956، نستعرض أهم محطات بناء السد العالي.

كان السد العالي معركة للتحدي والبناء، فرغم تلك التحديات أصر المصريون على أهدافهم ورفضوا كل المؤامرات التي سعت لإجهاض تجربة مصر في التنمية والبناء والرخاء، ووقفوا بجانب القيادة السياسية، وبنوا السد كواحد من أهم تلك المشروعات بالعرق والصبر، وفي عام 1970 اكتمل البناء وتم افتتاحه رسمياً، لتبدأ مرحلة جني الثمار.

محطات بناء السد العالي كانت متعددة، كلاً منها حكاية تروى، بدأت عقب قيام ثورة 1952، حينما طلب المهندس المصري اليوناني الأصل أدريان دانينوس، لقاء مجلس قيادة الثورة وبعد محاولات التقى جمال عبد الناصر، وعرض عليه مشروع لبناء سد ضخم عند أسوان لحجز فيضان النيل وتخزين مياهه بشكل دائم، وتوليد طاقة كهربائية منه، ولاقت الفكرة ترحيباً شديداً، وأعقب ذلك التوجيه ببدء الدراسات الفنية في أكتوبر من نفس العام وقامت بها وزارة الأشغال العمومية، بمشاركة مجموعة منتقاة من أساتذة الجامعات، وخرجت الدراسات بفوائد عظيمة للمشروع.

شركتان هندسيتان من ألمانيا

وأكدت وزارة الموارد المائية والري، في تقرير يرصد «حكاية السد» أنه في أوائل 1954 تقدمت شركتان هندسيتان من ألمانيا بتصميم للمشروع، وقامت لجنة دولية بمراجعة التصميم، وأقرته في ديسمبر 1954، وجرى وضع مواصفات وشروط التنفيذ، وطلبت مصر من البنك الدولي تمويل المشروع، وبعد دراسات مستفيضة للمشروع أقر البنك الدولي جدوى المشروع فنيًا واقتصاديًا.

اتفاقية بين الاتحاد السوفييتي ومصر لإقراض القاهرة 400 مليون روبل روسي

وأضافت الوزارة، أنه رغم موافقة أمريكا وبريطانيا على تمويل المشروع من جانب البنك الدولي بتكلفة 1.3 مليار دولار، جاءت شروط «البنك» تعجيزية، فقد تحركت «لندن» لتحذر «واشنطن» من زيادة نفوذ الاتحاد السوفيتي في مصر، الأمر الذي آثار غضب «عبد الناصر» وقتها، ثم تطورت الأمور لتسحب الولايات المتحدة التمويل، وهو ما رد عليه عبد الناصر بتأميم قناة السويس، وفي 27 ديسمبر 1958، جرى توقيع اتفاقية بين الاتحاد السوفييتي ومصر، لإقراض مصر 400 مليون روبل روسي لتنفيذ المرحلة الأولى من السد، وفي مايو 1959 قام الخبراء السوفييت بمراجعة التصميمات.

توقيع اتفاقية توزيع مياه خزان السد بين مصر والسودان

وفي ديسمبر 1959، جرى توقيع اتفاقية توزيع مياه خزان السد بين مصر والسودان، وبدأ العمل في تنفيذ المرحلة الأولى بوضع حجر الأساس في التاسع من يناير عام 1960، وشملت حفر قناة التحويل والأنفاق وتبطينها بالخرسانة المسلحة، وصب أساسات محطة الكهرباء وبناء السد حتى منسوب 130 مترًا، وفي 27 أغسطس 1960 تم التوقيع على الاتفاقية الثانية مع الاتحاد السوفييتي، لإقراض مصر 500 مليون روبل إضافية لتمويل المرحلة الثانية من السد، وفي منتصف مايو 1964، تم تحويل مياه النهر إلى قناة التحويل والأنفاق وإغلاق مجرى النيل، والبدء في تخزين المياه بالبحيرة، وفي المرحلة الثانية جرى الاستمرار في بناء جسم السد حتى نهايته وإتمام بناء محطة الكهرباء وتركيب التوربينات وتشغيلها مع إقامة محطات المحولات وخطوط نقل الكهرباء، وفي أكتوبر عام 1967 انطلقت الشرارة الأولى من محطة كهرباء السد العالي وبدأ تخزين المياه بالكامل أمام السد العالي منذ 1968 وفي منتصف يوليو 1970 اكتمل المشروع، وفي 15 يناير1971 تم الاحتفال بافتتاح السد العالي بحضور الرئيس محمد أنور السادات ليبدأ السد العالي مد مصر بمياه منتظمة وطاقة كهربائية لم تنقطع يوماً.

حماية مصر من كوارث الجفاف والمجاعات 

وعددت هيئة السد العالي التابعة لوزارة الموارد المائية والري، فوائد المشروع وكان أبرزها؛ حماية مصر من كوارث الجفاف والمجاعات نتيجة للفيضانات المتعاقبة شحيحة الإيراد في الفترة من 1979 إلى 1987 حيث تم سحب ما يقرب من 70 مليار متر، مكعب من المخزون ببحيرة السد العالي، لتعويض العجز السنوي في الإيراد الطبيعي لنهر النيل، وحمي السد العالي مصر من أخطار الفيضانات العالية التي حدثت في الفترة من 1998 إلي 2002، فلولا وجود السد العالي لهلك الحرث والنسل وتكبدت الدولة نفقات طائلة في مقاومة هذه الفيضانات وإزالة آثارها المدمرة.

وقالت الهيئة، عن دور السد العالي في التنمية الزراعية والصناعية، إنه أسهم في استصلاح الأراضي وزيادة الرقعة الزراعية، وتحويل الري الحوضي إلي ري دائم وزيادة الإنتاج الزراعي، والتوسع في زراعة الأرز، وتوليد طاقة كهربائية تستخدم في إدارة المصانع وإنارة المدن والقري، وضمان التشغيل الكامل المنتظم لمحطة خزان أسوان بتوفير منسوب ثابت علي مدار السنة، وزيادة الثروة السمكية عن طريق بحيرة السد العالي، وتحسين الملاحة النهرية طوال العام.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: السد العالي جمال عبد الناصر بناء السد العالي مصر العدوان الثلاثي البنک الدولی عبد الناصر مصر من

إقرأ أيضاً:

وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكى بجنود بالذخيرة الحية

 شهد الفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكى بجنود الذى تنفذه إحدى وحدات الجيش الثالث الميدانى بإستخدام الذخيرة الحية ويستمر لعدة أيام، وذلك بحضور الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقادة الأفرع الرئيسية وعدد من المحافظين وأعضاء مجلسى النواب والشيوخ وعدد من قادة القوات المسلحة، والدارسين بالكليات والمعاهد العسكرية والإعلاميين.

وألقى اللواء أح هشام شندى قائد الجيش الثالث الميدانى كلمة أكد خلالها حرص رجال الجيش الثالث الميدانى على الوصول إلى أعلى معدلات الكفاءة والإستعداد القتالى بما يمكنهم من تنفيذ كافة المهام التى توكل إليهم بكفاءة وإقتدار وبذل الغالى والنفيس للحفاظ على أمن الوطن وسلامة أراضيه.

بدأت المرحلة بعرض ملخص الفكرة التكتيكية لمراحل المشروع وملخص الأعمال السابقة، كما تضمنت المرحلة الرئيسية إدارة أعمال القتال لتطوير الهجوم بمعاونة عناصر من القوات الجوية التى نفذت طلعات للإستطلاع والتأمين والمعاونة لدعم أعمال قتال القوات تحت ستر الوقاية المحققة لوسائل وأسلحة الدفاع الجوى ونيران المدفعية لإسكات وتدمير دفاعات العدو ووسائل نيرانه وعرقلة تقدم الإحتياطات وإرباك وتدمير مراكز القيادة والسيطرة المعادية، وتم دفع العناصر المدرعة والميكانيكية لإختراق الدفاعات المعادية والإشتباك معها وتدميرها بمعاونة الهيلوكوبتر المسلح وعناصر المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات للتصدى لهجمات العدو المضادة، كما قامت عناصر القوات الخاصة من المظلات والصاعقة بتنفيذ أعمال الإبرار والإغارة لتدمير الأهداف المكتشفة، كذلك تم دفع الأنساق الإدارية والطبية والتخصصية لرفع الكفاءة الفنية وإستكمال تنفيذ باقى المهام  .

ظهر خلال المشروع المهارات الميدانية والقتالية العالية لكافة الأسلحة والتخصصات المنفذة وقدرتهاعلى التعامل مع الأهداف الميدانية وإصابتها من الثبات والحركة، فضلًا عن الإحترافية فى إدارة أعمال القتال فى العمق وسرعة إكتشاف وتحديد الأهداف المعادية والتعامل معها فى الوقت والمكان المحددين.


وفى ختام المرحلة نقل الفريق أول عبد المجيد صقر تحيات وتقدير السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وإعتزازه بالجهود التى يبذلها رجال القوات المسلحة لتنفيذ كافة المهام المكلفين بها، وناقش عددًا من القادة والضباط المشاركين بالمشروع فى أسلوب تنفيذهم لمهامهم وكيفية إتخاذهم القرار لمواجهة المتغيرات المفاجئة أثناء إدارة العمليات.

وأشاد القائد العام للقوات المسلحة بالآداء المتميز والإستعداد القتالى العالى للعناصر المشاركة بالمشروع وتنفيذ المهام القتالية والنيرانية بدقة وكفاءة عالية، مؤكدًا أن القوات المسلحة بما تملكه من إمكانات وقدرات بمختلف تخصصاتها قادرة على حماية الوطن وصون مقدساته فى ظل ما تموج به المنطقة من تحديات راهنة، كما أشار إلى  أن ما تم تنفيذه من أنشطة ومهام  تدريبية خلال المشروع يقدم رسالة طمأنة للشعب المصرى العظيم على قواته المسلحة وإستعدادها القتالى الدائم لحماية الأمن القومى المصرى على كافة الإتجاهات الإستراتيجية.


وكان الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة قد شهد إحدى مراحل المشروع التى تضمنت تنفيذ أعمال القتال لإقتحام الحد الأمامى لدفاعات العدو بمعاونة القوات الجوية التى نفذت طلعات للإستطلاع والتأمين والمعاونة لدعم أعمال قتال القوات القائمة بالهجوم، وناقش عدد من القادة والضباط بالمشروع  فى أسلوب تخطيط وإدارة المهام وكيفية التعامل مع المواقف التكتيكية الطارئة التى يمكن التعرض لها أثنـاء تنفيذ مراحل المشروع.

مقالات مشابهة

  • محافظ حجة يطلع على مشروع تأهيل وتوسعة طريق المدخل الرئيسي
  • البنك الدولي: كل سكان غزة فقراء والتضخم عند 250 بالمئة
  • وزير التعليم العالي: مشروع التشغيل يعزز روح الولاء والانتماء لدى الطلاب
  • القوات المسلحة تنفذ مشروعًا تكتيكيًا بجنود وبالذخيرة الحية - فيديو
  • البنك الدولي يثمن دور الإمارات في تطوير الرؤية العربية للاقتصاد الرقمي
  • وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكى بجنود بالذخيرة الحية
  • بوركينا فاسو تتلقى 50 مليون دولار من البنك الدولي لتنمية قطاع الثروة الحيوانية
  • محافظ القليوبية يناقش استعدادات المرحلة الثانية بمبادرة «حياة كريمة»
  • وزير قطاع الأعمال يبحث مع وفد من البنك الدولي تعزيز التعاون المشترك
  • البنك الدولي: الأراضي الفلسطينية تقترب من السقوط الاقتصادي الحر