مسجد الصحابة بشرم الشيخ.. أيقونة معمارية ومركز ثقافي عالمي
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
أيقونة معمارية إسلامية تزين منطقة السوق التجاري القديم بشرم الشيخ، صرح كبير يخال إلى ذهنك بناؤه منذ آلاف السنين، فهو مزار سياحي يجذب السياح من مختلف الجنسيات لزيارته والتقاط الصور التذكارية، وصنف أكبر ثاني مسجد بعد مسجد المصطفى بشرم الشيخ، وحصل على جائزة أفضل ثاني مسجد في العمارة بعد مسجد سيدنا الحسين رضي الله عنه.
قال الشيخ أبو بكر إبراهيم، إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف المصرية وإمام مسجد الصحابة، إن المسجد يعيد إلى الأذهان والأنظار فن العمارة الإسلامية القديمة، ويظن زواره إنه بني من مئات السنين، ولكنه في حقيقة الأمر أفتتح في 2017، ويتكون من طابقين سفلي وعلوي على مساحه 3000 متر مربع، ويسع 3000 مصلي، ويبلغ ارتفاع صحنه الرئيسي 36 مترًا.
مواصفات المسجدوأضاف «إبراهيم» في تصريحات لـ«الوطن» أنه بالمسجد قبة رئيسية ارتفاعها 38 مترًا، والباب الرئيسي بين مأذنتين كل مأذنة تبلغ 78 مترا، ويوجد مصلي للسيدات يتسع لـ 300 سيدة، بجانب المباني الخدمية، والوحدات التجارية التي تعمل كوقف للمسجد.
مسجد الصحابة مركز ثقافي عالميوأشار إمام المسجد، إلى أنه ملحق به 3 طوابق، تضم مسجد إعداد للدعاة ومركز ثقافي إسلامي عالمي، ومكتبة عامة تخدم جميع الجنسيات تحتوي على كتب معتمدة من الشؤون الإسلامية، بلغات مختلفة ترفع المفاهيم المغلوطة عن الإسلام والمسلمين، وهو الهدف الأساسي من إنشاء المسجد، حتى يصل بالرسالة الأساسية للإسلام، وينشر المنهج الوسطي بدون مغالاة وتطرف، وشرح الإسلام ووساطته التي تحترم الأديان السماوية.
وأكد «إبراهيم» أن المسجد يضم أنشطه دعوية مختلفة بين مقارئ للقرآن الكريم، وبرامج تثقيفية للأطفال، حتى يجتمع الجميع على مائدة القرآن الكريم، وأيضا له دور مجتمعي من جمع الصكوك للطعام والأضاحي، مبينًا أن المسجد ينظم ندوات خارجية بالمدارس وقصور الثقافة ومراكز الشباب، يقوم عليها أئمة المسجد، الذين يسيرون على نهج الوسطية في الإسلام، النابعة من الأزهر الشريف.
قصة تشييد المسجدقال اللواء خالد فودة، محافظ جنوب سيناء لـ«الوطن» إنه جرى إنشاء المسجد بتكلفة 30 مليون جنيه، ووضع حجر الأساس يناير 2011، وأفتتح مارس 2017، وخطط للمسجد المهندس المصري فؤاد توفيق، الذي رفض أن يتقاضى أجرًا.
ومن جانبه، قال إسلام نبيل، رئيس هيئه تنشيط السياحة بجنوب سيناء، إن المسجد يوضع على قائمة السياحة الدينية بالمدينة، ويتوافد عليه الكثير من السياح لطرح الأسئلة التي تدور في أذهانهم عن الإسلام، فهو يلعب دور هام في تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام والمسلمين، ومن القوانين التي يحترمها السائح ويعتبرها احترامًا لتعاليم الدين الإسلامي، أنه خلال الزيارة تقوم النساء بتغطية شعورهن، والرجال يُمنعوا من دخول المسجد بالملابس القصيرة، ويحترموا التعليمات في عدم لمس المصحف إلا إذا كانوا مطهرين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: جنوب سيناء شرم الشيخ مسجد الصحابة مسجد الصحابة بشرم الشیخ
إقرأ أيضاً:
أيقونة الأدب اللاتيني.. وفاة أديب نوبل البيروفي ماريو فارغاس يوسا
توفي أمس الأحد الكاتب الإسباني-البيروفي ماريو فارغاس يوسا الحائز جائزة نوبل للآداب عن 89 عاما في العاصمة البيروفية ليما حيث كان يعيش منذ أشهر قليلة بعيدا عن الحياة العامة، على ما ذكرت عائلته في رسالة عبر منصة اكس.
ولد ماريو فارغاس يوسا في بيرو عام 1936 وأقام في بوليفيا وليما قبل أن ينتقل إلى إسبانيا لدراسة الآداب. كما عاش فترة معينة في باريس، وعدّ مدريد بلده، لكنه احتفظ بجنسيته ونفوذه في بيرو حيث كتب لصحف بيروفية عن الأحداث الراهنة وترجمت أعماله إلى أكثر من 20 لغة.
وجاء في رسالة كتبها نجله البكر ألفارو ووقعها شقيقه غونزالو وشقيقته مورغانا "بحزن عميق نعلن وفاة والدنا ماريو فارغاس يوسا في ليما بهدوء محاطا بعائلته".
وسرت في الأشهر الأخيرة شائعات كثيرة حول تدهور وضع الكاتب الصحي.
وقال نجله ألفارو في تشرين الأول/اكتوبر الماضي "شارف على التسعين وهو عمر ينبغي فيه التحفيف من نشاطاته" من دون أن يوضح وضع والده الصحي.
كان يوسا واحدا من بين 4 كتاب، وصفوا في القارة اللاتينية بأنهم الكبار، من بينهم الأرجنتيني خوليو كورتاثار، والمكسيكي كارلوس فوينتس، والكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، وأخيرا البيروفي ماريو فارغاس يوسا. وقد جاء صعودهم في تلك القارة، والانطلاق منها إلى بقية بلدان العالم، اعتبارا من بدايات الستينيات، بالتزامن مع ما بات يُعرف بطفرة الرواية التي شهدتها أميركا اللاتينية، وكان هؤلاء الأربعة، من بين أبرز ممثليها. في حين كان مجرد ذكر أسمائهم، يستدعي اسم خورخي لويس بورخيس، الكاتب الأرجنتيني الذي كان له الفضل، في تشكيل خريطة الأدب اللاتيني خلال القرن الـ20.
إعلانكانت رواية "حرب نهاية العالم" هي التي فتحت الطريق أمام فارغاس يوسا، الأمر الذي كان له أثر واضح في وصول جائزة نوبل إليه في عام 2010، تلك الرواية التي يزيد عدد صفحاتها المترجمة إلى العربية عن 700، يتناول فيها الكاتب أحداث الحرب الأهليّة، التي اندلعت في شمال البرازيل، أواخر القرن الـ19، ويروي فيها قصة حرب "كانودوس"، وكأنه يرسم لوحة جدارية مدهشة، ويستعرض فيها تطلعات الإنسان، في عالم لم تغادره تلك المفاهيم التي تتعلق بالمدينة الفاضلة.
كان يوسا قد بدأ حياته مثل عديد من مثقفي أميركا اللاتينية، متعاطفا مع أهداف اليسار، لكنه مع حلول الثمانينيات، أصبح يدعو بحماس لقيم التجارة الحرة والليبرالية السياسية. ولم يكتف بذلك، بل انتقل إلى مرحلة أخرى عندما شارك كمرشح رئاسي عن تيار يمين الوسط، في الانتخابات الرئاسية البيروفية التي جرت عام 1990، لكنه لم ينجح في حصد النجاح.
وفي أعقاب ذلك، واصل يوسا إبداء حماسه الشديد، وميله الواضح نحو اليمين، وعندها أعلن انضمامه في عام 2014، إلى جمعية مونت بيليرين، المعروفة باحتضانها لليبرالية الجديدة.
لم يكن يوسا كما بات معروفا عنه، يتردد في التصرف، إذا ما رأى أن الأمر يستوجب ذلك، وفي هذا الإطار يمكن تفسير تقدمه لترشح إلى منصب رئاسة بلاده. بعد أن بات مؤمنا أن من واجبه الأخلاقي أن يكون ناشطا فعّالا في الحياة العامة، واتخاذ موقف لشجب ما يصدر عن الحكومات الشمولية أينما وجدت.
كما يمكن في هذا الإطار، تفسير صعوده إلى خشبة المسرح، لأداء أحد الأدوار التمثيلية، بدافع ميله الشديد للتمثيل المسرحي.
منعطف فكريكانت أفكار يوسا قد تغيرت في أعقاب القراءات التي انشغل بها، والتي كانت لمفكرين كبار، من أمثال آدم سميث، وكارل بوبير، وأورتيغا إي غاسيت. وفي كتابه الذي أصدره تحت عنوان "نداء القبيلة"، أكد على ذلك، كما أنه كان قد عاش في فرنسا لمدة 7 سنوات، وتأثر خلالها بأفكار ألبير كامو، وفي عدة حوارات تناولت تلك الفترة، أكد يوسا أن إقامته في فرنسا، شكلت منعطفا جوهريا في حياته. كما أن انتقاله من الماركسية إلى الليبرالية، كان وراء تلك القطيعة التي حدثت في علاقته مع خوليو كورتاثار، وكارلوس فوينتس، وغابرييل غارثيا ماركيز.
من بعد هذا تحول الذي كانت لافتا في مسار فارغاس يوسا، راح يصف الزعيم الكوبي فيديل كاسترو بأنه دكتاتور، ويعتبر نظامه من أبشع الديكتاتوريات في أميركا اللّاتينيّة، في حين أن ماركيز وفوينتس وكورتاثار كانوا يعبرون في كل وقت، عن دعمهم التام لكاسترو ونظامه.
إعلانخلال ذلك، انتهت العلاقة الوثيقة بين يوسا وماركيز، بسبب ذلك الخلاف الشخصي الذي راح يتطور، إلى أن بلغ الحد الذي اندفع فيه الكاتب البيروفي إلى توجيه لكمة إلى وجه غارسيا ماركيز، وهو ما تسببت له بكدمة دكناء تحت العين اليسرى.
وقبل حدوث ذلك بوقت، كان فارغاس يوسا، قد تحدث في العاصمة الإسبانية مدريد، عن طبيعة العلاقة الشخصية والمهنية التي كانت تربطه بغارسيّا ماركيز، والتي بدأت بالتدهور بسبب اختلاف في المواقف السياسية التي تبناها كل منهما تجاه الثورة الكوبية، وانتهت تماما، إثر مواجهة حامية. وقعت في بهو قصر الفنون الجميلة في مدينة مكسيكو سيتي، عندما اقترب غارسيا ماركيز للترحيب بيوسا فاتحا له ساعديه، لكن فارغاس يوسا ومن دون أن ينبس بكلمة، سارع إلى توجيه لكمة قوية لوجه الكاتب الكولومبي.
قوة الأدبظل يوسا في كتاباته يواصل الاهتمام بإسقاط الماضي على الحاضر، فطبيعة الإنسان ثابتة دائما مهما بدت البيئة متحولة. وبجرد بسيط للشخصيات يمكن توضيح لعبة يوسا السياسية لإيصال رسائل معينة ضمن إطار أدبي، فهو يتحكم في الشخصيات، فيجعل منها فاعلا مؤثرا في الأحداث وناتجا عنها في الوقت ذاته.
وعندما تلقى سؤالا أثناء مقابلة أُجريت معه في عام 1990 عن الأسباب التي تدعوه للكتابة، سارع يوسا للقول "أكتب لأني غير سعيد. ولأن الكتابة طريقة لمحاربة التعاسة، كما أن قوة الأدب تكمن في أنه يسمح لنا بأن نحيا حيوات عديدة، وهذه واحدة من أعظم ميزاته.. إذ ينتشلنا من واقعنا ويجعلنا ندخل إلى عوالم رائعة، نعيش حيوات غنية بكل ما هو مثير، ونغوص مغامرات في عوالم غير عالمنا، ونحن نتقمص شخصيات كثيرة، نختبر نفسيات مختلفة وعقليات متباينة. إنه إغناء مذهل للحياة. لكن الأدب في الوقت ذاته ليس شيك ضمان على السعادة، بل العكس ما يحدث أحيانا، بطريقة ما، فهو يحولك إلى شخص حزين لأن من خلاله تفهم أن هناك حيوات أغنى من حياتك. فأنت تصبح واعيا بحقيقة أنك قليل الأهمية".
إعلانوفي حواره مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية، قال يوسا "نحن نؤلف روايات ليس فقط لنحكي واقعا موجودا بل لنغيره مضيفين له شيئا ما"، وتابع قائلا إن "الأدب هو يوتوبيا الواقع" فهو لا يحكي لنا واقعا متوارثا محققا، ودرسا تاريخيا أكاديميا، بل يفتش بدقة حاويا محترفا، على إسقاطات تجمع الماضي بالحاضر، في توليفة سردية، غالبا ما تخرج بنتائج تنعكس على المستقبل. مؤكدا أن "الأزمنة تمر على المواقف السياسية البليدة، لكن الرواية العظيمة تبقى مؤثرة وخالدة على مرّ الزمن”. مشددا على ضرورة أن على المرء أن يتقبل الحرية بوصفها عنصرا أساسيا للتمتع بثقافة غنية وإبداعية. ولا يمكن أن تُحبَس الثقافة، في سجن أخلاقي أو ديني أو لائق سياسي، إذ يجب أن ندافع عن الحرية. لأن الأعمال الأدبية العظيمة لم تكن أبدا لائقة من الناحية السياسية، وفي كثير من الحالات، كان الأدب يأتي في صدارة العديد من الأشياء التي بدت رهيبة في بادئ الأمر، ثم صارت مقبولة على اعتبار أنها تمثل طفرات وتقدما اجتماعيا وثقافيا.
وفي هذه المقابلة لخص يوسا مفهومه لعملية الكتابة، قائلا "أعتقد أن ما أحبه ليس الكتابة نفسها، بل إعادة الكتابة، الحذف والتصحيح.. وأعتقد أن ذلك، هو أكثر أجزاء العمل، إبداعية".
وانتُخِب الكاتب البيروفي الإسباني في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 عضوًا في الأكاديمية الفرنسية وهي هيئة حكومية تأسست عام 1634 لتطوير وتقعيد اللغة الفرنسية.
وليس فارغاس يوسا أول أجنبي يحصل على عضوية الأكاديمية الفرنسية، إذ سبقه إليها الأميركي جوليان غرين عام 1971، والكندي من أصل هاييتي داني لافريير عام 2013.
الخبرة والحكايةوتستند أعمال فارغاس يوسا إلى خبرته في الحياة في بيرو منذ أواخر أربعينيات القرن الماضي والتي توجت بخوضه لانتخابات الرئاسة عام 1990، لكنه خسر لصالح ألبرتو فوجيموري الذي اضطر في نهاية المطاف للفرار من البلاد وأدين بعد ذلك بعدة جرائم وكتب عن ذلك في مذكراته الصادرة عام 1993 بعنوان "السمكة في الماء"، وفي روايته "زمن البطل" استعرض فترة مراهقته في أكاديمية عسكرية في ليما.
إعلانومن خلال أكثر من 30 رواية ومسرحية ومقالا صحفيا، طوّر فارغاس يوسا أسلوب سرد الحكاية الواحدة من عدة أوجه يفصلها أحيانا المكان أو الزمان.
وتجاوزت أعماله الأشكال الأدبية المعروفة ووضعته في مكانة رفيعة بين أبناء جيله الذي قاد بعث الآداب في أميركا اللاتينية في الستينيات من القرن الماضي.
وباختلاف خبراته تنوعت كتاباته، فنوّع كثيرا في الأشكال والرؤى والموضوعات، وكانت روايته "شيطنة الطفلة المشاغبة" أولى محاولاته لكتابة قصة حب وأشيد بها باعتبارها من أفضل ما كتب في هذا النوع.