إلى جانب العدد الهائل من الضحايا الفلسطينيين الذين سقطوا جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، فقد خلفت الهجمات دمارا واسعا في البنية التحتية، وطالت أيضا المعالم التاريخية والصروح الأثرية، وأبرزها تلك التي تقع في البلدة القديمة بمدينة غزة.
تضم البلدة بين جنباتها ممرات «سوق الزاوية» العتيقة التي تلوح في نهايتها مئذنة «المسجد العمري» أكبر وأقدم جوامع القطاع وبجوارهما «سوق القيسارية» التاريخي للذهب، ويحيط بكل ذلك طرقات تعود بعض حجارتها إلى فترة الحكم العثماني للبلاد.


وليس بعيداً عن هذه المعالم تقع كنيسة القديس برفيريوس ويلاصقها «مسجد كاتب ولاية» اللذان ظلا لعقود طويلة رمزاً للتسامح الديني بين المسلمين والمسيحيين في غزة.
كل هذه المباني كنت تحتاج إلى أقل من ساعة واحدة فقط لزيارتها والانتقال عبرها إلى عمق تاريخ غزة الضارب في القدم.
لكنك الآن فقدت هذه الفرصة فالآليات العسكرية الإسرائيلية حولت البلدة القديمة إلى أكوام من الحجارة والرماد بعد أن اجتاحتها ضمن عملياتها البرية المتواصلة في القطاع منذ 27 أكتوبر الماضي.
مدخل بلدة غزة القديمة هو «ميدان فلسطين» كان قبل السابع من أكتوبر لا يخلو من الحياة، والمحلات التجارية فيه لا تغلق أبوابها حتى ساعة متأخرة قبيل منتصف الليل، ويتوسطه تمثال طائر «العنقاء» الذي يحلق من الرماد، وهو رمز لمدينة غزة.
اليوم تحول الميدان إلى ساحة مليئة بالدمار، وحجارة أرضيته القديمة دفنت أسفلها بفعل أعمال الحفر التي نفذتها الجرافات العسكرية الإسرائيلية لكل شارع وزقاق كانت تدخله.

سوق الزاوية
وبالاتجاه نحو الشرق من «ميدان فلسطين» المدمر سيكون أمامك «سوق الزاوية» أحد أشهر وأقدم أسواق مدينة غزة القديمة.
ويعتبر السوق امتدادا تاريخيا لـ»سوق القيسارية» الأثري، الذي يعود تأسيسه إلى العصر المملوكي ويعرف حاليا باسم «سوق الذهب».
لكن هذا السوق لم يعد كذلك، فغالبية المحالات التجارية فيه تم تدميرها بالقصف أو بالحرق على يد القوات الإسرائيلية.

سوق القيسارية
الاتجاه شرقاً سيكون خيارك أيضاً هذه المرة عبر شارع تنتشر على جانبه متاجر الملابس والأقمشة والأدوات المنزلية وغالبيتها مدمرة إما كلياً أو جزئياً أو طالتها حرائق قذائف الدبابات.
قبل أن تصل إلى نهاية الطريق ستدخل يساراً إلى مدخل «سوق القيسارية» المخصص لبيع الذهب والذي يعود للعهد المملوكي.
يقع هذا السوق في الحي الإسلامي في البلدة القديمة، وقد بُني في القرن الرابع عشر في عهد «دولة المماليك»، ويضم السوق 44 متجراً: 21 في الجهة الشمالية و23 بالجهة الجنوبية.
عبق التاريخ هذا كان قائماً في السوق لكن القذائف الإسرائيلية شوهته ودمرت غالبية محلاته، وبذلك فإن جولتك ستنتهي عند مدخل السوق إذ سيمنعك الدمار والخشية من انهيار سقف «القيسارية» من الدخول.

المسجد العمري
وإلى جوار مدخل «القيسارية» كان المسجد العمري، أقدم وأكبر مساجد قطاع غزة، يفتح بوابته الكبيرة للمصلين لكن هذه البوابة أغلقتها الآن حجارتها المدمرة.
وفي بداية ديسمبر الماضي، قصفت الطائرات الإسرائيلية مئذنة المسجد وباحته الخلفية وجزءا كبيرا من مبناه.
ويُعدّ «العمري» الذي أُسس قبل أكثر من 1400 عام ثالث أكبر مسجد في فلسطين بعد «الأقصى» في القدس، و»أحمد باشا الجزار» في عكا، ويوازيه بالمساحة «جامع المحمودية» في يافا، وفق مصادر فلسطينية.

المسجد والكنيسة
ما فعلته الآليات الإسرائيلية ببلدة غزة القديمة لم ينته هنا، فالجانب الجنوبي من البلدة فيه معالم تاريخية إسلامية ومسيحية جرى تدميرها.
في المدخل الشمالي لحي الزيتون على الكتف الجنوبي للبلدة القديمة كان هناك رمز للتعايش الإسلامي المسيحي في غزة «مسجد كاتب ولاية» الذي يشترك بجدار واحد مع كنيسة القديس «برفيريوس».
الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت الكنيسة الأهم في غزة ودمرت أجزاء واسعة منها، فيما قصفت الدبابات المسجد لتوقع أضراراً بالغة فيه.
وتعد كنيسة القديس برفيريوس التي يطلق عليها أيضا اسم «كنيسة المقبرة» حيث تحيط بها مقبرة مسيحية، من أقدم كنائس العالم، وتعرف محليا باسم «كنيسة الروم الأرثوذكس».

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطاع غزة الضحايا الفلسطينيين التدمير الإسرائيلي كنيسة القديس برفيريوس البلدة القدیمة

إقرأ أيضاً:

كنيسة في غزة تتحول إلى مستشفى لعلاج مصابي العدوان الإسرائيلي (صور)

يعد تسعة أشهر من العدوان الوحشي على قطاع غزة، حوَل قساوسة كنيسة القديس فيليب في مدينة غزة كنيستهم إلى عيادة طبية.

وكانت هذه الكنيسة قبل الحرب بمثابة ملاذ يتعبد فيه أعضاء المجتمع المسيحي الصغير في القطاع.

وتصطف أسرّة بجانب جدران حجرية شاحبة تحت سقف مقبب، بينما يتولى أطباء رعاية المرضى الذين لا يجدون مكانا في المستشفى الأهلي العربي الذي تديره الكنيسة الأنجليكانية والذي يعاني، كغيره من المرافق الطبية الأخرى المتبقية في غزة، من ضغوط شديدة بسبب زيادة الطلب على خدماته.

وقال القس منذر إسحاق وهو يرتدي قميصا أسود “المصليات داخل المستشفيات وبالتحديد في المستشفى الإنجيلي العربي، مكان الصلاة اللي كان مخصص للصلاة، طبعا تم تحويله إلى عيادة لعدم توفر أماكن. اليوم إحنا الأولوية هي إنقاذ حياة كل إنسان نستطيع إنقاذ حياته".

وأضاف لوكالة "رويترز": "فبالتالي المستشفى الإنجيلي العربي، شأنه شأن جميع المستشفيات، يقوم بكل الجهود الممكنة ضمن المقومات المحدودة جدا المتوفرة للمستشفيات والعيادات في غزة”.

ووقف رجل بجانب سرير أحد المرضى المسنين للتهوية عليه بقطعة ورق مقوى يمسكها بيده. وكان المريض المسن واضعا قناع أكسجين على فمه.

وتبدو الصلبان منحوتة على جدران قاعة الصلاة سابقا في عيادة القديس فيليب الواقعة في نفس مجمع المستشفى الأهلي العربي التابع للكنيسة الأنجليكانية أيضا.

وقال الطبيب محمد الشيخ، الذي يعمل بعيادة كنيسة القديس فيليب، “طبعا من بداية افتتاحنا للمستشفى المعمداني، طبعا لا يوجد أماكن لإدخال المرضى إلى الأقسام فاضطررنا إلى جعل (تحويل) هذا المكان الذي هو مكان لعبادة المسيحيين هنا في غزة إلى قسم مبيت للباطنة، وأيضا لنقص المستلزمات استخدمنا كراسي العبادة كأسرّة للمرضى”.

وأدى العدد الكبير من المصابين جراء الصراع إلى تفاقم المرض المتفشي وسوء التغذية بين 90 في المئة من سكان غزة الذين تقول الأمم المتحدة إنهم أصبحوا بلا مأوى، مما يشكل ضغطا هائلا على النظام الصحي في القطاع.

كما أدى العدوان إلى توقف العديد من المستشفيات والمرافق الصحية الأخرى عن العمل، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، وتسببت في نقص كبير في الإمدادات الطبية اللازمة.

وقال أبو محمد أبو سمرة الذي يرافق والدته المريضة التي تتلقى العلاج في عيادة القديس فيليب “في هذه الكنيسة اللي خرجت عن دورها العبادة، الآن هي لدور التمريض ودور الاستشفاء، ونتلقى فيها يعني أدنى خدمة طبية بما هو متوفر الآن في شمال غزة، يعني أدنى خدمة بما هو متاح من متطلبات للمريض في شمال غزة، وهذا إن دل على شيء بيدل يعني على التلاحم بين المسلمين والمسيحيين في قطاع غزة”.

يشار إلى أن العدوان الوحشي على قطاع غزة أدى إلى استشهاد 38 ألف فلسطيني، جلهم من النساء والأطفال.









مقالات مشابهة

  • الاحتلال يمنع المصلين من دخول المسجد الأقصى
  • كنيسة في غزة تتحول إلى مستشفى لعلاج مصابي العدوان الإسرائيلي
  • المتاحف الخاصة بالحدود الشمالية توثق تاريخ المنطقة وتربط الأبناء بجيل أبائهم وأجدادهم
  • في ذكرى انضمامها إلى التراث العالمي.. تعرف على تاريخ جرائم الاحتلال في الخليل والمسجد الإبراهيمي
  • كنيسة في غزة تتحول إلى مستشفى لعلاج مصابي العدوان الإسرائيلي (صور)
  • تكرس كنيسة الأنبا صرابامون.. أحداث من ذاكرة التاريخ القبطي
  • اشتباكات مسلحة بين مقاومين وقوات الاحتلال في نابلس – فيديو
  • «القاهرة الإخبارية»: الاحتلال يقتحم محيط البلدة القديمة في قلقيلية بالضفة الغربية
  • تفاصيل اجتماع الأرثوذكس في كنيسة العذراء بالفكرية
  • العدو الصهيوني يدمر مسجد “ابن عثمان” ثاني أكبر المساجد التاريخية بغزة