منذ أن وطأت أقدام الصهاينة أرض فلسطين وهم يمارسون الإجرام يوميا على مرأى ومسمع العالم أجمع وبشكل معتاد ولا يتغير في المحصلة إلا الأرقام للشهداء والضحايا، وقبل السابع من أكتوبر وهو ما اختارته حركة حماس الحرب على الاعتداءات الصهيونية المتكررة واليومية على المسجد الأقصى، سواء بتدنيس أماكن العبادة أو بالاعتداء على المصلين وعلى النساء والأطفال والشيوخ، شاهد العالم أجمع جنود المارينز الإسرائيلي يركلون امرأة على الأرض، سقطت دفعا من بقية الجنود- وقالها اليهود – إن هذا الاعتداء سيكون ثمنه باهظا، وحينما تحركت (حماس) للرد ثارت الدنيا وقامت ولم تقعد لأن حماس أرادت الانتصار للمظلومين.
السابع من أكتوبر
إسرائيل “الكيان الصهيوني” لا تحارب بجيشها ولا بإعلامها ولا بكذبها وطغيانها وفجورها فحسب، بل يحارب معها الحلف (الصليبي الصهيوني) جنوداً مخلصين وساسة مخضرمين في الكذب وتزييف الحقائق، وإعلاما مشوها ومشوشا لكل حق وناصرا ومؤيدا لكل باطل وإجرام، أسلحة إسرائيل منهم وتمويلها وجيشها ومخابراتها منهم وكل ما يمكن أن يحتاجه الصهاينة سياسيا واقتصاديا وعسكريا واستخباراتيا، بلا حدود، فوجود إسرائيل من وجودهم وهزيمتها هزيمتهم وانهيارهم شرقا وغربا شمالا وجنوبا، فالكل يخطب ودها ويمدها بما تحتاج ولو على حساب شعوبهم.
وإلى جانب ذلك الجيوش العربية وجيوش الدول الإسلامية وكذلك القيادات والزعامات، باستثناء القلة القليلة، كموقف اليمن قيادة وحكومة وشعباً وفعاليات سياسية واجتماعية.
لقد مر المشروع الصهيوني بثلاث مراحل، كل واحدة تمهد للأخرى وفي حلقات متواصلة من التسلسل الزمني والإطاري ولكن ضمن الهدف الأكبر وهو وجود الكيان الصهيوني واستمراره وهيمنته واستعلاؤه على بقية المكونات الوطنية العربية والإسلامية.
أولى المراحل: إيجاد الفكرة وغرس الإيمان بها، ولم يكن هناك أي بديل آخر سوى اليهود- لأن الاستعمار الصليبي الذي استولى مدة على أرض العرب والإسلام بدأ يفقد سيطرته وسطوته بعد أن ثارت الأمم وشكلت حركات تحرر قومية، ووطنية فكان هناك الشعار (اعطاء وطن ، لشعب بلا وطن)، فاليهود هم رأس الحربة بعد هزيمة القوى الاستعمارية وانهيار المنظومة الاستيطانية الرافعة لشعار الصليب سواء في الجزائر أو ليبيا أو سوريا أو غيرها من البلدان العربية والإسلامية، فالفكرة ولدت من أفكار الاستمرار في السيطرة على المقدرات والاستئثار بها، ولا يمكن ذلك إلا إذا كانت هناك كيانات قطرية متناحرة فيما بينها وكيان موحد مدعوم من القوى الاستعمارية القديمة والحديثة.
والمرحلة الثانية هي: تسليم أرض فلسطين وإحلال اليهود، وهنا لا بد من تكامل جهود الخيانات العربية والإسلامية للقضية وتكامل الجهود للدول الاستعمارية مما يؤدي إلى تحطيم الإرادة المقاومة والاستسلام للواقع، ما أوجد أرضية صالحة للتقسيم وكل كيان يرتضي بما لديه ابتداء، ويقنع بما بقي (الفلسطينيين) لكن ذلك لن يكون سوى مرحلة التقاط أنفاس للصهاينة واستعداد للمزيد من الاستيلاء والاحتلال، وهو ما تم فعلا في تالي الأيام والسنوات، فلم يكن هناك سوى شجب واستنكار، وتوسع استيلاء للأراضي وطرد لأهلنا في فلسطين، لقد ظل الكيان الصهيوني يتوسع ويتفوق على غيره من الأنظمة بفعل الدعم والإسناد الغربي اللا محدود، وهنا تأتي المرحلة الثالثة”: صفقة القرن حيث خطط لها بإتقان محكم فوكلاء الاستعمار والخونة والعملاء يتكفلون بتحجيم حركات الاستقلال والتحرر ويقضون عليها بمساعدة المخابرات الصهيونية والصليبية، ويضمنون إمداد الصهاينة بالثروات العربية، ومن قبلهم ضمان مصالح الاستعمار الجديد بوجهه الصهيوني القائم على أساطير التفوق والهيمنة، وتنتقل أعباء المشروع من أولويات الدول الغربية إلى الدول العربية، ويتفرغ الغرب وخاصة أمريكا لإدارة الصراع مع القوى المتنافسة روسيا بوجهها الجديد، والصين وغيرهما من القوى، وهو ما صرح به أحد أهم راسمي السياسة الأمريكية يهودي الأصل حينما صرح بأنه على أمريكا أن تتوقف عن دعم الكيان الصهيوني، وأن تأخذ المبادرة في إصلاح علاقتها بالأنظمة العربية، لأنها ستحتاجها في مواجهة الصين العملاق الذي سيكون له حضور مؤثر في النظام العالمي في المستقبل القريب، ولا يستطيع أن يصمد أمامه غير العالم الإسلامي، لكن أمريكا لن تستطيع أن تمارس الخيار أو تترك الميدان إذا كان الكيان الصهيوني كطرف حتى لو كان ذلك على حساب مصالح أمريكا وعلاقاتها.
اليمن نموذجاً مشرفاً
وقف بعض الزعامات العربية فأدان الضحية، وآخر اكتفى بإدانة الضحية والجلاد، وأسفر الموقف اليمني عن إحساس بالمسؤولية الدينية والقومية والوطنية، فدعم نضال وكفاح الشعب الفلسطيني واجب ديني ووطني وقومي على كل مسلم وكل من يقول لا إله إلا الله، واليمن شعب الإيمان والحكمة قالها أبناء اليمن، وأعادت التفكير بالقضية الفلسطينية ومظلوميتها المسيرة القرآنية بزعامة القائد الشهيد حسين بن بدر الدين الحوثي، وكررها وأعادها السيد العلم عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، (لستم وحدكم، نحن معكم) وكان الشعار دليلاً على حمل الأمانة لمواجهة الطاغوت واستئصال الغدة السرطانية، تعجب البعض لماذا يرفع شعار كهذا في وطن كاليمن، وأثبتت الأيام صدق التوجه وصوابية الرؤية، فالخلاص يكمن في إزالة من وجد لحراسة الفرقة والشتات، وعلى رأس ذلك الصهاينة والأمريكان لأنهما وجهان لعملة واحدة، وإلا ما الذي يدفع أمريكا لأن تنتقل كل هيئاتها السياسية والعسكرية إلى أرض فلسطين حينما داهمها الخطر وأحست بضربات الانتقام من أبطال المقاومة، أما صهاينة العرب والخونة فإن الأحداث قد عرت وجوههم وكشفت سوءاتهم أمام الشعوب العربية والإسلامية والرأي العام العالمي، حتى أنه بدأ يتساءل هل هؤلاء حكام للعرب والمسلمين أم خدام لليهود والنصارى وقتلة الأطفال والمساكين؟
وختاماً وليس آخرا (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) الأنفال الآية (30).
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
بلغة الأرقام والميدان: أمريكا فشلت في ردع اليمن خلال 6 أسابيع من العدوان
في خطاب الخميس الأسبوعي، كشف السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي عن ست عشرة عملية عسكرية نفذتها القوات المسلحة اليمنية خلال الأسبوع المنصرم، سبع باتجاه عمق العدو الإسرائيلي آخرها حتى كتابة هذا المقال، عمليتان باتجاه يافا وحيفا المحتلتين، توازيها تسع عمليات اشتباك استمر بعضها لساعات بين القوات اليمنية وقوات البحرية الأمريكية ممثلة بحاملتَي الطائرات “هاري ترومان” و”كارل فينسون” والقطع الحربية المرافقة لهما، وكشف ساخراً أن حاملة الطائرات “فينسون” التي وصلت مؤخراً إلى أقاصي البحر العربي، باتت تتدرب على الهرب”.
وكان السيد القائد قد كشف في خطاب الخميس قبل الماضي -أي بعد مرور شهر على العدوان الأمريكي -عن 78 عملية نفذتها القوات المسلحة اليمنية باتجاه العمق الفلسطيني المحتل، وضمن التصدي للعدوان الأمريكي في البحر، وبهذا نكون أمام 94 عملية عسكرية يمنية في البحر وعمق العدو الإسرائيلي، بمعدل يتراوح بين عمليتين إلى ثلاث كل يوم.
هذه العمليات ليست مجرد أرقام استعراضية، إذ إن هذه الحصيلة تحمل كثيراً من المعاني والدلالات والرسائل على مستويات عدة، وتجيب عن كثير من التساؤلات في ما يخصّ القدرات، والإرادة والقرار على المستوى اليمني. وفي المقابل، عن جدوى حملة الضغوط الأمريكية العدوانية القصوى التي تجاوزت 1200 غارة وقصف بحري على المستوى العسكري، إضافة إلى ما سبق من قرارات سياسية كيدية بالتصنيف بالإرهاب، وما صاحبها من عقوبات اقتصادية، وعقاب جماعي للشعب اليمني وآخرها استهداف ميناء رأس عيسى النفطي الذي يمثل شرياناً حيوياً لأكثر من 80% من سكان اليمن يتجاوز عددهم 30 مليون نسمة.
كيف استطاع اليمن الصمود والتصدي للعدوان الأمريكي؟
على المستوى الوطني، فإن استمرار العمليات اليمنية في التصدي للعدوان الأمريكي المساند لـ “إسرائيل” واستمرارها أيضاً في إسناد غزة وبهذا التصاعد الملحوظ ( 94 عملية خلال 40 يوماً) يعكس حكمة القيادة في إدارة المعركة، وإدارة القدرات، وتجسد صلابة استثنائية في المضي في قرار الإسناد لغزة والتصدي للعدوان الأمريكي مهما بلغت التحديات ومن دون تراجع، وهذا الأمر يمثل ترجمة عملية لما سبق، وأكد عليه السيد عبد الملك والرئيس مهدي المشاط، والقوات المسلحة اليمنية في أكثر من خطاب وبيان بأنه “لا يمكن التراجع قيد أنملة” و”وقف العمليات اليمنية”، ما لم يتوقف العدوان والحصار على غزة، هذا أولاً.
ثانياً، على مستوى القدرات والتطوير: إن تصاعد العمليات اليمنية الإسنادية والدفاعية في البر والبحر والجو، يؤكد حقيقة أن القدرات اليمنية لم تتضرر نتيجة الضربات الأمريكية المكثفة في جولتها العدوانية الثانية كما لم تتضرر في الجولة العدوانية الأولى، بدليل أن العمليات اليمنية نفذت بأكثر من 205 ما بين صاروخ فرط صوتي وباليستي ومجنّح وطائرة مسيّرة، خلال أربعين يوماً فقط حتى تاريخ كتابة هذا المقال وفق أرقام رسمية قدمها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي الخميس الماضي وقبل الماضي، هذا الرقم يؤكد أن المخزون الاستراتيجي لليمن لم يتأثر، وأن قدراته لا تزال بألف خير، ويعني في المقابل فشل الأمريكي في الحدّ من قدرات اليمن أو التأثير عليها.
إن استمرار العدوان الأمريكي وطول أمده يمكّن اليمن من تطوير قدراته أكثر، وامتلاك تقنيات أسلحة أكثر تطوراً ودقة، وسبق أن كشف الرئيس مهدي المشاط خلال الاجتماع الاستثنائي لمجلس الدفاع الوطني أن القوات المسلحة استطاعت في ظرف قياسي أن تتجاوز منظومة الاعتراض الأمريكية “الكهرومغناطيسية” التي كانت واشنطن تخوّف بها الصين وروسيا، وبالفعل وصلت صواريخ اليمن مجدداً إلى حيفا المحتلة في خطوة شكّلت مفاجأة للكيان الصهيوني، وتم تحييد “ترومان” منذ بداية المعركة، وبات اليمن يملك قدرة الكشف عن “طائرة B2» الأمريكية. وتمكنت الدفاعات الجوية من إسقاط 7 طائرات MQ9 في عهد ترامب، وتكبيد البنتاغون خسارة تقدر بـ 210 ملايين دولار، وهي أكبر خسارة له في الحملة العدوانية وفق وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، مضاف إليها 14 طائرة استطلاع مسلحة خلال الجولة العدوانية السابقة في فترة بايدن، ليبلغ العدد الإجمالي لطائرات MQ9 التي أسقطها اليمن 22 طائرة، وهذه الحصيلة تعد سابقة لا نظير لها في تاريخ الحروب وباعتراف خبراء ومحللين أمريكيين.
الأمر الثالث: أثبتت القدرات اليمنية قدرة عالية على التكيف مع كل موجات العدوان، وتفادي الخسائر لتكون في الحدود الدنيا، وأثبتت أيضاً قدرة عالية على التكتيك، والتطوير والإبداع.
الأمر الرابع، أظهر الشعب اليمني بخروجه المليوني كل أسبوع وصموده الأسطوري، قدرة عالية على التكيف والصمود، وتجاوز الصدمة والضغوط العسكرية والاقتصادية وغيرها، وتبخرت أمام وعيه وبصيرته وصلابته كل حملات الترويع والتخويف والتضليل، ومثل عاملاً مهماً في نجاح المعركة على مدى عشر سنوات، منذ 2015 وإلى اليوم ونحن في العام 2025، ومن يكذب هذه الحقيقة عليه أن يتابع تصريحات المتظاهرين على امتداد الساحة الوطنية، وتصريحات جرحى العدوان الأمريكي، وأقارب الشهداء عقب كل جريمة يرتكبها العدو الأمريكي، ليدرك أن العدوان لا يزيد الشعب إلا سخطاً وكراهية لأمريكا، وإصراراً على مواجهتها، والتفافاً حول القيادة والقوات المسلحة.
ما الذي حققته إدارة ترامب؟
من الواضح أن أمريكا واصلت عدوانها من الجو والبحر خلال ستة أسابيع، لكنها لم تحقق أهدافها ولا تزال تبدد أموال دافعي الضرائب وتحرق أوراقها وسمعة سلاحها، في معركة إسنادها لـ “إسرائيل”، ومن دون أي مقابل. وهنا، من المهم أن نلفت إلى خسائرها على المستوى المالي، إذ لامست، وفق تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، 2 مليار دولار، وباتت واشنطن وفقاً للصحيفة نفسها أمام خيارات صعبة بين الاستمرار في نزيف الخسائر من دون طائل، وبين الانسحاب وبالتالي الهزيمة. وباعتقادي أن النتيجة ستكون الهزيمة في كلا الخيارين، مع أن الانسحاب أفضل لناحية أنه سيوفر على واشنطن نزيف مزيد من الخسائر بلا طائل، خصوصاً أنها تقاتل بالنيابة عن “إسرائيل” من دون مقابل.
المسألة الثانية، أن إدارة ترامب أمام مأزق قانوني، ذلك أنها تجاوزت القانون والدستور الأمريكي وذهبت في قرار العدوان على اليمن وإسناد “إسرائيل” من الرجوع إلى المؤسسات التشريعية في أمريكا، وباتت تحت المساءلة القانونية ورسالة ترامب إلى الكونغرس مؤخراً تعكس هذا المأزق، وسيسأل عن الأموال التي بددتها في حرب بلا جدوى، وحرب لم يكن لها أي مبرر، ولم يكن هناك أي تهديد يمني لمصالح أمريكا لولا أنها اعتدت على اليمن، وحاولت منع موقفه الأخلاقي لوقف الإبادة والتجويع في غزة.
المسألة الرابعة، أن الإدارة الأمريكية تعيش حالة من الفشل والتخبط، وبات كثير من المراقبين يجمعون على فشلها في تحقيق الأهداف والعناوين التي رفعتها إدارة ترامب، ويتأكد لغالبيتهم بمن فيهم أمريكيون، أن الحملة العدوانية جاءت في الأساس استجابة لأزمة ملاحة العدو الإسرائيلي في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، واستجابة لنداء استغاثة إسرائيلية، خصوصاً أن الحملة منذ البداية تزامنت بعد أن قرر اليمن استئناف حظر الملاحة الإسرائيلية عبر منطقة العمليات المعلنة، رداً على الجولة التصعيدية الثانية للعدو الإسرائيلي على قطاع غزة بدعم وضوء أخضر من إدارة ترامب.
كما أن إدارة ترامب التي حددت -بناء على وهم القوة والردع – هامشاً زمنياً ضيقاً لحملتها العدوانية على اليمن، قد لا يتجاوز “أسابيع”، باتت اليوم بعد مرور أربعين يوماً، مطوّقة أكثر من أي وقت مضى بأسئلة ومساءلات صحفية وقانونية ملحّة ومحرجة عن أسباب العدوان على اليمن، وشرعية وقانونية اتخاذ قرار الحرب على اليمن، وأفقه ونتائجه؟ حتى إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كثير من لقاءاته العلنية وتصريحاته لم يعد يتطرق إلى اليمن، لأنه لا يملك إجابة مقنعة وصورة نصر يمكن تقديمها للرأي العام الأمريكي.
وفيما يستمر العدوان الأمريكي على اليمن، تتصاعد الخسائر ونفقات الحرب المرتبطة بتشغيل وتحريك حاملات الطائرات من المحيط الهادئ، وإرسال قاذفات الـ B2 الاستراتيجية من المحيط الهندي، وإطلاق صواريخ الاعتراض التي تتراوح كلفتها بين 1-4 مليون دولار، وخسارة 7 طائرات MQ9 بقيمة 210 ملايين دولار. وبموازاة هذه الخسائر، تتعاظم المخاوف من استنزاف ذخائر البنتاجون الاستراتيجية عالية الكلفة، قليلة المخزون، قد تحتاجها واشنطن في أي حرب مقبلة مع الصين.
ترامب نفسه في تناقض عجيب على المستوى الشخصي، ففيما يدّعي أنه “رجل سلام” ويسعى للحصول على “جائزة نوبل للسلام”، فإنه يدعم ويشجع العدو الإسرائيلي على مواصلة جرائم الإبادة والتجويع في غزة، ويعلن عدواناً غاشماً وغير مبرر على اليمن على خلفية الموقف اليمني الإنساني الأخلاقي المساند لغزة والمطالب بوقف الحصار والتجويع وجرائم الإبادة والتهجير لسكانها. إن سلوك ترامب في دعم الإبادة الصهيونية لسكان غزة، وعدوانه على اليمن يثبت أن “تصريحاته جوفاء”، كما عبّر عن ذلك عدد من أعضاء مجلس الشيوخ في رسالتهم إلى وزير الحرب هيغسث يطالبون بإيضاحات عن عشرات المدنيين أزهقت أرواحهم في العدوان الأمريكي على اليمن.
ما لا يمكن إنكاره من الإنجازات الأمريكية في الحملة العدوانية على اليمن، أنها ضاعفت رصيدها الإجرامي الحافل، بقتلها عمال ميناء رأس عيسى ومسعفيهم، واستهدافها ميناءً مدنياً يمثل مصالح الشعب اليمني، واستهدفت سوقاً شعبية في العاصمة صنعاء، وأحياء سكنية وأعياناً مدنية، ووسعت بجرائمها دائرة السخط على امتداد الجغرافيا اليمنية. وفي المحصلة، لن تجني أكثر مما جنته إدارة بايدن التي عيرتها بالفشل، وعلى أمريكا بدلاً من الضغط العدواني والعبثي على اليمن، أن تضغط على “إسرائيل” ومفتاح الحل في غزة، بوقف العدوان ورفع الحصار عنها، وإلا فإن العمليات اليمنية في إسناد غزة والتصدي للعدوان الأمريكي لن تتوقف، وهذا موقف اليمنيين، قيادة وشعباً وقوات مسلحة، ولا تراجع عنه مهما بلغ العدوان وطال أمده.