شبكة انباء العراق:
2025-03-28@22:04:20 GMT

الشعرُ الشعبي.. شعرُ الأُمّيين فعلاً ..!

تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT

بقلم فالح حسون الدراجي ..

مرة، أراد أحد القراء أن يشتمني، فقال عني : ( يا شاعر شعبي ) !! فكتبت له تعليقاً قلت فيه: (صدقت .. وشكراً جزيلاً) !!

تذكرت هذا التعليق، وأنا أقرأ اليوم اتهاماً مماثلاً ألحقه أحد (المتثاقفين) بشاعر شعبي عراقي، قائلاً له بغباء : (أنت شاعر أمي، وجماعتك أميون، والشعر الشعبي أمي مثلك).

. !! لذلك وجدت من المهم والضروري أن أؤيد وأؤكد هذه (التهمة) المشرفة، وأقول لهذا، ولذاك، ولكل من يرغب بتبني هذه (الشتيمة):

نعم ، الشعر الشعبي شعر أمي، كتبه ويكتبه شعراء أميون أمثال مظفر النواب وسعدي يوسف وعبد الوهاب البياتي (الذي أطلعني في جلسة ثنائية جمعتني به عام 1997 في گاليري الفينيق في عمان، على قصيدة شعبية بغدادية كتبها دون أن ينشرها أو يعلن عنها)، و كريم العراقي وگزار حنتوش وجواد الحطاب وكاظم إسماعيل الگاطع وعريان السيد خلف، وشاكر السماوي وذياب گزار، وعلي الشباني وطارق ياسين وعزيز السماوي، وأسماء عراقية لامعة أخرى ارتكبت (خطيئة) الشعر الشعبي، ولضيق مساحة المقال، لن أذكر هذه الأسماء ولا بعضاً من منجزها الشعبي، رغم توفر الكثير من هذا المنجز، سواء أكان قصيدة شعبية، أو نصاً غنائياً، أو أبوذية حتى.

وعدا النواب والبياتي وسعدي يوسف وعشرات الشعراء (الأميين)، فإن ثمة شعراء أميين آخرين انتشروا بابداعهم في مساحات الوطن العربي امثال أمير الشعراء أحمد شوقي، الذي كتب باللهجة العامية المصرية أكثر من قصيدة ونص..

وهنا يرى الدكتور حماسة عبد اللطيف، أستاذ الأدب العربي وعضو لجنة الشعر ( أن الذي دفع أمير الشعراء للكتابة بالعامية هو حبه الكبير لمحمد عبد الوهاب، فما كتبه الأمير غناه عبد الوهاب).

غير أن عامية شوقي يراها حماسة (فصحى بسيطة ومبسطة)، ويتساءل هنا قائلاً: (لماذا ينبذ المثقفون العامية؟ فالفصحى لها مجال والعامية لها مجال والغناء هو الشائع والأكثر انتشاراً وقبولاً بين الناس).

هنا ينتهي قول الدكتور حماسة عبد اللطيف، ولم ينته القول عن الشعر الشعبي أبداً .. لذلك يتوجب على من يتحدث عن الشعر الشعبي أو (العامي) كما يسمى في بعض الدول العربية، أن يمر على اسم الشاعر المصري الكبير أحمد رامي، والشاعرين الفذين أحمد فؤاد نجم، وعبد الرحمن الأبنودي، والشاعر الكبير مرسي جميل عزيز .. والشاعر التونسي – المصري بيرم التونسي، والشاعر اللبناني الفذ طلال حيدر الذي كتب للأميرة فيروز رائعة : (وَحدُن بيبقوا متل زهر البيلسان) وغيرها .. وكذلك المرور على الشعراء الكويتيين أمثال: الشهيد فائق عبد الجليل وحمود البغيلي وعبد اللطيف البناي وغيرهم .. وطبعاً فإن الضرورة تحتم علينا أن نستذكر كبار الشعراء الشعبيين في السعودية والإمارات والأردن وسوريا والمغرب والسودان وغيرهم من الشعراء الشعبيين العرب، لكن ماذا نفعل ومساحة المقال محدودة ؟..

إن الشعر الشعبي (أمي) ، والشعراء الشعبيين أميون فعلاً، بدليل حصول عشرات الشعراء الشعبيين على شهادات الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس، واشتغال العديد منهم أساتذة ومحاضرين في أرقى الجامعات العالمية، فضلاً عن ازدحام مؤسسات الثقافة والفنون والإعلام العربية بأسماء فاعلة ومهمة في مختلف حقولها العلمية والفنية، ناهيك من إشغال الكثير منهم مهامّ قيادية ثقافية وأكاديمية عليا في دول المهجر والمنفى ! ألم أقل لكم إن الشعر الشعبي (أمي)، وإن الشعراء الشعبيين (أميون) جداً .. جداً ؟!

& – نشرت في جريدة ( صوت الشعب) التي صدرت عن مهرجان الأدباء الشعبيين العرب المنعقد في بغداد

فالح حسون الدراجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الشعر الشعبی

إقرأ أيضاً:

قصائد مختارة.. من أشعار رسول حمزاتوف

من قرأ كتاب (داغستان بلدي) لرسول حمزاتوف (1923- 2003م) أدرك أثر اللغة الساحرة التي خُطَّ بها الكتاب، والاشتغال الراقي الذي ترك أثره على القارئ بعد قراءته للكتاب. ورسول حمزاتوف كاتب وشاعر داغستاني تُرجمت أعماله إلى العديد من اللغات، ولعل أشهرها کتاب (داغستان بلدي) وأشعار كثيرة أخرى كتبها في مسيرته الكتابية الممتدة لعقود من الزمن.

وفي معرض أشعار رسول حمزاتوف تُطلُّ علينا مجموعة قصائد مترجمة إلى العربية بعنوان: (قصائد مختارة من أشعار رسول حمزاتوف) ترجمها إلى العربية الدكتور مسوّح مسوّح ونشرتها دار الفارابي في طبعتها الأولى عام ٢٠١٦. تصدَّرتْ الكتابَ كلمةٌ مختصرةٌ للشاعر نفسه تناول فيها حديثاً سريعاً وعابراً عن داغستان وعن الشعر وعلاقة الأدب بالسياسة، وعلاقة الأديب بالحياة التي يعيشها، يقول حمزاتوف فيه: "إننا لسنا ببغوات من حديقة الحيوانات في بيتي. إننا بشر لحماً ودماً، وواجبنا نحن الأدباء أن نروي للبشر عن الحياة والموت بكل ما لدينا من الأساليب والطرائق والمهارة والفن". (ص١٠)، ويقول أيضاً: "وعلينا نحن رجال الأدب والفن أن نكون أطباء للحياة حتى نستحق رسالتنا". (ص١١)

وفي حديثه عن كتابة الشعر يقول حمزاتوف: "قال الشاعر الروسي الكبير (نكراسوف) مرة:

كان النضال يمنعني من أن أكون شاعراً

وكانت الأغاني تمنعني من أن أكون مناضلاً ". (ص9)

لذا فإن القصائد المترجمة في هذا الكتاب تأخذ موضوعاتٍ متعددةً من موضوعات الحياة التي تُعبّر فنياً عن الرؤية الشعرية للشاعر؛ إذ يُقدّم للقارئ صُوَرَ الحب والأم والمطر والموت بلغة فنية معبّرة تتَّسمُ بالرومانسية حيناً وبالتصوير الفني حيناً آخر. لقد ربط حمزا توف بين الدلالات الشعرية في إيجاد أنثى الشعر التي يقصدها، فالأنثى هي الحبيبة، وهي الأغنية، وهي الطفولة المتمثلة في كل لوحة من لوحات الوطن، يقول في قصيدته (أسماؤنا):

همستُ لكِ بأبياتِ الحب

واعتبرني الناسُ شاعراً

إن كنتُ شاعراً- فأنتِ الأغنية

تلك الأغنية التي تبقى بعد رحيل الشاعر.

لا يمكن أن تقرأ أشعار حمزاتوف دون أن تنجذب إلى ثلاث نقاط مهمة في شعره: أولها اللغة الساحرة الشفّافة التي يعبّر بها عن الحياة، وثانيها: تأمّله في واقع حياته وتصويره في الشعر وتعبيره عن المواقف المرتبطة بها في صورة فلسفية نابعة من زاوية رؤيته للكون والحياة، يقول في قصيدة (كي نعبر ما يعترضنا):

من لم تُلقِهِ

فرسُهُ الرشيقةُ عن كتفيها مراراً

لن يصبحَ فارساً

***

من لم يتلفْ بعضاً من أشعاره

من يخرس أمام السطورِ ولا يقوى على شطبها

لن يصبحَ شاعراً

***

من يسقطْ أمام مآسيه

لن يعرفَ يوم سعادة.

من لم يعرفْ خوفاً في الدربِ الصعب

سيظلُّ جباناً.

وثالثها: ارتباط الشاعر بالأرض، بالجبل، بالوطن، بداغستان؛ إذ يتمثل صورة الأرض ضمناً في شعره، فعبّر عنها راسماً لحظات طفولةٍ/ حياته في ذاكرته، يقول:

يبدو لي أحياناً أنّ الجنودّ

الذين لم يعودوا من الحقولِ المغطاةِ بالدم

لم يدفنوا في أرضنا حينذاك

بل تحوّلوا إلى لقالقَ بيضاء

وحتى هذه اللحظات، ومنذ ذلك الزمنِ البعيد

يطيرونَ ويرسلون لنا الأصوات...

ويقول أيضاً:

كنا في الجبال

نعتبر الأكبر بيننا

من عبر أنهاراً أكثر

من مشى طرقاً أطول

إنه كان كبيرنا

وله الاحترام الدائم...

لقد كان حمزاتوف يفكر بصمت في الحياة، ويسترسل في التعبير عنها بلغةٍ متأمّلةٍ في الأشياء، لقد كان يدعو القارئ إلى التأمل معه في نظرته إلى الكون، كان يحمل رؤية مضادة للحياة والتعبير عنها، يمكن أن نجد هذا التضاد في نظرته مثلاً في المقطعين الآتيين اللذين يعكسان صورة الحياة والتأمل والفرح والحزن:

عندما أجوبُ العالم البعيد

وأرى حدودَ الأرضِ المتنوعة

أفكّر بقلقٍ وحزن

أنّ الناس قدموا إلى الحياة عن طريق الخطأ

وُلدوا ليعيشوا مع أهلهم

أتَوا إلى الحياة اعتباطاً

حيث يجهل الجميع أسماءهم

حيث لا أحد يسعدُ لقدومهم

حيث يُغنّي كلٌّ منفرداً وحزيناً

حيث لا يلحظ الناسُ بعضهم بعضاً كأنهم في ضباب

حيث يصلي ويشكو كلُّ واحد

باللغة التي يفهمها وحده...

ويقول أيضاً:

أما ما لا أستطيع فهمه فهو:

لماذا يحدثُ أحياناً؟

أنّ الحب والحقيقة والخمر

تقتل الإنسانَ أيضاً.

تسكنُ داغستان وجدان حمزاتوف، إنها داغستان الحضن الدافئ الذي تربى فيها الشاعر، وعشق جبالها ووديانها وأشجارها، لذا فإنها متمثّلة في الشعر أيضاً، لا تنفكُّ عن لغته وعن حروفه وعن تعبيره الدافئ، إنها مقطوعة مختزنة في الوجدان والذاكرة فلا عجب أن يُعبّر عنها تعبيراً صادقاً، لذا نجد في نصوصه ألفاظاً تحيل على الوطن/ المكان الداغستاني فتأتي الألفاظ دالةً على الجبل والقرية والنهر والبيت في تعبير عن شخوص تتمثل في الأم والشيخ المُسن والأصدقاء والجنود والطبيبة الشابة، كلها دلالات تحيل على هوى مشرعٍ على داغستان الوطن.

كذلك فإن القصائد المختارة بها روح القضية الإنسانية الداعية إلى السلام والحب والاستقرار، فما يشهده العالم من حروب متتالية أصابت الإنسانية بشرخ أدّت إلى سقوطها على الهاوية، يقول في قصيدته (غالباً ما أفكّر):

غالباً ما أفكّرُ

أنّ الأرضَ كلها وطني... بيتي

أينما وجدت المعارك والنار ورعد المدافع

يحترقُ بيتي يحترقُ بيتي

أيها القرنُ العشرون

لقد أصبحت مصيراً لجسدي

تتحارب السنون فيما بينها

وأينما وجدت رعود المدافع والنار والمعارك

نحترق وإياك يا قلبي.

إنّ القصائد المختارة لرسول حمزاتوف في هذا الكتاب هي أغانٍ منتقاةٌ بعناية فائقة، ومقطوعاتٌ موسيقيةٌ عزفتها أنامل فنانٍ أدرك من خلالها أنّ الحياة والجمال متمثّلان في الشعر وحده. لذا فإنّ القارئ يعيش لحظاتِ من التأمل الفكري والوجداني والإنساني في قراءته لنصوص الكتاب. لقد جاءت القصائد أنموذجاً مهماً في تجربة رسول حمزاتوف الطويلة التي رصدت أفراح المكان وأحزانه، وأغانيه وتأملاته، لذا تأخذ النصوص هنا اتجاهاً فنياً معبراً عن ذاكرة المكان البعيد.

مقالات مشابهة

  • قداسة البابا يهنئ رئيس مجلس الشيوخ بعيد الفطر المبارك
  • فديتك زائرًا في كل عام.. الرمضانيات في الشعر العربي
  • عودة أسطورة الطرب المغربي عبد الوهاب الدكالي في عرض موسيقي تاريخي
  • عبد الوهاب الدكالي يعود لجمهوره في حفل جديد
  • قصائد مختارة.. من أشعار رسول حمزاتوف
  • عودة عميد الطرب المغربي عبد الوهاب الدكالي في عرض موسيقي بالرباط
  • 7 نصائح للوقاية من تساقط الشعر
  • في اليوم العالمي للشعر.. الشعر الفارسي وصنع المعرفة الإنسانية
  • قبل عيد الفطر.. خطوات العناية بالشعر |صور
  • نبوءة الشعر بين الأدب والسلطة متن القصيدة في شعر أحمد مطر