أكد المهندس عماد ميخائيل، رئيس هيئة السد العالى الأسبق، أنّ ما تشهده مصر من خير فى عصرنا الحالى يعود الفضل فيه للسد العالى، بعدما عانت البلاد من ويلات الجفاف والفيضانات المدمرة، لتتحول تلك النقمة إلى نعمة بعد إنشاء السد الذى أسهم فى زيادة الرقعة الزراعية من 7 إلى 9 ملايين فدان، خلال الثمانينات والتسعينات، كما ساعد فى إنشاء مشروعات قومية كبرى على رأسها مشروع نجع حمادى المتكامل لإنتاج الألومنيوم.

وأضاف، فى حواره لـ«الوطن»، أن مشروع السد أعاد الروح الوطنية للمصريين كما كانت فى عصر محمد على باشا والخديو إسماعيل بعد عقود عاشتها البلاد تحت وطأة الاحتلال الإنجليزى. 

عماد ميخائيل: أعظم مشروعات القرن العشرين.. ويحمى الحدود الجنوبية من الغرق والعطش 

كيف كان وضع مصر قبل بناء السد؟

- السد يمثل معركة الصمود والبناء، ويعد أعظم مشروعات القرن العشرين، ولمعرفة قدر السد العالى فى حياة المصريين يجب أن نذكر أحداثاً جثاماً حلت بمصر ما بين عامى 1860 و1880، وأهمها ما حدث فى سبتمبر 1879 حينما فاضت المياه لتغرق القاهرة والأراضى المنزرعة بين المنيا والعاصمة ثم وصلت إلى فرع رشيد فى الدلتا كما فاضت المياه من فرع دمياط لتغرق الأراضى المحيطة به حتى البحر، وهو ما تسبب فى فزع الناس الذين هربوا من الوادى والدلتا إلى الأراضى المرتفعة، وتسبب الفيضان فى وفاة الكثير من الرجال والسيدات والأطفال فضلاً عن نفوق الماشية، وحينها شاهد المواطنون منازلهم وهى تتهدم بعد أن جرفتها المياه.

وهل عانت مصر من حالات نقص مياه حادة نتيجة الجفاف؟

- بالطبع، وأخطر ما حدث كان عام 1946، فقد كانت مديريات الرى تشرف على النهر بدايةً من خزان أسوان وانتهاءً بالترع والمراوى والمساقى الصغيرة، ودائماً ما تزداد الحاجة إلى المياه بين شهرى يوليو وأكتوبر وهى فترة الفيضان، ويكون المعيار الوحيد لمد الترع بالمياه هو مدى استيعابها وقدرة الفلاحين على التنظيم والتوزيع على المساقى، وتتراجع الحاجة إلى المياه بنهاية أكتوبر ويتجه الفائض إلى البحر، وعندما تحل نهاية شهر فبراير، ويهبط المنسوب فى النيل بسرعة هائلة، تزداد حاجة الحقول إلى مزيد من المياه عن المتوافر، ويتم تصريف المياه من خزان أسوان، وعقب حصاد المحصول الشتوى تجرى زراعة نصف الأراضى الصالحة للزراعة فقط معتمدة على مياه خزان أسوان ويستبد القلق بالفلاحين، إذ يكون منسوب المياه فى النهر منخفضاً جداً، ولا تشرع مديريات الرى فى تصريف المياه لزراعة الأراضى إلا بعد ورود أنباء من أعالى النيل مبشرة بالفيضان الجديد، وكانت أراضى الحياض لا تنتج إلا محصولاً واحداً طوال العام.

بعد الإنشاء تم إنارة الريف بعد عصور من الظلام ومد العديد من المشروعات بالطاقة

فوائد السد العالى لا تعد ولا تحصى.. فما أهم هذه الفوائد من وجهة نظرك؟

- بعد إنشاء السد العالى مباشرة تم إنارة الريف المصرى بعد عصور من الظلام، كما مدت محطة السد العالى لتوليد الكهرباء العديد من المشروعات بالطاقة اللازمة لتشغيلها وعلى رأسها مجمع الألومنيوم العملاق بمدينة نجع حمادى .

هل ترى أن السد العالى يحتاج إلى تطوير؟

- السد العالى لا يحتاج منا إلى أى إضافة، فهو كامل مكتمل، وكل ما يحتاجه هو الحفاظ عليه وعلى منظومته الرائعة وتسليمه كأمانة للأجيال الجديدة، وما نحن فيه اليوم هو هبة السد العالى لمصر الحديثة، فلولا السد العالى لبارت 30% من مساحة الأرض المنزرعة بمصر، وخلال عملى فى السد العالى كنت لا أشعر أبداً أنه سد ركامى من الحجارة، بل كنت أشعر أننى أمام كائن حى عملاق يجلس حارساً للحدود الجنوبية لمصر لتأمينها وحمايتها من الغرق والعطش، وعظمة مشروع السد العالى فى التفاف الشعب حوله لأنه كان حلماً قومياً، وهو ما ذكره الزعيم الخالد جمال عبدالناصر فى يوم 9 يناير 1963 عند وضع حجر أساس الأنفاق الرئيسية، حيث قال: «تصميم هذا الشعب هو سره الكبير وقوته صانعة المستحيل، لقد كنا على استعداد أن نبنى السد بأيدينا لو اقتضى الأمر مهما كان الثمن ومهما طال الزمن، لقد كان الشعب هو مصدر التصميم على تطوير الحياة، فهو الشعب الذى بنى الأهرامات إجلالاً للموت، وهو قادر على بناء السد ليكون هرماً جديداً تقديراً وتكريماً للحياة».

أعاد المشروعات القومية 

عادت المشروعات القومية التى اختفت بعد عصر محمد على والخديو إسماعيل، الأمر الذى خلق نهضة اقتصادية وسياسية واجتماعية ورفع الروح المعنوية للمصريين، وشهد جيل السبعينات والثمانينات أهم حدثين فى تاريخ مصر حينما حمى السد العالى مصر من كوارث الجفاف والمجاعات نتيجة الفيضانات المتعاقبة شحيحة الإيراد فى الفترة من 1979 إلى 1987، حيث تم سحب ما يقرب من 70 مليار متر مكعب من المخزون فى بحيرة السد العالى لتعويض العجز السنوى فى الإيراد الطبيعى لنهر النيل، كما رفع السد العالى الرقعة الزراعية من 5.5 مليون فدان، 50% منها كانت تُزرع لمرة واحدة فى العام، وبلغت مساحة الرقعة الزراعية 9 ملايين فدان بعضها يزرع ثلاث زرعات فى العام. 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: السد العالي الوطن حجر الأساس السد العالى

إقرأ أيضاً:

تراجع عدد موظفي البحث والتطوير في قطاع التعليم العالي

أبوظبي: سلام أبوشهاب

كشف تقرير برلماني اعتمده المجلس الوطني الاتحادي، وحصلت «الخليج» على نسخة منه، عن أن من الآثار المترتبة على انخفاض الإنفاق على البحث والتطوير تراجع عدد موظفي البحث والتطوير في التعليم العالي من 7685 موظفاً عام 2015 إلى 3458 عام 2021، مقارنة بالقطاع الحكومي والقطاع الخاص اللذين شهدا ارتفاعاً في عدد موظفي البحث والتطوير.
الانخفاض جاء نتيجة لانخفاض الدعم الإداري المقدم للباحثين كالأعباء التدريسية والإدارية، وقلة إجازات التفرغ للبحث العلمي، بناء على اللقاء الذي عُقد مع المؤسسات الأكاديمية، وفي الوقت ذاته تقدر اللجنة أهمية تقديم الدعم الإداري للباحثين للمساهمة في مشاريع البحث والتطوير، وخلق بيئة مشجعة لجذب الكوادر البحثية.
وأشار التقرير الذي أعدته لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية والطعون والشكاوى في المجلس الوطني، بشأن «استراتيجية الحكومة في شأن البحث والتطوير»، إلى أن إجمالي عدد موظفي البحث والتطوير في القطاع الخاص زاد بشكل ملحوظ، من 2016 إلى 2021، حيث وصل عام 2021 إلى 31 ألفاً و529 موظفاً، بعد أن كان 11 ألفاً و168 موظفاً عام 2015. بينما وصل عدد موظفي البحث والتطوير في القطاع الحكومي عام 2021 إلى 5 آلاف و203 موظفين، فيما كان 23 موظفاً فقط عام 2015، وبذلك فإن إجمالي عدد موظفي البحث والتطوير 40 ألفاً و190 موظفاً عام 2021، بعد أن كان 18 ألفاً و876 موظفاً عام 2015، وفقاً للإحصاءات الصادرة من الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء.
وأوضح التقرير أنه اتضح للجنة وعبر اللقاء مع المؤسسات الأكاديمية الحكومية في الدولة، أن من بين التحديات التي تواجه قطاع البحث والتطوير، غياب تخصيص بند مالي في ميزانية الجامعات والكليات الحكومية للبحث والتطوير يدعم القطاع الأكاديمي في البحث والتطوير.
كما تبين للجنة باطلاعها على تقرير المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء أن حجم الإنفاق على البحث والتطوير في دولة الإمارات من القطاعات الثلاثة (الحكومي، الخاص، التعليم العالي) كان في ازدياد مطرد خلال السنوات الماضية، إلا أن نسبة الإنفاق بشكل عام ما زالت منخفضة مقارنة بالدول الرائدة في مجال البحث والتطوير، حيث سجلت 1.50% من الناتج المحلي الإجمالي.
وجاء في التقرير أنه اتضح للجنة أن من التحديات الأخرى في الإنفاق على البحث والتطوير محدودية مشاركة القطاعات المختلفة في دعم الإنفاق، واستمرار الاعتماد على الحكومة، مقارنةً بما هو معمول به في الدول المتقدمة، حيث من المفترض أن يؤدي القطاع الخاص دوراً مهماً وبارزاً في دعم الإنفاق على البحث والتطوير إلى جانب الإنفاق الحكومي، ويُعدّ تشجيع الشركات والمؤسسات الخاصة على المساهمة في الإنفاق على البحث والتطوير أحد السبل الرئيسية لتعزيز الابتكار.
وذكر التقرير أن اللجنة تقدر أهمية زيادة نسبة الإنفاق على البحث والتطوير لدعم الصناعات المستقبلية في الدولة، وضرورة تفعيل دور القطاع الحكومي والخاص والأكاديمي في دعم الإنفاق على البحث والتطوير. وتثمن اللجنة تبني الحكومة سياسة الحوكمة في البحث والتطوير، لترسيخ منظومة وطنية مدعومة بالكفاءات والقدرات العلمية والبحثية، وتوحيد الجهود نحو تحقيق الأولويات الوطنية، ويتحقق دعم الكفاءات بالدعم الإداري المقدم في البحث والتطوير، والذي يؤدي دوراً حيوياً في تسهيل سير العمل البحثي وتحقيق النجاح في التطوير والابتكار. كما يشمل الدعم الإداري المقدم للباحثين مجموعة من الخدمات والمساعدات التي تتضمن إدارة الوقت والموارد بشكل فعال، وتسهيل الاتصالات العلمية والتعاونية، وكذلك توفير الدعم المالي للأبحاث، وتمكين الباحثين من الوصول إلى جميع أنواع قواعد البيانات البحثية لتعزيز جودة البحث وإنتاجيته، ونشر الوعي بفرص البحث الممولة (خارجي/ داخلي)، ومساعدة الباحثين على العثور على تمويل ومساعدة الباحثين في إدارة مشاريعهم الممولة، ودعم نشر الأبحاث في مجلات علمية مرموقة، وتنظيم مؤتمرات وورش لعرض نتائج الأبحاث ومناقشتها، وأنواع أخرى من التسهيلات مثل إنشاء وتطوير مراكز بحثية متقدمة ومعامل مجهزة بأحدث التقنيات، وتوفير بيئات عمل محفزة للابتكار والتعاون.
وأشار التقرير إلى أنه اتضح للجنة وبلقائها ممثلي جامعة الإمارات، أن الحكومة تستهدف في سياسة حوكمة البحث والتطوير تعزيز رأس المال الفكري البشري لدولة الإمارات، ومنها تقديم الدعم الإداري لهم، إلا أنه اتضح وجود بعض التحديات التي يواجها الباحثون، منها محدودية الدعم الإداري المقدم لهم، حيث تبين عبر لقاء الفريق البحثي المؤسسات الأكاديمية، أن من التحديات الإدارية التي تواجه الباحثين غياب الامتيازات الوظيفية التي يقدمها للباحثين كالرواتب والمكافآت وغيرهما من الامتيازات مقارنة بالوظائف الأخرى، وغياب الدعم في تسويق الأبحاث وتحويلها إلى نماذج تطبيقية تجارية.

محدودية بجاهزية البنية البحثية
تبين للجنة باطلاعها على مخرجات الاجتماع مع جمعية المخترعين الإماراتية والخبراء في البحث والتطوير، محدودية جاهزية البنية البحثية كالمختبرات، وتوافر البيانات ومصادر المعلومات والشراكات مع الجهات المعنية بالبحث والتطوير.
وتضمن التقرير ردّ الحكومة في هذا الإطار، حيث أوضحت أن دعم الكادر البحثي والفني المواطن وتمكينه من اختصاصات وزارة التربية والتعليم، فهي المسؤول الرئيسي عن القطاع الأكاديمي وسياساته، ولكن عملت وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دعمه وتمكينه، بإطلاق برنامج «تطوير قيادات إدارة البحث والتطوير» تحت مظلة مجلس الإمارات للبحث والتطوير، حيث يستهدف البرنامج تطوير المهارات والقدرات الإدارية في البحث والتطوير.

مقالات مشابهة

  • الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة: القطاع جزء لا يتجزأ من الأراضى الفلسطينية
  • قمة عربية في القاهرة لمناقشة خطة بديلة لمشروع ترامب في غزة  
  • يعني إيه عنقودي؟.. حوار بين عمرو سعد وخالد الصاوي يثير تفاعل الجمهور
  • قمة عربية في القاهرة لمناقشة خطة بديلة لمشروع ترامب في غزة
  • منير أديب يكتب: سوريا بلا حوار
  • يزبك: منفتحون على كل حوار داخلي بناء
  • الكاظمي يعود إلى بغداد.. هل هي بداية لمشروع سياسي جديد؟
  • "معًا نتقدَّم".. حوار وطني بسقف عالٍ ووقت محدود
  • أحمد أمين: النُّص ملحمة صعاليك.. وأحلم بترك رصيد له قيمة| حوار
  • تراجع عدد موظفي البحث والتطوير في قطاع التعليم العالي