لا بد أن نتفق على فكرة مهمة قبل الحديث عن الإصلاح الاقتصادى وتحقيق النقلة النوعية المنشودة لمصرنا الحبيبة فى المسارات الاقتصادية وتطبيق سياسات اقتصادية شاملة أو تحقيق النمو الاقتصادى، وهو أن نتّفق على أن إدارة أسرة مكونة من طفلين أو ثلاثة، يتلقفها ويعصف بها الكثير من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، التى يعجز فى بعض الأوقات رب الأسرة عن إدارتها، رغم وجود رب أسرة (الزوج) والمساعد له (الزوجة)، فما بالكم برب أسرة يدير 110 ملايين فرد، فى أسرة الوطن، وهى الأكبر، وتحتاج إلى خلق من 7 إلى 8 ملايين فرصة عمل فى دولة تواجه تحديات حروب المياه جنوباً من إثيوبيا، وتحدى نفاذ -لا قدر الله- ميليشيات مسلحة من حدود ليبيا غرباً، وتحدى استمرار القضاء على الإرهاب فى سيناء شرقاً، بل وأيضاً تحدى الحفاظ على حقوق الغاز المصرية شمالاً من بعض الدول الطامعة.
كل هذه التحديات يصعب على دولة واحدة أن تواجهها، فما بالك برب أسرة عظيمة وعملاقة يواجه مع شعب عظيم كل هذه التحديات؟
لقد أحسنت رئاسة مجلس الوزراء فى إصدار وثيقة التوجّهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى للفترة الرئاسية الجديدة 2024 إلى 2030، فإصدار الوثيقة فى حد ذاته أهم وأولى خطوات الإصلاح والإدارة الاقتصادية السليمة والطموحة، بالاعتماد على الشفافية والمكاشفة والمصارحة، وإشراك المواطن، وهذا هو أول طريق الإصلاح الاقتصادى الحقيقى السليم.
ثانياً، قدّمت الوثيقة حدوداً وسقوفاً طموحة مثل تحقيق 300 مليار دولار من المدخلات حتى عام 2030، وهو رقم ضخم، لكن أرى أن مصر التى قفزت الصادرات الصناعية بها إلى ما يقارب الآن 40 مليار دولار من 18 مليار دولار قبل عدة سنوات، مصر التى تتحدث عن حلم 100 مليار من الصادرات الصناعية والسلعية، مصر التى ارتفع فيها النمو الاقتصادى من 1.6% بعد الثورة، وهو رقم كارثى، ليصل إلى 6.5% بعد إصلاح اقتصادى شهد به العالم والمؤسسات الدولية، وعلية فإن مصر قادرة على تحقيق ما تضمّنته الوثيقة من قدرتها على تعظيم المدخلات من العملة الصعبة التى تفوق ثلاثة أضعاف الرقم الحالى، وأيضاً قادرة على تحقيق نمو اقتصادى يصل إلى 8%، وأيضاً خلق 8 ملايين فرصة عمل، وهو تحدٍّ، بل تحدٍّ عظيم تعجز كثير من الدول والحكومات عن تحقيقه.
ونرى فى هذا السياق أن هناك ثلاثة محاور يجب على الدولة العمل عليها لتحقيق هذه الوثيقة:
أولاً: إعادة استيراد أبطال النجاح فى مصر وخارجها من أبنائها، ومنهم اللاعبون المصريون الدوليون أصحاب العقول والخبرة مثلما يفعل المنتخب الوطنى المصرى، وكذلك تشجيع المتميزين من الداخل، ومن خلالهم وبهم بناء فرق عمل بكوادر غير تقليدية من خلال مؤسسات جديدة أو مؤسسات حالية، تكون قادرة على تحقيق الأهداف التى وضعتها الوثيقة، ومن خلال مؤشرات أداء واضحة وقابلة للقياس خلال فترات زمنية محدّدة.
ثانياً: إشراك القطاع الخاص بشكل أكبر، ليس فقط فى التنمية الاقتصادية، ولكن فى التخطيط للتنمية الاقتصادية، وهو ما يجعل القطاع الخاص يتحمّل مسئوليته، التى طلب مراراً وتكراراً السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وطالب بها القطاع الخاص، وفى الكثير من اللقاءات والمناسبات.
ثالثاً: تحقيق إصلاح أكبر وأسرع وجذرى وغير تقليدى فى التعليم للأطفال وفى بناء الجامعات، وبالتحديد تلك الجامعات التى ما زالت تعمل بطريقة تقليدية، على أن يتم تغيير قوانين الاختيار للمدرسين والأساتذة والقائمين على التعليم واختيار منهم فقط أبطال التغيير، لكى يعملوا على تحرير التعليم من أى إرث لا يتواءم مع متطلبات النمو والتنمية وبناء عقول جديدة ومتجدّدة.
وفى النهاية، مصرنا بها كوادر وثروات وأفكار، مصر بها إرادة سياسية من حديد، مصر بها شعب عظيم ومؤسسات صلبة قادرة على أن تحقّق معجزة أخرى يشهد بها العالم من جديد فى 2030 فى ظل فترة الرئاسة الثانية لإصدار الوثيقة.
* أستاذ الاقتصاد السياسى
ومستشار البنك الدولى السابق
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المرأة الشباب رأس المال الجمهورية الجديدة قادرة على
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي: كييف غير قادرة على تنفيذ بعض المقترحات الأمريكية لتعارضها مع قيمنا
أوكرانيا – صرح فلاديمير زيلينسكي إن كييف غير قادرة على تنفيذ بعض المقترحات الأمريكية في خطة حل النزاع في أوكرانيا، لأنها تتعارض مع قيم أو دستور بلاده.
وقال زيلينسكي في مؤتمر صحفي عقد في جنوب إفريقيا، بث على قناة مكتبه في “يوتيوب”: “ما هي التنازلات المتعلقة بالأراضي؟ من المهم جدا أن نفهم، أن الولايات المتحدة طرحت رؤيتها، وعقد اجتماع في لندن حول ذلك، واقترحوا استراتيجية معينة، وأجرى فريقنا وممثلو أوروبا والولايات المتحدة محادثة بناءة، ولكن المقترحات الأمريكية أظهرت شروطا أخرى”.
وبحسب قوله، فإن كييف لن تكون قادرة على تنفيذ بعض المقترحات لأنها تتعارض مع “قيم أو دستور أوكرانيا”.
وأشار زيلينسكي إلى “أننا نفعل كل ما اقترحه شركاؤنا، ولكننا لا نستطيع أن نفعل ما يتعارض مع تشريعاتنا ودستورنا، وهذا أمر مفهوم”.
كما وصف موافقة كييف على الجلوس مع روسيا على طاولة المفاوضات بأنها “تسوية كبيرة”، على الرغم من أن نظام كييف لم يتخذ حتى الآن أي إجراء لرفع الحظر على التفاوض مع روسيا.
وختم قائلا: “نأمل حقا أن تتمكن الولايات المتحدة من ممارسة المزيد من الضغط على روسيا وأن يكون هناك وقف إطلاق نار شامل، ولكن هناك نقطة مهمة، من سيكون الضامن لأمن لأوكرانيا؟ نريد أن تكون من بين ضامني الأمن جهات قوية ذات نفوذ، بالطبع يجب أن تكون الولايات المتحدة وأوروبا وممثلون عن القارة الإفريقية”.
وفي وقت سابق هاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيلينسكي، قائلا إن تعليقاته بشأن شبه جزيرة القرم تضر بمحادثات السلام مع روسيا.
وقال ترامب إن الوضع في أوكرانيا خطير، وبالتالي يتعين على رئيس نظام كييف إما أن يحقق السلام أو يخسر البلاد بأكملها في غضون ثلاث سنوات.
المصدر: RT