كلمة حكيمة كثيراً ما يرددها الآباء والأمهات لأبنائهم، وهى كلمة كثر حظها من التكرار، وقل من العمل والاعتبار، هى قول بعض الحكماء: (إنما خُلق للإنسان لسان واحد وعينان وأذنان؛ ليسمع ويبصر أكثر مما يقول). إنها كلمة متأمل فى خلق الله تعالى، موقن بحكمته. وقليل من الناس من ينصف أذنيه من فيه [فمه]، فيسمع أكثر مما يتكلم، ويقرأ أكثر مما يكتب!
نعم.
والحديث الشريف يبين أن الأصل فى المؤمن أنه إيجابى ينطق بالخير الذى يقصد به وجه الله تعالى وحده، وحتى يكون الكلام خيراً لا زلل فيه لا بد له من شروط أربعة ذكرها السادة العلماء: أولها أن يكون الكلام لداعٍ يدعو إليه؛ إما اجتلاب نفع، أو دفع ضرر، وهذا يقتضى أن يكون المتكلم على علم ومعرفة كافيين. والشرط الثانى: أن يأتى بالكلام فى موضعه وحينه، فتقديمه عن حينه عجلة مذمومة، وتأخيره عنه توانٍ قبيح، وهذا يقتضى إدراكاً دقيقاً للواقع ولأحوال المخاطبين. والشرط الثالث: أن يقتصر منه على قدر حاجته، فكثرة الكلام تطغى على العمل. والشرط الرابع: اختيار اللفظ الذى يتكلم به، وكم من حق جنى عليه سوء التعبير عنه!
وإذا لم يستطع المسلم أن ينطق بالحق بشروطه ففى الصمت خير له ونجاة، يقول سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم،: «من صمت نجا» [الترمذى]، أى من حفظ لسانه عما ينبغى التصون عنه من آفات اللسان كالغيبة، والنميمة، والإفك والبهتان، والجدال، والشائعات، فقد نجا من العقاب.
وليس الصمت أمراً سلبياً كما قد يظن البعض، بل إن فيه إيجابيات كبرى، ففيه إعطاء فرصة كافية للعقل ليزن الأمور ويتفكر فى عواقبها، وقد قالوا: الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت والتفكر.
كما أن فى الصمت إعطاء فرصة للآخرين لعرض آرائهم، والمسلم إذا وجد من هو أحق بالكلام منه صمت لأن النطق ليس غايةً فى ذاته، وإنما الغاية الوصول إلى الحق، والمسلم فى هذه الحالة أدبه الإنصات، وهو السكوت لأجل الاستماع والإصغاء.
على أنه ينبغى أن يعلم أنه ليس معنى الصمت مطلق السكوت، وقد قال بعض العلماء: إذا كان العبد ناطقاً فيما يعنيه وما لا بد منه فهو فى حد الصمت.
وقد يكون الصمت ذنباً عظيماً إذا سكت الإنسان عن حق ينبغى أن يظهر، أو نصح ينبغى أن يبذل، وقديماً قالوا: من سكت عن الحق فهو شيطان أخرس.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: د يوسف عامر الصمت الإيمان
إقرأ أيضاً:
قصة هجرة إبراهيم عليه السلام ومعجزة ماء زمزم
استعرضت قناة المحور قصة هاجر ونبي الله إبراهيم عليه السلام مع زوجته سارة من العراق متجهين إلى فلسطين، بعد أن قابله قومه الوثنيون بالصد عن سبيل الله تعالى والتكذيب، وهددوه بحرقه بالنار. بعد أن استقر في مدينة الخليل، اضطر للهجرة إلى مصر بسبب الحاجة للطعام. وعندما وصل إلى مصر.
و كانت زوجته سارة من أجمل نساء الأرض، مما أثار طمع فرعون مصر، فحاول أن يظلمها دعَت سارة الله تعالى أن يصرف عنها كيد فرعون.
فكان كلما اقترب منها أصابه صرع شديد، فيطلب منها أن تدعو الله له ليذهب عنه ما هو فيه. تكررت هذه الحادثة عدة مرات، حتى علم فرعون أن سارة محفوظة بحفظ الله، فأطلقها وأعطاها جارية لها تُدعى هاجر.
عندما عادت سارة إلى إبراهيم عليه السلام، وهبت له هاجر. واستمر زواج إبراهيم من سارة لمدة عشرين عامًا دون أن يرزق منها بأولاد، فكانت سارة ترغب في أن يكون له ولد. فدخل إبراهيم عليه السلام على هاجر، فحملت بهاجر، وبعد فترة ولدت له إسماعيل عليه السلام.
معجزة ماء زمزمانتقل إبراهيم عليه السلام مع زوجته هاجر وابنه إسماعيل إلى مكة المكرمة، حيث كانت صحراء قاحلة لا ماء فيها ولا شجر. ترك إبراهيم عليه السلام زوجته وطفله في تلك الأرض الجرداء ومضى في طريقه. سألت هاجر إبراهيم: "يا إبراهيم إلى أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي لا أنيس فيه؟"، فلم يُجبها، ثم كررت السؤال عدة مرات، فكان يجيبها فقط: "نعم، هذا أمر الله". عندئذ قالت هاجر: "إذن لا يضيعنا الله"، وتركها إبراهيم عليه السلام تواصل حياتها مع طفلها.
نفد الماء واشتد الجوع والعطش على هاجر وابنها إسماعيل، فبدأت تبحث عن الماء بين جبال مكة. وعندما بلغت حافة اليأس، سمعت صوتًا، فاستبشرت خيرًا، وإذا بجبرائيل عليه السلام يظهر ويضرب الأرض برجله، فانفجرت منها عين ماء عظيمة. كان ذلك ماء زمزم، الذي أصبح معجزة من معجزات الله تعالى. شربت هاجر وابنها إسماعيل حتى ارتووا، وظلت عين زمزم مياهاً عذبة تتدفق.
حفر زمزممرت سنوات طويلة حتى جاء يوم كان فيه عبد المطلب، جدّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم، نائمًا عند الكعبة، فسمع في منامه صوتًا يأمره بحفر زمزم. فأخبر قريشًا بذلك، فطلبوا منه أن يعود للنوم ليحلم مرة أخرى إن كان الأمر من الله. وعندما تكرر المنام، ذهب عبد المطلب مع ابنه الحارث، وبدأ في البحث عن مكان بئر زمزم وفق الأوصاف التي رآها في منامه.
اكتشف عبد المطلب الموقع بين وثنين من أوثان قريش، وعندما بدأ في الحفر تدفّق الماء بغزارة، وكان هذا الماء هو ماء زمزم. وعثر على أسياف ودروع ذهبية دفنتها قبيلة جُرهم قبل أن تُطرد من مكة. حاولت قريش أن تطالب بنصيب من هذا الكنز، لكن عبد المطلب رفض ذلك، وأشار إلى أنهم سيقترعون لتحديد نصيب كل منهم. ومن خلال الاقتراع، كان نصيب الكعبة المشرفة الذهبَ الذي اكتشفه عبد المطلب.