المنطقة على حافة الهاوية.. والانفجار ليس حتميا!!
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
ليس من المبالغة في شيء القول بأن المرحلة التي تمر بها المنطقة، بعد أكثر من تسعين يوما من حرب السابع من أكتوبر الماضي، تمثل مرحلة خطرة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فهذه المرحلة تحمل معها مقومات عملية تختلف في الواقع نوعيا في بعض جوانبها عما كانت عليه في المرحلة أو المراحل السابقة، وقد ظهر ذلك بوضوح ليس فقط منذ انطلاق شرارة الحرب من جانب أبطال حماس والهجوم والدراية الكاملة بالمواقع الإسرائيلية المستهدفة في خطط وتكتيكات العملية، والجسارة التامة في عمليات الهجوم والتحرك السريع لإنجاز المهام مما زاد من حجم ووقع المفاجأة وكان له أثره الملموس في التأثير على الروح المعنوية لأفراد من عناصر الجيش الإسرائيلي، وهو ما اضطر رئيس الأركان الإسرائيلي إلى سحب أربعة ألوية من القوات الإسرائيلية وإعادتهم إلى اسرهم تمهيدا لإعادة تشكيل تلك الألوية واستكمال عديدها ومعداتها التي خسرتها في القتال في غزة التي بلغت نسبة الخسائر في بعضها إلى نحو عشرين في المائة وأكثر، فضلا عن الخلافات التي ظهرت وتتفاقم في الآونة الأخيرة بين أعضاء حكومة الحرب المصغرة وذلك سبب الخلافات مع نتانياهو حول إدارة الحرب وهو ما أدى تغيب بيني جانتس وبن غفير وآخرين عن اجتماع الحكومة المصغرة برئاسة نتانياهو يوم أمس الأول الأحد فضلا عما تسرب من خلافات حادة في الأيام السابقة وترافق معه من تلويح أكثر من وزير بالاستقالة والخروج من الحكومة والدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة وتشكيل حكومة عادية وليس مجلس للحرب يشعر بعض أعضائه بعدم الكفاءة، وقد أثر ذلك كله وغيره في صورة إسرائيل وخاصة صورة الجيش وما يقوم به من قتل وعنف بالغين ضد المدنيين والتخريب المتعمد من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي، فالآن وبعد تسعين يوما من القتال يقوم الجيش بشن هجمات ضد المدنيين العزل لزيادة الخسائر بين المدنيين وتخريب المدن والقرى والمرافق والخدمات إلى حد لم تعد تصلح للحياة خاصة وأنه تم اتباع سياسة الأرض المحروقة لإجبار السكان على تركها والهجرة إلى جنوب قطاع غزة لأنها ببساطة لم تعد تصلح للحياة فيها على حد قول بن غفير وزير الأمن القومي في حكومة نتانياهو والذي يرى في ذلك فرصة لإسرائيل في تهجير الفلسطينيين طوعيا، كما صرح بذلك أكثر من مرة وذلك عكس ما كان يدعو إليه سابقا.
*أولا: إنه مع الوضع في الاعتبار أن إسرائيل وما يقوم به نتانياهو ضد الفلسطينيين في غزة يحركه الرغبة في الانتقام والحاجة إلى رد الاعتبار واستعادة الهيبة -التي كانت- ليس فقط لأن الحرب في هذه الحالة ليست كأي حرب سابقة مع حماس والفلسطينيين، كما أن خسائر إسرائيل لا تقارن بالخسائر السابقة رغم ما يتردد من أن الخسائر الإسرائيلية المعلنة هي ثلث الخسائر الحقيقية، وهو أمر بالغ الخطورة بالنسبة للإسرائيليين، ولكن الأمر يتعلق في الواقع بالمستقبل، مستقبل الدولة الإسرائيلية والذي جسده بيني جانتس زعيم المعارضة الإسرائيلية قبل أيام بقوله: «إذا لم ننتصر على حماس فإنه لن نستطيع العيش في الشرق الأوسط» وهذا التفكير هو ما يشترك فيه كل القادة الإسرائيليين ويلتقون عنده ولذا يرون أنه يجب من وجهة نظرهم «القضاء على حماس وتفكيك بنيتها العسكرية وقتل قادتها حتى لا تتمكن من القيام بما قامت به في السابع من أكتوبر الماضي، وأن الأمن في غزة يجب أن يكون في يد إسرائيل «ويعتبر ذلك كله مجرد غطاء أو مبرر لتغطية أطماع إسرائيل أو تبرير محاولات إعادة احتلال غزة مرة أخرى، وإذا كان نتانياهو والقيادة الإسرائيلية قد وقعوا ضحية غرورهم أو عدم تقديرهم الصحيح للموقف، وتسرع نتانياهو في إعلان شروطه وأهدافه من الحرب التي لم يحدد هدفه الاستراتيجي منها حتى الآن، فإنه يواجه تبعات ذلك في الواقع من خلال محاولة إطالة أمد الحرب وزيادة خسائر الفلسطينيين من ناحية، والتأكيد في كل مناسبة على أنه لن يوقف الحرب إلا إذا حقق أهدافه كلها ومنها تفكيك حماس واستعادة الأسرى الإسرائيليين وعدم مشاركة حماس في حكم غزة بعد الحرب، وإذا كانت هذه الأفكار أو المواقف يمكن الاستماع إليها في بداية الحرب، إلا أنه بعد أكثر من ثلاثة أشهر من بدء القتال وتأثر القوات الإسرائيلية من العمليات العسكرية بشكل ملحوظ فإنه يصعب أخذ هذه المواقف مأخذ الجد والتعامل على أساسها، لأن رئيس الحكومة الإسرائيلية يراهن على الدمار والقتل في غزة وتأثيره على الفلسطينيين وهى مراهنة ومناورة خاسرة في النهاية.
*ثانيا: إنه في ظل استمرار همجية الحرب الإسرائيلية واسعة النطاق في غزة وما أحدثته الإدانة الإقليمية والدولية ومن جانب مختلف الهيئات والمنظمات الدولية ورفع جنوب أفريقيا دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية لمحاكمة إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة وغير ذلك الممارسات، التي استنكرها ويستنكرها المجتمع الدولي قد أفقدت إسرائيل جانبا كبيرا مما كانت تتمتع به بين مجتمع الدول وهو ما حذرها منه الرئيس الأمريكي بايدن، فإن من المفارقات أن الإدارة الأمريكية نفسها تدفع ثمنا كبيرا للوقوف إلى جانب إسرائيل منذ بداية الحرب وعلى نحو استنكرته دول كثيرة لما اتسم به من مساندة مفرطة ولذا عندما قررت واشنطن سحب حاملة الطائرات الأمريكية من بحر العرب وإعادتها إلى قاعدتها في الولايات المتحدة غضبت إسرائيل وتسعى الآن بالوسائل الدبلوماسية إلى إلغاء هذا القرار الذي يمكن أن تفسره دول كثيرة في العالم إلى أنه بمثابة ضغط على إسرائيل لكي تضع نهاية قريبة للحرب في غزة، وكان رفض نتانياهو الاستجابة لملاحظات ومقترحات بايدن سببا لخلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل لم يتمكنا من الإبقاء عليها تحت الطاولة، ولكنهما يحاولان إخفاء تدهورها بشكل أو بآخر من خلال الجولات المتعددة لوزير الخارجية الأمريكي في المنطقة على فترات متقاربة للحفاظ على قوة ضغط على إسرائيل والأطراف الأخرى بحيث تظل قادرة على التأثير والحيلولة دون انفجار التوتر المتصاعد والذي تحذر منه الإدارة الأمريكية بشكل مستمر في الآونة الأخيرة.
*ثالثا: إن الجولة الأخيرة التي قام بها بلينكن في المنطقة هذا الأسبوع شهدت في الواقع تباعدا نسبيا بين أمريكا وإسرائيل اتخذ شكل تسجيل مواقف علنية يمارس من خلالها كل طرف ضغوطه على صديقه الآخر، ففي حين كرر نتانياهو تأكيده على عدم وقف الحرب في غزة إلا بعد تحقيق كل أهدافه وهو ما يعني أنه هو من سيحدد موعد وقف الحرب وهو ما سيتم بالتأكيد بالتشاور مع بايدن، إلا أن صفقة دانات الدبابات (1500 دانة بقيمة نحو 145 مليون دولار فقط) التي تم إقرارها مؤخرا كانت بالغة الدلالة بالنسبة لحجم الخلافات بين الجانبين، كما كانت تصريحات بلينكن حول الترابط بين الضفة الغربية وقطاع غزة والالتزام الأمريكي بالسلام لإسرائيل وفلسطين في دولة واحدة ومستقلة واضح الدلالة كذلك لأنه يختلف مع الموقف الإسرائيلي وتصوره للحل هذا فضلا عن وجود خلافات حول صيغة الحكم في غزة بعد انتهاء الحرب. وفي حين تشعر واشنطن بمزيد من القلق خشية اتساع نطاق الحرب في المنطقة بسبب ما يمكن أن يترتب على ذلك من نتائج تثير مخاوف وخلط أوراق غير محسوبة خاصة وأن واشنطن لا تريد حربا بين إسرائيل وحزب الله لأن نتائج تلك الحرب يمكن أن تغطي على هزيمة حماس لإسرائيل واعتقاد نتانياهو في ذلك قد يدفع إسرائيل إلى فتح جبهة مع حزب الله خاصة وأن حزب الله يستشعر قيودا على فتح جبهة لا يعلم كيف ولا متى يمكن إسكاتها. ومع ظهور بوادر لتحرشات محسوبة بين إسرائيل وحزب الله إلا فتح جبهة بينهما ليس حتميا إلا في حالة الحسابات الخاطئة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی الواقع أکثر من فی غزة وهو ما
إقرأ أيضاً:
الخارجية : سورية تؤكد أن الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني في سورية ولبنان وفلسطين تشكل خطراً حقيقياً على أمن واستقرار المنطقة
2024-11-20naghamسابق وزارة الخارجية والمغتربين: سورية تدين بأشد العبارات الاعتداء الإسرائيلي الوحشي على مدينة تدمر والذي يعكس الإجرام الصهيوني المستمر بحق دول المنطقة وشعوبها انظر ايضاًوزارة الخارجية والمغتربين: سورية تدين بأشد العبارات الاعتداء الإسرائيلي الوحشي على مدينة تدمر والذي يعكس الإجرام الصهيوني المستمر بحق دول المنطقة وشعوبها
آخر الأخبار 2024-11-20جلسات حوار لمناقشة تعديل القوانين الناظمة لعمل وزارة التجارة الداخلية بطرطوس ودرعا 2024-11-20استشهاد شاب فلسطيني برصاص قوات الاحتلال غرب جنين 2024-11-20ترميز السلع والمنتجات لتنظيم عمل الأسواق خلال اجتماع في وزارة التجارة الداخلية 2024-11-20فيتو أميركي يعرقل مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة 2024-11-20انطلاق الجلسات الحوارية في غرفة تجارة حماة لتعديل قانون حماية المستهلك 2024-11-20الشيخ قاسم: العدو لن يخرج إلا بالمقاومة وسنبقى في الميدان نقاتله مهما ارتفعت الكلفة 2024-11-20قانون اتحاد الصحفيين… ندوة حوارية في دار البعث 2024-11-20ارتقاء 36 شهيداً وجرح العشرات جراء عدوان إسرائيلي استهدف أبنية سكنية في تدمر 2024-11-20بمناسبة اليوم العالمي لمرضى السكري… فعالية توعوية طبية في طرطوس 2024-11-20محور الأورام في رابع أيام مؤتمر أيام صحة دمشق 2024 العلمية
مراسيم وقوانين مرسومان بتحديد الـ 21 من كانون الأول القادم موعداً لإجراء انتخابات تشريعية لمقعدين شاغرين في دائرة دمشق وآخر في دائرة مناطق حلب 2024-11-20 الرئيس الأسد يصدر ثلاثة قوانين تسهم في تطوير آليات العمل بالقطاع السياحي 2024-11-14 الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتنفيذ عقوبة العزل بحق قاضية في النياية العامة التمييزية 2024-11-02الأحداث على حقيقتها القوات الروسية تقيم 9 نقاط مراقبة بريفي القنيطرة ودرعا قرب “منطقة فصل القوات” 2024-11-18 الجيش يدمر 15 طائرة مسيرة للإرهابيين في أرياف حلب واللاذقية وإدلب 2024-11-18صور من سورية منوعات مركبة الشحن الفضائية الصينية “تيانتشو-8″تلتحم مع محطة الفضاء الصينية تيانقونغ 2024-11-16 انبعاثات الكربون العالمية تصل إلى مستوى قياسي خلال العام الجاري 2024-11-13فرص عمل الخارجية تعلن عن برنامج تدريب المقبولين للتقدم إلى المرحلة الثالثة من مسابقتها 2024-11-06 التعليم العالي تسمح للجامعات الخاصة فتح التسجيل المباشر لملء الشواغر في كلياتها 2024-11-04الصحافة استكمال المــهــمــة!!! بقلم: أ. د.بثينة شعبان 2024-11-18 المسافة صفر.. مخرز في خاصرة الاحتلال – بقلم : جمال ظريفة 2024-11-16حدث في مثل هذا اليوم 2024-11-2020 تشرين الثاني- اليوم العالمي للطفل 2024-11-1919 تشرين الثاني 1954 – بدء بث «تلفزيون مونتي كارلو» وهي أقدم قناة تلفزيونية خاصة في أوروبا 2024-11-1717 تشرين الثاني 1969 -مفاوضات بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة للحد من عدد الأسلحة الإستراتيجية على كلا الجانبين 2024-11-1616 تشرين الثاني 1970- قيام الحركة التصحيحية بقيادة القائد المؤسس حافظ الأسد 2024-11-1515 تشرين الثاني 1920-عقد أول اجتماع لعصبة الأمم في جنيف 2024-11-1414 تشرين الأول 1908- عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين يعلن عن نظرية كمية الضوء
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |