لجريدة عمان:
2025-07-09@10:08:23 GMT

الإضافة النوعية للنظام الأساسي للدولة 2021م

تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT

11 يناير 2020م.. تولى مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله - مقاليد الحكم بسلطنة عمان، بعد جلالة السلطان قابوس بن سعيد - رحمه الله - الذي دام حكمه نصف قرن، أسس خلاله دولة حديثة بعمان. وبتاريخ: 11 يناير 2021م صدرت النسخة الثانية من النظام الأساسي للدولة، أي بعد عام واحد من اعتلاء جلالته العرش، ما يعني أنه استئناف جديد للدولة، سِمَته النهضة المتجددة.

وهذا ضروري لتنطلق هذه المرحلة من أعلى تشريع بالبلاد، فالنظام الأساسي للدولة.. حاكم على كافة الرؤى والاستراتيجيات والخطط والقوانين في سلطنة عمان.

يصدر النظام الأساسي للدولة بمنحة من السلطان، إحدى ثلاث طرق تصدر بها الدساتير: الاستفتاء الدستوري، أو الهيئة التأسيسية، أو المنحة. وقد صدر أول مرة بمرسوم سلطاني (101/ 96) بتاريخ: 6/ 11/ 1996م، منتصف حكم السلطان قابوس، بعد أن استقر الاجتماع العماني، وتوحدت الرؤية في الدولة الحديثة، وحددت توجهها السياسي؛ داخليا وخارجيا، وأكملت بُنيتها الأساسية؛ من المؤسسات والقوانين والجهاز الإداري، والجهاز التشريعي؛ بمجلسيه: الدولة والشورى، واستكمل القضاء استقلاله. ونتيجة الحراك العربي عام 2011م؛ أجرى السلطان قابوس تعديلاً في نظام الأساسي للدولة بمرسوم سلطاني رقم (99/ 2011) في: 19/ 10/ 2011م، انصبّ معظم التعديلات على تنظيمات مجلس عمان بشقيه: الدولة والشورى.

بعد أربع سنوات من حكم جلالة السلطان هيثم؛ يجد المتابع للشأن العماني سعي الدولة حثيثاً للعمل بمقتضى النظام الأساسي للدولة الصادر في عهده؛ من لدن جلالته حتى العاملين في عموم مرافق الدولة، وهذا يضع مسؤولية التجدد في عمان؛ بناءً ومراقبةً، أمام الجميع؛ حكومةً وشعباً. المقال.. يكشف عن الإضافة النوعية التي شرّعها النظام الأساسي للدولة الصادر عام 2021م «النظام21»، من خلال المقارنة بالنظام الأساسي للدولة الصادر عام 1996م «النظام96»، لفتح المجال لدراسة التطور التشريعي والبُنيوي في العهدين، بمقاربة تقوم على الأسس العليا للدولة وليس الإجراءات التفصيلية، أي على ما ينص عليه النظام الأساسي، لا ما تنفذه الدولة عبر أجهزتها المختلفة، وإن كان هذا أيضاً مهماً في سياق تقييم تجارب الدول، ومدى التزامها بدساتيرها، ونجاحها في ذلك.

أول ما يطالعنا في المقارنة بين النظامين الأساسيين؛ نصا المرسومين الصادرَين بهما، ففيهما ورد التسبيب بإصدارهما. حيث ركز «النظام96» على ثلاث قضايا: المبادئ التي وجهت الدولة في الحقبة الماضية، والتصميم على مواصلة بناء المستقبل، وتعزيز مكانة عمان الدولية ودورها في إرساء السلام والأمن والعدالة والتعاون بين الدول والشعوب. وهي قضايا وردت في تسبيب صدور «النظام21»، إلا أنه أضاف أربع قضايا أخرى: مشاركة أبناء الوطن وتمكينهم من صنع مستقبلهم، وصون الوطن والحفاظ على وحدته ونسيجه الاجتماعي وحماية مقوماته الحضارية، وتعزيز الحقوق والواجبات والحريات العامة، ودعم مؤسسات الدولة وترسيخ مبادئ الشورى. ورغم أنها بالأساس من مقتضيات المبادئ العليا للدولة؛ لكن ذكرها في المرسوم السلطاني يجعلها مرتكزاً في تفسير النظام الأساسي، ويؤكد على العمل بها.

«النظام96».. حدد بأن نظام الحكم في عمان وراثي، في الذكور من أبناء السيد تركي بن سعيد بن سلطان (ت:1888م)، وبيّن النظام صفة السلطان الذي ينتقل إليه الحكم في عمان بعد شغور المنصب، بأن (يكون مسلماً رشيداً عاقلاً، وابناً شرعياً لأبوين عمانيَين مسلمَين)، وهو ما أكد عليه «النظام21». إلا أن النظام السابق أحال تسمية الحاكم إلى مجلس العائلة الحاكمة، وإن لم يتفقوا خلال ثلاثة أيام يثبّت مجلس الدفاع من أشار إليه السلطان في رسالته إلى مجلس العائلة، وهذه مادة واضحة، لكن سرية الرسالة وعدم فتحها إلا بعد شغور المنصب جعل الأمر مقلقاً للبلاد لحظة انتقال الحكم. وهو ما تلافاه «النظام21»، حيث حدد بدقة من يتولى الحكم بمختلف درجات القرابة من السلطان، بدايةً من الابن الأكبر للسلطان حتى درجة أبناء أعمامه.

وهذه المادة رغم أهميتها ووضوحها أثارت نقاشاً عند صدور النظام، تَلخّصَ بأن عمان لأول مرة تعمل بنظام ولاية العهد، وهذا ليس له أساس من التجربة التاريخية العمانية، وأنها تتعارض مع تقاليد الإمامة الإباضية، التي كان لها حضور واسع في تاريخ الحكم العماني، والتي قدرّها حكام آل سعيد؛ لأجل ذلك، ولكون منطلق دولتهم هو نظام الإمامة باختيار جدهم أحمد بن سعيد (ت:1783م) المؤسس الأول لدولة آلبوسعيد إماماً لعمان. وهما اعتراضان غير حقيقيين، فالحكم في عمان.. لم يقتصر على نظام الإمامة وحده، بل كان يتناوب الحكم مع نظام سلطنة عمان، وهو نظام وراثي؛ من لوازمه ولاية العهد، سواء وجد لها قانون ينظمها أو لم يوجد، ووجد لها مؤسسة معينة أو لم توجد، فالتنظيمات المؤسسية والقانونية هي ابنة عصرنا، أما الفكرة والعمل بها فقديمة؛ لدى العمانيين وغيرهم. وكذلك بالنسبة للإمامة الإباضية، فقد عرفت الوصاية «ولاية العهد»، في عمان كوصية الإمام ناصر بن مرشد اليعربي (ت:1059هـ) لابن عمه سيف بن سلطان بن مالك (ت:1090هـ)، بل تعتبر الدولة اليعربية آخذة بهذا النهج، وإن كانت هناك هيئة من الفقهاء تنصِّب الإمام، وعلى الأمة أن تتبعهم. وفي خارج عمان كما حصل في الدولة الرستمية بالشمال الإفريقي، وهي مثال احتذاه اليعاربة. وقد فندتُ ذينك الاعتراضين في مقال «ولاية العهد.. والتقاليد الإباضية» نشرته جريدة «عمان» بتاريخ: 18/ 1/ 2021م.

وفي المبادئ الاقتصادية.. ينطلق «النظام21» من منطلقات «النظام96»، إلا أنه أضاف تشريعاً مهماً يتعلق بالمجتمع، فقد نص في المادة (14) على (توفير فرص العمل [للمواطنين]، والقضاء على الفقر)، ملزِماً الدولة بذلك حتى تستقر نفوس المواطنين، ويتجاوز المجتمع ما قد يحصل من احتقان فيه لعدم توفر فرص العمل للباحثين عنه. وينص «النظام96» في مادته (11) على أن (الضرائب والتكاليف العامة أساسها العدل وتنمية الاقتصاد الوطني). أما في «النظام21» لن تصبح الضرائب لأجل (تنمية الاقتصاد الوطني)، وإنما (أساسها العدالة الاجتماعية)، كما نصت عليه المادة (14)، وهذا تحوّل كلي في مفهوم صرف الضريبة لصالح المجتمع، يتناسب مع العدالة الاجتماعية التي تنشدها الشعوب.

وفي المبادئ الاجتماعية.. أولى «النظام96» عنايته بالأسرة، فاعتبرها (أساس المجتمع، وينظم القانون وسائل حمايتها، والحفاظ على كيانها الشرعي، وتقوية أواصرها وقيمها، ورعاية أفرادها وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم)، كما ورد في المادة (12) منه. بيد أن «النظام21» أولاها عناية أكبر، وركز على مسؤولية الدولة في بنائها وفق (الدين والأخلاق والوطنية)، وأوجب عليها العمل على (تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها)، وعلى (تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة)، بنص المادة (15) منه. واعتبرت (العمل حق وشرف)، فمن «حق» أي مواطن أن يحصل على عمل تستقيم به حياته، وهو كذلك «شرف» يعبّر من خلاله عن انتمائه للوطن. كما التفتت هذه المادة إلى الوقف، والوقف في المجتمعات الإنسانية من أهم ركائز وجودها، فأكدت على الدولة أن تشجع الوقف وتضمن استقلاله، وهو ما لم يرد في «النظام96».

وفي المبادئ الثقافية.. يلفت «النظام21» النظر بتوسعة مساحة الاستقلال والحرية فيها، فقد تكفلت الدولة باستقلال الجامعات، وأن يكون القَبول فيها بالمساواة على أساس الكفاءة والجدارة. وتكفل الدولة كذلك حرية البحث العلمي وحرية الإبداع الفكري ورعاية المدعين.

وفي الحقوق والواجبات العامة.. ربطت المادة (18) من «النظام21»، بين الحياة والكرامة، فلا حياة بدون كرامة: (الحياة والكرامة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة باحترامهما وحمايتهما وفقاً للقانون)، وهذه المادة إضافة على «النظام96».

هذه أهم القضايا التي تميّز بها النظام الأساسي للدولة الذي أصدره جلالة السلطان هيثم بن طارق - أعزّه الله - لتواكب تحولات المرحلة، ولتوسّع دائرة الاهتمام بالمواطن ومشاركته في إدارة دولته.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: جلالة السلطان ولایة العهد فی عمان

إقرأ أيضاً:

المستشار أحمد خليل: جرائم غسل الأموال تشكل تهديدا خطيرا للنظام المالى العالمى

قال المستشار أحمد سعيد خليل رئيس وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إن جريمة غسل الأموال وما يرتبط بها من جرائم، تشكل تهديدا خطيرا للنظام المالي العالمي، مؤكدًا علي التزام مصر الراسخ بمكافحة كافة صور جريمة غسل الأموال وحرمان المجرمين من متحصلاتهم غير المشروعة.

وأكد المستشار خليل خلال الكلمة التي ألقاها اليوم، خلال افتتاح أعمال "الورشة الإقليمية حول التحقيق والملاحقة القضائية في جرائم غسل الأموال" والتي تنعقد بالقاهرة على مدى ثلاثة أيام، والقائم على تنظيمها مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وصندوق النقد الدولي، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي، وباستضافة وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أن الدولة المصرية اتخذت خطوات حاسمة لمواءمة تشريعاتها مع المعايير الدولية، فضلا عن دعم كافة جهود التحقيق والملاحقة لمرتكبي جرائم غسل الأموال، على النحو الذي يحقق الردع المطلوب ويجفف منابع تمويل الأنشطة غير المشروعة.

وأضاف أن قانون مكافحة غسل الأموال والتعديلات التي أُدخلت عليه لاحقا، يشكل الأساس التشريعي للمنظومة المصرية المتكاملة في مجال مكافحة غسل الأموال، وذلك من خلال إنشاء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية كوحدة مستقلة تتولى تلقي وتحليل الإخطارات والمعلومات، وتوجيه نتائج التحليل إلى جهات إنفاذ القانون وسلطات التحقيق المختصة، مما يدعم جهود التحقيق والملاحقة.

وأشار إلي  أن قانون مكافحة غسل الأموال أوجب إجراء تحقيقات مالية موازية حول الجوانب المالية المتعلقة بنشاط إجرامي وتطوير أدلة يمكن استخدامها في الإجراءات الجنائية، بما يرسّخ فكرة أن التحقيق المالي ليس مسارا بديلا، بل مسار مواز في بناء القضايا.

وأشار المستشار أحمد سعيد خليل إلى أن مصر تمتلك نظاما متكاملا للتعرف على المستفيد الحقيقي من الهياكل القانونية والتحقق من هويته، من خلال وجود سجل وطني للمستفيد الحقيقي وإجراءات العناية الواجبة التي تلتزم بها المؤسسات المالية وأصحاب المهن والأعمال غير المالية.

ولفت أيضا إلى أن مصر أنشأت مجموعة من اللجان الوطنية، لضمان التكامل بين كافة الجهات الفاعلة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على المستوى الوطني، كما أنها ألزمت المؤسسات المالية بتعيين مسئول التزام للتواصل المباشر مع الجهات الوطنية المعنية.

وشدد المستشار خليل على أهمية تضافر الجهود الوطنية والإقليمية والدولية، في سبيل التصدي لجرائم غسل الأموال على المستوى الدولي، خصوصا وأن حجم المتحصلات التي يتم غسلها عالميا يمثل تحديا جسيما، إذ تصل إلى نحو 5% من الناتج الإجمالي المحلي العالمي سنويا.

وتابع قائلا: "التصدي لجرائم غسل الأموال يستلزم التعاون الوثيق بين كافة الجهات الفاعلة، لا سيما في مجالات التحري والتحقيق والملاحقة القضائية، في ظل التطور المستمر لأنماط الجريمة والتقدم الرقمي المتسارع، كما أن التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة التدفقات المالية غير المشروعة؛ يُعد أداة هامة لجمع الأدلة ومصادرة عائدات الأنشطة الإجرامية واسترداد الأصول".

ونوه المستشار أحمد سعيد خليل، في هذا الصدد، بجهود وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية، وسعيها الدائم إلى تبادل المعلومات المالية مع نظيراتها من دول العالم عبر شبكات التعاون الدولي مثل مجموعة "إجمونت".

كما أكد أهمية جهود الشبكة الإقليمية لاسترداد الأصول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينا -آرين) بهدف الإسراع من عمليات استرداد الأصول وتعزيز فعالية الجهود الجماعية في مكافحة الجرائم المالية، بالإضافة إلى إبرام مذكرات تفاهم مع وحدات التحريات المالية النظيرة.

وأضاف أن توصيات مجموعة العمل المالي  (FATF)التي وضعت الأسس لمكافحة غسل الأموال على مستوى العالم، أكدت أهمية وجود بيئة تشريعية قوية تقوم بتجريم غسل الأموال، فضلا عن الدور المحوري للتحري والتحقيق في عملية المكافحة وإنشاء وحدات تحريات مالية وطنية مستقلة لتلقي وتحليل المعلومات المالية المشبوهة، إلى جانب ضرورة التكاتف وبناء الشراكات على المستويين المحلي والدولي.

ولفت إلى أن المعايير الدولية تشدد على أن التحقيقات المالية ليست مجرد عنصر داعم للإجراءات الجنائية، بل تمثل عنصرا جوهريا لكشف الشبكات الإجرامية وتحليل أنماط إخفاء العائدات غير المشروعة، مؤكدا أن التكامل بين التحريات المالية والتحقيقات الجنائية يعزز فرص الوصول إلى الأحكام بالإدانة، ويحقق الردع المطلوب، ويجفف منابع تمويل الأنشطة غير المشروعة.

وأشار إلى أهمية معايير الشفافية والتعرف على المستفيد الحقيقي من الأشخاص الاعتبارية والترتيبات القانونية، لمنع استغلال الكيانات ذات الهياكل القانونية المعقدة في إخفاء هوية المستفيدين الحقيقيين وارتكاب الجرائم المالية.



مقالات مشابهة

  • رئيس مجلس الدولة يستقبل وفدًا قضائيًّا من دولة عمان
  • الخرمودي يقود ثورة في مديرية أملاك الدولة…إنهاء فوضى الإستغلال ونجاح ورش تحفيظ الممتلكات
  • "الدولة" ينهي مناقشة 3 مشروعات قوانين "السجل التجاري" و"المنازعات" ومؤسسات المجتمع المدني"
  • شبكة أطباء السودان تحذر من انهيار وشيك للنظام الصحي في دارفور وكردفان
  • الأحرار الفلسطينية تحيي العملية النوعية لكتائب القسام في بيت حانون
  • استمرار عمليات تصحيح امتحانات التعليم الأساسي بحلب
  • عاجل- النواب يقرون نظام البكالوريا بقانون التعليم ويعتبرونه اختياريًا ومجانيًا
  • مجلس النواب يوافق على مجموع مواد قانون التعليم ويرجئ الموافقة النهائية لجلسة الغد
  • المستشار أحمد خليل: جرائم غسل الأموال تشكل تهديدا خطيرا للنظام المالى العالمى
  • الحجازي لـ”الدبيبة”: “قبل ما تهدد طرابلس رجّع مصراتة للدولة أولًا”