متواليات الأحلام.. والرؤيا!
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
يوسف عوض العازمي
@alzmi1969
"إن كان القليل من الأحلام قد يضر بنا؛ فالعلاج ليس بالتوقف عن الحلم؛ بل بأن نحلم أكثر وأكثر طوال الوقت" مارسيل بروست.
*****
يُحكى أنه في زاوية من زوايا إحدى القرى في بلاد بعيدة يقال إن اسمها "السائلة"، جلست مجموعة قليلة من الرجال يتسامرون، ويتحدثون بكل شيء وأي شيء، بنفس الجلسة يبدأ الحديث عن التمر الخلاص وأفضل أنواعه، مرورا بأحاديث عن مستقبل بلدة السائلة، وأهمية تجديد سككها القديمة التي تطاير الحصى هو عنوانها، ووصولا للحديث عن تاريخ سوق الإبل والماشية، يتخلل تلك الأحاديث الملهمة بعض الشكاوى عن حموضة المعدة والبحث عن علاجات يسمع عنها في أقصى بلاد المغرب!
وفي إحدى الجلسات التي تملكتها أحاديث الأحلام، همس أحد الجالسين بأنه رأى حلمًا عجيبًا، استغرب منه ومن تفاصيله.
كان الرد المنطقي، أنه حلم وليس حقيقة، وأن الحلم حدث، لكنه بقي في إطاره كحلم وليس كحقيقة، فتدخل أحد الحاضرين ممن كانوا يستمعون لحديث الحلم، هنا قمت بالبحث عن عبارات مُعبرة عن الأحلام فوجدت عبارات للأديب الفرنسي الراحل ألكسندر دوما: "عِندما تُقارن مآسي الحياة الواقعية بالحياة الخيالية، لن ترغب في عيش الواقع مرة، سوف تتمنى لو أنك تستطيع أن تستغرق في الأحلام للأبد".
ومن خلال تتبع الأحداث تبين صحة الحلم، وأن حيثيات الحلم قد أتت ثمارها، وهنا أصبحت الجلسة في هذه الزاوية تتحدث عن صحة الحلم، ومدى تأثير الأحلام في تغيير خارطة موارد وسلاسل الإمداد اللوجستية في العالم، وكذلك اعتبار الأحلام جزءًا من القوة الناعمة للفت الأنظار نحو التمر الخلاص والمقارنة بين التمر القصيمي والحساوي، وحتى وصلت المقارنة بين أفضل الحمير (أجلكم الله) الناقلة للناس ما بين سكك وأزقة المنطقة العتيقة!
هنا أتحدث عن الأحلام والرؤيا، ولا أعلم بكثير عن مسائلها الشرعية المختصة بتفسير الأحلام وتعبير الرؤيا، وإن كنت أقرأ عن أحد أشهر المفسرين لها في تاريخ العرب ابن سيرين حيث قرأت له : أنّ قوماً تركوا العلم واتخذوا محاريب فصلّوا وصاموا بغير علم، والله ما عمل أحدٌ بغير علم إلا كان ما يفسد أكثر مما يُصلح. لكننا هنا وبعيدا عن حلم الزاوية في السائلة، وعن نقاشات الجلساء حول الحلم وتتابعاته الإقليمية وتأثيراته الدولية، وعن عبارات وكلمات أكسندر دوما وابن سيرين، نتساءل هل كل حلماً يمكن أن يصبح عِلمًا؟
الحلم هو في اليقظة أمل وطموح لأمر ما، فأحلام البشر وهو يقظين قطعا تختلف عن أحلام النوم ورؤياه، ولا أعلم ما الرابط بين حلم النوم وحلم اليقظة، الواضح أن هناك أحلامًا بالمنام يستحيل تحقيقها في أوقات الصحو، فهل هذا هو سبب صفة الأمل والطموح بأنه حلم؟
هل الصباح يستمر أم يجر الليل أذياله، ويتمكن من فرض المساء، هناك من يؤكد أن الصباح والليل من تأكيدية الأوضاع الكونية، إنما هل حلم الصباح هو صباح بالفعل، أم تتمكن منه المساءات ذات الدروب المعتمة؟
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ماذا يحمل الحلم من رسائل؟
سعيد ذياب سليم
استيقظتُ مذعورًا ليلة الأمس بعد أن رأيتُ في الحلم أنني أسير في عتمةٍ كثيفة، بيدي عصا يتخللها شقوق. وفي أحد المنعطفات، اعترض طريقي كلب ذو رأسين؛ أحدهما يزمجر بشراسة، والآخر يحدق فيّ بعينين جامدتين، وكأنما يريد أن يقول شيئًا. هل لهذا الحلم من معنى؟ هل ألجأ إلى تفسير فرويد، يونغ، أم ابن سيرين؟
تفسير الحلم وفقًا لسيغموند فرويد:
النفس البشرية تتكون من مستويين رئيسيين:
وفقًا لفرويد، العصا في الحلم رمز للقوة أو السيطرة التي قد أسعى لتحقيقها، بينما شقوقها تعكس تهديدًا داخليًا أو شعورًا بالضعف أمام تحديات معينة. السير في العتمة يمثل حالة من التردد أو الشك في قراراتي.
أما الكلب ذو الرأسين، فهو يعبر عن الصراع بين رغباتي المكبوتة وقوى العقل؛ الرأس المزمجر يمثل الرغبات العدوانية التي تسعى للظهور، بينما الرأس الصامت يعكس جانبًا تأمليًا يحث على ضبط النفس.
تفسير الحلم وفقًا لكارل غوستاف يونغ:
من منظور يونغ، النفس البشرية أعمق وأوسع، وتتكون من: الوعي: يمثل إدراكنا المباشر للأحداث. اللاوعي الشخصي: يحوي الذكريات والخبرات المكبوتة. اللاوعي الجمعي: يضم رموزًا ونماذج أولية مثل “الظل”، “الأم”، و”البطل”، وهي مشتركة بين كل البشر.
يرى يونغ أن الأحلام جسر بين هذه المستويات النفسية، وهي وسيلة لاكتشاف الذات.
العتمة الكثيفة: تمثل اللاوعي، أو مرحلة غامضة في حياتي تنقصها الرؤية الواضحة.
العصا المتشققة: ترمز إلى وسيلة الحماية أو القوة التي أعتمد عليها، بينما الشقوق تعكس شعورًا داخليًا بعدم الاستعداد الكامل لمواجهة التحديات.
الكلب ذو الرأسين:
لرأس المزمجر يرمز إلى “الظل”، الجانب العدواني أو المظلم الذي أحاول كبته أو تجنبه.
الرأس الصامت يعبر عن جانب تأملي يدعوني إلى الهدوء وضبط النفس.
في الميثولوجيا الإغريقية، “أورثوس”، الكلب ذو الرأسين، كان حارسًا للثروات الثمينة. في حلمي، قد يكون رمزًا لما ينبغي علي مواجهته لحماية القيم المهمة أو لتحقيق نمو نفسي أعمق.
الرسالة من الحلم:
يجمع الحلم بين نظرتي فرويد ويونغ، فهو يعكس صراعًا داخليًا بين الرغبات المكبوتة والبحث عن التوازن النفسي. من منظور فرويد، الحلم ينبهني إلى مواجهة رغباتي الداخلية بعقلانية. أما من منظور يونغ، الحلم فرصة لاكتشاف الذات من خلال مواجهة “الظل” والتصالح مع العناصر المخفية في اللاوعي، مما يسهم في تحقيق التكامل النفسي والنمو الروحي.
الحلم يدعوني للتأمل في أدواتي النفسية واستكشاف قوتي الداخلية، مع فهم التوازن بين قمع المخاوف والتعامل معها بوعي.
ماذا سنجد عند شيخ المفسرين ابن سيرين؟
تفسير الحلم وفقًا لابن سيرين يعتمد على رموز الحلم وما تمثله في الثقافة الإسلامية والتقاليد المرتبطة بتفسير الأحلام. بناءً على العناصر الأساسية في الحلم: السير في الظلام:
يدل السير في الظلام عند ابن سيرين على الحيرة أو الضياع في أمر ما، وقد يشير إلى البحث عن طريق الحق والهداية أو الوقوع في شكوك أو مشكلات في الحياة اليومية. الظلام يمكن أن يعكس خوفًا من المجهول أو قلقًا من المستقبل. العصا المتشققة:
العصا عند ابن سيرين ترمز إلى القوة أو السلطة، واستخدامها يدل على الاعتماد على وسيلة ما لتحقيق غاية أو مواجهة تحدٍ. إذا كانت العصا متشققة، فقد يشير ذلك إلى خلل في الوسيلة أو ضعف في الاعتماد على شيء أو شخص معين في الحياة. الكلب ذو الرأسين:
الكلب في المنام عند ابن سيرين يمكن أن يرمز إلى العدو أو الشخص الذي يحمل نوايا سيئة ولكنه لا يمتلك القوة لإلحاق الضرر الكبير.
رأسان للكلب قد يعبران عن ازدواجية في المواقف أو القرارات، وربما وجود شخص يتظاهر بشيء ويخفي آخر. الزمجرة تعكس العداء، بينما الرأس الآخر جامد النظرات قد يشير إلى شخص محايد أو صامت لكنه يراقب باهتمام.
الرسالة من الحلم وفقًا لابن سيرين:
الحلم قد يكون دعوة للتأمل في حياتي ومعرفة طريقي بوضوح. الظلام يعكس حالة من الحيرة أو التردد في قرارات مهمة، والعصا المتشققة تشير إلى ضرورة إصلاح وسائل القوة التي تعتمد عليها. أما الكلب ذو الرأسين، فقد يكون رمزًا لشخصين في حياتي يمثلان قوتين متعارضتين، أو قرارين أحتاج إلى الاختيار بينهما بحذر.
النصيحة:
ابن سيرين يدعو إلى السعي للهداية، والاستعانة بالله في إزالة الحيرة، وإعادة النظر في العلاقات والقرارات الحياتية لتجنب الاضطرابات والصراعات.
لقد أتعبني البحث في موضوع الحلم ورموزه. أتذكر جيدًا حديث ابنتي تلك الليلة عن رحلتها الباكرة نحو الحافلة التي تقلها إلى الجامعة، وكيف هددها كلب في الظلام خرج من زقاق قريب، وكيف نصحتها أن تواجهه بثبات دون أن تُظهر خوفها. أكان هذا الحادث هو الشرارة التي أشعلت هذه الرؤيا؟ أم أن اللاوعي يحمل معانٍ أعمق مما نراه في الواقع؟ ربما الحلم هو مجرد انعكاس لقلقي كأب، وربما هو دعوة صامتة لأستعد لما هو أبعد من ذلك، في العتمة التي نخطو فيها جميعًا، لا أعتقد أن الحلم نوع من أنواع الهلوسة فقط. مقالات ذات صلة كل اليهود لإسرائيل جنود / الجزء الرابع 2024/11/23