جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-06@02:22:51 GMT

العالم يتشكل بتاريخ غزَّة

تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT

العالم يتشكل بتاريخ غزَّة

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

اكتشف العالم مُتأخِّرًا أن "طوفان الأقصى" ليس حدثًا عارضًا؛ بل مفصلًا تاريخيًا استيقظ العرب والعالم على وقعه وتفاصيله؛ ليشكل ركنًا حيويًا من أركان التاريخ الإنساني.

وكما يذكر العالم مفاصل تاريخية حادة شكَّلت الوعي العربي والعالمي وفرضت نفسها في جنباته وسيرورته؛ فغزَّة فرضت على العالم المعاصر تدوين التاريخ باسمها منذ السابع من أكتوبر.

وكما اعتاد على تقسيم التاريخ بين قديم وأوسط وحديث، وقبل الميلاد وبعده؛ ففي غزَّة ترمَّمَ الوعي العربي المُنهك واستعاد إنسانيته وحيويته. ومن غزَّة شعر العالم بأفول خُرافات وأساطير رتلتها الشعوب بلا وعي لعقود خلت، قبل أن تكشف غزَّة زيفها. غزَّة حرَّرت العقل العربي من أغلال غزو فكري غربي فاخر مغموس بتكنولوجيا مُرعبة وآلة إعلام مُدمرة للعقل ومحاصرة للوعي إلى حد إلغائه.

في غزَّة ومن غزَّة، سقطت نظرية الجيش الذي لا يُقهر، وفي غزَّة ومن غزَّة سقطت الاستراتيجية الصهيو-أمريكية "الخوف مقابل الكثرة" التي غيَّبت العقل العربي وأقعدته عن أي مواجهة حقيقية لاسترداد الأرض المغتصبة؛ بل وجعلت من الكيان الصهيوني قضاءً وقدرًا لا يُرد، إلّا بالتطبيع والاستسلام والتسليم له بأحقيته في الأرض والعرض والمال والولد، والسيادة والقيادة لحاضر الأمة ومستقبلها؛ بل وأحقيته في إعادة كتابة تاريخ الأمة وفق أساطيره وخرافاته.

غزَّة أيقظت ضمير العالم ورمَّمَت وعيه بزيف حقوق الإنسان، وكذبة الحريات، وحقيقة المنظمات الدولية ووظائفها، والأهم من ذلك هو تجاسر العالم على الصهيونية العالمية والتي دقّت غزَّة الإسفين الأول في نعشها.

غزَّة، فرزت العرب والعالم بين فسطاطين؛ فسطاط العلف وفسطاط الشرف، وبين ثقافة المُقاوِم وثقافة المُقاوِل، وبيَّنت بجلاء الفروقات الشاسعة بينهما. غزَّة بينت للعرب والعالم حقيقة الكيان ووظيفته كقاعدة مُتقدمة للصهيونية العالمية بمسمى دولة وبمظاهر كيان سياسي.

غزَّة أظهرت للعرب أن التطبيع هو تمكين العدو من استباحة ما عجز عنه بالقوة المسلحة أو المناورة السياسية، وأعادت مفاهيم الحرية والكرامة وثمنهما بعد غياب طويل وتغييب قسري عن الوعي العربي المُعاصر.

غزَّة برهنت على أن من يُفرِّط في فلسطين، سيُفرِّط في بلده لا مُحالة؛ فالشرف والكرامة ونصرة الحق مفاهيم لا تعرف جغرافيا ولا مِلّة ولا دين.

غزَّة بينت أن صراع العرب مع العدو الصهيوني هو في الأساس صراع إرادات، قبل أن يكون صراع سلاح وجيوش وتكنولوجيا، وغزَّة أثبتت للعرب والعالم كيف يُهزم العقل أولًا كمقدمة ضرورية لهزيمة الجسد والوعي والإرادة معًا.

غزَّة تجاسرت على الأساطير والخرافات الصهيونية، فهزمت الواقع الصهيوني بجدارة واستحقاق، وبرهنت للعرب أن تحرير العقل يسبق تحرير الأرض.

غزَّة برهنت أن فلسطين هي الخندق الأول للأمن القومي العربي، وأن دعمها ونصرتها يعني تحرُّر العرب من جميع أغلال وقيود الاستعمار الجديد والمتمثلة في الهيمنة والتبعية وحصار العقل.

غزَّة برهنت على أن فلسطين هي الخندق الأول للصهيونية العالمية لتطويع الوطن العربي وإخضاعه لهيمنتها تدريجيًا، كما برهنت على أن احتلال فلسطين في العقل الصهيوني هو "الفيتو" الغربي الدائم لضمان عدم نهوض العرب خارج سياق مفهوم "الدولة السوبر ماركت"، وهو الضامن لتمزيقهم وتفتيت قواهم إلى أقطار متناثرة لا يجمعهم سوى تاريخ سحيق لم يعد صالحًا للاستهلاك الآدمي!!

قبل اللقاء.. غزَّة ترجمت قول الحق تبارك وتعالى (وأعدو لهم ما استطعتم) فصبرت وصابرت، وتواصت بالحق وتواصت بالصبر.. فانتصرت.

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

العالم العربي والخرائط الجديدة.

العالم العربي والخرائط الجديدة.
هنا الأعرج.

المشاهد القائمة اليوم في غرب آسيا ومحاور المقاومة فيها، غزة، البحر الاحمر، جنوب لبنان، العراق، من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى، تعكس حقيقة أن الحرب باتت تلامس أطراف الحرب الشاملة لا سيما عمليات الاغتيال ضد قادة المقاومة واستهداف لبنان جويا والاعلان عن توغل بري محدود في جنوب لبنان وما تبعها من الرد الصاروخي الايراني الأخير الذي وفق تقارير خاصة أصاب معظم بنك أهدافه وألحق ضررا ماديا في مؤسسات أمنية وعسكرية اسرائيلية في تل أبيب والنقب.

هل نتجه إلى حرب شاملة وخرائط جديدة؟
في اكتوبر الماضي أعلن نتيناهو أن الحرب ستستمر إلى أكثر من عامين وأن ثمة شرق أوسط جديد في الأفق، وهو ما يعني أن الحرب الشاملة هي مطلب إسرائيلي بالدرجة الأولى، وقد سعى الاحتلال خلال عملياته العسكرية إلى جر القوى الدولية لذلك باعتبار أنه قاعدة عسكرية متقدمة في المنطقة وجدت للدفاع ولحماية المصالح الغربية.
في غزة وصل عدد الشهداء لنحو ٤٢ ألف وفي لبنان استطاع الاحتلال من تصفية قيادة حزب الله بصفها الأول والثاني والثالث، وقصف الطيران الجوي الإسرائيلي الحديدة في اليمن مرتين،
وهو تطور عملياتي يهدف إلى فصل الساحات بما يتيح لاحقا التفاوض تحت النار وانتزاع مكاسب وتثبيت حقائق على الأرض تصب في صالح الاحتلال وتمدده جغرافيا في جنوب لبنان وجنوب سورية ومناطق أخرى قيد الرصد.

التهجير سلوك جيوسياسي يعني تغيرات ديمواغرفية تؤسس لتغيرات في الوضع الجغرافي القائم واعادة ملئ الفراغ السكاني بطريقة مختلفة.
في الضفة بدأ المشروع هذا وحتى اللحظة هناك أكثر من ٤٠٠٠ عائلة فلسطينية هجرت اضافة إلى افراغ قرى بأكملها تمهيدا لاحتلالها وتوسعة مشروع إسرائيل الاستيطاني.
وفي غزة يجري الحديث اليوم عن أكثر من مليون فلسطيني مهجر من الشمال إلى الحدود مع مصر،
وهناك ثمة مليون نازح من لبنان حتى اليوم تركوا بيوتهم في جنوب لبنان والهدف الاسرائيلي في ذلك هو إعادة ترسيم الحدود مع جنوب لبنان والتمدد لنحو ١٠ كيلوا مترات اضافية وبناء قواعد عسكرية أو ربما مستوطنات،
وايضا زيادة العبء على الدولة اللبنانية ووضع المكونات الاجتماعية اللبنانية في مواجهة بعضها ما يعني استنزاف لبنان بالكامل.

مقالات ذات صلة ايران عاقلة 2024/10/03

اذن نحن أمام مشروع عبث بالخرائط وعبث بالتوازنات الديموغرافية لخلق خرائط جديدة يريدها الإسرائيلي تحت غطاء سياسي وأمني غربي، وبالمناسبة لم تكن تصريحات دونالد ترامب حول أن حجم دولة إسرائيل صغير مجرد بروبوغاندا لاستعطاف اللوبي اليهودي في انتخابات الرئاسة المقبلة، بل تفكير جاد في مستقبل إسرائيل الجغرافي والسياسي والأمني في المنطقة.

تبقى هذه رغبات الاحتلال، يقابلها مقاومة رافضة لذلك وأكثر ما يدل على ذلك هو حديث نعيم قاسم بعد اغتال حسن نصر الله وتأكيده على وحدة الساحات، والعمليات التي يقوم بها أنصار الله في اليمن، والاشتباكات المستمرة بين مقاومة غزة والعدو على محور نتساريم،
الأهم من ذلك هو توقيت الضربة الإيرانية والتي يبدو أنها ضربة لا تسعى فقط لإعادة معادلة الردع بل أيضا فتح الاحتمالات على مصراعيها بما في ذلك تغير شكل المنطقة بشكل جذري وكامل.

مقالات مشابهة

  • بالطائرات المسيرة.. المقاومة العراقية تهاجم 3 أهداف حيوية للعدو الصهيوني في فلسطين المحتلة
  • جيش التحرير الفلسطيني: حرب تشرين التحريرية نقطة تحول تاريخية في ‏الصراع العربي الصهيوني ‏
  • أسعار الغذاء العالمية معرضة لخطر الارتفاع بسبب أسوأ موجة جفاف بتاريخ البرازيل
  • المقاومة العراقية تضرب 3 أهداف للعدو الصهيوني في شمال فلسطين المحتلة
  • مسيرة تضامنية في الأردن تندد بالعدوان الصهيوني على فلسطين ولبنان
  • الرئيس الإيراني: العدوان الصهيوني سينال عقابه وسنواصل دعم المقاومة حتى تحرير فلسطين
  • أمين «البحوث الإسلامية»: الإلحاد خطر يهدد العالم ومن عورات الفكر الإنساني
  • العالم العربي والخرائط الجديدة.
  • معرض الرياض الدولي للكتاب يناقش إشكالات "الكتاب العربي والحضور العالمي"
  • معرض الرياض الدولي يناقش إشكالات "الكتاب العربي والحضور العالمي"