جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-29@00:01:36 GMT

العالم يتشكل بتاريخ غزَّة

تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT

العالم يتشكل بتاريخ غزَّة

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

اكتشف العالم مُتأخِّرًا أن "طوفان الأقصى" ليس حدثًا عارضًا؛ بل مفصلًا تاريخيًا استيقظ العرب والعالم على وقعه وتفاصيله؛ ليشكل ركنًا حيويًا من أركان التاريخ الإنساني.

وكما يذكر العالم مفاصل تاريخية حادة شكَّلت الوعي العربي والعالمي وفرضت نفسها في جنباته وسيرورته؛ فغزَّة فرضت على العالم المعاصر تدوين التاريخ باسمها منذ السابع من أكتوبر.

وكما اعتاد على تقسيم التاريخ بين قديم وأوسط وحديث، وقبل الميلاد وبعده؛ ففي غزَّة ترمَّمَ الوعي العربي المُنهك واستعاد إنسانيته وحيويته. ومن غزَّة شعر العالم بأفول خُرافات وأساطير رتلتها الشعوب بلا وعي لعقود خلت، قبل أن تكشف غزَّة زيفها. غزَّة حرَّرت العقل العربي من أغلال غزو فكري غربي فاخر مغموس بتكنولوجيا مُرعبة وآلة إعلام مُدمرة للعقل ومحاصرة للوعي إلى حد إلغائه.

في غزَّة ومن غزَّة، سقطت نظرية الجيش الذي لا يُقهر، وفي غزَّة ومن غزَّة سقطت الاستراتيجية الصهيو-أمريكية "الخوف مقابل الكثرة" التي غيَّبت العقل العربي وأقعدته عن أي مواجهة حقيقية لاسترداد الأرض المغتصبة؛ بل وجعلت من الكيان الصهيوني قضاءً وقدرًا لا يُرد، إلّا بالتطبيع والاستسلام والتسليم له بأحقيته في الأرض والعرض والمال والولد، والسيادة والقيادة لحاضر الأمة ومستقبلها؛ بل وأحقيته في إعادة كتابة تاريخ الأمة وفق أساطيره وخرافاته.

غزَّة أيقظت ضمير العالم ورمَّمَت وعيه بزيف حقوق الإنسان، وكذبة الحريات، وحقيقة المنظمات الدولية ووظائفها، والأهم من ذلك هو تجاسر العالم على الصهيونية العالمية والتي دقّت غزَّة الإسفين الأول في نعشها.

غزَّة، فرزت العرب والعالم بين فسطاطين؛ فسطاط العلف وفسطاط الشرف، وبين ثقافة المُقاوِم وثقافة المُقاوِل، وبيَّنت بجلاء الفروقات الشاسعة بينهما. غزَّة بينت للعرب والعالم حقيقة الكيان ووظيفته كقاعدة مُتقدمة للصهيونية العالمية بمسمى دولة وبمظاهر كيان سياسي.

غزَّة أظهرت للعرب أن التطبيع هو تمكين العدو من استباحة ما عجز عنه بالقوة المسلحة أو المناورة السياسية، وأعادت مفاهيم الحرية والكرامة وثمنهما بعد غياب طويل وتغييب قسري عن الوعي العربي المُعاصر.

غزَّة برهنت على أن من يُفرِّط في فلسطين، سيُفرِّط في بلده لا مُحالة؛ فالشرف والكرامة ونصرة الحق مفاهيم لا تعرف جغرافيا ولا مِلّة ولا دين.

غزَّة بينت أن صراع العرب مع العدو الصهيوني هو في الأساس صراع إرادات، قبل أن يكون صراع سلاح وجيوش وتكنولوجيا، وغزَّة أثبتت للعرب والعالم كيف يُهزم العقل أولًا كمقدمة ضرورية لهزيمة الجسد والوعي والإرادة معًا.

غزَّة تجاسرت على الأساطير والخرافات الصهيونية، فهزمت الواقع الصهيوني بجدارة واستحقاق، وبرهنت للعرب أن تحرير العقل يسبق تحرير الأرض.

غزَّة برهنت أن فلسطين هي الخندق الأول للأمن القومي العربي، وأن دعمها ونصرتها يعني تحرُّر العرب من جميع أغلال وقيود الاستعمار الجديد والمتمثلة في الهيمنة والتبعية وحصار العقل.

غزَّة برهنت على أن فلسطين هي الخندق الأول للصهيونية العالمية لتطويع الوطن العربي وإخضاعه لهيمنتها تدريجيًا، كما برهنت على أن احتلال فلسطين في العقل الصهيوني هو "الفيتو" الغربي الدائم لضمان عدم نهوض العرب خارج سياق مفهوم "الدولة السوبر ماركت"، وهو الضامن لتمزيقهم وتفتيت قواهم إلى أقطار متناثرة لا يجمعهم سوى تاريخ سحيق لم يعد صالحًا للاستهلاك الآدمي!!

قبل اللقاء.. غزَّة ترجمت قول الحق تبارك وتعالى (وأعدو لهم ما استطعتم) فصبرت وصابرت، وتواصت بالحق وتواصت بالصبر.. فانتصرت.

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هل تحوّل العراق إلى قطب رقمي في العالم العربي؟

يناير 27, 2025آخر تحديث: يناير 27, 2025

المستلقة/- في خطوةٍ تُعدّ بمثابة تجديدٍ طموح من الحكومة العراقية، أكدت وزيرة الاتصالات هيام الياسري في تصريحٍ لها من مصر على ضرورة تعزيز التعاون العربي في مجالات التحول الرقمي والأمن السيبراني. لكن، هل يمكن للعراق أن يصبح حقًا محركًا رئيسيًا في الثورة الرقمية العربية؟ وما هو الثمن الذي قد يدفعه البلد الذي لا يزال يعاني من تحديات البنية التحتية الحديثة؟

التحول الرقمي: حلم أم واقع؟

الياسري أكدت في تصريحها على أهمية النهوض بقطاع التحول الرقمي في العراق، مشيرة إلى أن العراق يطمح لأن يكون لاعبًا محوريًا في مجالات مثل الأمن السيبراني وتبادل الخبرات الرقمية مع الدول العربية. لكن السؤال الذي يطرحه كثيرون: هل العراق يمتلك البنية التحتية الضرورية لتحقيق هذا الهدف؟

من جهة أخرى، هل يمكن للعراق أن يتغلب على عقبات مثل ضعف الاتصال بالإنترنت في بعض المناطق، وقلة التدريب والتطوير المهني في هذا القطاع؟ وهل سيستطيع العراق منافسة دول مثل الإمارات ومصر التي قطعت شوطًا طويلًا في هذا المجال؟

العراق في قلب التعاون العربي… هل سيكون “الرقمنة” نقطة التحول؟

على الرغم من أن العراق ومصر اتفقا على تعزيز التعاون في مجال البريد والتحويلات المالية عبر شركة البريد العامة، وتفعيل مذكرة التفاهم في مجال التحول الرقمي، يبقى الرهان الأكبر على قدرة العراق على بناء بنية تحتية رقمية متطورة. هذا التعاون مع مصر قد يفتح أفقًا جديدة، لكن هل سيظل العراق مجرد شريك في نقل التكنولوجيا؟ أم سيخطو نحو الريادة في هذا المجال؟

الحديث عن “الرقمنة” يثير تساؤلات عن مدى استعداد الحكومة العراقية لمواجهة التحديات المترتبة على هذه التحولات، خصوصًا في ظل وجود فجوات كبيرة بين المناطق الحضرية والريفية في مستوى الوصول إلى الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة.

الأمن السيبراني: “هل لدينا القدرة على حماية بياناتنا؟”

أحد المحاور الرئيسية التي تحدثت عنها الياسري هو ضرورة النهوض بقطاع الأمن السيبراني وحماية البيانات الشخصية. لكن يظل السؤال المطروح: هل تمتلك العراق الخبرات التقنية والبنية القانونية لحماية معلومات مواطنيها، خاصة في ظل تهديدات قرصنة الإنترنت والاختراقات التي تعصف بالعديد من الدول المتقدمة؟

رغم أن العراق قد أحرز بعض التقدم في مجال التشريعات المتعلقة بحماية البيانات، يبقى التخوف من أن يبقى النظام الرقمي العربي في ظل تهديدات متواصلة من الهجمات السيبرانية التي قد تجعل من مشاريع “التحول الرقمي” قنبلة موقوتة إذا لم يتم التعامل معها بحذر.

التعاون العربي: تفعيل أم “إعادة تدوير” الأفكار؟

في الاجتماع الذي عُقد في مصر، تم التوصل إلى اتفاقات مشتركة بشأن التعاون الرقمي، مثل مبادرة “التعاون الرقمي العربي”، التي اقترحها العراق. لكن في الواقع، قد يكون هذا مجرد “إعادة تدوير” للأفكار القديمة، دون تنفيذ حقيقي على الأرض. ففي وقت تتنافس فيه دول عربية مثل الإمارات والسعودية على الصدارة في المجالات الرقمية، هل يمكن للعراق أن يثبت جدارته كقائد لهذه الجهود؟

العراق اليوم بحاجة إلى خطوات ملموسة بعيدًا عن التصريحات الدبلوماسية، فمن الممكن أن تتحقق النجاحات إذا تم توظيف التفاهمات الأخيرة بشكل فعّال في بناء بنية تحتية قوية وتحفيز الابتكار المحلي.

الخلاصة: نحو التحول الرقمي… أم لا؟

العراق يواجه تحديات كبيرة في سبيل تحقيق تحوّل رقمي شامل، وقد تفتح اتفاقات التعاون مع دول مثل مصر بابًا للفرص. ولكن إذا أراد العراق أن يصبح رائدًا في هذا المجال، يجب أن يكون هناك استثمار حقيقي في التعليم، التكنولوجيا، والبنية التحتية، بعيدًا عن التصريحات الصحفية والتفاهمات غير القابلة للتنفيذ.

هل سيكون العراق قادرًا على مواجهة التحديات التي تفرضها الثورة الصناعية الرابعة، أم سيظل جزءًا من المنظومة العربية التي تعاني من هشاشة في مجالات التكنولوجيا؟ هذه الأسئلة تبقى دون إجابة واضحة، ولكن ما هو مؤكد أن العراق أمام مفترق طرق قد يشكل بداية عصر رقمي جديد، إذا كانت لديه الإرادة لتنفيذه.

مقالات مشابهة

  • محلل سياسي فلسطيني: تهديدات ترامب الأخيرة ليست موجهة فقط للشعب الفلسطيني والعالم العربي
  • البخيتي: استقرار المنطقة مرهون بالتزام الكيان الصهيوني بوقف إطلاق النار في فلسطين ولبنان
  • هلاوس ترامب
  • لازاريني: عمل الأونروا في فلسطين سيتعطل بسبب الحظر الصهيوني
  • الساحل الإفريقي .. الأكثر عنفًا في إفريقيا والعالم
  • اليوم تحديث “ساعة يوم القيامة”.. والعالم يترقب!
  • ماذا ينتظرنا ؟ غدا تحديث “ساعة يوم القيامة”.. والعالم يترقب!
  • «المصري الديمقراطي» يدعو الشعب للتضامن مع فلسطين من معبر رفح
  • هل تحوّل العراق إلى قطب رقمي في العالم العربي؟
  • رئيس حزب المؤتمر: مصر تدرك خطورة المخطط الصهيوني لتصفية قضية فلسطين