جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-07@13:45:53 GMT

العالم يتشكل بتاريخ غزَّة

تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT

العالم يتشكل بتاريخ غزَّة

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

اكتشف العالم مُتأخِّرًا أن "طوفان الأقصى" ليس حدثًا عارضًا؛ بل مفصلًا تاريخيًا استيقظ العرب والعالم على وقعه وتفاصيله؛ ليشكل ركنًا حيويًا من أركان التاريخ الإنساني.

وكما يذكر العالم مفاصل تاريخية حادة شكَّلت الوعي العربي والعالمي وفرضت نفسها في جنباته وسيرورته؛ فغزَّة فرضت على العالم المعاصر تدوين التاريخ باسمها منذ السابع من أكتوبر.

وكما اعتاد على تقسيم التاريخ بين قديم وأوسط وحديث، وقبل الميلاد وبعده؛ ففي غزَّة ترمَّمَ الوعي العربي المُنهك واستعاد إنسانيته وحيويته. ومن غزَّة شعر العالم بأفول خُرافات وأساطير رتلتها الشعوب بلا وعي لعقود خلت، قبل أن تكشف غزَّة زيفها. غزَّة حرَّرت العقل العربي من أغلال غزو فكري غربي فاخر مغموس بتكنولوجيا مُرعبة وآلة إعلام مُدمرة للعقل ومحاصرة للوعي إلى حد إلغائه.

في غزَّة ومن غزَّة، سقطت نظرية الجيش الذي لا يُقهر، وفي غزَّة ومن غزَّة سقطت الاستراتيجية الصهيو-أمريكية "الخوف مقابل الكثرة" التي غيَّبت العقل العربي وأقعدته عن أي مواجهة حقيقية لاسترداد الأرض المغتصبة؛ بل وجعلت من الكيان الصهيوني قضاءً وقدرًا لا يُرد، إلّا بالتطبيع والاستسلام والتسليم له بأحقيته في الأرض والعرض والمال والولد، والسيادة والقيادة لحاضر الأمة ومستقبلها؛ بل وأحقيته في إعادة كتابة تاريخ الأمة وفق أساطيره وخرافاته.

غزَّة أيقظت ضمير العالم ورمَّمَت وعيه بزيف حقوق الإنسان، وكذبة الحريات، وحقيقة المنظمات الدولية ووظائفها، والأهم من ذلك هو تجاسر العالم على الصهيونية العالمية والتي دقّت غزَّة الإسفين الأول في نعشها.

غزَّة، فرزت العرب والعالم بين فسطاطين؛ فسطاط العلف وفسطاط الشرف، وبين ثقافة المُقاوِم وثقافة المُقاوِل، وبيَّنت بجلاء الفروقات الشاسعة بينهما. غزَّة بينت للعرب والعالم حقيقة الكيان ووظيفته كقاعدة مُتقدمة للصهيونية العالمية بمسمى دولة وبمظاهر كيان سياسي.

غزَّة أظهرت للعرب أن التطبيع هو تمكين العدو من استباحة ما عجز عنه بالقوة المسلحة أو المناورة السياسية، وأعادت مفاهيم الحرية والكرامة وثمنهما بعد غياب طويل وتغييب قسري عن الوعي العربي المُعاصر.

غزَّة برهنت على أن من يُفرِّط في فلسطين، سيُفرِّط في بلده لا مُحالة؛ فالشرف والكرامة ونصرة الحق مفاهيم لا تعرف جغرافيا ولا مِلّة ولا دين.

غزَّة بينت أن صراع العرب مع العدو الصهيوني هو في الأساس صراع إرادات، قبل أن يكون صراع سلاح وجيوش وتكنولوجيا، وغزَّة أثبتت للعرب والعالم كيف يُهزم العقل أولًا كمقدمة ضرورية لهزيمة الجسد والوعي والإرادة معًا.

غزَّة تجاسرت على الأساطير والخرافات الصهيونية، فهزمت الواقع الصهيوني بجدارة واستحقاق، وبرهنت للعرب أن تحرير العقل يسبق تحرير الأرض.

غزَّة برهنت أن فلسطين هي الخندق الأول للأمن القومي العربي، وأن دعمها ونصرتها يعني تحرُّر العرب من جميع أغلال وقيود الاستعمار الجديد والمتمثلة في الهيمنة والتبعية وحصار العقل.

غزَّة برهنت على أن فلسطين هي الخندق الأول للصهيونية العالمية لتطويع الوطن العربي وإخضاعه لهيمنتها تدريجيًا، كما برهنت على أن احتلال فلسطين في العقل الصهيوني هو "الفيتو" الغربي الدائم لضمان عدم نهوض العرب خارج سياق مفهوم "الدولة السوبر ماركت"، وهو الضامن لتمزيقهم وتفتيت قواهم إلى أقطار متناثرة لا يجمعهم سوى تاريخ سحيق لم يعد صالحًا للاستهلاك الآدمي!!

قبل اللقاء.. غزَّة ترجمت قول الحق تبارك وتعالى (وأعدو لهم ما استطعتم) فصبرت وصابرت، وتواصت بالحق وتواصت بالصبر.. فانتصرت.

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

نتانياهو وإقالة غالانت.. هل يؤثر القرار على الناخب العربي في الرئاسيات الأميركية؟

في يوم الانتخابات الأميركية، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إقالة وزير دفاعه، يوآف غالانت. ولا يعرف على وجه التحديد ما إذا كان للقرار صلة بالانتخابات، لكن لا شك أن تصرفات الحكومة الإسرائيلية موضع اهتمام العديد من الناخبين الأميركيين، خاصة من أفراد الجالية العربية.

كان نتانياهو قد أعلن إقالة غالانت وعيّن بدلا منه إسرائيل كاتس، وزير الخارجية. ومن جانبه، اعتبر البيت الأبيض أن غالانت كان "عاملا مهما في الدفاع عن إسرائيل وستواصل الولايات المتحدة العمل مع وزير الدفاع المقبل"، وفق بيان للرئاسة الأميركية.

وتطرح هذه الإقالة تساؤلات عما إذا كانت ستؤثر على مزاج الناخب العربي في الانتخابات الأميركية، بالنظر إلى موقف العديد من أفراد الجالية الغاضب من طريقة تعامل إدارة بايدن- هاريس مع حرب غزة.

وبينما وعد كلا من دونالد ترامب وكاملا هاريس بالعمل على إنهاء الحرب، يبدو أن الناخبين العرب منقسمون إزاء من سيرشحون، فهناك من سيصوت لهاريس وهناك من سيصوت لترامب وهناك من أعربوا عن رغبتهم في التصويت للطرف الثالث.

ديفيد وارن، الرئيس المشارك لمؤسسة "عرب أميركا" قال في تصريحات لقناة الحرة، الثلاثاء، إنه لا يعرف الاتجاه الذي سيسلكه الناخبون العرب في التصويت، إلا أن "المشاعر جياشة اليوم. هناك هذه الإبادة، وإدارة غضت الطرف عما يحدث. وهذه الإبادة مستمرة. وهناك الآلاف قضوا نحبهم في لبنان. الناس مشاعرها متأججة. كثيرون أيدوا جيل ستاين. البعض مع ترامب. البعض مع هاريس. صوت العرب سيكون له وقع مؤثر في خسارة ترامب أو هاريس".

أديوي أوويليو، عضو مجلس النواب الديمقراطي، قال، من جانبه، لقناة الحرة: "المشاعر متأججة وما هو على المحك في غاية الأهمية. قالت نائبة الرئيس إنها ستراقب الوضع وسيكون لها موقف أما الطرف الآخر فيعطي شيكا على بياض للإسرائيليين ليفعلوا ما يريدونه. علينا أن نعرف أن تصرفات نتانياهو تكمن مردها أسباب سياسة، وهناك من هم في إسرائيل لا يشعرون بالأمان بسبب تصرفاته. الشباب في الجامعات (الأميركية) يأخذون هذه المعلومات عبر وسائل غير تقليدية ونرىوقع ذلك عليهم. على شباب الجالية العربية الانتباه لذلك".

وقال نتانياهو في شرحه لإقالة الوزير: "في خضم الحرب، أكثر من أي وقت مضى، هناك حاجة إلى ثقة كاملة بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع".

وتابع: "للأسف، رغم أن هذه الثقة كانت موجودة وكان هناك تعاون مثمر للغاية في الأشهر الأولى من الحملة، إلا أنه في الأشهر الأخيرة تآكلت هذه الثقة بيني وبين وزير الدفاع".

وصف أزمة الثقة بينه وبين غالانت بأنها تحولت لـ"مسألة عامة"، مبينا: "ليس أنا فقط من يقول هذا، بل أغلب أعضاء الحكومة ومعظم أعضاء المجلس الوزاري المصغر تقريباً يشاركونني نفس الشعور، بأنه لا يمكن الاستمرار على هذا النحو".

مقالات مشابهة

  • وكيل دفاع النواب: فوز ترامب سيكون له دلالات كبيرة علي الاستقرار في المنطقة والعالم
  • هل لا تزال فلسطين قضية العرب الأولى؟
  • مغردون: هل جاء ترامب ليستكمل ما فاته بالمنطقة العربية والعالم؟
  • عبد المحسن سلامة: أكبر مجزرة بتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وقعت في عهد بايدن
  • فلسطين ولبنان في قواميس الإنسانية والمادية
  • نتانياهو وإقالة غالانت.. هل يؤثر القرار على الناخب العربي في الرئاسيات الأميركية؟
  • متطرف ضد الوجود العربي في فلسطين.. كل ما تريد معرفته عن يسرائيل كاتس وزير دفاع الاحتلال الجديد
  • “التخاذل العربي والإسلامي” شجع العدو الصهيوني على مواصلة الإبادة في غزة ولبنان
  • حماس: الخذلان العربي لفلسطين ولبنان شجع الكيان الصهيوني على المضي بعدوانه
  • حيرة الناخب العربي في أمريكا.. معاقبة الديمقراطيين أم إيقاف ترامب؟