العالم يتشكل بتاريخ غزَّة
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
اكتشف العالم مُتأخِّرًا أن "طوفان الأقصى" ليس حدثًا عارضًا؛ بل مفصلًا تاريخيًا استيقظ العرب والعالم على وقعه وتفاصيله؛ ليشكل ركنًا حيويًا من أركان التاريخ الإنساني.
وكما يذكر العالم مفاصل تاريخية حادة شكَّلت الوعي العربي والعالمي وفرضت نفسها في جنباته وسيرورته؛ فغزَّة فرضت على العالم المعاصر تدوين التاريخ باسمها منذ السابع من أكتوبر.
في غزَّة ومن غزَّة، سقطت نظرية الجيش الذي لا يُقهر، وفي غزَّة ومن غزَّة سقطت الاستراتيجية الصهيو-أمريكية "الخوف مقابل الكثرة" التي غيَّبت العقل العربي وأقعدته عن أي مواجهة حقيقية لاسترداد الأرض المغتصبة؛ بل وجعلت من الكيان الصهيوني قضاءً وقدرًا لا يُرد، إلّا بالتطبيع والاستسلام والتسليم له بأحقيته في الأرض والعرض والمال والولد، والسيادة والقيادة لحاضر الأمة ومستقبلها؛ بل وأحقيته في إعادة كتابة تاريخ الأمة وفق أساطيره وخرافاته.
غزَّة أيقظت ضمير العالم ورمَّمَت وعيه بزيف حقوق الإنسان، وكذبة الحريات، وحقيقة المنظمات الدولية ووظائفها، والأهم من ذلك هو تجاسر العالم على الصهيونية العالمية والتي دقّت غزَّة الإسفين الأول في نعشها.
غزَّة، فرزت العرب والعالم بين فسطاطين؛ فسطاط العلف وفسطاط الشرف، وبين ثقافة المُقاوِم وثقافة المُقاوِل، وبيَّنت بجلاء الفروقات الشاسعة بينهما. غزَّة بينت للعرب والعالم حقيقة الكيان ووظيفته كقاعدة مُتقدمة للصهيونية العالمية بمسمى دولة وبمظاهر كيان سياسي.
غزَّة أظهرت للعرب أن التطبيع هو تمكين العدو من استباحة ما عجز عنه بالقوة المسلحة أو المناورة السياسية، وأعادت مفاهيم الحرية والكرامة وثمنهما بعد غياب طويل وتغييب قسري عن الوعي العربي المُعاصر.
غزَّة برهنت على أن من يُفرِّط في فلسطين، سيُفرِّط في بلده لا مُحالة؛ فالشرف والكرامة ونصرة الحق مفاهيم لا تعرف جغرافيا ولا مِلّة ولا دين.
غزَّة بينت أن صراع العرب مع العدو الصهيوني هو في الأساس صراع إرادات، قبل أن يكون صراع سلاح وجيوش وتكنولوجيا، وغزَّة أثبتت للعرب والعالم كيف يُهزم العقل أولًا كمقدمة ضرورية لهزيمة الجسد والوعي والإرادة معًا.
غزَّة تجاسرت على الأساطير والخرافات الصهيونية، فهزمت الواقع الصهيوني بجدارة واستحقاق، وبرهنت للعرب أن تحرير العقل يسبق تحرير الأرض.
غزَّة برهنت أن فلسطين هي الخندق الأول للأمن القومي العربي، وأن دعمها ونصرتها يعني تحرُّر العرب من جميع أغلال وقيود الاستعمار الجديد والمتمثلة في الهيمنة والتبعية وحصار العقل.
غزَّة برهنت على أن فلسطين هي الخندق الأول للصهيونية العالمية لتطويع الوطن العربي وإخضاعه لهيمنتها تدريجيًا، كما برهنت على أن احتلال فلسطين في العقل الصهيوني هو "الفيتو" الغربي الدائم لضمان عدم نهوض العرب خارج سياق مفهوم "الدولة السوبر ماركت"، وهو الضامن لتمزيقهم وتفتيت قواهم إلى أقطار متناثرة لا يجمعهم سوى تاريخ سحيق لم يعد صالحًا للاستهلاك الآدمي!!
قبل اللقاء.. غزَّة ترجمت قول الحق تبارك وتعالى (وأعدو لهم ما استطعتم) فصبرت وصابرت، وتواصت بالحق وتواصت بالصبر.. فانتصرت.
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
قيادى بالحرية المصري: قرارات القمة الطارئة صوت الموقف العربي لإقامة دولة فلسطين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال رأفت عسكر، القيادي بحزب الحرية المصري، وعضو الهيئة العليا للحزب، إن القرارات الصادرة عن القمة العربية الطارئة، التي عُقدت بالقاهرة، تمثل خطوة ضرورية في مواجهة التحديات الخطيرة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، خصوصًا في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر وسياسات التهجير القسري التي ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
وأشار عسكر، في تصريحات صحفية له، إلى إن تأكيد القمة على أن تحقيق السلام العادل والشامل هو الخيار الاستراتيجي للأمة العربية، وإعادة التشديد على ضرورة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، يعكس التزامًا عربيًا ثابتًا بعدم السماح بفرض حلول الأمر الواقع التي تسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وأكد عسكر، أن الرفض العربي الواضح لأي شكل من أشكال التهجير يأتي ليقطع الطريق على المحاولات الإسرائيلية لاستغلال الأوضاع الإقليمية والدولية لفرض أجندتها، ويؤكد أن أي تحرك من هذا النوع سيواجه بموقف عربي موحد يستند إلى القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وتابع: تكثيف التعاون مع القوى الدولية والإقليمية، بما في ذلك الولايات المتحدة، يعكس توجهًا عمليًا نحو إعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام الدولي، خاصة في ظل المتغيرات التي طرأت على الموقف العالمي تجاه الصراع العربي الإسرائيلي.
وأضاف عسكر، أن الدعوة إلى مؤتمر دولي لإقامة الدولة الفلسطينية هي خطوة تعيد إحياء المسار الدبلوماسي بعد سنوات من الجمود، وتعكس إدراكًا عربيًا بأن القضية الفلسطينية تحتاج إلى زخم سياسي متجدد لمواجهة المحاولات الإسرائيلية لفرض سياسة العزل والتهميش.