ما وراء ثورة الذكاء الاصطناعي (1- 2)
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
محمد بن أحمد اللواتي **
** دكتوراه في التخطيط الاستراتيجي المالي
حسب التوقعات في أغسطس الماضي، من المُتوقع أن يبلغ سوق الذكاء الاصطناعي العالمي في 2023 بأكثر من 150 مليار دولار بعدما كان بنحو 40 مليار دولار في 2022، وعلى أن يرتفع بنسبة 36.8% سنويا ليبلغ 1.34 تريليون دولار في 2030، حسبما أورد موقع ياهو.
ونتيجة لهذا الانفجار، جرت العديد من المنتديات واللقاءات للبحث في هذا الموضوع. فخلال لقاء مع رئيس الوزراء البريطاني في مؤتمر بليتشلي في نوفمبر 2023، صرح إيلون ماسك؛ أنَّ الذكاء الاصطناعي هو القوة الأكثر تخريبا في التاريخ (وفقًا لمنصة فورتشن). بالرغم أنه أسس شركة للذكاء الاصطناعي xAI، وأعلن في بداية نوفمبر الماضي، عن أول نموذج ذكاء اصطناعي توليدي يحمل اسم Grok. في مايو 2023، وأمام الكونغرس، قال سام ألتمان، رئيس تنفيذي OpenAI صاحبة تطبيق ChatGPT، أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمثل خطرا وجوديا! (وفقًا لمنصة فورتشن).
أول نموذج للذكاء الاصطناعي تم تصميمه كان في عام 1958 وأُطلق عليه IBM-704، وكان غير عملي وبسيط جدا، والعنصر المفقود كان البيانات (popular science). من المعلوم أنَّ الذكاء الاصطناعي ليس له قيمة فعلية بدون البيانات، والدليل أن صحيفة نيويورك تايمز قد رفعت دعوى قضائية ضد مايكروسوفت وOpenAI في المحكمة الفيدرالية بتاريخ 27 ديسمبر، بحجة انتهاك حقوق الطبع والنشر.
فهل الذكاء الاصطناعي هو إلهاء كبير وينال أكثر مما يستحق! أم أنه تكنولوجيا حديثة قد تشكل ثورة في قطاع الأعمال واستخدام الكمبيوترات. هناك تحليلات كثيرة ومتناقضة، فالكل ينظر إليها من زواية محددة، كالذي يصعد للطابق الثاني من المبنى ويفتح نافذة معينة، ويقيم الوضع الخارجي وفقاً لحدود رؤيته.
وحسب تحليلي، هناك أسباب كثيرة قد قادت لهذا الانفجار، تتلخص في الآتي:
إعادة التحليق، ارتفعت مؤشرات الأسهم الأميركية خلال فترة الجائحة، 2020 و 2021، بنسبة 110% في العامين، وهو ما يعادل ارتفاع 14 عامًا. ولكن العام 2022 كان محبطا للمستثمرين، فقد انخفض مؤشر ناسداك الثقيل بنسبة 33%، وأُغلق سهم تسلا بخسارة 65%، وسهم ميتا فقد نحو ثلثي قيمته، وسهم إنفيديا هبط 59%، وسهم أمازون خسر نصف القيمة. وأيضاً، عادة ما تكون السندات الأمريكية استثمارا آمنًا، ولكنها انخفضت بنسبة 13%.
عمليات التسريح التكنولوجية الضخمة في أواخر عام 2022 وأوائل عام 2023، كانت بهدف تحسين المركز المالي عبر تخفيض تكاليف التشغيل ولم تكن تُعنى بالنمو، فكان لابد من العمل في زيادة الإيرادات.
وبعد هذا الانفجار، ارتفعت إيرادات شركة "أوبن إيه آي OpenAI" من 28 مليون دولار في 2022 لأكثر من 1.6 مليار دولار في 2023. وكانت إيرادات انفيديا من مراكز البيانات في 2022 بنحو 15 مليار دولار، والآن تقدر إيراداتها في 2023 بأكثر من 54 مليار دولار وارتفع سهمها بنحو 239%. ارتفع سهم تسلا بأكثر من 101%، وسهم ميتا بأكثر من 194%. أما شركة أمازون، فقد ارتفع سهمها بأكثر من 80% بعدما دخلت إلى حلبة المنافسة عبر بوابة شركة Anthropic التي أسسها المنشقون من شركة OpenAI، وأطلقت روبوت دردشة Claude للذكاء الاصطناعي التوليدي. بينما كان العائد على سند العشر سنوات بنسبة 3.88%.
كعادة التكنولوجيا، فإن العامل المساعد في الدخول لقطاع الأعمال يبدأ من الأفراد. حسب تقرير فورتشن في 24 أغسطس، أشار أن ما يؤرّق الإدارات التنفيذية للشركات الأمريكية أنها وجدت موظفيها يستخدمون تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي. وتقرير OpenAI في شهر سبتمبر الماضي، أشار أن أكثر من 80% من أشخاص شركات Fortune 500 قد أنشأوا حسابات على تطبيق "تشات جي بي تي ChatGPT".
العودة للمكاتب، بعد الجائحة، سعت الشركات للعودة إلى المكاتب، ولكنها واجهت مشكلة تكمن في رغبة العاملين بالمرونة في العمل. ووفقا للتقرير نشرته واشنطن بوست في 28 أغسطس 2023، فإن نسبة العمل من المكاتب هي النصف لمدة ست ساعات على الأقل، بينما كانت النسبة قبل الجائحة هي 84%. ولهذا السبب، أدى إلى إعلان منصة "WeWork" عن إفلاسها بعدما تفاقم الطلب على المساحات المكتبية.
في أكتوبر 2023، انتقد إيلون ماسك، العمل من المنزل، واعتبره منفصلا عن الواقع. يتشبث العديد من الرؤساء التنفيذيين بأن المكتب هو الصلصة السرية للإنتاجية. دراسة حديثة أجراها علماء في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وجامعة هارفارد وجامعة أيوا، بعنوان "قوة التقارب بين زملاء العمل" (The Power Of Proximity To Coworkers)، والتي نُشرت في 5 نوفمبر 2023، حيث أشارت إلى ذلك وعللت بسبب نقص التدريب والتعاون.
ولعل إثارة أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى فقدان الوظائف هي رسالة مبطنة بأهمية التواجد في المكاتب وضرورة مواكبة تطور التكنولوجيا وتلقي المعرفة. في مجلة HBR العدد سبتمبر وأكتوبر 2023، أشار مقال أن متوسط عمر للمهارات يبلغ الآن أقل من خمس سنوات، وفي بعض المجالات التقنية يصل إلى عامين ونصف.
وللحديث بقية...
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي.. قفزة تقنية في العمليات الدفاعية
يوسف العربي (أبوظبي)
أخبار ذات صلةأظهرت فعاليات معرض الدفاع الدولي «آيدكس 2025» ريادة الإمارات في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأهمية تلك التقنيات في تحقيق قفزة تقنية للعمليات الدفاعية، حيث يتم تسخير هذه التقنيات في مختلف المنتجات والأقسام الدفاعية، وفي مقدمتها أنظمة الرادار والقيادة والتحكم، لتعزز هذه التقنيات المتقدمة عمليات اتخاذ القرار، والخدمات اللوجستية.
ويمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي التنبؤ بأفعال الخصم، وتحسين تخصيص الموارد، واختصار أوقات تحليل البيانات، كما سيتم فحص إمكانات الذكاء الاصطناعي لتحويل الحرب في المجالات التكتيكية والاستراتيجية بشكل شامل.
ومع التهديدات المتزايدة للأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية والمتفجرة حول العالم (CBRNE)، خصص معرض «آيدكس» هذا العام، جلسة يومياً لاستكشاف طرق عمل الذكاء الاصطناعي والرجال الآليين في التخفيف من أخطار هذه التهديدات، كما تمت مناقشة أنظمة الرصد والنمذجة التنبؤية ودعم القرار، إلى جانب التحديات في موثوقية الذكاء الاصطناعي، والمخاوف الأخلاقية، والحاجة إلى التعاون العالمي لتعزيز الدفاع ضد تهديدات الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، والإشعاعية، والنووية، والمتفجرة.
دمج الذكاء الاصطناعي
قال حسن الحوسني، الرئيس التنفيذي لـ«بيانات للحلول الذكية» التابعة لشركة «سبيس 42»: «إن (سبيس 42) تكشف خلال مشاركتها في معرض الدفاع الدولي (آيدكس 2025) عن الحلول التي تدمج بين الاتصال الفضائي والذكاء الاصطناعي والأنظمة الجيومكانية، كحل متكامل يعرض للمرة الأولى».
وقال: «إن الأنظمة الجيومكانية والذكاء الاصطناعي وأنظمة الفضاء لها استخدامات متعددة مثل الاتصال الفضائي، ورصد الأرض من الفضاء، وهذا الأمر يحتاج إلى دمج القدرات بشكل متناسق لإتاحتها لتقنيات الذكاء الاصطناعي القادرة على استخلاص مجموعة من البيانات التي تدعم متخذي القرار في العديد من المجالات».
ونوّه بأن الذكاء الاصطناعي يستخدم في مجالات الأمن الوطني، وإدارة الأزمات والكوارث، مثل رصد الكرة الأرضية من الفضاء، عبر مجموعة من المستشعرات تشمل التصوير الضوئي والراداري والحراري، ويتم استقطاب هذه البيانات تحت مظلة واحدة، ومن ثم استخدام الذكاء الاصطناعي لربط هذه البيانات وتحليلها لتعطي بيانات تنبؤية تدعم صانعي القرار.
وأوضح أنه في مثال لذلك، تشارك «سبيس 42» في منظومة إدارة الأزمات والكوارث قبل وأثناء وبعد الحدث، حيث تقوم أنظمة الرصد بالحصول على صورة كاملة للمنطقة المنكوبة ليبدأ الذكاء الاصطناعي استخلاص هذه البيانات لتحديد سياق تحركات الأشخاص والطاقم الطبي، ومن ثم أثناء الحدث تقدم صور المراقبة الفضائية صورة بانورامية لصانع القرار من الحدث، وأخيراً يتم تحليل تأثير الحدث على المديين القصير والطويل.
الممارسات الأخلاقية
قال باتريس كين، الرئيس التنفيذي لمجموعة «تاليس»: «علينا أن نفرق بين استخدامات الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، والتطبيقات الصناعية، ومن جانبنا نهتم بالجزء الثاني الخاص بالأنظمة الصناعية والدفاعية».
وأضاف: «الشركة طرحت مبادرة CortAIx والتي تضم 600 مهندس وأكثر من 100 طالب»، لافتاً إلى أنه يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في أكثر من 100 منتج دفاعي.
وأشار إلى أنه يمكن تقسيم هذه المنتجات على أربع فئات، أولها الرادارات، حيث تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقوية الأداء، حيث يستطيع الرادار التركيز على اتجاه قدوم الطائرة، كما تستخدم في أنظمة القيادة والتحكم لحماية أرواح العسكريين والمدنيين.
ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي يستخدم في أبراج المراقبة، حيث يمكن تحديد مسارات معينة للطائرة لتقليص الانبعاثات البيئية، وأخيراً يتم تسخيره في التحكم بسرب الطائرات من دون طيار، حيث يستخدم الذكاء الاصطناعي في التحكم في نمط سير هذه المسيّرات.
وقال: «إننا نحرص على ترسيخ الذكاء الاصطناعي الأخلاقي في قطاع الدفاع، بحيث يكون الإنسان هو المتحكم في الذكاء الاصطناعي وليس العكس».
طبقات جديدة
قال آميت كالياني، نائب رئيس مجلس الإدارة، العضو المنتدب المشارك لمجموعة «بهارات فورج»: «إن الإمارات اتخذت خطوات مهمة في مجال الدفاع، حيث تقود العديد من الشركات الإماراتية التقدم في هذه الصناعة، لا سيما في مجال التقنيات الجديدة والذكاء الاصطناعي».
وأضاف أن جودة وتقدم المنتجات المعروضة في «آيدكس 2025» تعكس تركيز الإمارات القوي على نمو قطاع الدفاع، كاشفاً عن أن الشركة تخطط إلى تأسيس منشأة صيانة في دولة الإمارات لدعم إمداداتها من المعدات الدفاعية بشكل أفضل إلى أسواق أفريقيا والشرق الأوسط.
وقال: «إن تقنيات الذكاء الاصطناعي تسهم في إضافة طبقات جديدة من الذكاء، وجعل المنتجات العسكرية أكثر قدرة، مما سيؤدي إلى تقليل الأضرار الجانبية، وتعزيز الفعالية والكفاءة، وربما في نهاية المطاف تقليل الحاجة للقتال الجسدي».
وذكر أن الذكاء الاصطناعي هو أداة قوية تستخدم عبر منصات مختلفة في القطاع الدفاعي، حيث يساعد الذكاء الاصطناعي على تحسين سهولة التنقل عبر ميدان المعركة والكفاءة التشغيلية، كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض عسكرية تتضمن ترجمة اللغات، وتحويل لغات متعددة إلى اللغة المطلوبة، بالإضافة إلى ذلك، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً رئيساً في تعزيز فاعلية أنظمة القيادة والتحكم العسكرية. ويؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً فعالاً في أنظمة التحكم في الحرائق للمركبات القتالية مثل الدبابات وبشكل عام، يوفر الذكاء الاصطناعي ميزة إضافية على الصعيد العسكري، مما يساعد على تطوير حلول دفاعية أكثر ذكاء وفعالية.