بغداد- العُمانية

صدر عن دار أهوار للنشر والتوزيع في العراق كتاب بعنوان "همس في عتمة الكلمة - رحلة وراء الأحرف المكتومة مع غالية آل سعيد" للشاعر والصحفي فيصل بن سعيد العلوي.

ويقع الكتاب في 190 صفحة من القطع المتوسط، وهو عبارة عن حوار طويل أجراه المؤلف مع الروائية صاحبة السُّمو السيدة الدكتورة غالية بنت فهر آل سعيد، حول رحلتها الأدبية وتجربتها في الكتابة والإبداع.

يركز الكتاب الذي تصدرت غلافَه لوحة الفنان التشكيلي إدريس الهوتي على الجوانب المظلمة والمكتومة في مسيرة الروائية غالية آل سعيد الإبداعية، في محاولة لفك شفرات الكتابة والإبداع لدى إحدى أبرز الروائيات في الوطن العربي، ويكشف جزءًا يسيرًا من شخصية غامضة لطالما بحثنا عن تفاصيلها.

كما يرصد الكتاب بعمق رحلتها في عالم الرواية والتحديات والإنجازات التي واكبت مسيرتها، ويسبر أغوار تميز الكاتبة بقدرة استثنائية على جمع العالمَين التقليدي والحداثي في أعمالها الأدبية والمشاريع الثقافية المتعددة.

ويقول مؤلف الكتاب الذي من المتوقع تدشينه في الدورة المقبلة لمعرض مسقط الدولي للكتاب 2024: "إن التحدث عن تجربة تمثل اليوم بلا شك أحد أبرز فصول السرد العُماني المعاصر يحمل في طياته جمالية خاصة هذه التجربة، مع كل تفرداتها وتعقيداتها، تتعانق مع التحولات الراهنة التي تمر بها المنطقة، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، ليس هذا فحسب، بل تجسد هذه التجربة أيضًا حياة الكاتبة نفسها وأبطال رواياتها. ورغم ظروف الحياة الصعبة والتحديات المستمرة، فإن شخصيات رواياتها تتميز بالثبات والاستقرار، مستندة إلى جذورها العميقة وفي هذه التجربة المتميزة تبرز الكاتبة كمرآة تعكس واقعنا، متأملة في التغيرات المستمرة، وتفهم تماما الأوجاع والآمال المرتبطة بكل حالة انفصال وغربة".

ويقول الأديب سماء عيسى في مقدمة الكتاب: "الكاتبة تعي ذلك دون شك، لأن من هو في أقاصي الأرض يكون في عمق ترابها أيضا، الأسباب تتعدد فارضا إياها سير الحياة وتحولاتها، وولدت الكاتبة في حقبة زمنية تعترف بأنها حقبة صعبة جدا، ذلك بالطبع معيشيا، من النواحي كافة، الظرف المعيشي الصعب الذي ربطته بأحداث العالم آنذاك، العالم الذي خاضت شعوبه حربين عالميتين الأولى والثانية، وتركت -وهي بالطبع محقة- آثارها الاقتصادية الصعبة على الناس".

ويضيف سماء عيسى: "في تجربتها الروائية، حيث تنأى الكاتبة عن خوض الصراعات السياسية التي كانت محور إبداع من سبقها كعبدالله الطائي في روايته "الشراع الكبير"، والروائي الراحل أحمد عمر الزبيدي، في مجمل أعماله القصصية والروائية، حيث تذهب إلى معالجة هموم المرأة التي لا نهاية لها، إلا أن ذلك وهي تدرك جيدا، ألا خلاص جزئيا لحالة ما أو ظاهرة ما إلا بالتغيير الكلي".

وانطلق الكتاب ليُبدد فكرة "الغياب" عن الوسط الذي أشارت إليه الكاتبة بالقول: "البعد ليس أمراً مفتعلاً. الأمور المحيطة، التي تجري، هي التي تحدده بخاصة الظهور من عدمه، ويجب أن يكون للظهور أسباب مقنعة ومنطقية، وإن لم تكن هناك أسباب كيف ولماذا يحدث؛ هل لمجرد الدوران في الفراغ وتكرار الذات؟ ها أنا ظهرت عندما أتى سبب للظهور، فللظهور سبب وللاختفاء سبب".

وتعزو غالية آل سعيد هذا الغياب إلى وفائها لمشروعها الثقافي حيث تقول: "تجدني كأي شخص آخر، لدي مشاغل واهتمامات كثيرة ومختلفة تتطلب إشرافي وتفاعلي وسيري معها، وربما أجد الاختفاء مجديا وضروريا لتكملتها. المشاغل هي التي تدفعني للتواري الذي أشرت له.. وحاليا أسعى جاهدة لتأسيس المتحف الجديد، وقد أخذ وقتا طويلا لأسباب عدة ومختلفة. إضافة إلى المتحف، تظل هناك اهتماماتي الروائية، فمطالبها لا تخمد ولا أريد قطعها. كل هذه الاهتمامات إنجازها يتطلب الوقت الطويل، والعزلة شبه التامة، عندما أكتب لا أجد ملجأ غير العزلة، وبجانب الأعمال الروائية، أطمح في تأليف بعض الكتب المختلفة، بعضها له علاقة بالمتحف".

يشار إلى أن هذا الإصدار يعد الرابع للكاتب فيصل بن سعيد العلوي حيث صدرت له ثلاثة كتب وهي "أرق" (2008م) ـ مجموعة شعرية ـ عن وزارة التراث والثقافة، و"بوح الشعر الشعبي" (2014م) عن دار الغشّام للنشر والترجمة وهو مجموعة مقالات وصل عددها قرابة 50 مقالا، و"بوجه الريح والصحراء"، (2018م) ـ مجموعة شعرية ـ عن الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء، ودار مسعى للنشر والتوزيع.

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

قديما قالوا: الملافظ سعد.. واليوم نقول: الكلمة أمانة وعهد

"علموا أبناءكم أنّ الباطل باطل ولو كثر أتباعه، وأنّ الحق حقٌّ ولو قلّ أتباعه، وأنّ راية الحقِّ قائمة وإن لم يرفعها أحد، وراية الباطل ساقطة ولو رفعها كلّ أحد".

صاغ الدكتور مصطفى محمود هذه الكلمات المكتنزة بالعبر قبل أن نصل لزمن تُرك فيه الحبل على الغارب وانقلبت المفاهيم، وتجتاح سيول التطبيع والخنوع الفضاء والهواء، ويتسيد أهل الباطل زمام الأمور ويشهروا سيوفهم في وجه كل من يصدح بالحق والحقيقة جاهرا بالقول "اللهم إن هذا منكر".

عبارات المفكر المصري العبقري هذه استبدت بمخيلتي ونحن في مرحلة مفصلية أضحت فيها الكلمة أمانة وعهدا يجب أن يصان ويُحفظ، لا سيما أننا أمام جحافل مجهزة بأعتى الأسلحة الالكترونية منها والإعلامية، وصولا حتى لمناهج التربية والتعليم التي يتم التلاعب بها نهارا جهارا خدمة لأهداف معلومة معروفة للعيان.

لست من هواة نظرية المؤامرة ولكن المعطيات والدلائل أمامنا في هذه الحالة ماثلة شاخصة، ويمكن استنتاجها بمنتهى السهولة عبر متابعة نشرة أخبار واحدة في القنوات الرسمية العربية؛ التي ورغم حالة الشتات والتشرذم الواضحة الظاهرة في الواجهة حين يتعلق الأمر بقضايا الأمة الرئيسية، إلا أن حبل التواصل وحالة التطابق الغريب المريب وحتى العجيب يظهر لديها عندما يتعلق الأمر بنفث السموم وشيطنة المقاومة؛ طالما أن مصدر التعليمات واحد والغاية أيضا هي ذاتها لوأد كل أصوات الحق ومن يدور في فلكها، وبالتالي ترسيخ خطاب انهزامي استسلامي يصب في واد التطبيع الشامل المنشود.

اللافت وأنا منشغل بهذا التوجه استوقفتني مداخلة النائب العماني الحر "حميد العصري" في ما يسمى بجلسة "البرلمان العربي" حين سار على نفس النهج وخاطب الحضور بكلمات مميزة واضحة وضوح الشمس، رافضا تداول كلمة "إسرائيل" في الخطابات الرسمية وفي كل وسائل الإعلام العربية، وموضحا أن "إسرائيل هو يعقوب عبد الله ونبي الله عليه السلام، وهو بريء منهم ومن أفعالهم"، قبل أن يضع النقط على الحروف ويحتج على تجاهل التطرق لفصائل المقاومة مثل حماس والجهاد الإسلامي وأيضا ذِكْر كلمة المقاومة على استحياء في البيان الختامي.

الرائع في خطاب النائب العماني هو دحر كل العبارات المعلبة التي لطالما رُددت في المحافل الرسمية العربية بشكل فج ومثير للاشمئزاز، حيث وصف "حل الدولتين" بأكذوبة العصر، واستهزأ بمفردات مثل "مبادرة السلام وخريطة الطريق" وغيرها من العناوين المضللة لثني أهلنا في فلسطين على المضي في طريق الحرية؛ وذلك ما أشار إليه بالقول إن المقاومة والجهاد هما الحل للنصر القادم.

طبعا هذه العبارات لن تنزل بردا وسلاما على الحاضرين، ولكنها الحقيقة التي يجب أن تقال وتردد في كل المحافل حتى التي تعودنا أنها مجرد مسرحيات رديئة الإخراج والتأليف.

أيضا جاءت مداخلة وزير الخارجية الإندونيسي فيما عرف بـ"القمة العربية الإسلامية غير العادية" (شر البلية ما يضحك حقا)، فالأخير خاطب الحضور بلغة عربية فصحى متقنة تفوقت على الحاضرين جميعا، مبديا رفضه الخروج بتوصيات روتينية مملة على غرار الشجب والاستنكار، والتنديد بذلك "السلاح الفتاك" الذي تستحضره الأنظمة العربية في هكذا مناسبات.

هذان النموذجان يمثلان صرخة رسمية ضد التوجه المقصود للتلاعب بالمصطلحات بغية خلق خطاب جديد لضرب القيم والمبادئ الأصلية في مقتل. انظروا كيف يتم استخدام عبارات الكيان الصهيوني لدى العديد من المنابر العربية على غرار "الرهائن الاسرائيليين" و"الحرب في غزة ولبنان" و"مقتل فلسطينيين"، وشاهدنا قبل أيام بعد أحداث أمستردام وصفها بـ"اعتداءات على اسرائيليين".

بإمكاننا استحضار المئات من المصطلحات الدخيلة والمنتقاة بعناية فائقة قصد اللعب على الوتر الحساس ومحو وتزييف الحقائق، لهذا أشرنا إلى أننا أمام حرب ممنهجة ودقيقة تستخدم فيها جيوش إعلامية ومناهج دراسية ولجان الكترونية تغزو مواقع التواصل الاجتماعي؛ لترسيخ معطيات مغلوطة وحذف السردية الأصلية استنادا للنفوذ الهائل الذي يحاط به هؤلاء، وملاحقة الصادحين بالحقيقة بتهم جاهزة سلفا على غرار "معاداة السامية" وغيرها.

لكننا رغم كل هذه المخططات محكومون بالأمل، والارتباط الوثيق للأجيال الجديدة بالقضية المركزية للعرب والمسلمين يبدو مبشرا للغاية، والدليل الأصوات الحرة التي تضحي في أوروبا وأمريكا بمستقبلها وتناضل لإيصال صوتها هناك. وكل هذا مدعاة للفخر ويحيلنا مجددا على الكلمات التي بدأنا بها المقال للدكتور مصطفى محمود حول التربية السليمة للأبناء وغرس القيم والمبادئ لديهم. ومن هذا المنطلق يجب أن نوجه التحية للأسر العربية والمسلمة المقيمة في الغرب؛ والتي لم يثنها الحفر في الصخر ومقارعة الغربة عن ربط فلذات أكبادها بالأوطان الأصلية وقضايا الأمة على رأسها فلسطين طبعا..

قديما كانوا يرددون "الملافظ سعد" باللهجة العامية؛ ولكننا اليوم نقول ونشدد بأن الكلمة أمانة وعهد.. فكونوا على قدر المسؤولية..

مقالات مشابهة

  • المقاومة اللبنانية تستهدف بصلية صاروخية تجمعاً لقوات العدو الإسرائيلي في مستوطنة “المنارة”
  • صحفي الوفد بالمنيا يلقى محاضرة بعنوان القيادة الإبداعية ببني مزار
  • جعلان بني بو علي .. منجزات تعزز الجوانب الاقتصادية والاجتماعية
  • قديما قالوا: الملافظ سعد.. واليوم نقول: الكلمة أمانة وعهد
  • "حلم مشاعر" فيلم يسلط الضوء على طبيب الحروب الفلسطينى
  • في يوم الطفل العالمي.. تقرير فلسطيني يسلط الضوء على أعداد الأطفال المعتقلين لدى الاحتلال
  • محافظ المنوفية يكرم طالب من ذوي الهمم ويهديه مكافأة تشجيعا لقدراته الإبداعية
  • ملتقى الجامع الأزهر يسلط الضوء على بشارة ميلاد الرسول وطهارة نسبه الشريف
  • ورشة عمل حول الخطة المستقبلية لجامعة الفيوم
  • ملتقى علمي يسلط الضوء على الاسطرلاب واستخداماته