بعد مرور أكثر من 3 أشهر على العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة، لا تزال كافة الممرات الإنسانية إلى القطاع غير وافية بمتطلبات الحياة بالقطاع الذي يعيش به أكثر من مليونين وثلاثمئة ألف شخص.

فمنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، سارعت إسرائيل بإغلاق معبر كرم أبو سالم وفرضت حصارا شاملا على القطاع، ورفضت فتح معبر رفح أغلب الوقت، ولم يخفف من وطأة ذلك سوى بعض الضغط الدولي لإدخال المساعدات الإنسانية للسكان مع تفاقم الوضع الإنساني في غزة، حسبما أوردت شبكة BBC.

وتحذر منظمات إغاثية من أن المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة عبر منفذي رفح وكرم أبو سالم البريين، وهما الممران الإنسانيان الرئيسيان إلى غزة، لا تغطي سوى 10% من احتياجات سكان القطاع، ومع تشبث إسرائيل بموقفها الرافض لفتح أي منافذ إضافية لدخول المساعدات للقطاع أو أن تسمح بدخول سلع تجارية من جانبها كما كان الحال في السابق، اقترحت أطراف مختلفة ممرا بحريا من قبرص على أمل تخفيف حدة الأزمة الإنسانية بغزة.

معبر رفح

وظل معبر رفح على حدود قطاع غزة مع مصر، وهو المعبر الوحيد خارج سيطرة إسرائيل، مفتوحا أمام حركة المسافرين خلال اليومين الأولين للحرب، لكن خلال الأسبوعين التاليين استهدفت إسرائيل الجانب الفلسطيني من المعبر، المخصص بالأساس لعبور الأفراد، ما أدى إلى توقفه عن العمل بعد الأضرار التي طالت منشآته والمنطقة البينية.

وبذلك توقفت الحركة تماما للأفراد والبضائع مع تشديد إسرائيل حصارها الشامل على القطاع. ومع بعض الضغط الدولي لإخراج الرعايا الأجانب العالقين في غزة، طالبت مصر بالضغط على إسرائيل للسماح بدخول المساعدات الإنسانية للقطاع في المقابل، وأعلنت استقبالها المساعدات الإنسانية الدولية عبر مطار العريش الذي يبعد نحو 50 كيلومترا إلى الغرب من المعبر بمحافظة شمال سيناء، وتكدست عشرات الشاحنات على الجانب المصري من المعبر لأيام في انتظار أن يفتح أبوابه.

وفي ختام زيارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لإسرائيل، أُعلن عن فتح المعبر لدخول المساعدات، على أن تخضع شاحنات المساعدات للتفتيش من قبل السلطات الإسرائيلية في نقطة نتسانا المقابلة لمعبر العوجة مع مصر وعلى مسافة نحو 40 كيلومترا جنوب رفح.

واعتبارا من 21 أكتوبر/ تشرين الأول، دخلت أول دفعة من المساعدات بعدد 20 شاحنة إلى قطاع غزة، ثم زاد معدل الشاحنات تدريجيا، حتى بلغ 200 شاحنة بالمتوسط، خلال أيام الهدنة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وفي منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني، دخلت أولى شاحنات الوقود للقطاع بعد شكاوى متكررة من المنظمات الإنسانية بالقطاع من تعطل خدماتها بسبب نفاد الوقود.

وبعد مرور 3 شهور، لا تزال مصر ترى أن هناك الكثير من المعوقات التي تفرضها إسرائيل وراء تعطل الإمدادات بسبب الوقت الطويل في تفتيش الشاحنات والتعقيدات الأمنية وغيرها عند نقطة تفتيش نتسانا.

كرم أبو سالم

ومع استمرار نداءات المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة لزيادة شحنات الإغاثة للقطاع، دخل معبر كرم أبو سالم على خط نقل المساعدات في 18 ديسمبر/ كانون الأول، ويقتصر المرور فيه على الشاحنات الخاصة بمنظمات الأمم المتحدة بينما يجرى تفتيش الشاحنات الأخرى وتعود لتدخل القطاع عبر منفذ رفح.

ويعتمد جميع سكان القطاع تقريباً على الشاحنات القادمة عبر الحدود من أجل البقاء على قيد الحياة إلا أن القطاع، لايزال يعاني شحا شديدا في احتياجاته الأساسية.

وكان القطاع يستقبل، قبل بدء الحرب، أكثر من 500 شاحنة يوميا تنقل السلع المختلفة من كافة المعابر التجارية بين قطاع غزة وإسرائيل.

اقرأ أيضاً

صحة غزة: 388 جريحا فقط خرجوا عبر معبر رفح من أصل 46 ألفا

وفي السياق، قالت ريم ندا المتحدثة الإقليمية باسم برنامج الأغذية العالمي إن "الممرات الإنسانية لا تزال غير كافية بالمرة بالنظر إلى حجم الاحتياجات في القطاع".

وأشارت إلى أن هناك شخصا من كل 4 أشخاص في غزة "يعاني من ظروف تشبه المجاعة أي ما يوازي نصف مليون شخص في القطاع يعانون من نقص كامل في الغذاء".

ووجهت ريم ندا دعوة باسم برنامج الغذاء العالمي، إلى إسرائيل لإعادة فتح معابرها المغلقة مع غزة لتيسير دخول المواد التجارية على الأقل مشددة على أن موقف البرنامج هو أنه لا حل للأزمة الإنسانية الحالية في القطاع سوى وقف إطلاق النار.

وتقول ريم إن هناك مناطق يصعب الوصول إليها في ظل استمرار القصف، ونقص الوقود، وهو ما يعوق عمل الفرق الإغاثية على الأرض.

ووجهت عدة جهات منها الأمم المتحدة اتهامات متواصلة لإسرائيل بعرقلة دخول المساعدات إلى المدنيين في غزة، لكن إسرائيل زعمت بأن هناك نقاط ضعف من بينها التنسيق بين الأطراف المعنية بإدارة المساعدات كالمنظمات الدولية ومصر والفلسطينيين، وضعف بالقدرة الاستيعابية للمنشآت الأممية بالقطاع وبالجانب المصري، وغياب نظام تتبع آلي للشاحنات.

ممر بحري

وإزاء ذلك، ومع استمرار تفاقم الوضع الإنساني في غزة، ظهر مقترح أطلقته قبرص قبل شهرين، بتوفير ممر إنساني بحري من ميناء لارنكا إلى سواحل غزة.

وزار وزير الخارجية الإسرائيلي قبرص الشهر الماضي، لبحث المقترح وأعلنت إسرائيل لاحقا قبولها للمقترح شريطة أن تخضع الشحنات لعملية تفتيش أمني تنسقها إسرائيل، بحسب بيان للخارجية الإسرائيلية حينها.

وتبعد غزة نحو 370 كيلومترا عن قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي والتي أعلنت عن المقترح خلال مؤتمر في باريس حول الحرب في غزة وإسرائيل. وطبقا لما هو معلن، ستخضع السفن لعملية تفتيش في قبرص قبل إبحارها .

شكوك فلسطينية

وأعلنت السلطة الوطنية الفلسطينية رفضها في البداية للمقترح القبرصي، "متشككة في أهدافه"، بحسب بيان لمجلس الوزراء الفلسطيني صادر نهاية الشهر الماضي، قبل أن تعلن دراستها للمقترح لاحقا.

وفي السياق قال أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي في حركة فتح، إن هناك مخاوف فلسطينية من استغلال الممر في تهجير الفلسطينيين خارج غزة في سياق حديث مسؤولين إسرائيليين عن تشجيع سكان القطاع على "الهجرة الطوعية خاصة وأن ظروف الحياة الحالية في القطاع قد تدفع البعض للشروع في مغادرة القطاع بحثا عن طوق نجاة"، بحسب تعبيره.

ويرى الرقب أن هذا المقترح مرهون بـ"موافقة إسرائيل التي تؤمن مياه غزة"، وإن استبعد تنفيذه قريبا بسبب ما يراه تحديا وهو "احتمالية طول فترات التفتيش للحاويات في قبرص ومن ثم يطول زمن وصول تلك الرحلات".

وتفتقر غزة إلى مرافق الموانئ لكن بريطانيا عرضت سفنا برمائية قادرة على الوصول إلى ساحل القطاع دون الحاجة إلى بنية تحتية خاصة.

ويقول الرقب إنه رغم غياب ميناء بحري فاعل في قطاع غزة ولكن "توجد بنية تحتية لميناء في غزة يسهل تشغيلها، إذا ما أشرفت المؤسسات الأممية العاملة داخل القطاع على استقبال تلك السفن للمساعدات وتشكيل لجان لتوزيع المساعدات".

تحذيرات أممية

وكان مجلس الأمن الدولي اعتمد الشهر الماضي، قرارا يدعو إلى اتخاذ خطوات عاجلة للسماح فورا بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسَّع وآمن ودون عوائق لقطاع غزة عبر آلية للأمم المتحدة بالتشاور مع جميع الأطراف المعنية، لكن قرار المجلس لم يوضع حيز التنفيذ لاسيما وأن إسرائيل أعلنت رفضها لها فور صدوره.

وطبقا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فقد تعرض 90% من سكان غزة للتهجير القسري ويفتقرون إلى كل شيء خلال 3 أشهر من الحرب.

وأوضحت الوكالة، في بيان، أن سكان غزة باتوا يبحثون عن الأمن في القطاع الذي "لا يوجد فيه مكان آمن"، محذرة من شبح المجاعة الذي يخيم على غزة.

ومع استمرار القصف الإسرائيلي، بات سكان القطاع في أوضاع إنسانية متردية للغاية، وهو ما عبر عنه منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث، يوم الجمعة الماضي، بقوله إن غزة أصبحت منطقة "غير صالحة للسكن" و" أصبحت غزة مكانا للموت واليأس".

اقرأ أيضاً

إسرائيل تغلق المعابر مع غزة حتى إشعار آخر

المصدر | الخليج الجديد + BBC

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: معبر رفح كرم أبو سالم غزة إسرائيل بايدن حماس المساعدات الإنسانیة سکان القطاع فی القطاع معبر رفح أبو سالم قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

ماكرون: غزة ليست مشروعا عقاريا

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الثلاثاء أن قطاع غزة يعيش فيه مليونا شخص "محاصرون" ولا يمكن الحديث عنها بوصفها "مشروعا عقاريا"، في إشارة إلى تصريحات سابقة لنظيره الأميركي دونالد ترامب.

وقال ماكرون أثناء زيارة لمصر أعلن فيها دعمه للخطة العربية لإعادة إعمار غزة مقابل مقترح ترامب القيام باستثمارات أميركية في القطاع "حين نتحدث عن غزة نحن نتحدث عن مليوني شخص محاصر.. بعد أشهر من القصف والحرب".

وفي تصريحات من مدينة العريش المصرية بالقرب من الحدود مع قطاع غزة، أضاف ماكرون "لا يمكننا محو التاريخ والجغرافيا. لو كان الأمر ببساطة مشروعا عقاريا أو استحواذا على أراض، لما كانت الحرب اندلعت من الأساس".

وفي تصريحات سابقة له، قال ترامب متحدثا عن قطاع غزة "سأملك أنا هذه (الأرض). فكروا فيها كمشروع تطوير عقاري من أجل المستقبل. ستكون قطعة أرض رائعة. لن يتم إنفاق كثير من المال".

وقال "سنبني مناطق سكنية آمنة على مسافة معينة من أماكن وجودهم الحالية. في هذه الأثناء، سأكون أنا صاحب هذه المنطقة (غزة). فكروا في الأمر كمشروع تطوير عقاري للمستقبل، ستكون قطعة أرض رائعة".

ماكرون متحدثا إلى الصحفيين من أكبر مخازن المساعدات الإنسانية في العريش (الفرنسية) نقطة عبور

وخلال زيارته مدينة العريش، التي تُعد نقطة عبور رئيسية للمساعدات المتجهة إلى غزة، عاد ماكرون مع مضيفه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي،  جرحى فلسطينيين -تم إجلاؤهم من غزة- في مستشفى في المدينة الساحلية، التي تقع على بُعد 50 كيلومترا غرب قطاع غزة.

إعلان

وقال الدكتور محمود محمد الشعير، رئيس قسم الطوارئ، إن المستشفى قد استقبل حوالي 1,200 جريح فلسطيني منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وكان ماكرون والسيسي وملك الأردن عبد الله الثاني طالبوا أمس الاثنين بـ"العودة الفورية" إلى وقف إطلاق النار، وذلك خلال لقائهم أمس لمناقشة العدوان على غزة والجهود الإنسانية لتخفيف معاناة سكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، الذين تعرضت الغالبية العظمى منهم للنزوح مرة واحدة على الأقل خلال الحرب.

وفي بيان مشترك أمس، قال رؤساء العديد من وكالات الأمم المتحدة إن العديد من سكان غزة "محاصرون، يتعرضون للقصف والجوع مجددا، بينما في نقاط العبور تتكدس المواد الغذائية والأدوية والوقود ومستلزمات الإيواء، والمعدات الحيوية عالقة" خارج القطاع المحاصر.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تحذر من استمرار إسرائيل في محاصرة وصول المساعدات إلى غزة
  • جوتيرش يحمل إسرائيل مسئولية منع دخول الإمدادات الإنسانية إلى غزة
  • اقرأ غدًا في "البوابة".. غزة ساحة قتل.. الأمين العام للأمم المتحدة يندد بمنع إسرائيل المساعدات الإنسانية
  • آخر التطورات في غزة - شهداء وإصابات في غارات إسرائيلية على القطاع
  • إسرائيل ترد على جوتيريش بشأن نقص المساعدات بغزة
  • غوتيريش يؤكد إعاقة إسرائيل وصول المساعدات إلى قطاع غزة
  • السيسي وماكرون: ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار بغزة
  • الأمم المتحدة: إسرائيل حولت غزة لـ «ساحة قتل»
  • ماكرون: غزة ليست مشروعا عقاريا
  • واشنطن تتعهد للقاهرة بإدخال المساعدات إلى غزة