تحالف دول الساحل بين آمال التوسع وتحديات الفشل
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
أعلنت مالي والنيجر وبوركينا فاسو مؤخرا عن تحالف جديد في منطقة الساحل، ووقعت اتفاقا للدفاع المشترك، وبموجب هذا الاتفاق المسمّى "ميثاق ليبتاغو غورما" تنشئ الأطراف المتعاهدة فيما بينها ما سمي "تحالف دول الساحل".
وليبتاغو غورما هي المنطقة الحدودية الجامعة بين مالي، والنيجر، وبوركينافاسو، ومنها استمد الإعلان اسمه.
جاء التحالف الجديد في ظروف إقليمية معقدة تمر بها دول الساحل في غرب أفريقيا، حيث موجة الانقلابات، وخروج القوات الفرنسية، وتزايد النفوذ الروسي في المنطقة.
ومع إعلان موسكو عن تشكيل "الفيلق الأفريقي" عام 2024، برز الاهتمام من جديد بالتحالف المذكور، الذي يشكل نواة لتغييرات في موازين القوى الدولية الفاعلة في منطقة الساحل.
التقرير التالي يسلط الضوء على هذا التحالف وأهدافه ومستقبله:
ظروف النشأة
تأسس "تحالف دول الساحل" بعد التوقيع على "ميثاق ليبتاغو غورما" يوم 16 سبتمبر/أيلول 2023 في باماكو.
ورغم أن فكرة التحالف بين هذه الدول تعود لأعوام سابقة، فإنها برزت من جديد نتيجة سياقات وظروف مختلفة.
والسياقات التي أسهمت في تشكيل الحلف تتمثل في خروج القوات الفرنسية من الساحل، وتزايد وتيرة الانقلابات في المنطقة، وتنامي حركات التمرد، وتصاعد الهجمات المسلحة، وتزايد النفوذ الروسي، وتهديد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) بالتدخل العسكري في النيجر.
ووقوفا في وجه قوة مجموعة إيكواس، نصت المادة 6 من ميثاق التحالف على أن "كل استهداف لأمن وسيادة إحدى الدول الثلاث هو اعتداء عليها جميعا".
وتزامن تشكيل الحلف الجديد مع خروج القوات الفرنسية التي كانت تعمل في هذه الدول منذ سنوات من أجل محاربة الجماعات المسلّحة والوقوف أمام نشوب النزاعات بين الطوائف العرقية المتنوعة في المنطقة.
الابتعاد عن فرنسا
وتتلاقى آراء القادة الجدد في الساحل عند ضرورة الابتعاد من فرنسا ومواصلة النضال من أجل التحرر وكتابة استقلال سياسي جديد.
وحول هذه الأفكار نصت ديباجة الميثاق على أنه "وفاء للمبادئ المشتركة والأخوة، من الضروري مواصلة النضالات البطولية التي تخوضها شعوبنا من أجل الاستقلال السياسي والكرامة الإنسانية والتحرر الاقتصادي".
وفكرة تحالف الدول الثلاث تعود لسنة 2017، حين أعلنت هذه الدول إنشاء قوة مشتركة لمواجهة الحركات المسلحة، لكن هذا المشروع الدفاعي تعطل بعدما قرر تجمع دول الساحل الخمس تشكيل قوات مشتركة بدعم أوروبي وأميركي.
وكانت فرنسا وألمانيا عرضتا في يوليو/تموز 2017 فكرة إنشاء "تحالف الساحل" لتوحيد الجهود الدولية المشتركة وضم هذا التحالف 26 عضوا، وأقر تنفيذ ألف مشروع بميزانية تزيد على 20 مليار دولار.
وسرعان ما توقف هذا الحلف بسبب موجة الانقلابات التي بدأت في مالي عام 2021.
لكن "تحالف دول الساحل" يختلف في السياسات والدوافع عن تحالف الساحل، وعن مجموعة دول الساحل الخمس، لأن تلك التحالفات كانت وراءها فرنسا، وهي التي سوقتها دوليا، أما التحالف الجديد فينطلق من أفكار محلية، وهدفه الحماية الأمنية للدول الأعضاء وإبعاد النفوذ الفرنسي كنقطة أولى.
الأهداف والمبادئ
وحسب ميثاق الإعلان، فإن "تحالف دول الساحل" يقوم على جملة من الأهداف والمبادئ أهمها:
إقامة منظومة دفاعية مشتركة بين البلدان، لها القدرة على خوض الحروب الدفاعية والهجمات الاستباقية لمنع مساس أمن الدول الأعضاء. التضامن الكامل بين الدول الأعضاء والاندماج العسكري بينها إذا تعرضت أي دولة لاعتداء. مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في المنطقة المشتركة للحلف. العمل على منع التمرد والعنف المسلح في الدول الثلاث والتصدي له بالقوة المسلّحة إذا اقتضى الأمر. العمل من أجل توسيع الحلف، أمام الدول التي تشترك مع المجموعة في أهداف التحرر الاقتصادي والاستقلال السياسي. مستقبل التحالفوبين تلاشي مجموعة الدول الخمس في الساحل، وإعلان روسيا عن تشكيل "الفيلق الأفريقي" تزداد التكهنات والقراءات حول مستقبل "تحالف دول الساحل".
وتتلخص التحليلات والقراءات بشأنه في اتجاهين: يتمثل الاتجاه الأول في نجاح الحلف وتوسعه، وهو الأكثر ترجيحا، خاصة مع إعلان روسيا تشكيل فيلق أفريقيا الذي سينتشر في منطقة الساحل، ويتخذ من ليبيا مقرا دائما.
ويبدو أن جولة نائب وزير الدفاع الروسي في ديسمبر/كانون الأول الماضي كانت لتهيئة الظروف أمام القوة الروسية.
كما سبق لمالي أن أبرمت عقودا عسكرية واقتصادية مع روسيا، أهمها التوقيع على اتفاقية بناء محطة لاستخراج الذهب في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وفي تعليق للجزيرة نت، قال الباحث المختص في الشأن الساحلي حمدي جوارا إن "جميع الدول العظمى تبحث عن النفوذ في المنطقة، وروسيا ليست استثناء، وربما تستخدم أوراقها الأفريقية لدعم هذا التحالف".
وأضاف أن موسكو ودول التحالف كل منهما يخدم الآخر في تناغم واضح من دون ولاءات سياسية قد تضر مصالح الدول الساحلية.
ورجح أن التحالف سيستمر، لأن المنطقة تحتاج لرؤية مغايرة لما كانت تعمل عليه المنظمات القديمة في المنطقة، والتي عجزت عن تحقيق تطلعات الشعوب بسبب وقوفها مع الحكومات والأنظمة الفاسدة.
ويرى كثير من المراقبين أن التحالف الجديد قد ينجح ويستمر، لكنه لن يتوسع في المدى القريب إلا إذا توسّعت حركة الانقلابات، وجاءت حكومات جديدة تتبنّى رؤية جديدة للمنطقة مثلما عليه الحال عند حكومات "تحالف دول الساحل".
أما الاتجاه الثاني، فيتمثل في فشل الحلف بسبب ما قد يحدث من التطورات السياسية، التي قد تأتي مع عودة المدنيين للسلطة، وتفرض عليهم التوازنات الجيوسياسية والإقليمية للعودة للتحالفات القديمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: تحالف دول الساحل فی المنطقة من أجل
إقرأ أيضاً:
بعد قرار الجنائية الدولية.. ما الدول التي ستنفذ قرار اعتقال نتنياهو وغالانت؟
نقلت وكالة الأنباء الهولندية (إيه إن بي)، اليوم (الخميس)، عن وزير الخارجية، كاسبار فيلدكامب، قوله إن هولندا مستعدة للتحرّك بناءً على أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحقّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذا لزم الأمر، في حين قال مسؤول السياسة الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في عمان، إن جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، ومنها دول أعضاء في الاتحاد، ملزَمة بتنفيذ قرارات المحكمة.
اقرأ ايضاًردود فعل دولية حول مذكرة الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانتوأضاف بوريل: «هذا ليس قراراً سياسياً، بل قرار محكمة. وقرار المحكمة يجب أن يُحترم ويُنفّذ».
وكتب بوريل، في وقت لاحق على منصة «إكس»: «هذه القرارات ملزمة لجميع الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي (للمحكمة الجنائية الدولية) الذي يضم جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي».
كذلك قال رئيس الوزراء الآيرلندي، سيمون هاريس، في بيان: «القرار... خطوة بالغة الأهمية. هذه الاتهامات على أقصى درجة من الخطورة». وأضاف: «آيرلندا تحترم دور المحكمة الجنائية الدولية. ويجب على أي شخص في وضع يسمح له بمساعدتها في أداء عملها الحيوي أن يفعل ذلك الآن على وجه السرعة».
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن ردّ فعل باريس على أمر المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو سيكون متوافقاً مع مبادئ المحكمة، لكنه رفض الإدلاء بتعليق حول ما إذا كانت فرنسا ستعتقل نتنياهو إذا وصل إليها.
ورداً على سؤال خلال مؤتمر صحافي حول ما إذا كانت فرنسا ستعتقل نتنياهو، قال كريستوف لوموان إن السؤال معقد من الناحية القانونية، مضيفاً: «إنها نقطة معقّدة من الناحية القانونية، لذا لن أعلّق بشأنها اليوم».
بدوره، قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إن بريطانيا «تحترم استقلال المحكمة الجنائية الدولية».
وقال أنطونيو تاياني، وزير الخارجية الإيطالي، إن روما ستدرس مع حلفاء كيفية تفسير القرار واتخاذ إجراء مشترك. وأضاف: «ندعم المحكمة الجنائية الدولية... لا بد أن تؤدي المحكمة دوراً قانونياً، لا دوراً سياسياً».
أما وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارت أيدي، فقال إنه «من المهم أن تنفذ المحكمة الجنائية الدولية تفويضها بطريقة حكيمة. لديّ ثقة في أن المحكمة ستمضي قدماً في القضية على أساس أعلى معايير المحاكمة العادلة».
وقالت وزيرة الخارجية السويدية، ماريا مالمر ستينرغارد، إن استوكهولم تدعم «عمل المحكمة» وتحمي «استقلالها ونزاهتها». وأضافت أن سلطات إنفاذ القانون السويدية هي التي تبتّ في أمر اعتقال الأشخاص الذين أصدرت المحكمة بحقّهم مذكرات اعتقال على أراضٍ سويدية.
بدوره، قال رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، إن بلاده ستلتزم بكل أحكام المحاكم الدولية، وذلك رداً على سؤال عن أمري الاعتقال بحقّ نتنياهو وغالانت. وأضاف، في مؤتمر صحافي، بثّه التلفزيون: «من المهم حقاً أن يلتزم الجميع بالقانون الدولي... نحن ندافع عن القانون الدولي، وسنلتزم بكل لوائح وأحكام المحاكم الدولية».
ووصف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي التوقيف بأنه «مرحلة بالغة الأهمية».
وكتب فيدان على منصة «إكس»: «هذا القرار هو مرحلة بالغة الأهمية بهدف إحالة المسؤولين الإسرائيليين الذين ارتكبوا إبادة بحق الفلسطينيين أمام القضاء».
أمل فلسطيني
وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية الرسمية (وفا) بأن السلطة الفلسطينية أصدرت بياناً ترحب فيه بقرار المحكمة الجنائية الدولية. وطالبت السلطة جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية وفي الأمم المتحدة بتنفيذ قرار المحكمة. ووصفت القرار بأنه «يعيد الأمل والثقة في القانون الدولي ومؤسساته».
اقرأ ايضاًالجنائية الدولية تلاحق نتنياهو وغالانت..نظرة قانونيةوأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، اليوم (الخميس)، أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بخصوص «جرائم حرب في غزة»، وكذلك القيادي في حركة «حماس» محمد الضيف.
وقالت المحكمة، في بيان، إن هناك «أسباباً منطقية» لاعتقاد أن نتنياهو وغالانت ارتكبا جرائم، موضحة أن «الكشف عن أوامر الاعتقال هذه يصبّ في مصلحة الضحايا».
وأضاف بيان المحكمة الجنائية الدولية أن «قبول إسرائيل باختصاص المحكمة غير ضروري». وأشارت المحكمة الجنائية الدولية إلى أن «جرائم الحرب ضد نتنياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع سلاح حرب... وكذلك تشمل القتل والاضطهاد وغيرهما من الأفعال غير الإنسانية».
Via SyndiGate.info
Copyright � Saudi Research and Publishing Co. All rights reserved.
محرر البوابةيتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة
الأحدثترند بعد قرار الجنائية الدولية.. ما الدول التي ستنفذ قرار اعتقال نتنياهو وغالانت؟ تايلور سويفت تثير الجدل بساعتها الباهظة الثمن.. تفاصيل الساعة وسعرها شهداء وجرحى بقصف إسرائيلي على منطقة المواصي جنوب غزة تغريدة قديمة لـ ليام باين تعود للواجهة.. تحدث بها عن جنازته ارتفاع قتلى الغارات الإسرائيلية على مدينة تدمر السورية إلى 79 قتيلا Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTubeاشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter