عربي21:
2024-11-25@10:15:13 GMT

يا جبال الصبر الجميل أوّبي معه!

تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT

لا يغني حذر من قدر!

فعندما جاء وائل الدحدوح الى الدوحة بعد أن أدى وعائلته فريضة الحج، تشرفت باللقاء به، وقد أقام أحد الزملاء في قناة الجزيرة غداء على شرفه، دعا إليه أكثر من عشرين صحفيا في أحد المطاعم اليمنية، وكنت قد نسيت تفاصيل هذا اليوم، وقبل أيام طلبت من أحد الزملاء أن يمدني بصورة لي في اللقاء، فقال لي لقد كنت زاهدا في التصوير.

فهل كنت زاهدا حقا؟!

عندئذ تذكرت تفاصيل ما جرى؛ فقد كنا نعلم أن وائل الدحدوح عائد إلى غزة، وفي طريق عودته لا بد من أن يمر من مصر، وقد تفتح مثل هذه الصورة شهية ضابط لسين وجيم، ويحمّل الأمر أكثر مما يحتمل، وربما يصنف الحضور على أنهم خلية، اجتمعت لتبحث كيف تعيد الإخوان للحكم!

ولهذا، فعندما نشر أحد الحاضرين صورة لهذه "الوليمة"، طالبته برفعها، وبدا لافتا أن الجميع التزموا بعدم النشر، بدون طلب، فهل كان يشغلهم ما يشغلني؟!

احتجاز في مطار القاهرة:

مرت الأيام والأسابيع، وربما الشهور، وعلمت بخبر التحفظ على وائل في مطار القاهرة، وبذلك عرفت أنه لم يسافر من الدوحة إلى مصر، ولكنه سافر للخارج للعلاج، ومن هناك ذهب للأردن لزيارة بعض أقربائه، ثم عاد من هناك الى القاهرة، ليتم إيقافه لساعات طويلة، وإن سمحوا لزوجته بالخروج، لتنتظره عند أهل لها في القاهرة. فها هي غزة ومصر بلد واحد، وكان القطاع تحت الحكم المصري عندما احتُل بعد هزيمة 1967، والمفروض أن على مصر واجبا أخلاقيا تجاهه وتجاه أهله، لكن ظل هذا الواجب يلتزم به الشعب المصري لا الأنظمة العسكرية الحاكمة، التي ضيعت غزة بسبب تحرشها بإسرائيل، وتصورها أن أمريكا تقف على مسافة واحدة من الكيان ومصر!

ما علينا، فلم يمنع حذري من التصوير مع وائل من قريب، ولو صورة واحدة للتاريخ وقد لا يتكرر اللقاء، من توقيفه في مصر، لأن وائل مطلوب لذاته، ولمسقط رأسه، ولعمله. لكن ما الذي يجعل السلطات المصرية تقوم بتوقيف صحفي، لم يخرج من بلده عبر الأنفاق، لكنه خرج بشكل رسمي، ومن معبر رفح؟ وماذا يمكن أن يكون في تحركاته ما يغري هذه السلطة بعملية التوقيف؟!

لا تستطع الأنظمة العسكرية أن تستوعب، بعد كل هذه العقود من الحكم، أن الصحافة مهنة علنية بطبيعتها، وما لدى الصحفي يقوله أو يعلنه، ولا يوجد لديه ما يخفيه تحت سترته أو في جيوبه، لأنها ليست تنظيما سريا، كما أن العاملين فيها لا يتاجرون في الممنوع! فهي في أحد تعريفاتها "غلبانة، ومسكينة، وصوتها عال، ومن يأتي عليها لا يكسب"، وهو الوصف الذي قاله نقيب الصحفيين كامل زهيري للرئيس السادات فطابت نفسه، بعد أن كان يريد تحويل النقابة إلى ناد أسودة بنادي القضاة، فهل لا تزال ضعيفة، ومسكينة، بعد قناة الجزيرة التي صارت مدفعية ثقيلة، هزت عروشا، وواجهت رياحا صرصرا عاتية؟!

ظل وائل الدحدوح قرابة الـ24 ساعة رهن التحفظ في مطار القاهرة، قبل أن يخلى سبيله، وكانت الجزيرة على الخط، وهذا طبيعي، إنما الجديد أن نقابة الصحفيين المصريين اهتمت بالأمر، وهو أمر لم يكن سيحدث لو ظل التشكيل العسكري البائد مسيطرا عليها، والذي أسقطته الجمعية العمومية في آذار/ مارس الماضي، وإن كانت إزالة آثار العدوان تحتاج إلى وقت طويل!

وقد وصل وائل وزوجته إلى غزة، فبعد قليل كان العدوان الإسرائيلي، وكأنه ذهب لقدره، وعندما علمت بخبر استشهاد زوجته وأفراد من أسرته، قلت لو أنه وجد موتورا يحيله للنيابة لتحيله بدورها للسجن، فلم تكن زوجته ستغادر، وكانت ستستمر في القاهرة، لكنها أقدار الله!

السفر للقاهرة:

لقد اختارت نقابة الصحفيين المصريين وائل الدحدوح شخصية العام الصحفية، وكان من المفروض أن يأتي للقاهرة للتكريم، وللعلاج أيضا، لأن يده التي أصيبت من جراء العدوان الإسرائيلي، تحتاج لعملية دقيقة، وداخل مجلس النقابة رأي أن وائل كفّى ووفّى، وأنه ما دام مستهدفا من الجانب الإسرائيلي، فعليه أن يبتعد قليلا في "استراحة محارب"!

وعلمت أنه تم الحصول على موافقة السلطات المصرية بسفره للقاهرة، وعدد من أفراد أسرته، من بينهم ابنه حمزة، لكن القائمة لم تشمل ثلاثة منهم، فاعتذر عن السفر!

وكان من المفروض أن يغادر القطاع يوم الاثنين الماضي، ومعه ابنه الشهيد حمزة، لكنها أقدار الله. ووائل يرفض تماما فكرة البقاء في القاهرة طويلا فربما يغادر بعد التكريم وبدون انتظار فترة طويلة يقتضيها علاجه، لأنه يرفض أن يغادر غزة ويترك زملاءه هناك.. يا له من شخص أكثر من إنسان!

ولأنه أكثر من إنسان، فقد صار عنوانا للإنسانية، وللمهنة، وللحقيقة، وذكرنا بعبارة لعل أول من صكها هو مصطفى أمين؛ في وصف مهنة الصحافة بأنها مهنة البحث عن المتاعب، واجتهد البعض مع هذا النص، وقالوا بل مهنة البحث عن الحقيقة!

الحقيقة التي دفع وائل الدحدوح ثمنها الآن من لحم الحي، وكنت عندما أراه يستمر في تأدية عمله، ويداعب أطفال بلدته، ويظهر باسما، أقول مقولة دارجة كان أهلنا يرددونها إذا ذبحوا طيرا وبعد ذلك قام وتحرك وكأنه ليس مذبوحا: "سرقاه السكينة"، وعندما تسكت المدافع ويخلو لنفسه سيبدأ الحزن كبيرا. وكنت أرى أن نفسه قد تسكن قليلا، برؤية ابنه حمزة، لكن ها هم النازيون الجدد يستهدفون حمزة أيضا، ليلحق بوالدته وشقيقه وشقيقته، وابن شقيقته!

لم يترك العدو لوائل سوى أطلال بلد، وأطلال منزل، وأطلال حياة، وإن كنا نعلم أن المحنة قد لا تتوقف عند هذا الحد، فالنازيون الجدد يستهدفون عنوانا مهما من عناوين القضية الفلسطينية!

وكلما حدث العدوان على غزة، كان وائل الدحدوح هو صوت الحقيقة وعنوانها، فينقل جرائم العدو، بدون تهويل منه، فالحقيقة أكثر مرارة من أي ادعاء!

مثال المصداقية:

على مدى ربع قرن من عمله في الجزيرة لم يُضبط وائل الدحدوح متلبسا بفبركة، أو مدانا بنشر الأكاذيب، ولو فعل لما احتاجوا لممارسة هذا الإجرام للانتقام منه، ولفقد الثقة والاعتبار، لكن وائل هو مثال من لحم ودم للمهنية، وللصحافة عندما تصبح رسالة، ولخطر الصورة والكلمة!

وهو يقدم رسالته بصوت خفيض، مفعم بالمشاعر الإنسانية، فصار هذا الصوت عنوانا لقضية بلاده، واستطاع أن يجمع بين أمرين؛ المهنية والانحياز، لكن وائل صنع هذا كله، بدون أن يتحول إلى خطيب، أو ينتقل إلى الخطابة، أو أن يفقد اتزانه فيأخذه الانحياز الى ساحة الكذب والتلفيق!

ولأنه وائل الدحدوح فهو هدف لعدوان مجرم، ولعدو فاقد للشرف والإنسانية، فيقتل بدم بارد أكثر من 120 صحفيا، دون موقف من واشنطن أو العواصم الأوروبية في مواجهة هذا العدوان الغاشم!

إن الدحدوح لم يعد فقط عنوانا للحقيقة، ولكنه صار عنوانا للصمود والصبر، وصدق من وصفه بنقيب الصابرين، ونحن نراه مع كل محنة صابرا محتسبا.

فيا جبال الصبر الجميل أوّبي معه!

twitter.com/selimazouz1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه وائل الدحدوح الجزيرة غزة الصحافة الإسرائيلي إسرائيل غزة الجزيرة الصحافة وائل الدحدوح مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وائل الدحدوح أکثر من

إقرأ أيضاً:

الصبر في الإسلام: مفتاح الفرج والسكينة في الأوقات الصعبة

الصبر في الإسلام: مفتاح الفرج والسكينة في الأوقات الصعبة، الصبر هو أحد القيم العظيمة في الإسلام، وهو ركيزة أساسية تساعد المسلم في مواجهة تحديات الحياة والصعاب التي قد يواجهها. 

ويعتبر الصبر من أعظم الفضائل التي حثنا الإسلام على التحلي بها، حيث قال الله تعالى: "وَصَابِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (آل عمران: 200).

 الصبر ليس مجرد تحمل للشدائد، بل هو استعداد قلبي للقبول بما قدره الله مع الأمل والثقة في أن الفرج قريب بإذن الله.

 فضل الصبر في الإسلام

1. الثواب الجزيل من الله:

قال الله تعالى في كتابه الكريم: "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ" (الزمر: 10)، مما يوضح أن الصابرين لهم جزاء عظيم لا يحصر.

الصبر في الإسلام: مفتاح الفرج والسكينة في الأوقات الصعبة

2. رفعة المنزلة في الدنيا والآخرة:

الصبر يرفع من مكانة المؤمن في الدنيا والآخرة، حيث يجعل الله له تقديرًا عظيمًا في عيون الناس ومنزلة أعلى في الجنة.

 

3. تطهير النفس والروح:

الصبر يعين المسلم على تطوير نفسه وتصفية قلبه من الهموم، ويساعده على مواجهة التحديات بروح من الإيمان واليقين.

 

أنواع الصبر

1. الصبر على الطاعات:

الصبر هنا يتعلق بالمواظبة على العبادة والطاعة لله سبحانه وتعالى، حيث يجب على المسلم أن يصبر على أداء الصلاة والصيام والزكاة، مهما كانت الظروف.

 

2. الصبر عن المعاصي:

هو الصبر عن الوقوع في المعاصي والذنوب، حيث يحفظ المسلم نفسه من اتباع الشهوات ويحافظ على تقواه.

 

3. الصبر على الأذى والمصائب:

يشمل هذا النوع من الصبر التحمل في مواجهة المشاكل والصعوبات في الحياة، سواء كانت مادية أو عاطفية، مع الاحتساب لله.

التوكل على الله: سر الفرج والسكينة في أوقات الشدة كيف نتحلى بالصبر في الأوقات الصعبة؟

1. التفكر في وعد الله بالفرج:

يجب على المسلم أن يتذكر دائمًا أن مع كل ضيق هناك فرج، كما قال الله تعالى: "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" (الشرح: 6).

 

2. الاحتساب عند الله:

في كل محنة، يجب على المسلم أن يذكر نفسه بأن ما يمر به هو اختبار من الله، وأن الصبر في هذه الأوقات له أجر عظيم.

 

3. الاستعانة بالدعاء:

الدعاء هو من أعظم وسائل التحلي بالصبر، حيث يمكن للمسلم أن يسأل الله أن يمنحه القوة والقدرة على التحمل، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اجعلني من الصابرين."

 

4. التذكر بفضل الصبر في السيرة النبوية:

يجب أن يستحضر المسلم دائمًا قصص الأنبياء والصالحين الذين صبروا في أحلك الظروف، مثل صبر النبي أيوب عليه السلام عندما ابتلاه الله بالمرض.

عاجل - دعاء المطر والبرد أدعية لتعزيز الصبر

1. دعاء الصبر على المصائب:

"اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها."

 

2. دعاء القوة على الصبر:

"اللهم اجعلني من الصابرين على البلاء، وارزقني القوة على تحمله."

 

3. دعاء الثبات في الأوقات الصعبة:

"اللهم ثبتني على دينك، وارزقني الصبر والسلوان في وقت المحنة."

 

فوائد الصبر في الإسلام

1. تحقيق الأجر العظيم:

كما ورد في القرآن الكريم: "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ".

 

2. تحقيق الراحة النفسية:

الصبر يؤدي إلى الطمأنينة، لأنه يعكس يقين المسلم بأن الله مع الصابرين، وأن كل شيء بيد الله سبحانه وتعالى.

 

3. النمو الروحي:

الصبر يعزز الإيمان ويقوي العلاقة بالله، ويجعل المسلم قادرًا على مواجهة الشدائد بثبات وقوة.

عاجل - دعاء المطر للشيخ الشعراوي قصص من السيرة النبوية عن الصبر

1. صبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم:

مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بتجارب قاسية مثل وفاة أولاده، وطرده من مكة، ومع ذلك كان دائمًا صابرًا محتسبًا.

 

2. صبر النبي يوسف عليه السلام:

تعرض النبي يوسف عليه السلام للكثير من المحن، من إلقائه في البئر إلى السجن، لكنه ظل صابرًا ومؤمنًا بأن الله سينقذه.

 

3. صبر الصحابة الكرام:

الصحابة مثل بلال بن رباح، الذي عُذب في الله، كانوا مثالًا حيًا للصبر والثبات على الحق.

عاجل - دعاء المطر للشيخ الشعراوي

الصبر هو من أعظم الفضائل التي يمكن أن يتحلى بها المسلم، وهو مفتاح للفرج والسكينة في أوقات الشدة. 

إذا علمنا أن الله مع الصابرين، فسنظل نتحمل المصائب بصبر واحتساب، ونتوقع دائمًا أن الفرج قريب بإذن الله. 

فلنحرص على أن نكون من الصابرين، ونتذكر دائمًا أن الصبر ليس مجرد تحمل للألم، بل هو ثبات وثقة بالله في كل الأوقات.

 

مقالات مشابهة

  • لبنان تحت تأثير المنخفض الجوي الأول لهذا العام.. الثلوج غظت جبال لبنان (صور وفيديو)
  • القاهرة: مصر أكثر البلدان تضرراً من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر
  • «وردة» في محكمة الأسرة بعد 20 سنة زواج.. عبء سنوات من الصبر
  • وفاة «عصمت رشيد».. مطرب الزمن الجميل
  • "قهوة المحطة" في أكثر من 20 موقع تصوير بين القاهرة ومحافظات الصعيد
  • «القاهرة الإخبارية»: استشهاد 20 وإصابة أكثر من 60 فلسطينيا في استهداف «البسطة»
  • الصبر في الإسلام: مفتاح الفرج والسكينة في الأوقات الصعبة
  • بعد انقطاع أكثر من عامين.. وفد من"سلامة الغذاء السعودية” يزور القاهرة
  • "وائل السيد "رسام أبدع في فن الباتش باين والديكوباچ
  • وائل عوني في صدارة التريند بعد طرده من السجادة الحمراء بمهرجان القاهرة السينمائي 45 «صور»