كوهين: تم الإعلان بشكل رسمي عن اجتماعي مع المنقوش ولم يكن تسريبًا
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
ليبيا – أجرت صحيفة “إسرائيل هيوم” الإسرائيلية الناطقة بالإنجليزية مقابلة صحفية مع وزير الخارجية الإسرائيلي المنتهية ولايته “إيلي كوهين”.
المقابلة التي تابعتها وترجمت ما يتعلق بالشأن الليبي منها صحيفة المرصد تحدث فيها “كوهين” عن الإعلان الفاضح عن الاجتماع مع وزيرة الخارجية في حكومة تصريف الأعمال المعزولة نجلاء المنقوش المفضي إلى هروبها من ليبيا.
وأوضح “كوهين” بالقول:” لقد تم التنسيق والتخطيط المسبقان والموافقة على عقد هذا الاجتماع مع المنقوش على جميع المستويات في ليبيا وإسرائيل ما يعني أن ما حصل من إعلان عنه ونشره لا يعد تسريبًا بل أمر رسمي”.
ترجمة المرصد – خاص
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
كتب الأخبار.. تأريخ اجتماعي
بدأ الأمر في أول مرة عندما كنتُ أقرأ لتولستوي في خالدته (الحرب والسلم) فذكر فكرة بقيت معي لفترة طويلة، عندما ذكر أن كتب التاريخ عادة ما تذكر الأشخاص الأقل إنتاجًا للفعل التاريخي، مثل الملوك أو الساسة أو غيرهم، لكنها لا تذكر أولئك الذين قاموا بالفعل نفسه، الجماهير، فحاربوا وداووا وهاجموا ودافعوا وبنوا وهدموا. بقيت الفكرة هكذا حتى بدأت أقرأ في كتب الأخبار في التراث العربي، فوجدت تأريخًا لهؤلاء الذين عناهم تولستوي، فهي تأريخ لأولئك الذين لا يذكرهم أحد ونسوا كأنهم حذفوا من التاريخ ولم يأتوا إليه، وهذا حال معظمنا، وهنا يتجلى الفرق بين التاريخ السياسي والتاريخ الاجتماعي، فالأول يؤرخ لتقلبات السياسة والصروف التي تطال الدول، أما الثاني فيؤرخ لفئات مختلفة منهم ذوو المرتبة العالية منصبًا، أو قدرًا أو أخلاقًا، ومنهم المنحط في كلها أو بعضها، والهدف منه معرفة أحوال الناس وطريقة تعاملهم وما يذهبون إليه من مذاهب في السلوك والأفكار وغيرها، فهي بطريقة ما، مرآة للحياة اليومية والاعتيادية التي تمر على الناس مرورًا لا يتذكرونه، لكنه يبقى عند المؤرخ ثم يبقى للتاريخ فيُقرأ بعد مئات أو آلاف السنين. وقد كانت كتب الأخبار في التراث العربي، بطريقة ما، حفظت كثيرًا من أحوال الناس وأخبارهم وطريقة عيشهم، وتتميز هذه الكتب عادة أنها تعتمد على المراقبة اليومية والجمع والتوثيق والتنوع، فإن الكاتب وإن كان قد أرّخ لحدث سابق، إلا أنه انتهج منهجًا ينقله فيه من المراقبة ولا ينقله من كتاب آخر إلا في بعض الحالات البسيطة، ولذلك تطول هذه الكتب عادة وتستغرق سنوات عديدة للتأليف، كما أنها كثيرا تعتمد على الرواية الشفهية، لا المكتوبة، لأنها ما تهم في هذه الحالة، أما المكتوبة والموثقة فهي موجودة ومتاحة للقراءة، في عصر الكاتب على الأقل.
وهنا يُمكن النظر إلى كتابين من كتب الأخبار في التراث العربي، واتخاذهما نماذج، أما الأول فهو أشهر من نار على علم، وهو كتاب (الأغاني) لأبي الفرج الأصفهاني، الذي جمع فيه أخبار الشعراء والمغنين ووثّق من خلالها كثيرًا من حياة الناس وطريقة تفاعلهم مع بعضهم في ذلك الوقت، وأما الآخر فهو أقل شهرة من الأول، وهو كتاب (نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة) للقاضي التنوخي، الذي جمع فيه أخبارًا مختلفة، أرّخ فيها للمجتمع والناس.
كتاب (الأغاني) لأبي الفرج الأصفهاني ألّفه في قرابة نصف قرن، جمع فيه أخبارًا كثيرة، للمغنين والشعراء، ووصف الحياة الاجتماعية في عصره وعصر من سبقوه، وقد نال شهرة كبيرة، حتى روي عن الصاحب بن عبّاد أنه استبدل دواوين الشعر وكتب الأدب التي كان يحملها معه في الأسفار بالأغاني لأنه يغنيه عنها وتنوعه أكثر منها. والمطالع لكتاب الأغاني يجد كثيرًا مما يمكن الاستفادة منه حول الحياة الاجتماعية والثقافية في عصر أبي الفرج وقبلها، فكان صاحبنا كثير التردد على الحانات ومواضع المغنين والمغنيات، وحافظًا لأشعار العرب وأخبارها وأيامها، فجاء الكتاب غنيّا واسعا، في قرابة سبعة وعشرين مجلدًا، ينتقل فيه بين العصور وبين الشعراء والمغنين، من الجاهلية حتى عصره، حتى ليشعر القارئ أنه بين آلة زمن منتقلا من هؤلاء لأولئك، والكتاب أكثر شهرة من وصفه، فأترك للقارئ تفحصه والاستفادة منه. وأما الآخر فكتاب (نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة) للقاضي التنوخي، الذي قيل إنه ألّفه في عشرين عامًا، معتمدًا فيه على منهج النقل من الرواية الشفهية فقط، دون الانتقال للكتب أو المخطوطات، وذكر القاضي أن الذي دعاه لتأليف الكتاب في قوله: «فلما تطاولت السنون، ومات أكثر أولئك المشيخة الذين كانوا مادة هذا الفن (أي فن الأخبار) ولم يبق من نظرائهم إلا اليسير الذي إن مات ولم يحفظ عنه ما يحكيه، مات بموته ما يرويه، ووجدت أخلاق ملوكنا ورؤسائنا لا تأتي من الفضل بمثل ما تحتوي عليه تلك الأخبار من النبل...»، فحفظًا لتلك الأخبار كتب التنوخي كتابه هذا الذي جاء في أكثر من ثمانية مجلدات، ضاع بعضه وبقيت الثمانية منشورة الآن ومحققة، تطرق فيها التنوخي للحياة الاجتماعية والثقافية، وتعددت الطبقات التي جاءت في الكتاب، من الخلفاء والملوك إلى السوقة والناس العاديين الذين لا يعرفهم أحد، فإذا قرأت الكتاب شعرت أنك في بغداد، تجول في أسواقها وتحدث أهلها، وقد حفظ الكتاب كثيرا من أخبار القضاة والرؤساء، وأخبار الناس كذلك، إضافة لحفظه بعضًا من حياة القاضي، التي كانت تجيء في الأخبار بما يشبه السيرة الذاتية، وللقاضي كتابٌ آخر جمع فيه الأخبار التي يكون فيها شدائد ثم يفرج الله بفضله عن أصحابها، وأسماه (الفرج بعد الشدة)، وقد تشابهت بعض الأخبار في الكتابين وتداخلت، وفي ذلك زيادة للخير، والناظر في الكتاب يجده كتابًا كثير الفائدة جليل المنفعة، سواء من الناحية المعرفية، أو من الناحية الوعظية، أو من الناحية الأدبية.
بعد هذا العرض، أقول: إن كتب الأخبار تؤرّخ للمجتمع وتحركاته وتفاعلاته مع بعضه البعض، ولذلك فإنه من المهم أن يُنظر لها وتعاد قراءتها، من أجل الاستفادة من أخبار الناس الأوائل وطريقة تفكيرهم ومسالكهم ومذاهبهم في الحياة اليومية، أما الشيء الآخر، فإننا في عُمان كثيرًا ما نفتقد مثل هذه الكتب، إذ أغلب كتب التاريخ -إن لم تكن كلها- قد أرّخت للأحوال السياسية، وبقيت المخاطبات والرسائل بين الشيوخ والأعيان، وبعض الوثائق في الأوقاف وغيرها التي يُمكن أن تفيد معرفة الأخبار الاجتماعية، عدا ذلك فإنها غير موجودة للأسف، وعلى الناس أن يحفظوا أخبار مجتمعهم ليعرف اللاحق أحوال السابق، ولتتوفر مادة معرفية تعرّف الآخرين بالسياقات الاجتماعية والفكرية الموجودة في المجتمع، وفوائد أخرى جليلة لا يُمكن الاستغناء عنها، منها حفظ للقيم الباقية، واستذكار لقيم الأوائل التي كثير منها فقدت بفعل عصر الناس المعتلّ هذا، فإن القيم الاجتماعية، والموروث الشعبي، من فنون وثقافة وأفكار وملابس وغيرها متغيرة ومتبدلة، وإن لم تحفظ -لا أقل على سبيل المعرفة- فإنها تضيع كما ضاعت للأسف كثير من تلك الموجودة في العصور السابقة.