لا أوجع من مرارة الفقد، ولا أصعب من أن يودع الرجل ابنه، فماذا لو كانت عائلته، وما بالكم لو كان الفقد بجريرته، نعم، بتهمة الكلمة! 

وأي كلمة تلك التي تهز عرش جيش إسرائيل الذي لا يُقهَر-كما يدّعون-

وتُزلزل ذلك  الكيان الصهيوني، الذي لا يعرف إلا لون الدماء، وطعم القتل، وصورة الخراب.

إنه ذلك الصابر المحتسب، المرابط على آخر حصون الكلمة، وائل الدحدوح، أو أبو حمزة كما يحب أن يُكنى، كنت أظنه بشرًا، يسعى من خلال موقعه لأن يؤدى رسالة، غايتها نقل الواقع من أرض المعركة، لشاشة قناة الجزيرة الأشهر، أشهر وسائل الإعلام الناطقة بالعربية حول العالم، والسعي لتحقيق الذات لطالما بقى في مأمن من الخطر.

. لكن هيهات، فقد دفع أثمانًا لا يحتملها بشر، ولا يزال في الميدان مجاهدًا حرًا أبيًا لا يفصله عن شرف الشهادة إلا ساعة قدر الله فيها أجله.

منذ اندلاع طوفان الأقصى، نقل الدحدوح للعالم صورًا للقتل والدمار والخراب، التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وفي (25 أكتوبر 2023)، انتقم سلاح الجوّ الإسرائيلي من الدحدوح حينما أغارَ على منزل عائلته في جنوب وادي غزة مع ساعات المساء الأولى، أسفرت هذه المجزرة الإسرائيليّة عن استشهاد أكثر من 13 شهيدًا من عائلة الدحدوح بينهم زوجته وابنه وابنته.

خرج الدحدوح في وداع عائلته صابرًا محتسبًا وعازمًا على مواصلة الجهاد، وفضح جرائم الاحتلال ومجازره، التي يرتكبها في حق المدنيين والأطفال والنساء العزَّل، أمام ضمير العالم الذي لم يستيقظ بعد!

جن جنون الاحتلال وحرّك آلة الاغتيال من جديد صوب الدحدوح الذي أنجاه قدره، في صباح الجمعة 25 ديسمبر، حين أُصيب خلال تغطيته قصفًا إسرائيليًا على مدرسة في خان يونس جنوبي قطاع غزة، كما استشهد زميله المصور سامر أبو دقة، فكان في وداعه أكثر صبرًا وصمودًا.

لم تنته فصول ذلك المسلسل الأكثر ثأرًا ودموية، حين استهدف جيش الاحتلال ابنه الأكبر حمزة الدحدوح، في 7 يناير الجاري، وهو صحفي ومصور لدى شبكة الجزيرة، مع صحفيين آخرين في الطريق من مدينة خان يونس إلى رفح، عندما استهدفتهم غارة جوية بطائرة مُسيَّرة، ولا يزال وائل الدحدوح متقبلًا لأقسى ابتلاءات الدنيا، صامدًا صابرًا محتسبًا مرابطًا، على آخر حصون الكلمة حافظا لقسمه بأن يؤدى رسالته إلى أن يلقى الله.

ويبقى نهج الاحتلال في اغتيال وقتل الصحفيين، محاولة لطمس جرائم العدوان والقتل والدمار التي يرتكبونها في غزة، صورة لا يريدون أن تخرج إلى النور، ويظل وائل الدحدوح الصحفي الذي هز عرش إسرائيل، ليصبح أمام العالم رمزًا لصمود شعب يُباد، دفع منذ السابع من أكتوبر الماضي، حتى كتابة هذه السطور أكثر من 22 ألف شهيد، ونحو 58 ألف مصاب، 70% منهم أطفال ونساء، إضافة إلى آلاف المفقودين، دون أن يتحرك ضمير العالم وقادته.. حقا ليس لها من دون الله كاشفة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: وائل الدحدوح محمد سويد غزة اسرائيل الاحتلال حرب غزة وائل الدحدوح

إقرأ أيضاً:

أكاديمية السينما تعتذر بعد إغفال اسم المخرج الذي اعتدت عليه إسرائيل

إثر الانتقادات لاستجابتها الأولية للهجوم العنيف على حمدان بلال، المخرج المشارك في فيلم "لا أرض أخرى" الحائز على جائزة الأوسكار، اعتذرت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة الأمريكية، أمس الجمعة، عن تجاهل اسم المخرج حمدان بلال.

وفي رسالة إلى أعضاء الأكاديمية، قال الرئيس التنفيذي للأكاديمية بيل كرامر ورئيستها، جانيت يانغ، إنهما يأسفان لأنهما لم يصدرا بياناً مباشراً عن بلال. وقال شهود إن المخرج تعرض يوم الإثنين الماضي، للضرب من مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، ثم اعتقله الجيش الإسرائيلي.

وأدين الهجوم، الذي جاء بعد أسابيع قليلة من فوز بلال وزملائه المخرجين، بجائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي، على نطاق واسع من العديد من منظمات الأفلام، وآخرين. وأصدرت الأكاديمية يوم الأربعاء الماضي، بياناً يدين "إيذاء الفنانين أو قمعهم بسبب عملهم أو وجهات نظرهم".

ويوم أمس الجمعة، أصدر أكثر من 600 عضو في الأكاديمية التي تضم 11 ألف عضو، رسالة مفتوحة، قالت إن "بيان الأكاديمية لم يرق إلى المشاعر التي تستحقها هذه اللحظة". وكان من موقعي الرسالة جواكين فينيكس، وأوليفيا كولمان، وريز أحمد، وإيما طومسون، وخافيير بارديم، وبينيلوب كروز.

Film academy apologizes for not naming 'No Other Land' co-director in response to attack on him https://t.co/uFFOZq11Do

— The Associated Press (@AP) March 29, 2025

وبعد اجتماع مجلس محافظي الأكاديمية يوم أمس، استجاب كريمر ويانغ ببيان جديد. وكتبا لأعضاء الأكاديمية "نعتذر بصدق للسيد بلال وجميع الفنانين الذين شعروا بعدم دعم بياننا السابق، ونريد أن نوضح أن الأكاديمية تدين هذا النوع من العنف في أي مكان في العالم... نحن نكره قمع حرية التعبير تحت أي ظرف من الظروف".

مقالات مشابهة

  • نائب أردوغان يشن هجوماً لاذعاً على إسرائيل.. ما الذي يحدث؟
  • محمد عبدالقادر يكتب: “ابن عمي” العميد أبوبكر عباس.. “أسد الهجانة”
  • بالأسماء: إسرائيل تُفرج عن 5 أسرى من سكان غزة
  • إعلام عبري يكشف تفاصيل المقترح البديل الذي قدمته إسرائيل لمفاوضات التهدئة بغزة .. 10 أسرى مقابل التهدئة في العيد
  • ماذا يتضمّن "المقترح البديل" الذي أرسلته إسرائيل للوسطاء؟
  • محمد عثمان عوض الله يكتب: أخبار سارة من السودان
  • اليُتْمُ الذي وقف التاريخُ إجلالًا وتعظيمًا له
  • غارينشا الملاك ذو الساقين المنحنيتين الذي سحر العالم ومات فقيرا
  • أكاديمية السينما تعتذر بعد إغفال اسم المخرج الذي اعتدت عليه إسرائيل
  • تعرف على القنابل الخمسة التي تستخدمها إسرائيل في إبادة غزة