الجزيرة:
2025-04-16@11:32:48 GMT

فيلم ونكا.. صانع الحلوى الذي تجرّع المرارة

تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT

فيلم ونكا.. صانع الحلوى الذي تجرّع المرارة

في الأيام الأخيرة من عام 2023، عُرض فيلم "ونكا" (Wonka) الذي يعيد للأذهان ذكريات السينما الموسيقية الكلاسيكية، ويقدم قصة صانع الحلوى "ويلي ونكا" الذي ظهر مرتين من قبل على الشاشة الكبيرة؛ الأولى عام 1971 في فيلم "ويلي ونكا ومصنع الشيكولاتة" (Willy Wonka & the Chocolate Factory)، والثانية في فيلم "تشارلي ومصنع الشيكولاتة" (Charlie and the Chocolate Factory).

والفيلمان مقتبسان من رواية للكاتب "روالد دال".

أخرج  "باول كينغ" فيلم "ونكا" في نسخته الجديدة، والعمل من بطولة "تيموثي شالامي" و"أوليفيا كولمان" و"هيو غرانت"، ويستند إلى الشخصية الشهيرة، لكنه ليس اقتباسا مباشرا للرواية، بل بنى صُناع الفيلم خلفية وتاريخا للشخصية تتناسب مع العمل الأدبي.

ونكا.. قصة للكبار والصغار

يبدأ فيلم "ونكا" بأغنية يسرد عبرها البطل أين كان قبل هذه اللحظة، ورحلته لسبع سنوات بين البحار، ثم وصوله إلى المدينة التي يحلم ببناء إمبراطورية الحلوى الخاصة به على أرضها.

وعبر الكلمات والألحان والرقص يؤسس الفيلم لهذا العالم الفيلمي، ويُظهر تفاؤل البطل وأحلامه العريضة في مقابل قسوة المدينة ووحشيتها وقد سلبته كل مدخراته خلال دقائق من وصوله، وتحول من شاب مبتهج إلى متشرد بلا مأوى.

وبحثا عن مكان للمبيت، يقع "ونكا" ضحية سهلة للسيدة "سكربينغ" صاحبة النزل المتواضع، التي جعلته يوقع على عقد سيصبح بموجبه عاملا في مغسلتها لعقود، لينضم لمجموعة أخرى من العمال الذين خدعتهم على مر السنوات، ومنهم الفتاة اليتيمة "نودل"، وعلى الجانب الآخر يكتشف الشاب أن سوق بيع الحلوى في المدينة مغلق على ثلاثة صناع فقط لا يقبلون منافسته، ويتآمرون مع قائد الشرطة على منع "ونكا" من صناعة الشيكولاتة وبيعها.

ومن هنا تبدأ حبكة الفيلم الحقيقية، عندما يتحالف البطل مع زملائه من عبيد السيدة "سكربينغ" لبيع الشيكولاتة سرا في المدينة وجمع المال الكافي لتحريرهم جميعا، وهو ما يقودهم إلى مجموعة من المغامرات المضحكة التي تجعلهم يكتشفون قدراتهم الحقيقية، ويوظفون معارفهم ومهاراتهم لتحقيق النجاح.

وعلى الرغم من أن الفيلم ليس اقتباسا مباشرا من رواية "روالد دال"، فإنه كان مخلصا لأسلوب الكاتب الأدبي الذي يقدم في أعماله خطين متوازيين؛ الأول قصة بسيطة ومثيرة للأطفال، والثاني أفكارا أكثر عمقا -وفي بعض الأحيان سوداوية- تستهدف البالغين والمراهقين.

وتتركز القصة المباشرة في فيلم "ونكا" في مغامرة شاب غريب عن المدينة لا يهدف إلا إلى صنع الحلوى وإسعاد السكان، ولكن يمنعه ثلاثة من الأشرار. وبشكل أعمق يجد المشاهد أنه أمام حبكة أكثر تعقيدا عن الرأسمالية الشريرة التي تمنع الكيانات الاقتصادية الصغيرة من النمو في ظل سوق غير مفتوحة، بل مبنية على الاحتكار، بالإضافة إلى معالجة تعامل صغار السن مع الفقد المبكر لذويهم، مثل "ونكا" الذي فقد أمه والفتاة "نودل" التي تعتقد أنها يتيمة.

هذا الازدواج يسمح للأفلام بالاستمرار لسنوات فتصبح كلاسيكية بعد عقود، فعلى سبيل المثال سيعيد الطفل الذي يشاهد "ونكا" في 2023 مشاهدته في 2043 مع أطفاله، ويكتشف عمق الأفكار التي ربما مرت عليه ببساطة لصغر سنه.

ونكا.. انتعاشة الأفلام الموسيقية

قُدمت قصة "ويلي ونكا" مرتين على الشاشة من قبل، النسخة الأقدم من إنتاج 1971، وهو فيلم غنائي كلاسيكي من بطولة "جين وايلدر"، ويركز بشكل أساسي على طبيعة "ويلي ونكا" المرحة المتلاعبة الذي وصل منتصف العمر ويبحث عن وريث لإمبراطورية الشيكولاتة التي صنعها على مر السنوات.

أما نسخة 2005 فمن إخراج "تيم بروتون" وبطولة "جوني ديب"، وركزت بشكل أكبر على مفهوم العائلة والحب الأسري، حيث افترض صناع الفيلم أن "ونكا" ابن لعائلة مضطربة وأب كاره للحلوى مما أشعل شغف ابنه بها، وبينما يبحث عن وريث لمصنعه يجد عوضا عن ذلك طفلا يصحح مفاهيمه ويعرّفه على دفء الحب العائلي.

واستند فيلم "ونكا" في نسخته الحديثة بشكل كبير على نسخة عام 1971، ويبدأ هذا الإلهام في ملابس "ونكا" وبدلته المخملية البنفسجية والقبعة البنية العالية وعصا المشي، وتصميم شخصية "أومبا لومبا" الخيالية بشعرها الأخضر وقصر قامتها الشديد، وهو تصميم مختلف عن ذلك السريالي الخاص بنسخة تيم بروتون.

ويظهر هذا الإلهام بأوضح صوره في موسيقى الفيلم وأغانيه، وقد اقتبس شريط الصوت الخاص بفيلم "ونكا" جُملا لحنية من الموسيقى التصويرية لفيلم "ويلي ونكا ومصنع الشيكولاتة"، وبعض الأغاني التي أعاد توزيعها وتغيير كلماتها. وهذا الأسلوب في الاستلهام يلعب على شعور المشاهدين بالحنين لفيلم كلاسيكي تربت عدة أجيال عليه، بينما يفتح الباب واسعا أمام حبكة وأفكار وثيمات جديدة تعطي القصة المزيد من الطزاجة والشباب.

وعلى الجانب الآخر ينتمي الفيلم إلى الأفلام الموسيقية، وهو النوع الذي لمع في منتصف القرن العشرين ثم اندثر بالتدريج، ويتميز بدمج الأغاني والرقصات ضمن الحبكة الأصلية، بالإضافة إلى الاهتمام بعناصر معينة في الإنتاج مثل الديكور والملابس، واختيارات محددة في الممثلين والممثلات الذين يجب أن يتمتعوا بخفة في الحركة وقدرة على الغناء تضاهي مواهبهم التمثيلية.

وفي العقدين الأخيرين عادت الأفلام الموسيقية الأميركية على استحياء بمشاريع قليلة العدد ولكنها حققت نجاحا كبيرا، من أشهرها "لا لا لاند" (La La Land) و"قصة الحي الغربي" (West Side Story)، والأخير إعادة إنتاج لفيلم كلاسيكي بنفس الاسم أيضا مثل فيلم "ونكا".

وعلى هذا الصعيد قدم فيلم "ونكا" تجربة بصرية وسمعية مميزة للغاية بين أفلام 2023، بتصميم إنتاج وديكورات مبهرة بألوانها الزاهية، والحيوية الشديدة في النقلات بين الحوار العادي والأغنيات، وأداء الممثلين بالكامل حتى غير المعتادين على الغناء. وعلى الرغم من قلة خبرة "تيموثي شالاميه" في هذا النوع من الأفلام فإنه استطاع منافسة ممثلين كلاسيكيين اشتهروا بهذا النوع من الأفلام.

وتَرشح بطل فيلم "ونكا" لجائزة أفضل ممثل في "غولدن غلوب"، ومن المتوقع ترشحه لعدد أكبر من الجوائز المتخصصة في الأوسكار. وبعيدا عن الجوائز تمكن الفيلم من تحقيق النجاح في موسم نهاية العام السينمائي، ووصلت إيراداته حتى كتابة هذه السطور إلى 465 مليون دولار مقابل ميزانية 125 مليون دولار.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

تيلستار.. القمر الصناعي الذي غيّر شكل كرة القدم

من يعتقد أن التكنولوجيا دخلت إلى عالم كرة القدم فقط عبر تقنية الفيديو "فار" "VAR" أو حسّاسات التسلل فهو مخطئ، لأن العلاقة بين التكنولوجيا وهذه اللعبة بدأت قبل عقود، وتحديدًا من خلال تصميم الكرة نفسها والتي تُعدّ كرة "تيلستار" التي طوّرتها شركة أديداس في نهاية الستينيات، تجسيدًا واضحًا لهذا التداخل بين التكنولوجيا والرياضة.

قمر صناعي غيّر شكل الاتصال والكرة

اسم "تيلستار" لم يكن عشوائيًا، بل مستوحى من قمر الاتصالات الصناعي الأميركي الشهير تيلستار "Telstar" الذي أُطلق عام 1962. وقد طوّرته مختبرات "بيل" لصالح شركة "إيه تي آند تي" (AT&T) ليكون أول قمر صناعي نشط للاتصالات في العالم. وكان "تيلستار" وراء أول بث تلفزيوني مباشر عبر المحيط الأطلسي، وأول من أرسل إشارات تلفاز ومكالمات وصور فاكس عبر الفضاء.

لعب شكل القمر الصناعي -الكروي والمغطى بألواح شمسية- دورا مهما في إلهام مصممي كرة القدم في شركة أديداس الألمانية لتصميم كرة ذات طابع تكنولوجي بصري، حيث كانت الكرات مصنوعة من الجلد البني الذي لا يمكن تمييزه على شاشات التلفزيون الأبيض والأسود التي كانت سائدة في تلك الحقبة.

الظهور الأول: عندما التقت التكنولوجيا بالرياضة

ظهرت كرة "تيلستار" لأول مرة تحت اسم "تيلستار إلاست" (Telstar Elast) في بطولة أوروبا 1968، لكن شهرتها الحقيقية بدأت في كأس العالم 1970 بالمكسيك، حيث تم اعتماد نسخة  تيلستار دورلاست (Telstar Durlast) رسميًا لأول مرة في تاريخ المونديال.

إعلان

كان الشكل الجديد مختلفًا كليًا عن الكرات السابقة؛ إذ اعتمد على تصميم مكوّن من 32 لوحة: 12 خماسية سوداء، و20 سداسية بيضاء، مستوحى من مجسم عشرينيّ مقطوع (truncated icosahedron)، بهدف تحسين وضوح الكرة على الشاشات. هذا التصميم أصبح لاحقًا الشكل "الرمزي" لكرة القدم في العالم، وظهر في الرسوم المتحركة والملصقات الرياضية وغيرها.

القمر الصناعي تيلستار الذي ألهم أديداس لتصميم كرة القدم الأيقونية (ويكيبديا) الشركة المصمّمة وفكرة الابتكار

قامت شركة أديداس بتصميم الكرة، لكنها استندت في الأساس إلى مفهوم هندسي ظهر لأول مرة عبر شركة "سيلكت سبورت" (Select Sport) الدانماركية عام 1962، التي استخدمت التركيبة المكونة من 32 لوحة لأول مرة في كرة رياضية. اعتمدت أديداس التصميم وأضافت إليه طلاء "دورلاست" (Durlast) البوليميري، الذي وفّر مقاومة للماء وخدوش الملاعب.

وكان الابتكار الأبرز هو جعل الكرة أداة بصرية متكاملة تتماشى مع البث التلفزيوني، ما عزز من تجربة المشاهدة ورفع من جودة التغطية الإعلامية للبطولات.

النسخ المختلفة من تيلستار

مرت كرة تيلستار بعدة نسخ وتعديلات عبر السنوات، أبرزها:

تيلستار إلاست (Telstar Elast) بطولة أوروبا إيطاليا (1968): وهي أول نسخة تجريبية للكرة الأيقونية ظهرت في بطولة أوروبا.

تيلستار دورلاست (Telstar Durlast) كأس العالم المكسيك (1970): أول نسخة رسمية في كأس العالم، بيضاء وسوداء بطِلاء مقاوم للماء.

شيلي دورلاست  (Chile Durlast) كأس العالم ألمانيا (1974):  استخدمت في مونديال ألمانيا.

تيلستار 18 (Telstar 18) كأس العالم في روسيا (2018): نسخة حديثة استخدمت في كأس العالم بروسيا، احتفظت بالشكل العام لكن مع لمسات رقمية وتصميم أكثر حداثة، شمل رقاقات "إن إف سي" (NFC) داخل الكرة لتوفير بيانات عن الأداء.

أيقونة عالمية

رغم أن كرات اليوم تتميز بتقنيات متطورة وتصاميم معقدة، تبقى تيلستار حتى اليوم رمزًا عالميًا لكرة القدم. فصورها تُستخدم في الكتب، والقصص المصوّرة، والإعلانات، وحتى في إيموجي كرة القدم على الهواتف، لتذكّرنا دومًا بأن التكنولوجيا كانت -ولا تزال- لاعبًا أساسيًا في تاريخ هذه اللعبة الشعبية.

مقالات مشابهة

  • ترامب وقّع 185 قرارًا تنفيذيًا منذ توليه الرئاسة.. ما الذي شملته؟
  • شبوة بعد حضرموت.. ما الذي تعد له السعودية في الجنوب ..! 
  • ما هو سلاح المقاومة الذي يريد الاحتلال الإسرائيلي نزعه من غزة؟
  • تركيا في الشرق الأوسط الجديد: لاعب أم صانع قواعد؟
  • حماس: فوجئنا بأن المقترح الذي نقل لنا يتضمن نزع سلاح المقاومة
  • حماس: فوجئنا بأن المقترح الذي نقلته لنا مصر يتضمن نزع سلاح المقاومة
  • تيلستار.. القمر الصناعي الذي غيّر شكل كرة القدم
  • مستشفى البكيرية.. نجاح عملية مرارة لسيدة مصابة بتكيسات وراثية
  • نیجیرفان بارزاني.. صانع السلام: أرقى من أي منصب
  • خبايا المشروع الإسرائيلي الذي سحق خمس غزة