اخر التطورات حول ملف سد النهضة
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
رصد – نبض السودان
فشلت أربع جولات من المحادثات الثلاثية التي ضمت إثيوبيا ومصر والسودان خلال العام 2023، في تحقيق تقدم نحو التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا العالقة، المتعلقة بملف سد النهضة الإثيوبي، ما أثار مخاوف من تصاعد التوترات بشأن هذا الملف.
وتخشى القاهرة، التي تعتمد بشكل أساس على نهر النيل لتلبية احتياجاتها المائية، من أن يؤدي السد إلى الإضرار بإمدادات المياه الشحيحة بالفعل في البلاد، معلنةً إنهاء المسارات التفاوضية حول الملف.
واعتبرت الخبيرة في الشؤون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، الدكتورة أماني الطويل، أن “إعلان وزارة الري المصرية إنهاء المسارات التفاوضية نهائيًّا، قد يكون فرصة لكشف موقف كل من الخارجية الأمريكية والخارجية الإثيوبية، اللتين كانتا متوافقتين على عدم توقيع أديس أبابا للاتفاق”.
وأوضحت الطويل، في تصريحات لـ”إرم نيوز”، أن “هذا التوافق قد يكون لأسباب متعددة، منها رغبة أديس أبابا وواشنطن في امتلاك أدوات ضغط قوية على مصر، أكثر من تحقيق شروط الأمن والسلم الإقليميين في الشرق الأوسط وشرق أفريقيا”.
وقد بدأ بناء سد النهضة، الذي تبلغ تكلفته أربعة مليارات دولار، العام 2011، وبحسب الجانب الإثيوبي فإن “المشروع ضروري لدعم تنميتها الاقتصادية، إلا أن مصر والسودان تعتبران المشروع تهديدًا خطيرًا لإمداداتهما الحيوية من مياه نهر النيل.
وأعلنت اللجنة التنفيذية للمجلس الوطني الإثيوبي لمشروع سد النهضة، دخول السد مرحلته النهائية، مشيرةً إلى اكتمال 94.6% من عمليات البناء، وفق ما أعلنته هيئة البث الإثيوبية “فانا”، وذلك بعد تعثر المفاوضات الأخيرة.
وأضافت الطويل، أن “إنهاء المسارات التفاوضية هو الخطوة الأولى والموقف الصحيح، خاصة بعد أن اتضح أن دوافع الجولة الأخيرة من المفاوضات، التي استمرت لأكثر من أربعة أشهر بناءً على رغبة إثيوبية، كانت مجرد محاولة لضمان مظلة المسار التفاوضي” وفق قولها.
وأوضحت الخبيرة أن “إثيوبيا تسعى في هذه المرحلة إلى توفير غطاء لسد النهضة الذي أصبح حقيقة، مع سدود مستقبلية موجودة في المخططات الإثيوبية، وفق ما أشار إليه بيان الخارجية الإثيوبية الأخير، ما يعني أن النية الإثيوبية ليست ضمان تدفقات مائية من نهر النيل لمصر والسودان من سد النهضة، بل تجفيف نهر النيل نهائيًّا” وفق تقديرها.
وبشأن المسارات التي يجب أن تتخذها مصر خلال الفترة المقبلة، ترى الطويل أن “القاهرة أمامها عدة مسارات، منها خلق حالة من الضغط على المصالح الإقليمية الإثيوبية، خاصة في البحر الأحمر الذي تتطلع فيه أديس أبابا إلى أن تكون لها قوات بحرية عسكرية”.
وأعلنت مصر مؤخرًا رفضها مذكرة التفاهم الموقعة بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال “صوماليلاند”، التي بموجبها تحصل أديس أبابا على منفذ بحري.
وتدعو الطويل إلى ضرورة خلق حالة نقاش عالمية في المنتديات العلمية، تعتمد فيها مصر على قدراتها الرسمية وغير الرسمية، بشأن تطوير المواثيق الدولية المتعلقة بالمجاري المائية المشتركة في إطار تقليل النزاعات، والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، ومدى تهديد السد لأمن ملايين البشر.
ودعت الخبيرة إلى “ضرورة إرسال مصر رسائل للخارج لكي تتحمل الأطراف الدولية مسؤوليتها في هذا الصراع الذي قد يأخذ أبعادًا أكبر من مسألة سدود مائية”.
وأشارت إلى أن “أديس أبابا لا تحتاج في هذه المرحلة إلا إلى تخزين 18 مليار متر مكعب فقط في بحيرة السد، وقد خزنت 40 مليار متر مكعب من المياه”.
من جانبه، يكشف أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، أن “توربينات السد الإثيوبي فيها مشاكل كبيرة، بالتزامن مع فتح توربينين لتصريف 70 مليون متر كعب من المياه يوميًّا من جسم السد، ما أدّى إلى تسرب المياه من فوق الممر الأوسط”.
وأوضح شراقي، في تصريحات لـ”إرم نيوز”، أن “منسوب المياه خلف السد انخفض في منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، ما دفع إثيوبيا إلى الشروع في استكمال بناء الممر الأوسط، بعد أن جفّ تمامًا من المياه”.
وأضاف أن “إثيوبيا تعتزم رفع الممر الأوسط بمقدار 20 مترًا، وهي بصدد وضع المواد الخرسانية اللازمة لذلك خلال أيام”، مؤكدًا أن “رفع الممر الأوسط يُمهّد للتخزين الخامس والأخير للسد”.
وتوقع أن “تستغل إثيوبيا عدم وجود اتفاق قانوني ملزم بشأن تشغيل سد النهضة للإسراع في الانتهاء من استكمال الأعمال الخرسانية بالممر الأوسط في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر” موضحا أن “هذا التوقيت مناسب لإثيوبيا، لأنها ستصبح قادرة على اعتبار السد أمرًا واقعًا، وبالتالي سيكون من الصعب على مصر والسودان التفاوض معها بشأن تشغيل السد”.
وتوقع أيضًا أن “تلجأ مصر إلى المفاوضات في الفترة المقبلة، بعد التعنت الإثيوبي”، وأوضح أنه “يُنتظر حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي قمة الاتحاد الأفريقي المقبلة، لبدء مفاوضات جديدة”. وأضاف أنه “إذا التقى السيسي نظيره الرئيس الإثيوبي، آبي أحمد، على هامش القمة، فقد يكون هناك استئناف للمفاوضات مرة أخرى”.
ولكن شراقي أكد أن “إثيوبيا قطعت شوطًا كبيرًا من التخزين، لذلك سيكون الاتفاق الجديد بشأن الملء المتكرر للسد”.
وتسعى إثيوبيا إلى الحصول على حصة مائية لها ولعدد من دول الجوار، ما يُشكّل خطرًا على مصر، وتظهر أرقام مجلس الوزراء المصري أن “حصة مصر السنوية من المياه تبلغ 560 مترًا مكعبًا للفرد، ما يضع البلاد تحت العتبة الدولية لندرة المياه.
ووفقًا للأمم المتحدة، يواجه السكان ندرة المياه عندما تنخفض إمدادات المياه السنوية إلى أقل من 1000 متر مكعب للشخص الواحد.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: اخر التطورات النهضة حول سد ملف مصر والسودان الممر الأوسط أدیس أبابا نهر النیل من المیاه سد النهضة
إقرأ أيضاً:
اشتباكات تتسبب بأعطال في سد تشرين تهدد خدمات آلاف السوريين
دمشق- في ظل تصاعد التوترات العسكرية في شمال شرق سوريا، بات سد تشرين يواجه مخاطر غير مسبوقة، نتيجة النزاعات المسلحة التي تركزت مؤخرًا حول مدينة منبج القريبة منه، وهو ما يثير المخاوف حول استمرارية عمل السد الذي يعد من أهم شرايين الحياة في المنطقة، وسط تحذيرات من تداعيات قد تؤثر على أدائه وخدماته الحيوية.
فخلال الأيام الأخيرة، دفعت قوات المعارضة السورية -التابعة للجيش الوطني- بأرتالها باتجاه مدينة منبج في 7 ديسمبر/كانون الأول، وشنّت في اليوم التالي هجومًا منسقًا تحت مظلة غرفة عمليات "فجر الحرية"، بهدف استعادة السيطرة على المدينة بعد نجاحها في السيطرة على تل رفعت.
ودفع هذا التصعيد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى التراجع تدريجيًا عن مركز المدينة، تنفيذًا لاتفاق أُبرم بوساطة أميركية-تركية، لكنه لم يخلُ من اشتباكات حول سد تشرين.
وفي هذا الإطار، قال القيادي في غرفة العمليات المشتركة أحمد النجم المعروف بلقب "أبو جراح عشارة"، للجزيرة نت، إن انسحاب "قسد" من المنطقة كان معقدًا، حيث رفضت بعض مجموعاتها الخروج من السد في البداية، وقامت بتخريب خزانات الكهرباء قبيل انسحابها الكامل، وأكد أن تلك الأعمال التخريبية زادت من تعقيد الوضع الإنساني في المنطقة، وأخّرت دخول فرق الصيانة إلى السد.
مقاتلون أكراد من وحدات حماية الشعب الكردية قرب سد تشرين بعد سيطرتهم عليه من مسلحي تنظيم الدولة (رويترز) الأضرار والصيانةتسببت الاشتباكات المحيطة بتوقف سد تشرين عن العمل مما تسبب في ارتفاع منسوب المياه داخل البحيرة بشكل عطّل الخزانات وأدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة، بينما أكد المهندس زايد الناجي (اسم مستعار) للجزيرة نت أن الأعطال الموجودة حاليا لا تشير إلى انهيار السد.
إعلانوأوضح محمد العثمان وهو أحد العاملين في مركز الحوار الإنساني، العامل في مجال فض النزاعات ودعم الجهود الإنسانية والرعاية الصحية، للجزيرة نت، أن توقف السد عن العمل لفترات طويلة أدى إلى تراكم المياه داخل خزاناته، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن المناطق التي يغذّيها السد، وأضاف أن مدير السد اضطر إلى إطلاق استغاثة عاجلة لتجنب تفاقم الأضرار التي قد تؤدي إلى توقفه بشكل كامل.
بينما أكد يعرب الخميس (اسم مستعار)، أحد العاملين في فرق الصيانة، أن الأضرار التي لحقت بالسد تتطلب تدخلًا عاجلًا لإصلاح الأجهزة الميكانيكية والكهربائية. وأوضح للجزيرة نت أن البنية الإنشائية للسد لم تتعرض لأضرار كبيرة، إلا أن الأجهزة الداخلية تأثرت بشكل كبير نتيجة ارتفاع منسوب المياه، مما أدى إلى توقف مولدات الكهرباء بشكل كامل.
وذكر سالم حمود (اسم مستعار)، وهو أحد أعضاء فرق الصيانة، أنه بدأ العمل في منطقة السد بالتعاون مع الهلال الأحمر ولجنة من الأمم المتحدة لتقييم الأضرار والبدء بعمليات الإصلاح، وأوضح أن الفريق عمل على تغيير الموظفين الذين ظلوا في السد لمدة 6 أيام متواصلة، لتخفيف الضغط عنهم وتمكينهم من إتمام أعمال الصيانة في ظل الظروف الصعبة المحيطة.
وعن التداعيات السياسية والعسكرية الأخيرة، أوضح الباحث عمار جلو، من مركز الحوار للأبحاث والدراسات، للجزيرة نت، أن ما يحدث في منبج هو انعكاس لتفاهمات إقليمية ودولية حول مستقبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وأشار إلى أن هناك احتمالات لإعادة دمج هذه القوات ضمن الجيش السوري، أو الإبقاء عليها كقوة إدارية بالتعاون مع الدولة السورية المستقبلية، قائلا "ما نشهده في منبج قد يكون جزءًا من هذه التفاهمات".
مركز المياه والطاقةيعتبر سد تشرين، الذي يقع على نهر الفرات -على بعد 30 كيلومترًا من مدينة منبج- أحد أهم المشاريع المائية في سوريا، وتم بناؤه عام 1991، وبدأ العمل به عام 1999 بسعة تخزينية بلغت 1.9 مليار متر مكعب، وبقدرة إنتاجية تصل إلى 630 ميغاواتا من الكهرباء، مما جعله مصدرًا أساسيًا للطاقة الكهربائية والمياه في المنطقة.
إعلانويغذي السد مناطق واسعة تشمل منبج والخفسة وغيرها، بالإضافة إلى استخدام مياهه لري الأراضي الزراعية المحيطة، لكنه ورغم إمكانياته الكبيرة، يعاني من تدهور في خدماته منذ بداية الثورة السورية، وفق ما أشار الصحفي عبد الله المحمد للجزيرة نت.
وذكر المحمد أن المشروع الأكبر للسد كان يهدف إلى ري أراضي منطقة مسكنة بالكامل، إلا أن الاشتباكات العسكرية المتواصلة وعدم صيانة تجهيزاته أثرت سلبًا على تحقيق تلك الأهداف بالوجه المطلوب، كما أكد أن مياه بحيرة تشرين الناتجة عن السد تعد مصدرًا رئيسيًا للري وتغذية المجتمعات المحيطة، إلا أن النزاعات أضعفت قدرته على تقديم هذه الخدمات الحيوية.
من جهة أخرى، تعد مدينة منبج نقطة إستراتيجية في شمال سوريا، لكنها خرجت منذ عام 2012 عن سيطرة النظام السوري لتصبح خاضعة لسلطة المعارضة، ثم انتقلت إلى قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية" عام 2014، وبعد عامين، تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من السيطرة عليها بدعم من التحالف الدولي.