عن حقيقة أرقام رئيس وزراء مصر
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
عن حقيقة أرقام رئيس وزراء مصر
أرقام رئيس الوزراء تبعث القلق من دقة كل البيانات الصادرة عن الحكومة وربما تهز درجة المصداقية والثقة بها.
رئيس الوزراء يعلم جيدا أن الحكومة لم تعد تدعم فواتير الكهرباء، وأن هذا الدعم في مشروع الموازنة الحالية 2023/ 2024 هو "صفر".
ما بالك إذا كان المسؤول الأول عن رسم السياسات الاقتصادية والمالية في مصر يطلق أرقاما غير دقيقة، ولا علاقة لها بالواقع من قريب أو بعيد؟
أرقام مبالغ فيها بشدة إذا ما قارنتها بأرقام رسمية أخرى مثل بنود موازنة الدولة وبيانات البنك المركزي والوزارات المختلفة ومنها وزارة المالية نفسها.
التصريحات الرسمية يجب أن تكون محسوبة وبدقة شديدة، والأرقام يجب أن تكون مدققة بعناية وتتم مراجعتها مع المستشارين والجهات الرسمية قبل إطلاقها.
* * *
من المفروض أن يزن أي مسؤول في مصر الكلام الصادر عنه بميزان الذهب الحساس، فالتصريحات الرسمية يجب أن تكون محسوبة وبدقة شديدة، والأرقام يجب أن تكون مدققة بعناية وتتم مراجعتها مع المستشارين والجهات الرسمية قبل إطلاقها والكشف عنها.
حتى موعد إطلاق التصريحات لا بد أن يكون محسوبا أيضا بدقة، ومفردات الكلمات منتقاة وحركات الجسد محسوبة ومبرمجة، لأن المواطن والأسواق الداخلية والاقتصاد، ومعهم الأسواق الخارجية والمستثمرون الأجانب وصناديق الاستثمار والمؤسسات الدولية، يتابعون بدقة تلك التصريحات والأرقام، ويرسمون على أثرها خططا وقرارات واستراتيجيات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل.
هذا عن المسؤول العادي، وزير أو حتى رئيس مؤسسة رقابية مثل البنك المركزي وجهاز المحاسبات، أو حتى رئيس شركة قابضة، أو رئيس شركة مدرجة في البورصة، أو رئيس مجلس إدارة بنك، فما بالك إذا كان هذا المسؤول هو رئيس وزراء مصر مصطفى مدبولي، والذي من المفروض أن تحلل الأسواق والمستثمرون الدوليون وبنوك الاستثمار وأصحاب الأموال تصريحاته وتحركاته واجتماعاته بعناية شديدة لاتخاذ القرار على أثرها.
وما بالك إذا كان المسؤول الأول عن رسم السياسات الاقتصادية والمالية في مصر يطلق أرقاما غير دقيقة، ولا علاقة لها بالواقع من قريب أو بعيد؟
أرقام مبالغ فيها بشدة إذا ما قارنتها بأرقام رسمية أخرى مثل بنود موازنة الدولة وبيانات البنك المركزي والوزارات المختلفة ومنها وزارة المالية نفسها، أرقام تبعث القلق من دقة كل البيانات الصادرة عن الحكومة وربما تهز درجة المصداقية والثقة بها.
خلال اجتماع رئيس الوزراء يوم الأربعاء أطلق مدبولي أرقاما عدة غير دقيقة تتعلق بحجم الدعم المقدم من موازنة الدولة للخدمات المقدمة للمواطن سواء الأدوية أو الكهرباء. منها مثلا قوله إن دعم الدولة للكهرباء خلال عام واحد وصل إلى 90 مليار جنيه، "الدولار يساوي 30.85 جنيها بالأسعار الرسمية"، وإن الدولة تحملت كل تلك الأموال، ومن الاستحالة لأي دولة أن تستمر في زيادة الدين والاستدانة.
ومنها أيضا أن مخصصات موازنة الدولة لدعم فاتورة الأدوية التي تصرف بالمجان في المستشفيات الحكومية تبلغ 22 مليار جنيه، رغم أن أرقام وزارة المالية والموازنة العامة للدولة 2023/ 2024 تقول إن اجمالي ما تم تخصيصه للتأمين الصحي والأدوية يبلغ 6 مليارات جنيه، فما بالنا ومدبولي يتحدث عن 22 مليارا للأدوية فقط؟
رئيس الوزراء يعلم جيدا أن الحكومة لم تعد تدعم فواتير الكهرباء، وأن هذا الدعم في مشروع الموازنة الحالية 2023/ 2024 هو "صفر"، وفق البيان التحليلي لمشروع الموازنة العامة المنشور على موقع وزارة المالية، وأن الحكومة توقفت بشكل كامل عن دعم الكهرباء منذ العام المالي 2020/ 2021، وأن بيانات الموازنة تظهر أن قيمة هذا الدعم منذ 3 سنوات "صفر، وأن المستهلك يتحمل كلفة الفاتورة كاملة".
حتى بالرجوع إلى البيان المالي للعام المالي الحالي 2023/ 2024 والمقدم من محمد معيط إلى مجلس النواب يوم 5 يوليو 2023، نجد أن قيمة التخفيض في أسعار بيع الطاقة الكهربائية الذي تتحمله الموازنة العامة للدولة بلغ نحو 6 مليارات جنيه فقط.
وأن هذه الأموال، وحسب بيان وزارة المالية نفسها، تم توجيهها لدعم قطاع الصناعة الذي يعاني بشدة من زيادة تكلفة الطاقة، وليس للتخفيف عن المواطن العادي أو خفض فواتير المنازل، وأن هذا الدعم يمثل قيمة تخفيض أسعار بيع الطاقة الموردة للأنشطة الصناعية بواقع 10 قروش لكل كيلو وات ساعة، وتتحمله وزارة المالية بناء على قرار مجلس الوزراء رقم (781) لسنة 2020.
لن أتحدث عن المهازل التي تحدث في المستشفيات الحكومية وسوء الخدمة بها، وإرغام المواطن أحيانا على شراء الأدوية ومستلزمات الجراحة، ولن أعقب كثيرا هنا على تصريح مدبولي الذي قال فيه إن القرارات التي تتخذها حكومته هي لصالح المواطن، فهذا الكلام غير صحيح بشكل مطلق.
فالمواطن يئن من قفزات الأسعار والخدمات بشكل متواصل، مع ضعف قدرته الشرائية وحجم الدخول والتضخم وتأكّل العملة المحلية وقفزة الدولار وزيادة الضرائب والرسوم الحكومية، في الوقت الذي لا يلمس تحسنا ملحوظا في الخدمات المقدمة.
خذ مثلا الكهرباء والتي قررت الحكومة هذا الأسبوع زيادة فواتيرها بنسبة 20% في الوقت الذي تواصل فيه قطع التيار، والملفت أن الزيادة الأخيرة في فواتير الكهرباء تأتي في الوقت الذي تتراجع فيه أسعار الطاقة على مستوى العالم أو على الأقل تشهد ثباتا في سعر النفط.
لا أعرف من تلك الجهة التي تزود رئيس وزراء بتلك الأرقام غير الدقيقة، خاصة أن طالبا في المدرسة الابتدائية يستطيع الوصول للأرقام الرسمية المعلنة.
وهل تدرك تلك الجهة حجم مخاطر ذلك السلوك المعيب على مصداقية كل الأرقام والبيانات الصادرة عن الجهات الرسمية، ودعم مقولة "كلام حكومة"، و"الورق ورقهم والدفاتر دفاترهم" في إشارة إلى عدم التعامل بجدية مع تلك الأرقام، خاصة إذا ما تعلقت بمعيشة الناس وأحوالهم المالية والتي لا تخفى عن أحد؟
*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر مصطفى مدبولي الحكومة المصرية الاقتصاد المصري موازنة الدولة وزارة المالیة رئیس الوزراء یجب أن تکون رئیس وزراء هذا الدعم
إقرأ أيضاً:
رئيس وزراء لبنان: ماضون في ردم الفجوة مع الأشقاء
بيروت: «الخليج»
أكد رئيس مجلس الوزراء اللبناني، الدكتور نواف سلام، أنه في الشهرين الماضيين انطلق مسار جديد في لبنان، عنوانه إعادة بناء الدولة وتحقيق الإصلاحات الجذرية.
أوضح سلام، خلال استقباله، أمس، رئيس المجلس الوطني الاتحادي، صقر غباش، يرافقه الأمين العام لشؤون الرئاسة في المجلس، طارق المرزوقي، والقائم بأعمال السفارة الإماراتية في بيروت، فهد سالم الكعبي، أن حكومة بلاده تصمم على ردم فجوة الثقة التي نشأت خلال السنوات الماضية مع الدول العربية الشقيقة، وأشاد بالعلاقات التاريخية بين لبنان ودولة الإمارات المشكورة على استضافة مئات آلاف اللبنانيين وعلى كل المساعدات التي قدمتها ولا تزال للبنان.
ورحّب نواف سلام بالوفد الذي نقل له تحيات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة. وأشار إلى أن حكومته ماضية في إقرار خطة الإصلاح، والعمل على إقرار قانون رفع السرية المصرفية في البرلمان لتحقيق الإصلاح المالي، وإقرار قانون استقلالية القضاء لتعزيز السلطة القضائية، لفتح الطريق أمام حماية الاستثمارات والمستثمرين.
كما جدد رئيس الوزراء اللبناني، التأكيد أن الدولة اللبنانية متمسكة بإرساء الأمن والاستقرار وبسط سيادتها على كامل أراضيها، بما يمثله ذلك من قرار سيادي يحفظ لبنان وشعبه، معبراً عن آماله في عودة المواطنين الإماراتيين إلى زيارة لبنان قريباً. أيضاً، شدد على أهمية الحفاظ على استقرار سوريا، بما ينعكس على دول المنطقة، معتبراً أن زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى دولة الإمارات تساهم في تعزيز هذا الاستقرار، لما لدولة الإمارات من دور مهم وأساسي، مؤكداً أن لبنان حريص على فتح صفحة جديدة في العلاقات اللبنانية السورية.
من جهته، أشاد صقر غباش بمواقف رئيس الوزراء اللبناني الشفافة والواضحة، مقدراً تحمله للمسؤولية في هذه المرحلة، ومعتبراً أن ما تحقق خلال فترة قصيرة من إنجازات هو محط تقدير لدى دولة الإمارات التي تثق بأن لبنان سيستعيد دوره التاريخي في الداخل والخارج.