السنوات القادمة تكشف.. هل ينصف التاريخ غزة؟
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
من هم المنتصرون؟مبدعون خلدوا الماضى.. فهل يفعلونها الآن؟
مترددة، أمسك بالقلم، تتنازعنى أفكار شتى، أحاول أن أتمسك بإحداها، أطاردها، فتتفلت مبتعدة، أنظر حيث اختفت، فتبتلعنى بقعة هائلة من الدماء... أغلق عينى لتتساقط كل الأفكار ومعها يسقط القلم من بين يدى... أتشاغل علّى أتخلص من تلك الحالة، أفتح التلفاز فتصدم عينى بقعة الدماء ذاتها، لكنها الآن تضاعفت، أدير القناة.
أطيح بالريموت على امتداد ذراعى صارخة، تواجهنى الجريدة ملقاة بإهمال، أنحنى لالتقاطها.. أسفل المانشيت رؤوس أطفال مهشمة، وبين أنقاض كثيرة يجرى نهر بلا نهاية.. نهر من الدماء.
أمزق الجريدة ثم أغط فى نوم عميق..
فى الناحية الأخرى من النهر، رجل أشقر يمسك بأوراق كثيرة وقلم مكسور، يحاول أن يرمم كسره، يجبر حبره، ولا يملك غيره، يغلق التلفاز ببرود على مشهد قصف دامٍ، وتتراءى أمام عينيه جملة افتتاحية لمقال جديد «إسرائيل ضحية إرهاب العرب»، يبتسم للجملة، ويحاول أن يسجلها فى ورقة، لكن القلم مكسور، يأبى أن يطيعه، فيقذف به بعيدا ويتناول اللاب توب، ويكتب.. يكتب.. يكتب.
يقولون إن التاريخ يكتبه المنتصرون، لكن أى تاريخ هذا، وأين هم المنتصرون فى غزة؟ أهم أبطال المقاومة، أم الآلاف من الشهداء، أم آلاف آلاف الأمهات الثكلى، أم الأطفال الميتمون والمشردون قصرا، أم تكتبه أطلال مدينة كانت هنا باسقة؟ أم هؤلاء القتلة المتسيدون؟
ترى من سيكتبك يوما يا غزة.. يا وجع القلم؟
دعينى أجزم بأنك ستُكتبين يوما كما يجب أن تكتبي، سيكتبك الأكثر جرأة، المتماسكون، من لا يملكون تلفازا ولا جريدة ولا فيس بوك ولا يوتيوب، سيكتبونك دون ضغوط ودون أن تحيطهم بقع الدماء وتطاردهم مشاهد الموت القاسي، وصرخات الأطفال وعويل الثكالى وقهر الآباء، حينما يوجد هؤلاء، أعدك أنك ستكتبين حقا أيا غزة.
مثلما كتب الجبرتى والكندى والأصفهانى وابن بطوطة وسليم حسن، وغيرهم، عن التاريخ من واقع الترحال والوثائق وشهود العيان، ومثلما أبدع حيدر حيدر، من وجع المواقف، ومحفوظ من ألم الواقع، والفاجومى من لحظة استبداد... ستكتبين.
هؤلاء الذين يتملكنى تجاههم حسد لا نهاية له، هؤلاء الذين كتبوا من نقطة هدوء، وتفكر، واتزان، لا تتاح لنا الآن.. نحن، مبدعى هذا الزمان.
هكذا يجد التاريخ نفسه وقد دخل منعطفا استثنائيا، كما الثقب الأسود يتماهى من حوله الزمن وتبتلع الأحداث دوامة لا تنتهي، هكذا يقف التاريخ منصتا لأقلام الماضي، التى خطت أحداثه، ويتساءل مثلي: أى تلك الأقلام قادر اليوم على أن يوثق ما يحدث، أى الأقلام قادر على أن يكتبك يا غزة؟
فلسطين كانت وستظل مفجر الأقلام الأول وشاغلها الأهم، كتب عنها وبها ولها المئات، منذ ٤٨ وحتى شهور مضت، الآن يقف الجميع بجواري، عاجزين عن استيعاب أقلامهم لما يحدث، فالحدث أكبر من الكتابة، والحيرة تتوسطنا، فلأيهما الغلبة، للكتابة من زاوية المشاعر أم من زاوية التفكر والتعقل؟
ومعى يحاولون التنقيب فيما خط قبلا، علهم يجدون ثقبا ينفذ منه القلم، فكيف كتب التاريخ عامة؟
بين الموضوعية والتحيز تتردد الأقلام، فللحقيقة وجوه كثيرة، ولكلٍ زاويته، فالكتابة التاريخية الإبداعية جد شائكة، لا يقدر على فض غموضها وتسلق أسوارها إلا محدودون..
ومن هؤلاء المحدودين نذكر:
_ الطنطورية:
تعرض الروائية المصرية رضوى عاشور فى روايتها «الطنطورية» سيرة حياة لـ«رقية الطنطورية» وعائلتها عبر أجيالِ ثلاثة وعبر الوطن العربى بامتداده من النيل إلى الخليج.. وترصد من خلالها ما مرت به القضية الفلسطينية من أزمات ونكبات من حرب 1948 ومشاركة العرب للفلسطينيين فيها، ومذبحة «الطنطورة» تلك القرية من جنوب «حيفا» التى اختارتها «رضوى عاشور» خصيصُا لتذكرنا جميعًا بأن فلسطين ليست أرض التقسيم، بل إن فلسطين العربية من النهر إلى البحر أرض عربية التى خرجت على إثرها رقية وعائلتها ليصبحوا من اللاجئين .. كما ترصد نكسة يونيو 1967 على الجانب الآخر، الجانب الفلسطينى والعربى الذى كان قد عقد الآمال العريضة على جمال عبد الناصر فخذله! حتى تصل إلى مذابح «صبرا وشاتيلا» عام 1982، ومقتل الفنان ناجى العلى 1987، لتسرد حكاية هذا البطل الفلسطينى الذى تتخذ منه رمزًا للقضية وللأمل!
_ ثلاثية غرناطة:
تدور الأحداث حول عائلة أندلسيّة تعيش فى غرناطة بعد سقوط باقى الممالك الإسلامية فى الأندلس فى أواخر القرن 15 الميلادى، حيث نتابع تفاصيل الحياة فى غرناطة الواقعة تحت حصار القشتاليين بعد تسليم أبو عبد الله الصغير (آخر ملوك المسلمين) المدينة لهم، وكيف حاول المسلمون الحفاظ على دينهم وهويتهم حتى ضاق بهم الشقتاليون وأمروا بترحيل باقى المسلمين إلى المغرب العربى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: إسرائيل غزة الجبرتي الكندى ابن بطوطة فلسطين يوسف زيدان إبراهيم نصر الله
إقرأ أيضاً:
روسيا تدعو قيادة سورية إلى وقف إراقة الدماء
سرايا - قالت وزارة الخارجية الروسية يوم الجمعة إنها تشعر بالقلق إزاء التدهور الحاد في الوضع الأمني في سورية، ودعت جميع القادة “المحترمين” في البلاد إلى محاولة وقف إراقة الدماء في أقرب وقت ممكن.
وقال ناشطان والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن مسلحين اجتاحوا بلدة علوية في منطقة ريفية ساحلية في سورية اليوم وقتلوا أكثر من 20 رجلا.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #روسيا#قيادة#فلسطين#إيران#الوضع#اليوم#غزة#القوات
طباعة المشاهدات: 1325
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 08-03-2025 02:28 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...