اعتقد الحقوقيون أنهم يعيشون في عالم تُحترم فيه الحقوق الدنيا للإنسان، أحد هذه الحقوق هو الحق في الحياة الذي ورد في المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما اعتقد الصحفيون بالمادة 19 من نفس الإعلان بحقهم البسيط في نقل المعلومة، لكن ثبت أن لا الحق في الحياة ولا الحق في نقل المعلومة لهما حرمة، ناهيك أن الحقوق التي وردت في الإعلان العالمي وإخوته جملة وتفصيلًا قُتلت تقتيلًا وحُرقت تحريقًا ودُمرت تدميرًا في أرض غزة.
كل الحقوقيين اليوم يتوارون خجلًا عندما يُسألون عن حقوق الإنسان وقواعد جنيف الناظمة لحقوق البشر وغيرها من المنظومات خلال الحروب والعمليات العسكرية والعدائية وغيرها من مصطلحات الاشتباك فلم يبق من هذه القواعد شيئا، فقد انتهكت بندًا بندًا فصلًا فصلًا وبالجملة على مرأى ومسمع الغرب الذي كذب علينا لسنوات وهو يحاضر عن المنظومات الحقوقية لنكتشف أنهم هم من يدعمون المجانين الذي يقتلون الناس ويدمرون بيوتهم ويشردونهم بدون حساب.
قبل حرب الإبادة التي شنتها عصابات بايدن ونتنياهو وحلفائهم من الغرب الاستعماري كنا نعلم أنهم كاذبون منافقون فإسرائيل موقعها منهم في القلب وإن ما جرى يسحق كل قواعد حقوق الإنسان حتى يرتوي هذا الوحش الأسطوري، لكن ألهذا الحد وصل فيهم الصمت الملطخ بدماء عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ؟!
نعم لهذا الحد وكل من اعتقد خلاف ذلك ومنهم أنا فهو مذنب، هؤلاء بنوا دولهم وديمقراطيتهم على المذابح والجماجم فماذا ننتظر من سليلي الصليبيين والنازيين والفاشيين إلا الويل والقتل والخراب.. انظروا إلى أمريكا وإبادتها للسكان الأصليين واستخدامها القنابل النووية في اليابان إلى مذابحها في أمريكا اللاتينية وفي العراق وأفغانستان والقائمة تطول، بل انظروا إلى التاريخ الدموي لكل دولة تساند هذا الكيان كلهم قتلة مجرمون خبرناهم في دولنا وفي أفريقيا وفي كل بقاع الدنيا فهل ننتظر منهم أن يرقبوا في غزة أي رحمة؟
يا وائل أيها الجبل الأشم القابض على جرحه، هم سمعوا وشاهدوا ما يحدث وكأنه لم يحدث، فعّلوا كل وسائل إعلامهم لتشويه الحقائق وتزييفها عن سابق تصور وتصميم لحد إنكارها فهذا الدم النازف ليس دما، وهؤلاء الضحايا من البشر ليسوا بشرًا وهذه المباني التي تهدم ويشرد سكانها هي من أفلام الخيال، لذلك هم يستهدفونكم أنتم الصحفيون وعائلاتكم في مسعى لإبادة الحقيقة، لقد تعبوا منكم ومن قصصكم لقد أنهكتم خيالهم المريض الذي لم يعد قادرا على تصور قصص تغسل جرائم إسرائيل التي تفضحونها على مدار الثانية والساعة.
لقد أجمع الغرب المسيحي الاستعماري أن هذه حربًا دينية لإعادة أمجاد الدم، مثل مقتل سبعين ألفًا على يد الصليبيين عند احتلال القدس في 15 تموز/يوليو 1099 حتى جرى المثل "الدم للركب" لكثرة الدماء التي سفكت، فاصطفوا جميعًا خلف نتنياهو منذ اليوم الأول لحرب الإبادة التي شنها على سكان القطاع الميتم مستجلبًا نصوص الذبح من العهد القديم طاعة للرب ولا طاعة لحقوق دولية حتى تجاوز عدد الضحايا السبعين ألف بكثير بين شهيد وجريح!
نتنياهو ينفذ أمر ربهم حرفيا عندما تلا في خطابه الشهير نص الدم من سفر صموئيل 3:15 "فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ، وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلًا وَامْرَأَةً، طِفْلًا وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلًا وَحِمَارًا»." وفي شروحاتهم العلنية لهذا النص ونصوص أخرى زاد الحاخامات بأنه يتوجب قتل الرضيع قبل أبيه لأنه في يوم من الأيام سيشتد عوده ويقوم فينتقم.
لقد اختفى زعماء الغرب المسيحي في أعياد الميلاد وانسلوا لأوكارهم ليسكروا ويخمروا ويشربوا نخب انتصارات إسرائيل عبادة للرب وشكره على نعمة إسرائيل التي تذبح الفلسطينيين وتدمر مساكنهم وتهجرهم وتجوعهم، وللدعاء لشعب الرب المختار أن يتم مهمته قبل انتهاء هذه الأعياد ويتم عليهم ما أمرهم به من محو "ذكر عماليق" فتمهد الطريق لـ "ماشيح" الغرب المسيحي ليظهر ويقضي على كل ما هو غير مسيحي!
لكن جاء عام 2024 واستفاقوا من سكرهم وخمرهم واستمرت المذابح ولم يظهر "ماشيحهم" إنما ظهر الأعور الدجال بلينكن مره أخرى في المنطقة في عودة على بدء دعما لإسرائيل والأدهى والأمر أنه يستقبل من قبل نظرائه في الدول العربية والإسلامية ليعقد المؤتمرات الصحفية ويتحدث بشكل منفصل عن الواقع ويذرف دموع التماسيح على الضحايا الصحفيين والمدنيين وكأن هؤلاء الضحايا لم يقتلوا بأسلحة أمريكية وبسبب الدعم السياسي منه ومن إدارته، فهو لم يجرؤ أن يقول للقتلة بصوت عال يجب وقف هذه الحرب، ثم ألم يكن الأولى مقاطعة هذا الدجال ليفهم أن رهانه الدموي قد فشل وفي أقله وفاءا للضحايا واليتامى والأرامل والأطفال الرضع.
رغم أنف القريب الذي تآمر وتكالب على قطاع غزة ولم تحركه نخوة أو مروؤة أو قواسم الثقافة واللغة والدين، تحركت جنوب إفريقيا التي تربطها بفلسطين تشابه التجربة والمبادئ الإنسانية التي لا تعرف حدودا جغرافية أو انتماء دينيا أو عرفيا بدعوى الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية.إن هؤلاء المسكونين بالتاريخ الدموي والأساطير الدينية لا يرجى منهم أمنا ولا سلاما فشتان بين حضارتنا وحضارتهم ففي تراثنا عندما كانت تسير الجيوش يوصى الجند وقائده "لا تخونوا، ولا تَغُلُّوا، ولا تغدروا، ولا تمثِّلوا، ولا تقتلوا طفلا صغيراً أو شيخاً كبيرًا ولا امرأة، ولا تعقروا نحلًا ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا"، وهاكم صلاح الدين الأيوبي عندما فتح القدس لم يرق قطرة دم جندي أو مدني رغم ثقل دمويتهم في ذاكرة صلاح الدين وجنده.
تلك حضارتهم وهذه حضارتنا التي حاولوا شيطنتها رغم ما قدمت لهم من خير العلوم ما أخرجهم من الظلام إلى النور، كما كانت الدول التي عمرت بهذه الحضارة ملجأ الهاربين من بطش محاكم التفتيش وويلات حروب العالمية الأولى والثانية فيذكر التاريخ أن أهل غزة وتحديدا في منطقة النصيرات استقبلوا اللاجئين الهاربين من اليونان فأحسنوا ضيافتهم وحموهم وأكرموهم أيما كرم.
وسط كل هذا الظلام ورغم البطش يبقى هناك أمل معقود على صبر وصمود وشجاعة أهل غزة الذي سيكلل بكنس الغزاة وهزيمتهم شر هزيمة، كما أن هناك ضوء أتى من بعيد قد يمهد الطريق لوقف هذه المذبحة.. فرغم أنف القريب الذي تآمر وتكالب على قطاع غزة ولم تحركه نخوة أو مروؤة أو قواسم الثقافة واللغة والدين، تحركت جنوب إفريقيا التي تربطها بفلسطين تشابه التجربة والمبادئ الإنسانية التي لا تعرف حدودا جغرافية أو انتماء دينيا أو عرفيا بدعوى الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية.
تحرك جنوب أفريقيا والادعاء على إسرائيل بتهم ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية وقع كالصاعقة على إسرائيل وحلفائها وظنوا انهم في مأمن بعد أن وقف الجميع متفرجا مشلولًا لا يلوي على فعل شيء وبعد أن عطلت حفنة من الدول العربية أي تحركات جادة لوقف الإبادة في قمة الرياض التي عقدت بتاريخ 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أي بعد حوالي شهر من الإبادة.
فهل ستصدر محكمة العدل الدولية قرارًا مؤقتًا بوقف العدوان الإسرائيلي عقب جلسات الاستماع المزمع عقدها الخميس والجمعة القادمين؟ ليعقبها جلسات استماع حول جريمة الإبادة ذاتها وما ستخلص إليه المحكمة دون أدنى شك بأن إسرائيل ارتكبت جريمة الإبادة الجماعية لتكرس بذلك سوأة الوجه وأيما سوء بوثيقة قضائية دولية تتضمن أيضا إدانة كافة الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة التي دعمت إسرائيل في حرب الإبادة.
ما يجعلنا واثقين بأن محكمة العدل الدولية ستصدر القرارات اللازمة وأنها ليست كغيرها من أجهزة الأمم المتحدة بأنها أصدرت قرارات مماثلة في قضايا مثل الأمر المؤقت الموجه لروسيا بوقف عملياتها العسكرية ضد أوكرانيا، وكذلك الأمر المؤقت الموجه لميانمار في حماية أقلية الروهينغا من الإبادة الجماعية وإدانة صربيا بأنها فشلت في منع الإبادة الجماعية بحق مسلمي البوسنة (سريبرينيتشا) إضافة إلى ذلك الرأي الاستشاري الذي صدر عن محكمة العدل الدولية بتاريخ 9/07/2004 والقاضي بعدم شرعية الجدار العنصري الفاصل في الضفة الغربية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة احتلال الفلسطينيين العدوان الرأي احتلال فلسطين غزة عدوان رأي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة
إقرأ أيضاً:
فن ونضال.. سوريات تحولن لرموز في مقارعة نظام الأسد
على مدار سنوات طويلة، لعبت العديد من النساء السوريات دورًا محوريًا في النضال ضد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وتحولن إلى رموز في مقارعة الاستبداد.
ومنذ سنوات ما قبل اندلاع الحرب الداخلية عام2011، بدأ الشعب السوري نضاله ضد انتهاكات حقوق الإنسان والقمع الذي مارسه نظام الأسد.
ومع اندلاع الحرب برزت شخصيات نسائية مثل فدوى سليمان، ومي سكاف، وأصالة نصري، ورزان زيتونة، وغالية الرحال، كأيقونات ورموز للنضال ضد النظام الاستبدادي.
وأسفرت الحرب عن مقتل مئات الآلاف من السوريين، وتعرض مئات الآلاف أيضًا للتعذيب، على يد النظام المخلوع، بالإضافة إلى لجوء وهجرة ملايين الأشخاص .
وخلال هذه الفترة، شارك العديد من الشخصيات المعارضة للنظام، وبينهم موظفون عسكريون، ودبلوماسيون، وأكاديميون، وصحفيون، في معارضة ومقارعة الأسد بطرق مختلفة.
كما شاركت النساء السوريات من فنانات، وناشطات، ومدافعات عن حقوق الإنسان في الاحتجاجات، والمسيرات، والمؤتمرات، ونشر المجلات والصحف، وكتابة المقالات، بالإضافة إلى إنتاج الأفلام الوثائقية، للتعبير عن اعتراضهن ومحاولة إيصال صوتهن إلى المجتمع الدولي.
- فدوى سليمان... رمز للنضال ضد النظام
برزت فدوى سليمان، الممثلة، وفنانة الدوبلاج والناشطة السورية، كأحد أبرز الوجوه النسائية في النضال ضد نظام الأسد.
ولدت سليمان في 17 مايو/ أيار 1970 في مدينة حلب شمال سوريا، وكانت في مقدمة الصفوف في الاحتجاجات ضد نظام الأسد، ما جعلها واحدة من أبرز الشخصيات النسائية المقارعة للاستبداد.
وبعد اندلاع الاضطرابات في سوريا، عاشت في المنفى في فرنسا، وتوفيت في 17 أغسطس/ آب 2017 في باريس، عن عمر ناهز 47 عامًا، بعد إصابتها بمرض السرطان.
- مي سكاف... من أوائل الفنانات الداعمات للانتفاضة الشعبية
كانت مي سكاف من أوائل الفنانات اللواتي دعمن الانتفاضة الشعبية ضد نظام الأسد، ما جعلها أحد الرموز النسائية المهمة في النضال ضد الاستبداد الأسدي.
ساهمت سكاف في العديد من المسلسلات التلفزيونية والمسرحيات، وشاركت في الاحتجاجات المناهضة لنظام الأسد التي بدأت عام 2011.
بعد عدة اعتقالات من قبل النظام بين عامي 2011 و2013، انتقلت للعيش في باريس، مع مواصلة دعم قضية الشعب السوري، وأصبحت بذلك واحدة من أبرز الفنانات المعارضات للأسد، ورمزًا للنضال ضد الاستبداد، قبل أن تتوفى في باريس في 28 يوليو/ تموز 2018.
- أصالة نصري... صوت داعم لنضال الشعب السوري
ولدت المطربة أصالة نصري في 15 مايو/ أيار 1969 في دمشق، وبرزت كأحد الأسماء المناهضة للأسد والداعمة لنضال الشعب السوري من أجل الحرية.
ومنذ بداية اندلاع المظاهرات الشعبية عام 2011، دعمت نصري مطالب الشعب السوري وناهضت السياسات الاستبدادية التي اتسم بها نظام الأسد، كما أظهرت مواقف إنسانية خلال الحرب الداخلية، وسلطت الضوء على معاناة الشعب السوري من خلال تصريحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي سبتمبر/ أيلول 2014 شاركت أصالة نصري في أنشطة وفعاليات يوم السلام العالمي الذي نظمته الأمم المتحدة في العاصمة الهولندية أمستردام، وتم تنصيبها سفيرة للسلام بمنطقة الشرق الأوسط من قبل منظمة "ماستر بيس" (MasterPeace)، لمساهمتها في بناء السلام من خلال الموسيقى.
- رزان زيتونة... مصير مجهول للمحامية المدافعة عن حقوق الانسان
عُرفت رزان زيتونة، المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان، كإحدى الشخصيات التي ألهمت السوريين في مسيرتهم لتحقيق العدالة لكل السوريين.
وفي عام 2001، كانت زيتونة جزءًا من فريق المحامين المدافعين عن المعتقلين السياسيين في سوريا، وأسست الجمعية السورية لحقوق الإنسان، التي وثقت انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
وفي عام 2013، اتهمها نظام الأسد بـ "العمالة لجهات خارجية"، وهي تهمة غالبًا ما كان يطلقها نظام الأسد المخلوع على معارضيه، قبل أن يجري اختطافها ولا يزال مصيرها مجهولًا.
غالية الرحال... ناشطة مناهضة لاستبداد الأسد
ولدت غالية الرحال عام 1974 في مدينة الرقة (شمال سوريا)، وبرزت كناشطة في مجال حقوق الإنسان ومناهضة عنيدة لاستبداد الأسد.
الرحال التي طالما عرفت بجهودها في دعم النساء السوريات والمشاركة في العمل الإنساني، دعمت وبقوة الحراك الشعبي في سوريا ضد نظام الأسد، من خلال أنشطة إنسانية، ومؤتمرات، ودورات تدريبية.
وبعد الضغوط التي تعرضت لها، اضطرت الرحال إلى مغادرة سوريا وانتقلت إلى ألمانيا، لمواصلة دعم الشعب السوري ونضاله على طريق الحرية والتخلص من الاستبداد، وتسليط الضوء على معاناة الشعب السوري في مختلف المحافل الدولية.
وفي 8 ديسمبر الماضي، بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق عقب السيطرة على مدن أخرى، لينتهي بذلك 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وفي اليوم التالي، أعلن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع تكليف محمد البشير، رئيس الحكومة التي كانت تدير منطقة إدلب (شمال) منذ سنوات، بتشكيل حكومة سورية لإدارة المرحلة الانتقالية.