عبدالعزيز جاسم.. إلهام في فضاء الشعر العالمي
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
عادل خزام
جاء اختيار قصيدة «لقاء» للشاعر الإماراتي عبدالعزيز جاسم الشهر الماضي، ونشرها بأكثر من 39 لغة دفعة واحدة حول العالم في مشروع «إيثاكا» الدولي لترجمة الشعر، بمثابة اعتراف عالمي لمنجز هذا الشاعر وتجربته الثرية في كتابة النص الجديد على المستوى العربي. ولم يكن غريباً أن تصل تجربته إلى هذا المستوى من التناول والاهتمام كونه أحد أبرز الشعراء الذين استلهموا التجارب الشعرية العالمية، وأحد أجمل من كتب النص الشعري الحديث بتمكّن تام في خلق بنية القصيدة بنَفَس شعري متوقد من الداخل ومغاير في الشكل والمعنى.
ويعمل مشروع «إيثاكا» على اختيار نصوص أبرز شعراء العالم وتقديمها ونشرها في أكثر من 50 دولة عبر روابط إلكترونية ورسائل بريدية ومواقع نشر متخصصة في الأدب وصحف ومجلات أخرى، بإشراف الشاعر البلجيكي الفلمنكي جيرماين دروغنبروت مؤسس دار «بوينت» للنشر وأحد أنشط الشعراء على مستوى العالم حالياً، وهو أيضاً المشرف والمؤسس لمبادرة «شعر بلا حدود» لنشر النصوص الشعرية العالمية بنحو 39 لغة حول العالم، ومن ثم توزيعها في بلدان عدة، فالترجمة الإسبانية على سبيل المثال تنشر في عدد كبير من البلدان الناطقة بهذه اللغة. كما يوفر الموقع الإلكتروني للدار القصيدة المختارة مترجمة إلى لغات عدة.
إدهاش وتكثيف
وتنتمي قصيدة «لقاء» إلى مرحلة مبكرة جداً في تجربة عبدالعزيز جاسم، وتم اختيارها من مجموعته الأولى «لا لزوم لي» الصادرة عن دار الجديد في بيروت 1995، ولكن رغم صغر هذه القصيدة في الحجم، فإنها مكتوبة بذكاء عاطفي يصل حد الإدهاش، وبالأخص في السطرين الأخيرين منها، عندما تنقلب المعاني كلها وتتكثف في مشهد القبطان الذي يشهد أفول سفينته، تقول القصيدة:
التي رافقتني البارحة
عند أولِ نداءٍ بعد غيابِ سنواتٍ
عانقتني بعذوبةٍ أمامَ الحُرّاسِ
ثُمَّ فَلَّتَتْ أصابعها وركضتْ.
تَبِعتُها، فَربَطتْ شعْرها القصيرَ
في جِسْرٍ عالٍ، وقَفَزتْ
حياتي أيضاً قفزتْ وراءها
كدمعةِ قُبطانٍ يشهدُ أفولَ سفينتِه
ولا يفعلُ شيئاً
سوى التحديقِ في رجْلَيْهِ المقطوعَتَيْن!
من باث إلى بورخيس
لقد استلهم عبدالعزيز جاسم تجارب كبار شعراء العالم، من بينهم على سبيل المثال المكسيكي أوكتافيو باث والفرنسي سان جون بيرس والأرجنتيني خورخي لويس بورخيس الذي اشتهر بقصيدته «فن الشعر» التي يذكر فيها «إيثاكا» وهي مدينة الملك أوليس، أو ما يعرف بالإغريقية باسم أوديسيوس، بطل ملحمة الأوديسة والملك الذي ترك بلاده وأصبح أحد قوّاد الحرب، وهو صاحب فكرة حصان طروادة الشهير. إذ بعد فتح طروادة عاد الإغريق إلى بلدانهم، إلا أوديسيوس، حيث جرفت الرياح العاتية سفنه في البحر وظل تائهاً مع جنوده لأكثر من 20 سنة إلى أن نجح في العودة إلى «إيثاكا».
يقول بورخيس في تلك القصيدة:
يقولون إن أوليس، وقد سئم المعجزات،
بكى حباً لرؤية إيثاكا، وديعةً وخضراء.
الفن هو إيثاكا تلك، الأبدية الخضراء، وليست المعجزات.
التقارب الروحي للشعر
وهذا التقارب في الروح الشعرية، وفي الانهماك بموضوع الشعر الإنساني الذي يقدّم لمحة خاطفة من الحياة ويقرأ المفارقات الوجودية، هو ما يربط عموماً التجارب الشعرية العالمية عبر العصور، ذلك لأن النص الأدبي العميق، يحمل قدرته الخاصة على تجاوز حدود الزمان والمكان، والنص الذي يكتبه عبدالعزيز جاسم، يحقق هذه الانفلاتة الحرة من قيد ووهم العابر والهامشي، ويأخذنا مباشرة إلى جوهر الشعر باعتباره التعبير الإنساني الأكثر حرية، واللغة التي يمكن من خلالها أن نتخلّص من كل القيود والسفر بها إلى المطلق والأبدي.
وهذا الخيط الرفيع من التدفق والألق الشعري هو ما يدفعنا للربط بين مفردات وموضوعات البحر والقبطان والسفينة والمرأة والحب في قصيدة عبدالعزيز جاسم «لقاء» وبين «إيثاكا» وسفن أوديسيوس ومتاهة البحر والشعر وبورخيس، وكأنما الدلالات الشعرية تتجاذب هي الأخرى طاقياً وتتكثف لتأخذ حيز زمنها في أبعاد جديدة.
انتشار أوروبي
قام بترجمة قصيدة عبدالعزيز جاسم إلى اليونانية الشاعر إيمانويل أليغيزاكيس الذي يوصف بأنه الكاتب والشاعر الأكثر إنتاجاً في الشتات اليوناني، حيث نشر أكثر من 70 كتاباً في 12 دولة وبإحدى عشرة لغة مختلفة. وباللغة الإسبانية ترجمها الشاعر رافائيل كارسيلين، كاتب العمود في صحيفة «فالي دي إلدا»، وقد اشتهر أيضاً بكتابة مقدمات كتب للعديد من الشعراء الأندلسيين.
مجلة الثقافة والأدب الرومانية، اختارت أن تنشر القصيدة في عددها لشهر يناير 2024 بترجمة من الشاعرة الرومانية غابرييلا كالوتيو سونينبرغ. وفي إيطاليا قدم للقصيدة وترجمها الشاعر والأديب والصحفي لوكا بيناسي أحد أبرز الشعراء من الجيل الجديد، وله أكثر من 6 مجموعات شعرية ومختارات عدة. وهذه فقط نماذج من مستوى الذين تصدوا لترجمة النص في أوروبا وشملت هولندا وألمانيا وفرنسا وألبانيا وكتالونيا ولغات أخرى عدة.
اهتمام آسيوي
وحظيت القصيدة باهتمام خاص أيضاً على مستوى قارة آسيا، ففي الصين قدمها الشاعر الكبير ويليام تشو الحاصل على 3 جوائز شعرية وطنية وثلاث جوائز شعرية دولية. وهو عضو مدى الحياة في مؤتمر الشعراء العالمي، وعضو في جمعية الشعر الصينية. فيما تولى ترجمتها إلى الكورية الشاعر كانغ بيونغ تشيول الذي يحمل دكتوراه في فلسفة العلوم السياسية والمدير التنفيذي للأبحاث في المعهد الكوري للسلام والتعاون. وفي باكستان نقلتها إلى الأوردية الشاعرة المعروفة المهندسة نائلة حنا رئيسة صفحة «بهشت شار سات» المتخصصة في الأدب، فيما تولت الترجمة الفارسية الروائية الإيرانية المقيمة في ولاية ميريلاند بالولايات المتحدة سبيده زماني. وفي الهند تولت الترجمة الشاعرة المعروفة جيوترمايا ثاكور وهي سفيرة سلام أيضاً وأكاديمية مخضرمة أصدرت أكثر من 40 مؤلفاً. وشملت الترجمات الآسيوية اليابان ولغة التاميل وغيرها، فيما اقتصرت الترجمة في أفريقيا على اللغة السواحلية عن طريق الشاعر بوب موانجي كيهارا.
الحداثة الشعرية
وما يهم في هذا التتبع الدقيق لجريان قصيدة عبدالعزيز جاسم في فضاء الشعر العالمي، هو رصد وتسجيل مستوى حضور الأدب الإماراتي على خريطة العالم. وهو جهد ينبغي الالتفات إليه والبناء عليه كمكوّن جوهري في مشروعنا الثقافي. فما أجمل أن تقوم هذه الأسماء الأدبية المرموقة والمعروفة عالمياً بنقل تجاربنا الأدبية إلى لغاتهم الأم.وينتمي عبدالعزيز جاسم إلى جيل الحداثة الشعرية في الإمارات، حيث برز صوته المتفرد منذ مطالع الثمانينيات من القرن الفائت، وصدرت له مجموعات شعرية كثيرة جمعها مؤخراً في «الأعمال الكاملة» التي صدرت مؤخراً عن دار نشر «غاف» الإماراتية. وله أيضاً مؤلفات فلسفية وبحثية كثيرة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
إقرأ أيضاً:
عاشقة لبنان.. وزير الإعلام يكّرم فنانة مصرية شهيرة (فيديو)
قدّم حفل الموريكس دور الذي يقام في كازينو لبنان حاليا، "تكريمًا خاصًا لسفيرة السلام" للممثلة المصرية إلهام شاهين. وسلّم الجائزة لشاهين، وزير الإعلام زياد مكاري. وقد عبرت "عاشقة لبنان" عن حبها لبلاد الأرز و"الشعب العنيد"، وقالت: "لبنان بيعرف يحول أحزانه إلى إيجابيات، وبيعرف يصنع الفرح. ثقافته هي ثقافة الحياة"، مضيفة: "انتو حقيقي شعب جميل، محب للحياة والسلام والفنون، وهذا الشيء المشترك بين مصر ولبنان"، متمنية الأمن والسلام للبنان دائماً.
المصريين بس يحكو عنا بيكبر قلبنا ♥️
بحبونا من قلبهم متل ما منحبهم من قلبنا
شكراً عكل كلمة حلوة قالها فنان مصري للبنان ولكل حدا غنّى ????????#إلهام_شاهين منورة #الموركس_دور وبلد الحياة متل ما سمّيتيه
قادرين نجمع نجوم ونقول بعدنا هون ورح نضل ????#murexdor #murex #موركس_دور pic.twitter.com/OpWxnmloC2
ووُلدت إلهام شاهين عام 1961 ودرست التمثيل في معهد الفنون المسرحية، حيث تألقت في عروض مسرحية كـ"حورية من المريخ"، "قنبلة الموسم"، "المتحذلقات"، "المصيدة"، "بستان الوهم" وغيرها.
وتألّقت إلهام شاهين في عالم السينما عند مشاركتها في فيلم " أمهات في المنفى" عام 1981، لتتوالى بعدها الأدوار والأعمال الناجحة كـ"العار"، "لا تسأليني من أنا"، "العبقري خمسة"، "موت سميرة"، "الهلفوت"، "رحلة عذاب"، "وقال البحر"، "أخو البنات"، "الشيطان والحب" و"دوامة الحب" وغيرها.
والجدير ذكره أنه تم اختيار إلهام شاهين كسفيرة للنوايا الحسنة للمنظمة "الدولية للسلم والرعاية والإغاثة" عام 2014.