عادة ما يوصف حي الرمال بأنه من أقدم أحياء مدينة غزة وأكثرها نموا، وشريان أساسي للحياة التجارية في المنطقة.
ويتميز هذا الحي بالوجود السكاني الكثيف، نظرا لجماله الطبيعي، ولكونه مركزا تجاريا كبيرا، لكنه تعرض لتدمير كبير جراء قصف إسرائيلي على القطاع غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
كان يعرف على أنه أرقى أحياء القطاع، مسحته الطائرات الحربية الإسرائيلية بشكل كامل وحولته إلى كومة من الركام والحديد.
حي الرمال قبل تدميره من الاحتلال
وسمي حي الرمال بهذا الاسم لأنه كان منطقة كثبان رملية لا حياة فيها أو عمل، وكان عبارة عن غابات من منطقة جباليا حتى منطقة الشيخ عجلين.
يتوسط الحي شارع عمر المختار، وهو شارع رئيسي يصل غرب المدينة بشرقها، فيما ينقسم الحي، إلى الرمال الشمالي، والرمال الجنوبي. وتبلغ مساحته نحو 5 آلاف دونم ويبعد عن مركز مدينة غزة 3 كيلومترات بمحاذاة الخط الساحلي.
ويحيط بالحي 20 حيا اعتمدها المجلس البلدي، منها: حي الدرج والتفاح والزيتون والشجاعية والشيخ رضوان والصبرة والشيخ عجلين وتل الهوا.
وبفضل شارع عمر المختار، صار حي الرمال مركزا تجاريا نشطا للقطاع، إذ تنتشر على امتداده مختلف أنواع المحال التجارية.
يعد حي الرمال من أغنى وأهدأ أحياء مدينة غزة وأكثرها كثافة سكانية، إذ يقطن فيه نحو 70 ألف نسمة، ويضم مقار معظم المؤسسات الدولية والمحلية ومؤسسات المجتمع المدني والأبراج والمدارس والمساجد والبنوك ومحلات الصرافة والاتصالات وشركات الإنترنت.
ويضم أيضا مقر المجلس التشريعي والشرطة والأمن، ومقر النيابة العامة والمقر الرئيسي لكبرى الجامعات الفلسطينية، ومقر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بالإضافة لأشهر معالم القطاع مثل متنزه الجندي المجهول ومركز رشاد الشوا الثقافي.
تعود بداية بنائه إلى أواخر العهد العثماني في بدايات القرن العشرين، فقد تأسس بعد الحرب العالمية الأولى عام 1920، وكان عبارة عن مناطق خالية، ولكن في عهد الإدارة المصرية في خمسينيات القرن الماضي أسكنت فيه السلطات الموظفين وفتحت شوارع امتدادا له، وبعد ذلك أصبح الحي الأكثر حيوية وازدهارا في قطاع غزة.
ومن معالم الحي ساحة الجندي المجهول التي شهدت عديدا من المظاهرات والاحتفالات، وتقام بالقرب منها كثير من النشاطات والفعاليات الوطنية وخيمات الاعتصام، كما أصبحت ساحة عامة ومتنفسا لآلاف الغزيين الذين يتوافدون إليها يوميا من مختلف مناطق القطاع.
يعود تاريخ الساحة إلى ما بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من غزة عقب عدوان عام 1956، حيث أقيم نصب تذكاري للجندي المجهول تكريما للشهداء والتضحيات الفلسطينية، فأصبحت للمنطقة بأكملها قيمة رمزية كبيرة عند سكانها.
وتوجد في الحي الجامعة الإسلامية التي تأسست عام 1978، يقع فرعها الرئيسي في حي الرمال الجنوبي بمدينة غزة، وللجامعة مواقع أخرى في قطاع غزة.
تعرضت أجزاء واسعة من مباني الجامعة لأضرار كبيرة وخسائر بالغة إثر قصف الاحتلال لغزة ، إذ تعرض كل من مبنى كلية تكنولوجيا المعلومات ومبنى عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر ومبنى كلية العلوم بالجامعة لأضرار كبيرة بكل ما فيه من تجهيزات ومختبرات وأثاث، إضافة لتكسر معظم زجاج وواجهات المباني.
دمار في المباني بحي الرمال بقطاع غزة.
وتوجد أيضا جامعة الأزهر التي أُسست عام 1991 بهدف تلبية احتياجات الشعب الفلسطيني في مجال التعليم العالي. بدأت الجامعة بكليتين فقط وهما كلية الحقوق وكلية التربية، ثم توسعت لتشمل كليات أخرى مثل الصيدلة والزراعة والعلوم والآداب الإنسانية، وأُنشئت كليات إضافية مثل كلية العلوم الطبية التطبيقية وكلية الطب.
ويقع البنك الوطني الإسلامي في حي الرمال على امتداد شارع عمر المختار، تعرض في العدوان الحالي للاستهداف من قبل الطائرات الإسرائيلية مما أدى لتدميره بالكامل وتضرر المواقع المحيطة به.
فيما يعد برج فلسطين بحي الرمال من أهم المباني السكنية في قطاع غزة، وهو من أكبر الأبراج السكنية والتجارية في القطاع، يتكون من 14 طابقا، ويضم العديد من المؤسسات الإعلامية والعيادات والشقق السكنية.
استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي برج فلسطين بعدة غارات جوية مما أدى لتدميره بالكامل، وكانت طائرات الاحتلال استهدفت البرج في عام 2022، مما أدى إلى تضرر عدد كثير من الطوابق وشبكات المياه والكهرباء.
وبقي الحي لفترة طويلة أكثر المناطق هدوءا وأمانا حتى وقوع العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2021، بتعرض للقصف بأكثر من 200 غارة جوية خلال 9 أيام، فتضررت الطرق ولم يبق في الحي أثر للبنايات الشاهقة، ودمرت الاستراحات على طول شاطئ بحر المدينة.
وكان الحي ملاذا آمنا ومتنفسا إلى حد ما من ضغوط الحياة لكثير من سكان قطاع غزة، ولكن بين ليلة وضحاها، اختفت ملامحه في أثناء القصف الإسرائيلي إذ واجه الحي سلسلة غارات عنيفة استهدفت مباني سكنية ومكاتب شركات اتصالات وإدارات مختلفة.
واستمرت هذه الغارات ليلة كاملة، ولم تهدأ حتى فجر اليوم التالي، الأمر الذي أدى إلى تدمير الحي تدميرا شاملا، وتهجير سكانه، وقطع غالبية الطرق المؤدية له، ولم يتبق منه سوى اسمه. وإلى جانب تدمير المنازل والعمارات السكنية استهدف القصف أيضا مقرات ووزارات حكومية ومساجد ومدارس.
وتفاخر المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانييل هغاري، بالدمار الذي أحدثه الاحتلال في حي الرمال، وأظهرت الصور التي التقطتها عدسات المصورين من داخل الحي مشاهد دمار هائلة لمبان وعمارات بأكملها تمت تسويتها بالأرض.
وقال بعض المواطنين الفلسطينيين ممن دمرت منازلهم إن ما تعرض له الحي "تسونامي إسرائيلي ضرب حي الرمال".
المصادر
ـ "حي الرمال.. شريان غزة النابض الذي بات ركاما"، الجزيرة نت، 15/10/2023.
ـ نور أبو عيشة، "الرمال".. المقاتلات الإسرائيلية تحول أرقى أحياء غزة إلى ركام"، وكالة الأناضول، 10/10/2023.
ـ "القصف الإسرائيلي يسوي حي الرمال بالأرض: وجيش الاحتلال يتفاخر بتدمير أرقى أحياء غزة"، موقع صحيفة الاتحاد، 10/10/2023.
ـ أحمد صقر، "عربي21 ترصد الدمار الواسع بحي الرمال وسط غزة جراء غارات الاحتلال"، موقع وصحيفة عربي21، 10/10/2023.
ـ علاء الحلو، "حي الرمال.. قلب مدينة غزة النابض"، موقع العربي الجديد، 11/9/2022.
ـ زهير دولة، "حي الرمال..من شانزليزيه غزة وقلبها النابض إلى كومة رماد وحديد"، صحيفة الإمارات اليوم، 20/10/2023.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير حي الرمال غزة الفلسطينية تاريخ فلسطين غزة تاريخ هوية حي الرمال تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حی الرمال مدینة غزة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
وفد حماس يصل إلى القاهرة لبحث مقترح صفقة شاملة مع إسرائيل
أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن وفدها وصل اليوم السبت إلى العاصمة المصرية القاهرة، وبدأ لقاءاته مع مسؤولين مصريين، لبحث رؤية الحركة المتعلقة بوقف الحرب على قطاع غزة وإنهائها، وتبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي عبر صفقة شاملة، تتضمن الانسحاب الكامل من القطاع وإعادة إعمار ما دمره العدوان.
كما قالت إن الوفد سيبحث ضرورة التحرك العاجل لإدخال المساعدات الإنسانية وتزويد القطاع باحتياجاته من الغذاء والدواء، إضافة لبحث جهود تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة وبعض التداعيات الفلسطينية الداخلية وسبل التعامل معها.
وأوضحت الحركة أن المباحثات ستتناول أيضا تداعيات سياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال بحق سكان غزة، وأكدت أهمية التحرك العاجل لإدخال المساعدات الإنسانية، بما يشمل الغذاء والدواء، إلى القطاع المحاصر.
ويضم الوفد محمد درويش رئيس المجلس القيادي لحركة حماس وباقي أعضاء المجلس خالد مشعل وخليل الحية وزاهر جبارين ونزار عوض الله.
وكانت وكالة رويترز نقلت قبل أيام عن مصدرين أن وفد حماس سيتوجه إلى القاهرة لبحث مقترح جديد لإبرام هدنة مطولة من شأنها أن تنهي الحرب على غزة.
وقال المصدران، لرويترز، إن وفد حماس سيناقش عرضا جديدا يتضمن هدنة لمدة تتراوح بين 5 و7 سنوات بعد إطلاق سراح جميع الأسرى المحتجزين في غزة ووقف القتال، مشيرين إلى أن إسرائيل لم ترد بعد على مقترح الهدنة طويلة الأمد.
إعلانكما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن قيادي في حماس أن وفدا من الحركة توجّه إلى القاهرة لبحث "أفكار جديدة" للتهدئة في غزة.
والسبت الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزمه مواصلة الحرب على غزة، ورفض مقترح حماس بالإفراج عن كل الأسرى المتبقين في غزة، مقابل إنهاء الحرب وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع.
ومؤخرا، اقترحت إسرائيل هدنة لمدة 45 يوما مقابل إطلاق سراح 10 أسرى أحياء، وهو العرض الذي رفضته حماس.