سودانايل:
2025-03-14@18:42:41 GMT

كنجول: قصة قصيرة

تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT

عثمان يوسف خليل
تجده في كل مكان بقريته التي تقع في الجهة الغربية من اطراف مشروع الجزيرة بالجزء المتاخم للنيل الابيض..رجل عجيب الملامح يتحدث بمهل و كل من شاهدوه قالوا بان هذا الرجل لاظل له لذلك ربطوه بنبي الله الخضر ومن هنا جاءت الحكاية..القرية التي يسكن بها هذا الرجل هي ام كريبات واحدة من عدد مهول من تلك القرى المترامية الأطراف ساقتهم الاقدار للعيش في تلك المنطقة الواقعة بين النيلين الازرق والابيض وعرفت بمنطقة الجزيرة تلك البقعة التي كانت تفتخر بانها واحدة من اهم مصادر الاقتصاد في القطر السوداني.

اما القرية التي تدور حولها احداث هذه القصة فقد اختصها الله بطبيعة خلابة وارض خصبة اما انسانها فلم يزد عن غيره من بقية سكان المنطقة سوى تلك الخرافات التى اشتهر بها سكان الجزيرة..
قررت إدارة مشروع الجزيرة في بداية إنشائه تخصيص قطعة كبيرة كمزرعة تجارب بها مشتل وانتاج حيواني وكانت إلي وقت قريب قبلة للاهالي من القرى المجاورة وبعض المدن اضافة لاهل القرية انفسهم الذين كانوا يزورنها لعمل رحلات خاصة في الاعياد ومرت على تلك القرية الكثير من حكاوي الخرافة والسحر.. اما مايهمنا هنا فهو بلاهة كنجول ذاك المخلوق الذي تحدث الناس كثيرًا عنه وعن اصله وفصله..وما لم نسمع عنه انه لم يصب باي مرض كسائر خلق الله ولم يشكُ ابداً من الم او وخزة شوكه فمن يا ترى هذا الرجل الغريب الأطوار فهل هو جان ام ماذا؟..
كنجول لقب طغى على إسمه الحقيقي الذي لا يتذكره احد حتى جاره الجنب لا بعرف له اسم غير كنجول..لا يعرف له عمر ولم يكن له عدو الا النظافة عندما القاه في زيارت لاهلي في قرية ام كريبات ولا اتوقع ان يسالني احدكم عن معنى اسم قريتنا فلا أنا ولا غيري من ابناء جيلي يفهم معنى ام كريبات ولأ هل الجزيره في أسماء قراهم وحتى اسماءهم العجب العجاب فلا تتعبوا أنفسكم ساكت..
صبركم علي لقد تذكرت الآن ان هناك بعض الحكاوي التي سمعناها من كبارنا الذين سمعوها من ابائهم ان ام كريبات سميت على امرأة عاشت في هذه القرية لوحدها وكانت لا تملك غير معزتين وتيس تمدانها بلبن كانت تعيش عليه وعلى ما كانت تزرعه في محيط قطيتها البسيطة وكانت تذهب مسافات طويلة لتجلب الماء لها ولغنيماتها وقيل انه بمرور السنين بدأ الناس يفدون إليها وهي لم تمنع اي منهم فالأرض أرض الله كما كانت تقول لهم، حتى تطورت القرية وتوسعت خاصة مع تخطيط مشروع الجزيرة والذي لم تحضر تاسيسه ام كريبات وقيل ان اول قبر وضع للناس في المنطقة كان قبرها..هناك اقوال كثيرة حول ام كريبات منها انها كانت جنية فكيف لامرأة وحيدة تعيش في هذا الفلاة الموحشة لم ننسَ كنجول بطل هذه القصة الذي كاد ان يصبح أحد الشخصيات الاسطورية ليس في قرية ام كريبات وحدها بل في المناطق المجاورة أيضاً والبعيدة والعجيب انك ان قلت لك بان هذا الكنجول كات تهل عليه نوع من انواع البركات وهي وجوده في اكثر من مكان في وقت واحد، وقد حكى بعض الناس انهم شاهدوه في قرى ام رقاق وشعفوفة ومساسقة في وقت واحد! كيف يحدث ذلك؟ لا احد يعلم لذلك اعتقد بعض الناس انه ابن صالح لتلك المرأة العجوز التي حكيت لكم عنها العجيبة كمان انه ظهر للناس في ام كريبات في احد ايام الصيف الحار وقيل بان له جاذبية لا يفلت منها العاصي واللين..
عرضت حكاية كنجول على صديقنا بروفيسر
كمال عبد المجيد استاذ علم النفس فكان رده ان هذه حالة يندر حدوثها إلا في عالم الجن او عالم الصوفية والذي تحدث فيه مثل هذه المعجزات والخوارق وقد حكى عن جده الشيخ عبد الصمد كيف انه كان يغيب كل ليلة ولا احد يعرف اين يذهب وكان يحضر معه في كل غيبة من غيباته اجود نوع من انواع الفاكهة التي لا عين رات مثلها ولا لسان ذاقها وعندما يسأل يكتفي فقط بابتسامة ساحرة ولا يزيد عنها فكان ذلك سر من اسرار الصوفية وبركاتهم فهل ياترى كان كنجول واحد من أولئك الذين انعم الله عليهم والإنسان يا سادتي عنده مخزون من الاسرار لا يعلم بها إلا ربه وقديماً قيل (يضع الله سره في اضعف خلقه).. العجيب اني لم احدثكم عن مروة كنجول وقوته والأعجب انه لم يكن يقرب النساء ومرة أسّرت بت عجب سيدا انها كانت تتلصص عليه خلف صريف بيتهم وهو يتبول فحلفت بشيخها انه لايملك اي من ادوات الرجال!!
طبعاً لم يصدق احد كلامها، او ان هذا الأمر لم يكن يهمهم في شي قرية ام كريبات ليست ككل القرى فهي تعج بالعجائب والغرائب ومن اغرب الحكايات التي سمعتها انك لاتستطيع ان تدخلها بعد ان يرخي الليل سدوله وينطفئ النهار وتسكن الخلايق، ورغم ان الناس هناك تهتم للكثير من المبالغات وتصدقها الا ان أهل القرى المجاوره اقسموا الا يدخلونها الا وهم مصبحين..وحدث ان دخلها الريح ود بارود الكضاب وحلف بإنه شاف ناس ام كريبات كلهم مبدلين قطط وكلاب ولو لا لطف الله لنبذ بالعراء وهو مكظوم ولكننا لن ناخذ كلام الريح محمل الجد فهو رجل عجيب له كلام ساحر ويستطيع ان يقنعك ان تلت التلاتة خمسة وقد كاد ان يصدقه اهله لولا ان ظبطه الخليفة ود عامر الذي كان يعمل له الف حساب..كان الخليفة يقف خلف الريح ولم يشعر بوجوده احد بسبب ظلمة الليل البهيم ولكن فجأة سمعوا صوته وهو ينهر الريح الذي قفز كما المسعور يجري ويسمع له اصوات كاصوات البندقية، اما من كانوا معه من جُلّاسه امام دكان العوض ومنذ ذلك الحين لم يسمع الناس اي اخبار عنه بل ذهب كنجول للبحث عنه ولم يعد هو الاخر ثم بدأت الكوارث تتوالى على قرية ام كريبات واهلها…

عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة

osmanyousif1@icloud.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الصيام.. مدرسة إيمانية تهذب النفوس وتسمو بالأخلاق

في كل عام يهلّ علينا شهر رمضان المبارك، شهر عظيم بكل ما فيه من نفحات إيمانية ودروس إسلامية وعبادات وصلوات مباركة، شهر من أجمل أوقات العام التي تقربنا فيها إلى الله تعالى، فخلال أيامه العطرة تتهذب الأخلاق وتصفو النفوس وتستقيم السلوكيات، ويحرص المسلمون أينما كانوا ووجدوا على اغتنام الفرص الذهبية التي يقدمها لهم هذا الشهر الفضيل ويستمتعون بتجليات الفضائل والمكارم والمحاسن التي تتنزل عليهم من كل أبواب الخير ويشعرون بالسعادة الغامرة.

ومما يحمله شهر التوبة والمغفرة في كنفه أنه يعلمنا الكثير من الدروس المهمة التي يمكن أن ننساها في خضم تسارع الأيام وكثرة المشاغل في حياتنا اليومية، وعندما يأتي إلينا رمضان نأخذ من سماته وآثاره الطيبة طريقا يدلنا على عظمة هذا الخالق سبحانه وتعالى، ويوضح لنا الحكمة والموعظة الحسنة التي منحها الله لجميع البشر من أجل أن يدركوا قيمة الحياة الدنيا وما فيها من متاع ومفردات لا يمكن إغفالها أو إنكارها أو نسيانها عن قصد.

وليس سرا أن نقول إن شهر رمضان الفضيل هو عبارة عن مدرسة جامعة يتعلم المؤمن العارف بربه الكثير من الدروس الإيمانية التي تعينه على نيل رضا الله تعالى فهو الخائف من عقابه تعالى، والراغب دوما لغفرانه من الذنوب والخطايا التي يرتكبها الإنسان بسبب نزعات الشيطان ووساوسه التي لا تنقضي.

لذا فالصوم ليس مجرد تجسيد فردي لطقوس رمضانية تنتهي سريعا، وإنما يعد هذا الشهر المباركة وحدة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يجتمعون على الخير والعطاء وعلى العبادة والطاعة والتقوى، والسير على منهج إسلامي راسخ منذ عهد البعثة المحمدية وحتى يومنا هذا.

إننا نعلم جميعا بأن الله تعالى شرع لعباده ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، وأمد خيوط السعادة الأبدية في أخراهم، وقد امتحن الله عز وجل عباده بما شرع لهم من العبادات والمعاملات والواجبات، وذلك ليمحص من يعبد عن رشده، ويسلك طريق الظلالة جراء اتباعه هواه.

لقد حدثنا الله تعالى في كتابه العزيز عن فريقين من الناس، الأول هو الذي يمتثل لشرعه ويقف عند حدوده بصدر منشرح وقلب مخلص، ونفس مطمئنة، سينال الفوز والفلاح من لدنه سبحانه، أما الفريق الثاني فهو من يتخذ طريقا معوجا يلائم رغبته، ويصادف هوى في نفسه، ونبذ ما سوى ذلك وراء ظهره سوف يخسر الدنيا والآخرة».

أما من الناحية الواقعية التي يستخلصها المؤمن من رمضان نجد أن الصيام مدرسة خلقية كبرى متعددة الجوانب والفوائد -وهذا أمر لا جدال فيه - والسبب في ذلك هو أن المؤمن يتدرب عمليا في كل عام على الإكثار من الطاعات والتمسك بالخصال الحميدة، والتخلق بالصفات الإنسانية الجميلة، ومنها ما هو مثبت في كتب الفقه والدراسات الإسلامية التي تؤكد بأن «الصوم يعد جهادا للنفس البشرية ومقاوما بشدة لكل الأهواء النفسية، ويدرب المؤمن على الحفاظ على الأمانة، ومراقبة الله في السر والعلن، إذ لا رقيب على الصائم إلا الله سبحانه وتعالى، وكفى به رقيبا».

وقد ورد في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه) رواه البخاري ومسلم.

إذن الصيام كما نراه ويراه الناس من حولنا عبارة عن «مدرسة خصبة للعطاء يجدد فيها المسلم عرى إسلامه ويتمسك بتطبيقها في حياته»، وربما تكون دورة تدريبية يتخرج منها ملايين المسلمين في هيئة ثوب إيماني جديد، يدخلون بها أبواب المستقبل ويواكبون تغيرات الزمن بهمة قوية وإصرار على كسب الخير، وعلاج ما يلم بهم من خلل بشري كالنقص في أداء الواجبات أو ارتكاب الخطايا والذنوب وغيرها».

وفي الجانب البدني، نرى في شهر رمضان المبارك الكثير ممن نعرفهم ومن لا نعرفهم يحرصون على ممارسة «الرياضة» وخاصة «المشي» في أوقات مختلفة،لاقتناعهم بأهمية هذا الشهر من الناحية الصحية التي يكتسبها الجسم من الصيام والقيام، فقد أثبت الطب الحديث بأبحاثه وتجاربه وما توصل إليه من نتائج مثبته أن الصوم «أفضل وسيلة للإنسان للتخلص من كثير من الأمراض والمعاناة التي عجز الأطباء عن علاجها، ولذا يحاول الكثير من الناس استغلال هذا الشهر الفضيل في ممارسة الرياضة والتقليل من العادات الغذائية الخاطئة».

وهكذا نرى أن الله تعالى جعل شهر الصوم موسما سنويا تكرم به على عباده ليكون لهم مناسبة ذات خصوصية متفردة، يحطون عنهم الأوزار والآثام وما اقترفته أيديهم من الذنوب والخطايا، وبعضهم من يتخذ رمضان سلوك حياة طيلة العام، والبعض الآخر يراه وقتا مناسبا لتصحيح المسار في حياته، فعندما ينتهي رمضان يخرج الصائمون منه بصحائف بيضاء لا تشوبها شائبة، ولكن علينا أن نعي بأن هذه المميزات يختص بها عباد الله الذين يلتزمون بتعاليم الدين ويصومون بـ«جميع جوارحهم عما حرم الله» وهم بذلك يجمعون بين صوم «الظاهر والباطن»، فيستحقون ما لا يستحقه غيرهم من الناس، فقد ورد في الحديث الشريف أن الرسول صلى الله عليه سلم قال: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». أخرجه البخاري.

والله سبحانه وتعالى لا يقر شيئا لا وبه حكمة عظيمة، فقد ورد في كتب التفسير وأقوال العلماء والفقهاء حول أبواب العبادات فمثلا فيما يتعلق بصحة البدن فأوجب علينا سبحانه «الصلاة» كتمرين يومي في اليوم خمس مرات ما بين ركوع وسجود، أما فيما يتعلق ببذل المال فأمرنا الله عز وجل بـ«الزكاة» والإنفاق في سبيل الله كلاًّ حسب طاقته وإمكانياته، أما فيما يستوجب كف النفس عن الأشياء المحببة إليهم والمشهية فشرع الله علينا «الصيام»، الذي يذكر الصائم بنعم الله عليه إذ منحه القدرة على هذه العبادة التي ينال بها جزيل الثواب في وقت حُرم فيه آخرون من الحياة في هذا العام بعد أن توسدت رؤوسهم أديم الأرض، ومن المؤكد تماما أن لكل هذه العبادات حكما بالغة أوجدها الله تعالى للبشرية ليجزي من يلتزم ويعاقب من يحيد عن رشده.

مقالات مشابهة

  • هل الزهد يعني التخلي عن المال؟.. مفتي الجمهورية يوضح الحقيقة
  • الصيام.. مدرسة إيمانية تهذب النفوس وتسمو بالأخلاق
  • لماذا يخاف الناس من الموت؟.. رد مفاجئ من علي جمعة
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. أنا السجّان الذي عذّبك
  • وكيل الأزهر: الصيام تدريب للنفس للوقوف على حدود الله تعالى
  • مدفع شرطة دبي المُتنقل في القرية العالمية
  • «عالم أزهري»: النبي كان يحب الفأل الحسن وينهى عن التشاؤم
  • «هشام عبد العزيز»: قضاء حوائج الناس من أعظم القربات إلى الله
  • البعوضة؟! (قصة قصيرة من رعب المعركة)
  • قصة قصيرة من وحي واقع السودان السرويالي بعنوان (الوعد والوعيد)