عثمان يوسف خليل
تجده في كل مكان بقريته التي تقع في الجهة الغربية من اطراف مشروع الجزيرة بالجزء المتاخم للنيل الابيض..رجل عجيب الملامح يتحدث بمهل و كل من شاهدوه قالوا بان هذا الرجل لاظل له لذلك ربطوه بنبي الله الخضر ومن هنا جاءت الحكاية..القرية التي يسكن بها هذا الرجل هي ام كريبات واحدة من عدد مهول من تلك القرى المترامية الأطراف ساقتهم الاقدار للعيش في تلك المنطقة الواقعة بين النيلين الازرق والابيض وعرفت بمنطقة الجزيرة تلك البقعة التي كانت تفتخر بانها واحدة من اهم مصادر الاقتصاد في القطر السوداني.
قررت إدارة مشروع الجزيرة في بداية إنشائه تخصيص قطعة كبيرة كمزرعة تجارب بها مشتل وانتاج حيواني وكانت إلي وقت قريب قبلة للاهالي من القرى المجاورة وبعض المدن اضافة لاهل القرية انفسهم الذين كانوا يزورنها لعمل رحلات خاصة في الاعياد ومرت على تلك القرية الكثير من حكاوي الخرافة والسحر.. اما مايهمنا هنا فهو بلاهة كنجول ذاك المخلوق الذي تحدث الناس كثيرًا عنه وعن اصله وفصله..وما لم نسمع عنه انه لم يصب باي مرض كسائر خلق الله ولم يشكُ ابداً من الم او وخزة شوكه فمن يا ترى هذا الرجل الغريب الأطوار فهل هو جان ام ماذا؟..
كنجول لقب طغى على إسمه الحقيقي الذي لا يتذكره احد حتى جاره الجنب لا بعرف له اسم غير كنجول..لا يعرف له عمر ولم يكن له عدو الا النظافة عندما القاه في زيارت لاهلي في قرية ام كريبات ولا اتوقع ان يسالني احدكم عن معنى اسم قريتنا فلا أنا ولا غيري من ابناء جيلي يفهم معنى ام كريبات ولأ هل الجزيره في أسماء قراهم وحتى اسماءهم العجب العجاب فلا تتعبوا أنفسكم ساكت..
صبركم علي لقد تذكرت الآن ان هناك بعض الحكاوي التي سمعناها من كبارنا الذين سمعوها من ابائهم ان ام كريبات سميت على امرأة عاشت في هذه القرية لوحدها وكانت لا تملك غير معزتين وتيس تمدانها بلبن كانت تعيش عليه وعلى ما كانت تزرعه في محيط قطيتها البسيطة وكانت تذهب مسافات طويلة لتجلب الماء لها ولغنيماتها وقيل انه بمرور السنين بدأ الناس يفدون إليها وهي لم تمنع اي منهم فالأرض أرض الله كما كانت تقول لهم، حتى تطورت القرية وتوسعت خاصة مع تخطيط مشروع الجزيرة والذي لم تحضر تاسيسه ام كريبات وقيل ان اول قبر وضع للناس في المنطقة كان قبرها..هناك اقوال كثيرة حول ام كريبات منها انها كانت جنية فكيف لامرأة وحيدة تعيش في هذا الفلاة الموحشة لم ننسَ كنجول بطل هذه القصة الذي كاد ان يصبح أحد الشخصيات الاسطورية ليس في قرية ام كريبات وحدها بل في المناطق المجاورة أيضاً والبعيدة والعجيب انك ان قلت لك بان هذا الكنجول كات تهل عليه نوع من انواع البركات وهي وجوده في اكثر من مكان في وقت واحد، وقد حكى بعض الناس انهم شاهدوه في قرى ام رقاق وشعفوفة ومساسقة في وقت واحد! كيف يحدث ذلك؟ لا احد يعلم لذلك اعتقد بعض الناس انه ابن صالح لتلك المرأة العجوز التي حكيت لكم عنها العجيبة كمان انه ظهر للناس في ام كريبات في احد ايام الصيف الحار وقيل بان له جاذبية لا يفلت منها العاصي واللين..
عرضت حكاية كنجول على صديقنا بروفيسر
كمال عبد المجيد استاذ علم النفس فكان رده ان هذه حالة يندر حدوثها إلا في عالم الجن او عالم الصوفية والذي تحدث فيه مثل هذه المعجزات والخوارق وقد حكى عن جده الشيخ عبد الصمد كيف انه كان يغيب كل ليلة ولا احد يعرف اين يذهب وكان يحضر معه في كل غيبة من غيباته اجود نوع من انواع الفاكهة التي لا عين رات مثلها ولا لسان ذاقها وعندما يسأل يكتفي فقط بابتسامة ساحرة ولا يزيد عنها فكان ذلك سر من اسرار الصوفية وبركاتهم فهل ياترى كان كنجول واحد من أولئك الذين انعم الله عليهم والإنسان يا سادتي عنده مخزون من الاسرار لا يعلم بها إلا ربه وقديماً قيل (يضع الله سره في اضعف خلقه).. العجيب اني لم احدثكم عن مروة كنجول وقوته والأعجب انه لم يكن يقرب النساء ومرة أسّرت بت عجب سيدا انها كانت تتلصص عليه خلف صريف بيتهم وهو يتبول فحلفت بشيخها انه لايملك اي من ادوات الرجال!!
طبعاً لم يصدق احد كلامها، او ان هذا الأمر لم يكن يهمهم في شي قرية ام كريبات ليست ككل القرى فهي تعج بالعجائب والغرائب ومن اغرب الحكايات التي سمعتها انك لاتستطيع ان تدخلها بعد ان يرخي الليل سدوله وينطفئ النهار وتسكن الخلايق، ورغم ان الناس هناك تهتم للكثير من المبالغات وتصدقها الا ان أهل القرى المجاوره اقسموا الا يدخلونها الا وهم مصبحين..وحدث ان دخلها الريح ود بارود الكضاب وحلف بإنه شاف ناس ام كريبات كلهم مبدلين قطط وكلاب ولو لا لطف الله لنبذ بالعراء وهو مكظوم ولكننا لن ناخذ كلام الريح محمل الجد فهو رجل عجيب له كلام ساحر ويستطيع ان يقنعك ان تلت التلاتة خمسة وقد كاد ان يصدقه اهله لولا ان ظبطه الخليفة ود عامر الذي كان يعمل له الف حساب..كان الخليفة يقف خلف الريح ولم يشعر بوجوده احد بسبب ظلمة الليل البهيم ولكن فجأة سمعوا صوته وهو ينهر الريح الذي قفز كما المسعور يجري ويسمع له اصوات كاصوات البندقية، اما من كانوا معه من جُلّاسه امام دكان العوض ومنذ ذلك الحين لم يسمع الناس اي اخبار عنه بل ذهب كنجول للبحث عنه ولم يعد هو الاخر ثم بدأت الكوارث تتوالى على قرية ام كريبات واهلها…
عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة
osmanyousif1@icloud.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الحيرة القاتلة
من أروع العبارات التى جاءت فى مسرحية «القضية» للكاتب الكبير «لطفى الخولى».. «أقفل الشباك ولا أفتحه» تلك المسرحية التى أذاعها التليفزيون المصرى أكثر من مرة. وقد علق كاتب المسرحية على تلك العبارة فى مقال له نشر فى مجلة الطليعة، ذكر فيه أن تلك العبارة ترسخت فى وجدان الناس، وهى تعبير عن رأيه فى الحيرة التى يقع فيها الشخص العادى أمام القوانين التى تتغير وتتبدل بشكل لا يستوعبها. الأمر الذى أصبح معه الإنسان المصرى يعيش غريباً عن القانون والدولة، سواء سلطة الدولة أو سلطة الحكومة أو سلطة القضاء أو أى سلطة أخرى، كما لو كان يعيش خارج هذه النظم، فالمواطن العادى أصبح لا يعرف أين تبدأ حقوقه، فى الوقت المُطالب فيه بتحقيق كافة الالتزامات التى عليه دون مناقشة، حتى لو كانت تلك الالتزامات متعارضة مع بعضها، ففى حالة فتح الشباك غرامة وكذلك غرامة لو أغلق الشباك. ولقد تجاوز الأمر لتجاوز المواطن البسيط لتصل إلى المثقفين وأصحاب المهن المختلفة، فالجميع الآن لا يعرف ماذا تريد أى سلطة من تلك السلطات من الناس؛ لذلك لا تلوم الناس فى الانسحاب ومحاولات الهروب من البلد بعد أن قفل الشباك على يده ولا يستطيع فتحه، وانتشر بينهم اللامبالاة والإحساس بما يدور حولهم.
لم نقصد أحداً!!