سودانايل:
2024-12-16@16:53:37 GMT

التغيرات المتصاعدة للوعي السياسي

تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT

أن الحرب التي أندلعت في 15إبريل 2023م كانت نتيجة لجمود العقل السياسي، و الذي عجز أن يتجاوز أسباب الفشل في العهود السابقة، و أيضا فشل أن يحدث تغييرات جوهرية في الثقافة السياسية للإرث السياسي ما قبل ثورة ديسمبر 2018 م حيث تبنت النخب السياسية ذات الإرث الثقافي السابق مع شعارات متناقضة له من حيث الفكرة و الأدوات، لذلك لم تستطيع أن تنزل الشعارت للواقع.

كان حريا أعليها ن تفكك التناقض الحاصل بين الممارسة و الشعار. مثالا أن النخب السياسية أخفقت أن تكون المجلس التشريعي و هو يمثل أحد أعمدة البناء الديمقراطي الذي يقوم بدور محاسبة السلطة التنفيذية ممثلة في " مجلس السيادة و مجلس الوزراء" و أيضا يقوم بدوره التشريعي لمطلوبات تفكيك بنية نظام الحزب الواحد، و إلغاء القوانين المقيدة للحريات، و كونت بدلا عنه مجلس يضم المجلسين و نفر من القيادات السياسية، حيث أصبحت السلطة التنفيذية دون محاسبة، فهل نخبة سياسية ترفع شعار الديمقراطية تهمل تكوين المجلس التشريعي؟ النخبة السياسية هي التي ضربت بنفسها شعار الديمقراطية الذي كانت ترفعه.
بعد الحرب تصاعدت الأحداث، و أصبحت القوى العسكرية " الجيش – الميليشيا" هما اللذان يصنعا الحدث، و أصبح دور القوى السياسية هو التعليق على الحدث، كان أمام القوى السياسية تحدي.. كيف تستطيع أن تعيد إصلاح المعادلة السياسية، أن تصبح هي المناط بها صناعة الحدث بهدف تغيير طريقة التفكير في المجتمع، ثم بعد ذلك الضغط من أجل وقف الحرب. لكن إنحراف الميليشيا في الحرب من مواجهة الجيش إلي حرب على المواطنين في مساكنهم و طردهم منها و نهب ممتلكاتهم و هتك الأعراض، و ممارسة التهجير و الإبادة الجماعية في دارفور. أخرجت الجماهير من موقف الحياد في الحرب لدعم الجيش. أن التطورات التي حدثت في الحرب، و إستيلاء الميليشيا على ولاية الجزيرة و الخوف من الزحف للولايات الأخرى، هو الذي خلق واقعا جديدا، حيث رفعت الجماهير شعار المقاومة الشعبية، أي أن تحمل السلاح بنفسها تحمي ممتلكاتها و أعراضها. أن فكرة النفرة الجماهيرية المسلحة كان لابد أن تجعل العقل السياسي أن يستيقظ من ثباته.
أن جولات حميدتي التي قام بها في عدد من الدول الأفريقية، و التي تقف وراءها دولة الأمارات التي جعلت له طائرة خاصة تحت تصرفهن يؤكد أن فكرة النفرة الشعبية قد أرسلت إشارتها الحمراء إلي الميليشيا، و القوى الخارجية التي تدعمها. و قد أخفق الدكتور عبد الله حمدوك رئيس " تقدم" عندما وقع إعلانا سياسيا مع رئيس الميليشيا الذي أظهر تقدم بأنها أصبحت بمثابة الحاضنة السياسية للميليشيا، و بالتالي لا تستطيع أن تنجز ما دعت إليه لأنها أصبحت غير محايدة في الوساطة. هذا يؤكد أن العقلية التي تدير بها " قحت المركزي" و التي تحولت إلي "تقدم" لكي تداري أخفاقاتها السابقة وقعت في ذات الفخ لأن العقلية لم يحدث فيها تطور يتماشى مع المتغيرات الحادثة في الواقع، هي تريد أن تعيد ذات الحلف الذي كان قبل 15 إبريل 2023م، و هو حلف يحمل في أحشائه الكثير من المتناقضات التي قادت للحرب.
في جانب أخر للمشهد كتب المفكر اليساري صديق الزيلعي مقالا في صحيفة " سودانيل" بعنوان "ما نوع التغيير الجذري الذي أومن به" يقول في إحدى فقراته أن صديقا له زمن الدراسة في جامعة الخرطوم علق على نقده للجذرية، و سأله هل أنت جننت رد صديق الزيلعي بالقول (نعم جنيت، وجن كلكي كمان ولابس عقلانية. والعقلانية مبنية على سلطة العقل. العقل يتبني مقولة جوته الشهيرة: " النظرية رمادية وشجرة الحياة في اخضرار دائم". وهذا هو جوهر الديالكتيك، حيث لا شيء ثابت، والكل في حالة حركة مستمرة. فالعالم يتغير باستمرار، وكذلك الدول، والأحزاب، ووسائل التواصل، ومناهج المعرفة. الحياة تقدم لنا تحديات يومية ومستمرة. والعقل يجتهد ويبحث لتقديم أجوبة لها. وكلما تخطينا عقبات ظهرت أخرى جديدة. هذا المنهج لا يقبل السكون، ولا يقبل القوالب النظرية الجاهزة. ويتبنى التجديد والتجدد باستمرار، لا نهائي.) هذا تحول جديد في عقل الزملاء، أن يخرجوا من حالة التقديس للنصوص التي هي ولادة الظواهر في المجتمعات. كما تذكر الزيلعي قول جوته (أن شجرة الحياة في إخضرار دائم) و بالتالي تتطلب تغيرا متواصلا يواكب متغرات الحياة. أن القيادات الاستالينية بالفعل قد جمدت العقول تماما و يجب عليها أن تخرج من الشرنقة التي وضعت فيها.إذا استطاع الزيلعي أن ينقل جنه الكلكي للأخرين في الحزب سينتصر للسودان.
أن بيان المكتب السياسي للحزب الشيوعي للرد على " الإعلان السياسي" الذي وقعته " تقدم" مع المليليشا و تريد أن تعيد بها تحالفات قادت للحرب، يؤكد أن هناك حركة لخروج العقل من الثبات المضروب عليه. و نقد الإعلان من الزملاء يؤكد أن الفكرة عاجزة أن تجد قبولا في الشارع السياسي، إلا وسط فئة ضيقة جدا ربطت مصالحها مع الميليشيا. و على الزملاء يجب أن لا يجمدوا عقولهم في بناء تحالف لم تشاركهم فيه أي قوى سياسية غير واجهاتهم التي صنعوها، يهدفون بها أختراق أجساما بعينها في المجتمع، أو محاولة تمرير أجندة يعتقدون أن الناس لا يقبلونها إذا خرجت بأسم الحزب الشيوعي. و التاريخ النضالي الطويل للحزب الشيوعي يؤهلهم أن يطرحوا مشروعا سياسيا للحوار الوطني الجامع يخرج البلاد من الحرب و أزمتها السياسية، و أيضا يتأكدوا أن أي مشروع قابل للتعديل و التبديل وفقا للمطروح في الحوار، أن التعصب في الرأي لا يخلق إلا أزمة جديدة. هناك مشتركات يتفق عليها أغلبية السودانيين تتمثل في الأتي " تفكيك دولة الحزب إلي التعددية السياسية – العدالة الناجزة – محاربة الفساد و محاكمة المفسدين – انعقاد المؤتمر الدستوري – خلو البلاد من أي مليشيا و حركات مسلحة حيث يصبح الجيش وحده المؤسسة التي تمتلك السلاح - تكوين المؤسسة العدلية - إصلاح الخدمة المدنية وفقا للقانون و ليس الهوى السياسي- القيام بإحصاء عام في البلاد – تكوين المفوضية العامة للانتخابات و مفوضية السلام" و بعد الانتخابات على القوى السياسية المنتخب أن تشرع في "إصلاح المؤسسة العسكرية و المؤسسات شبه العسكرية" هذه القضايا متفق عليه و لا تجد أي اعتراض شرط أن لا تحاول أي قوى سياسية أن تجيرها بشروط تعجيزية. مثل هذه المبادرات التي تحول التفكير من أدوات النزاع و العنف إلي العقل هي التي تخلق الواقع الجديد للبلاد. فهل الزملاء قادرين على الخروج من حالة التعصب و مغادرة محطة 1965 . بهدف وقف الحرب و فرد اشرعة السلام.. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com
/////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: یؤکد أن

إقرأ أيضاً:

مراسلة الجزيرة بموسكو تكشف عن الفندق الذي نزل به الأسد والأموال التي بحوزته

كشفت مراسلة الجزيرة في موسكو رانيا دريدي عن الفندق الذي أقام فيه الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وأفراد أسرته، في الأيام الأولى لهروبه من سوريا، مؤكدة أن لا أحد يعرف مكانه حاليا.

ومن أمام فندق "فور سيزن/ الفصول الأربعة" الواقع قرب الساحة الحمراء في موسكو، قالت رانيا إن الأسد وعائلته كانوا قد نزلوا بهذا الفندق في الأيام الأولى من هروبهم، وإن أحد أبناء الجالية السورية التقى صدفة في بهو الفندق بزوجة بشار، أسماء وابنها وابنتها، وكانوا تحت حماية أمنية مشددة.

وحسب مراسلة الجزيرة، فإنه بعد أن ترك الأسد وأسرته الفندق، فإن مكان إقامتهم الحالي ما زال مجهولا، مشيرة -أي المراسلة- إلى أن معلومات تداولتها العديد من الصحف والمواقع الروسية تؤكد أن الرئيس المخلوع اقتنى مع عائلته عددا من العقارات في موسكو وفي المراكز الإستراتيجية المهمة، من بينها المركز التجاري والسكني "موسكو سيتي"، مشيرة إلى أن هذه العقارات تقدر بملايين الدولارات.

وحول موضوع الأموال التي بحوزة الرئيس المخلوع، نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن تحليل سجلات مصرفية أن نظام الأسد نقل حوالي 250 مليون دولار نقدا إلى موسكو بين عامي 2018 و2019، بينما كانت عائلته تشتري سرا أصولا في روسيا.

إعلان

وقالت فايننشال تايمز إن الأموال المنقولة إلى موسكو تم تسليمها إلى البنك الروسي للمؤسسة المالية، وإن كبار مساعدي الأسد واصلوا نقل الأصول إلى روسيا رغم العقوبات الغربية.

وفي سياق متصل، قالت رانيا دريدي إن مدير الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين رفض التعليق على موضوع الحماية الروسية للرئيس السوري المخلوع وأفراد أسرته، بعد هروبهم من سوريا.

ولم يقدم المسؤول الروسي أي معلومات حول ما إذا كانت السلطات الروسية قد وفرت أم لم توفر الحماية للأسد وعائلته.

وأقرت السلطات الروسية على لسان سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي -خلال مقابلة سابقة أجرتها معه شبكة "إن بي سي" الأميركية- بأن بشار بضيافة روسيا، في أول تأكيد حكومي روسي لذلك.

يذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد منح اللجوء لبشار بعد وصوله إلى موسكو هاربا من سوريا، وقال إنه فعل ذلك لدواع إنسانية، وتقول مراسلة الجزيرة إنه بالنسبة لبوتين فقد أصبح الأسد خارج المعادلة السياسية، ولذلك لم يمنحه اللجوء السياسي.

إجلاء ومباحثات

ومن جهة أخرى، أشارت المراسلة إلى شح المعلومات بشأن عملية إجلاء موظفي البعثات الخارجية الروسية لدى دمشق، وقالت إنه تم الإعلان عن إجلاء عدد من هؤلاء، بالإضافة إلى إجلاء موظفي البعثات الدبلوماسية التابعة لبيلاروسيا وكوريا الشمالية وأبخازيا من سوريا.

وكانت السلطات الروسية قد أكدت أن سفارتها في دمشق تواصل عملها بشكل طبيعي، وتزامن ذلك مع تصريحات لميخائيل بغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط بشأن تعويل موسكو على استمرار عقد اجتماعات مع تركيا وإيران لبحث تطورات الملف السوري، واصفا الاجتماعات بالمهمة وأن موسكو مهتمة بها.

وفي وقت سابق أعلنت الخارجية الروسية أن موسكو تقوم حاليا بعقد مشاورات وحوارات ومفاوضات مع ممثلي السلطات الجديدة في سوريا، بشأن مستقبل العلاقات الروسية السورية، ووجود القواعد العسكرية الروسية في سوريا.

إعلان

"وهي مسألة مهمة وحساسة بالنسبة لموسكو"، كما تقول مراسلة الجزيرة، والتي أكدت أن موسكو "تسعى للحفاظ على القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس".

مقالات مشابهة

  • الزغاوة هم القوى الاجتماعية الوحيدة في دارفور التي رفضت الجنجويد وصارعتهم مرتين
  • مراسلة الجزيرة بموسكو تكشف عن الفندق الذي نزل به الأسد والأموال التي بحوزته
  • الطاقة الشمسية في تونس.. الحلم الأخضر الذي تعرقله التحديات السياسية
  • داخلياً وخارجياً.. تعرّف على مظاهر الفوضى السياسية التي يشهدها الاحتلال
  • سلامي: القوى الأجنبية التي تشعل النار في سوريا تسعى كالذئاب لتقسيمها
  • العملية السياسية
  • الأمم المتحدة تبحث مع الأحزاب السياسية سبل إنهاء الجمود السياسي في ليبيا
  • اجتماع العقبة حول سوريا: ندعم عملية انتقال سلمية بمشاركة كل القوى السياسية
  • قراءة لتأثير سقوط الأسد على القوى السياسية المكوناتية بالعراق: هل سيتم استنساخ تجربة العقرب؟
  • قراءة لتأثير سقوط الأسد على القوى السياسية المكوناتية بالعراق: هل سيتم استنساخ تجربة العقرب؟ - عاجل