برلين – إلى عهد قريب، كانت الصين متخلفة في تصدير السيارات عن ألمانيا، لكنها باتت تتجاوزها الآن بشكل واضح، سواء في السيارات ذات محركات الاحتراق أو السيارات الكهربائية.

وفي الوقت الذي عجزت فيه ألمانيا عن الوصول إلى حجم الإنتاج الذي كان قبل جائحة كورونا، تنمو السوق الصينية بشكل صاروخي.

ونقلت مواقع آسيوية عن الجمعية الصينية لصناعة السيارات "سي إيه إيه إم" أن الصين صدّرت 4.

41 ملايين سيارة ما بين يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني 2023، بارتفاع ضخم عن العام الماضي، في حين صدرت ألمانيا -حسب بيانات الجمعية الألمانية لصناعة السيارات "في دي إيه"- نحو 3.11 ملايين سيارة في العام بأكمله.

وكانت الصين تصدّر أقل من مليون سيارة قبل عام 2020، وكان حينها الفارق بينها وبين ألمانيا شاسعا، لكن الحال تغيّر بشكل جذري عام 2022 عندما صدرت بكين 2.5 مليون سيارة، واقتربت حينها من ألمانيا التي صدرت وقتذاك 2.6 مليون سيارة، وفق المصدر الألماني ذاته، قبل أن تتجاوزها لأول مرة عام 2023.

واستفادت الصين من تراجع صادرات السيارات من ألمانيا، إذ كانت برلين تصدّر أكثر من 4 ملايين سيارة عام 2017.

ويشكل قطاع السيارات وأجزائها أهم قطاع للتصدير في ألمانيا، وقد مثّل القطاع في عام 2022 نحو 15.4% من الصادرات، وفق المكتب الاتحادي للإحصاء، وأشهر الماركات الألمانية التي تصدر للخارج هي فولكسفاغن وأودي ومرسيديس وبي إم دبليو.

%15.4 من الصادرات الألمانية يتحملها قطاع تصنيع السيارات وفقا للمكتب الاتحادي للإحصاء (الفرنسية)

ويقرّ المتحدث باسم الرابطة الألمانية لصناعة السيارات هانز شومان بوجود منافسة جدية من الصين، وبكون الشركات الصينية "تريد الحصول على حصة قوية في الأسواق المحلية أو الدولية".

ويبرز شومان، في تصريحات للجزيرة نت، أن الفارق الأكبر بين الجانبين هو أن "صناعة السيارات الصينية تحظى بدعم قوي من الدولة، مما يشوّه الوضع".

الشريك الصيني

وحتى فيما يخصّ التبادل التجاري بين البلدين في قطاع السيارات، تبيّن الأرقام أن ما تصدره الصين نحو ألمانيا من سيارات وقطع غيار يرتفع بشكل مطرد، مقابل تراجع هذه الصادرات من ألمانيا نحو الصين.

وبسبب الاختلافات في الآراء السياسية، وكذلك رغبة برلين في الاستفادة من أخطاء تجربتها مع روسيا عندما كانت تعاني تبعية في الطاقة، تعالت الأصوات داخل ألمانيا بضرورة الحدّ من العلاقة الاقتصادية مع الصين التي تعدّ أكبر شريك تجاري لبرلين، خصوصا أن العجز التجاري الألماني مع بكين بلغ عام 2022 مستوى قياسيا قدره 84 مليار يورو، وبات الخوف من تبعية اقتصادية يقلق الألمان.

لكن هانز شومان يقول للجزيرة نت إنه "في النصف الأول من عام 2023 صدّرت ألمانيا إلى الصين سيارات وقطع غيار أكثر بكثير (13.7 مليار يورو) مما استوردته (3.7 مليارات يورو). وبالتالي، تتمتع ألمانيا بميزان تجاري إيجابي قوي في قطاع السيارات".

ومع ذلك يشير المتحدث إلى أن "المنافسة تبقى أمرا إيجابيا وتحفز الابتكار، ولذلك ستعمل صناعة السيارات الألمانية على استثمار 250 مليار يورو في البحث والتطوير بحلول عام 2027، فضلا عن 130 مليار يورو أخرى في بناء وتطوير المصانع".

ولا تعدّ الصين فقط منافسا لألمانيا، بل هي كذلك سوق للسيارات الألمانية، وهي أكبر محتضن لمصانع السيارات الألمانية في الخارج بما يبلغ 350 نقطة بيع وتصنيع. وتبيّن أرقام الرابطة الألمانية لصناعة السيارات أن كل واحدة من 5 سيارات تباع في الصين تحمل ماركة ألمانية، وأن الشركات الألمانية باعت 4.4 ملايين سيارة في الصين خلال 2022، أي أكثر مما صدرته ألمانيا من مصانعها المحلية.

"يمثل سوق المبيعات في الصين أهمية كبيرة لمصنعي السيارات الألمان، ولأجل ذلك بنوا قدرات إنتاجية ضخمة في الصين"، وفقما يقول الباحث الرئيسي في المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية مارتن غورنيغ للجزيرة نت، لافتا إلى أن أرقام إنتاج السيارات الألمانية حاليا هي أقلّ من الأرقام ما قبل أزمة كورونا، وأن أسباب ذلك ليست واضحة.

السيارات الكهربائية.. المنقذ لألمانيا

وتستهدف الحكومة الألمانية الوصول إلى 15 مليون سيارة كهربائية على طرقاتها بحلول عام 2030، في إطار الإستراتيجية الأوروبية لحظر بيع سيارات محركات الاحتراق الداخلي، وهو هدف يشكك فيه مهنيون من القطاع لأسباب تخصّ الأسعار المرتفعة للسيارات الكهربائية مقارنة بالسيارات العادية، وعدم وجود خطط دعم مادي قوية من الحكومة.

ولا تتجاوز نسبة استخدام السيارات الكهربائية داخل ألمانيا 2.4% من مجموع السيارات حسب بيانات المكتب الاتحادي للمركبات عام 2022، بينما تبلغ في الصين 22%، وهو رقم ضخم نظرا لحجم السوق الصينية، حسب إحصائيات معهد الموارد العالمية، كما أنها نسبة ضخمة نظرا لأن الصين تتوفر على نحو 312 مليون مركبة مسجلة، مقابل 49 مليون مركبة في ألمانيا.

"التطور الضعيف في عدد تسجيلات السيارات الكهربائية في ألمانيا يعود بشكل كبير إلى المشاكل التي تواجهها شركات صناعة السيارات الألمانية في التحوّل من السيارات العادية إلى هذا النوع الجديد"، يقول مارتن غورنيغ، لافتًا إلى أنه "من المرجح أن تكون هناك عوامل أخرى منها ضعف التمويل والعجز في محطات الشحن الكهربائية".

شركة "بي واي دي" الصينية باعت لوحدها 1.57 مليون سيارة كهربائية في 2023 وتفوقت على شركة تيسلا وباتت السيارات الكهربائية الصينية تقنع المستخدمين أكثر بأسعارها التنافسية (رويترز)

ومع ذلك، حققت صناعة السيارات الكهربائية قفزة في ألمانيا، ففي النصف الأول من عام 2023 أُنتجت 673 ألف سيارة بزيادة 93% في ألمانيا، جلّها من السيارات التي تعمل بالبطاريات بالكامل (بي إي في)، حسب بيانات جمعية الرابطة الألمانية لصناعة السيارات، مؤكدة أن هذا الرقم كان الأكبر أوروبيا في هذه الفترة.

غير أن الصين تتفوق كثيرا على ألمانيا في هذا القطاع، فشركة "بي واي دي" الصينية باعت لوحدها 1.57 مليون سيارة كهربائية في عام 2023، وتفوقت حتى على شركة تيسلا، وباتت السيارات الكهربائية الصينية تقنع المستخدمين أكثر بأسعارها التنافسية.

وتحاول الشركات الألمانية اللحاق بالصين، ويؤكد هانز شومان أن المصعنين الألمان سيقدمون 160 طرازا إلكترونيا مختلفًا في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2024، لافتا إلى أن الابتكار سيكون عنوان السيارات الألمانية الكهربائية الجديدة.

ويضيف أن الشركات الألمانية ستعمل أيضا على تصنيع 15 مليون سيارة كهربائية بحلول 2030، كما ستعمل على تحقيق رغبات المستخدمين، ومن ذلك الزبائن في الصين الذين يستخدمون السيارات كفضاء للخلوة، في خطوة من الشركات الألمانية لمنافسة الصين في سوقها المحلي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ملیون سیارة کهربائیة السیارات الکهربائیة السیارات الألمانیة الشرکات الألمانیة صناعة السیارات ملایین سیارة ملیار یورو فی ألمانیا فی الصین عام 2023 عام 2022 إلى أن

إقرأ أيضاً:

ترامب يخفف من تأثير الرسوم الجمركية على صناعة السيارات الأميركية

أعلن مسؤول بارز في البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يستعد لاتخاذ إجراءات لتخفيف تأثير الرسوم الجمركية على مصنعي السيارات في الولايات المتحدة، في خطوة تهدف إلى دعم الصناعة المحلية وتقليل تداعيات سياساته التجارية.

وقال وزير التجارة الأميركي هاوارد لوتنيك في بيان نقلته وكالة رويترز: "هذا الاتفاق يمثل انتصاراً كبيراً لسياسة الرئيس التجارية من خلال مكافأة الشركات التي تصنع محلياً".

ووفقاً لما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن ترامب سيعلن عن تدابير لخفض بعض الرسوم المفروضة على قطع الغيار المستوردة التي تُستخدم في تصنيع السيارات داخل الولايات المتحدة. كما أن السيارات المصنوعة خارج البلاد ستظل خاضعة للرسوم الجمركية على السيارات، لكنها لن تُفرض عليها رسوم إضافية مثل تلك المفروضة على منتجات الصلب والألمنيوم.

لوتنيك اعتبر أن إجراءات إعفاء الشركات من بعض التكاليف يأتي كمكافأة لها لتشجيعها على التصنع محليا (الفرنسية)

ويُرتقب أن يعلن ترامب عن هذه الإجراءات خلال تجمع في ولاية ميشيغان اليوم الثلاثاء، بمناسبة مرور 100 يوم على توليه منصبه رسمياً. وتعتبر ميشيغان مقراً لما يُعرف بـ"الثلاثة الكبار" لصناعة السيارات: فورد، وجنرال موتورز (GM)، وستيلانتس، بالإضافة إلى شبكة تضم أكثر من 1000 مورد رئيسي للصناعة.

ترحيب من قادة صناعة السيارات

وفي تعليقها على الخطوة، قالت الرئيسة التنفيذية لشركة جنرال موتورز، ماري بارا، في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني إلى بي بي سي: "نحن ممتنون للرئيس ترامب لدعمه لصناعة السيارات الأميركية ولملايين الأميركيين الذين يعتمدون عليها"، مضيفة: "نقدّر المحادثات المثمرة مع الرئيس وإدارته ونتطلع إلى مواصلة التعاون المشترك".

ومن جهتها، رحبت شركة فورد بالقرار، معتبرةً أنه "سيساعد على تخفيف أثر الرسوم الجمركية على مصنعي السيارات والموردين والمستهلكين". وأضافت الشركة في بيانها: "سنواصل العمل عن كثب مع الإدارة لدعم رؤية الرئيس لصناعة سيارات صحية ومتنامية في أميركا".

إعلان

وأكدت فورد أن السياسات التي تشجع على التصدير وتضمن توفر سلاسل توريد ميسورة التكلفة ضرورية لتحقيق مزيد من النمو المحلي، مشيرة إلى أنه "سيكون من المهم أن تلتزم كبرى شركات استيراد السيارات ببناء مصانع في أميركا، مما قد يؤدي إلى طفرة في إنشاء مصانع تجميع وموردين جديدة وإيجاد مئات الآلاف من الوظائف".

ميشيغان تعتبر مقراً لما يُعرف بـ"الثلاثة الكبار" لصناعة السيارات: فورد، وجنرال موتورز (GM)، وستيلانتس (رويترز)

تحذيرات من القطاع

يأتي هذا التراجع الجزئي بعد تحذيرات واسعة من القطاع. ففي الأسبوع الماضي، وجّه ائتلاف من مجموعات صناعة السيارات الأميركية رسالة إلى إدارة ترامب يدعوها إلى عدم فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على قطع غيار السيارات المستوردة.

وجاء في الرسالة، التي مثلت شركات مثل جنرال موتورز وتويوتا وفولكسفاغن، أن هذه الرسوم "ستؤدي إلى ارتفاع أسعار السيارات للمستهلكين، وتراجع المبيعات في الوكالات، وجعل صيانة وإصلاح السيارات أكثر تكلفة".

وكان ترامب قد أعلن سابقاً أن الرسوم الجديدة ستدخل حيز التنفيذ بحلول 3 مايو/أيار.

مقالات مشابهة

  • انخفاض أرباح عمالقة صناعة السيارات الألمانية بشكل حاد
  • ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يقضي بتخفيف تأثير الرسوم الجمركية على صناعة السيارات المحلية
  • أخبار السيارات| ماركات شهيرة تتحطم في اختبارات السلامة.. وبورش تعلن إيقاف إنتاج السيارات الكهربائية بالصين
  • بورش توقف إنتاج السيارات الكهربائية في الصين
  • سعر ومواصفات سيارة هيونداي IONIQ 5N الكهربائية.. جديدة كليًا
  • ترامب يخفف من تأثير الرسوم الجمركية على صناعة السيارات الأميركية
  • صادم.. بورش تعلن إيقاف إنتاج السيارات الكهربائية في الصين
  • ديسبروسيوم.. المعدن النادر الذي يهدد مستقبل السيارات الكهربائية
  • مازدا تكشف النقاب عن سيارة EZ-60 الكهربائية الجديدة .. صور
  • مواصفات سيارة كيا EV9 GT الكهربائية موديل 2026