على عكس خطط الحكومة المصرية بزيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج، انخفضت التحويلات خلال الربع الأول من السنة المالية الجارية، بنحو 29.9 بالمئة، وتراجعت إلى نحو 4.5 مليار دولار مقارنة بنحو 6.4 مليار دولار في الربع المماثل في السنة المالية السابقة.

واصلت تحويلات المصريين، أحد أهم روافد العملة الصعبة للبلاد، تراجعها للعام الثاني على التوالي بعد أن بلغت ذروتها عام 2021/2022 بسبب تدهور قيمة الجنيه والفارق الكبير بين السعرين الرسمي والموازي بنحو 70 بالمئة حيث يبلغ في البنك نحو 31 جنيها مقابل 53 جنيها في السوق السوداء.



خلال السنة المالية 2023/2022 انخفضت تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 30.8% على أساس سنوي، بعد أن تراجعت التحويلات إلى 22.1 مليار دولار، مقابل 31.9 مليار دولار في السنة المالية السابقة 2022/2021.

يبدو التراجع أكبر حجما عند بمقارنة تحويلات المصريين بالخارج في الربع الأول من العام المالي الحالي البالغة 4.5 مليار دولار، بالتحويلات في الربع الأول من العام المالي 2021-2022 التي بلغت 8.1 مليار دولار، أي أنها تراجعت بنحو 80 بالمئة في غضون عامين فقط.

خطط حكومية على غير الواقع
ورغم استمرار تراجع تحويلات المغتربين تطمح الحكومة المصرية إلى رفع قيمة التحويلات بنسبة 10% سنوياً،  وتبلغ 53 مليار دولار بحلول عام 2030.

تعد تحويلات المغتربين من بين أهم 5 مصادر رئيسية لحصول مصر على العملة الصعبة، والتي في تتمثل الصادرات، وعائدات السياحة، وإيرادات قناة السويس، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج ، والاستثمارات الأجنبية.


إلى جانب أن تحويلات المغتربين هي أكبر مصدر رئيسي للعملة الأجنبية، يأتي معظمها من الدول الخليجية، وتمثل نحو 7 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، وتحتل بها مصر المركز الخامس بين أعلى الدول المتلقية للتحويلات المالية، بحسب تقرير حديث للبنك الدولي.

سياسات الحكومة المصرية النقدية
حمًل الخبير الاقتصادي واستشاري تمويل المشروعات، الدكتور علاء السيد، الحكومة المصرية "سبب استمرار تراجع تحويلات المصريين للعام الثاني بسبب سياساتها النقدية والاقتصادية غير المستقرة والتي أدت بدورها إلى اهتزاز الثقة في الاقتصاد المصري إلى جانب إصرار الحكومة على توسيع الفارق بين سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري في البنوك وبين سعر الدولار في الأسواق الموازية مع التضييق على نشاط شركات الصرافة والعقوبات غير المنطقية المقررة على من يبيع الدولار خارج البنوك".

وأضاف لـ"عربي21": رغم أن الحكومة في كثير من الأحيان تكون هي المشتري الرئيسي للدولار من الأسواق الموازية، كل هذه عوامل تمنع أي عاقل من تحويل الدولارات من الخارج إلى الجهاز المصرفي المصري سواء كانوا العاملين في الخارج أو المستثمرين الأجانب أو المصريين الذين يمتلكون أرصدة واستثمارات خارج مصر".

واعتبر السيد أنه "طالما استمر توسيد الأمر لغير أهله وإدارة الملفات الاقتصادية والمالية والنقدية في مصر بمثل هذه العشوائية المفرطة دون الاعتماد على المتخصصين والخبراء ودون وجود خطط استراتيجية واضحة فلن يتم حل هذه المأساة المتمثلة في اعتمادنا الكلي على الاستيراد والدولار دون نهضة إنتاجية شاملة وإعادة هيكلة الاقتصاد المصري وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص والاستثماري وتوقف الأذرع الاقتصادية للجيش من العبث في حياة الشعب المصري وموارده ومصادر رزقه وحاضره ومستقبله".

ورأى الخبير الاقتصادي أن "مثل هذه البيانات تضعف نظرة المؤسسات المالية وتصنيفها للاقتصاد المصري من ناحية، وتزيد من ضغوط الحاجة إلى الدولار وبالتالي التوسع في الاقتراض وزيادة أعباء الدين على الموازنة العامة وتحميلها المواطن في نهاية المطاف، فالخسارة هنا هي خسارة مركبة ومضاعفة نتيجة سياسات الحكومة الخاطئة".

وصف خبير في الإدارة الإستراتيجية وإدارة الأزمات، الدكتور مراد علي، هذا التراجع بأنه غير "مفاجئ في ظل مسلسل إعلان تراجع التحويلات الربع سنوية الأخيرة بشكل متتالي ما يعكس حالة انعدام الثقة لدى هؤلاء المواطنين في تحويل أموالهم عبر المصارف الرسمية، وجزء كبير من هؤلاء لا يقومون بعملية تحويل أموالهم من خلال البنوك إنما من خلال السوق الموازي".

وأعرب عن اعتقاده، في حديثه لـ"عربي21"،  أن "تواصل حصيلة تحويلات المصريين تراجعها خلال الفترة المقبلة في حال استمر هذا الفارق الكبير في سعر صرف الجنيه بين البنوك المحلية والسوق الموازي، ولهذا تحاول الحكومة الالتفاف على هذا التراجع من خلال طرح مبادرات للمغتربين للحصول على تلك الأموال من خلال مبادرات مثل الشهادات الدولارية وأراضي مميزة بالدولار واستيراد سيارات معفاة من الضرائب والجمارك إلخ".


وبشأن تداعيات مثل تلك البيانات الاقتصادية، أكد علي أن "مصر سوف تضطر إلى الاقتراض لتغطية هذا الفرق الكبير نسبيا والمتوقع أن يصل نهاية العام إذا استمر على نفس الوتيرة 8 مليارات دولار، في الوقت الذي أصبح الوصول فيه إلى أسواق الدين الخارجية غير متاح في ظل تدني تصنيف مصر الائتماني من ناحية وارتفاع أسعار العائد على القروض من ناحية أخرى.

الأصعب قادم
قفز الدين الخارجي المصري إلى 164.728 مليار دولار بنهاية حزيران/ يونيو الماضي بزيادة قدرها 9.2 مليار دولار خلال العام المالي 2023/2022، وباتت  مصر ثاني أكبر المقترضين من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين.

وحذرت تقارير في وقت سابق من أن "الأصعب قادم" في الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر، حيث ستواجه البلاد، خطر التخلف عن سداد ديون بقيمة 165 مليار دولار في حال لم تنجح الحكومة بتوفير العملة الأجنبية.

وذكرت وكالة "بلومبيرغ" الشهر الماضي، أن مصر قبل شهرين بدت وكأنها على شفا انهيار مالي، لكن الحرب على قطاع غزة سلطت الضوء على دورها الدبلوماسي والإنساني باعتبارها البوابة الوحيدة لقطاع غزة وضرورة تقديم المساعدة لها.

وأكدت "بلومبيرغ"، أنه مع ترحيل نحو 28 مليار دولار من الديون الخارجية القصيرة الأجل إلى العام المقبل، و21 ملياراً أخرى لإطفاء ديون في الأمدين المتوسط والطويل، باتت هناك حاجة ماسة لمصادر سيولة نقدية إضافية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصرية تحويلات المصريين الاقتصادي مصر اقتصاد القاهرة تحويلات المصريين المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تحویلات المصریین الحکومة المصریة السنة المالیة ملیار دولار دولار فی من خلال

إقرأ أيضاً:

بـ 1.1 مليار دولار.. المغرب يطلق الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي

لرباط – أعلن المغرب، الأربعاء، عن إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي بميزانية تبلغ 1.1 مليار دولار.

جاء ذلك بحسب كلمة لغيثة مزور وزيرة الانتقال الرقمي المغربية، خلال حفل الإعلان عن هذه الاستراتيجية بالرباط.

وأشارت إلى أن “هذه الاستراتيجية تهدف لرقمنة الخدمات بالإدارات العمومية لتسهيل المأمورية على المواطنين والشركات، بالإضافة إلى تلبية حاجياتهم في هذا المجال”.

كما تهدف هذه الاستراتيجية، وفق الوزيرة، إلى “تخفيض مدة الحصول على الخدمات العمومية، ورقمنة الاقتصاد الوطني من أجل رفع الإنتاجية”.

وفي تصريحات للصحفيين قالت مزور، إن هذه “الاستراتيجية تهدف لتنمية الاقتصاد الرقمي في البلاد لتوفير 240 ألف فرصة عمل للشباب بمختلف أنحاء البلاد، بالإضافة إلى تدريب 140 ألف شاب في مجال الرقمة سنويا حتى عام 2030”.

وقال عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية خلال الحفل، إن “ميزانية هذه الإستراتيجية تبلغ 11 مليار درهم (1.1 مليار دولار) ما بين 2024 و2026”.

وأضاف أن القطاع الرقمي “يوفر الكثير من فرص العمل”.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • بـ8 آلاف جنيه للمتر.. الآن حجز شقق المصريين بالخارج في 7 مدن
  • رغم التراجع.. الذهب يتجه لتحقيق أفضل أداء فصلي منذ 2016
  • قمع عابر للحدود.. تقرير يسلط الضوء على استهداف المعارضين المصريين بالخارج
  • 18.5 مليار دولار استثمارات عربية في مصر خلال 9 أشهر
  • «الغرف السياحية»: افتتاح المتحف المصري الكبير سيساهم في جذب مزيد من السائحين
  • خلال 6 أشهر.. صادرات إيران غير النفطية تصل إلى 25.8 مليار دولار
  • سعر الذهب يهبط بشكل مفاجئ عالميا.. ما الأسباب الخفية وراء التراجع؟
  • أكثر من مليار دولار مبيعات البنك المركزي العراقي خلال أسبوع
  • بـ 1.1 مليار دولار.. المغرب يطلق الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي
  • لتحقيق الاستدامة وترشيد الاستهلاك.. شراكة استراتيجية بين المتحف المصري الكبير و«شنايدر إلكتريك»