سباق محموم بين الحرب الشاملة وآخر الجهود الديبلوماسية
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
بينما كان الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل يلتقي الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري ووفدًا من "حزب الله" برئاسة النائب محمد رعد كان الجنوب يلتهب بين ردّ وآخر متبادلين بين "المقاومة الإسلامية" وإسرائيل، التي وسّعت بيكار اعتداءاتها لتطال العمق الجنوبي ردّا على عملية استهداف موقع "ميرون".
بوريل حمل رسالة من الاتحاد الأوروبي تعرب عن بالغ قلقه من تدهور الوضع في الجنوب على صدى الحرب الدائرة في غزة وما يتعرّض له أهل القطاع من حرب إبادة وتهجير. ولكن ما سمعه الموفد الأوروبي من وفد "الحزب" زاد من مخاوفه وهواجسه، خصوصًا أن موقف "حارة حريك" واضح ولا لبس فيه، وهذا ما أكده السيد حسن نصرالله في طلتيه الأخيرتين، وهو يلخّص المشهدية الراهنة في الجنوب. وخلاصة الموقف أن "حزب الله" لن يوقف عملياته على طول الخطّ الأزرق من الناقورة إلى سفوح جبل الشيخ ما دام قطاع غزة يتعرّض لحرب إبادة بكل ما لهذه الكلمة من معانٍ. وأن الكلمة هي الآن للميدان ما دامت تل أبيب ماضية في تنفيذ مخطّط تهديم القطاع وتشريد وتهجير أهله. وإذا كان الأوروبيون خائفين من أي تطور دراماتيكي في الجنوب فما عليهم سوى الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة، وأن "الحزب" بكل ما يملك من إمكانات عسكرية لن يألو جهدًا في سبيل الدفاع عن كل لبنان في حال قررت تل أبيب جرّه إلى حرب واسعة أيًّا يكن حجم التضحيات البشرية والاقتصادية والحياتية.
أمّا موقف الرئيس ميقاتي فكان خلال استقباله بوريل واضحًا، حيث قال له: "أننا طلاب سلام لا دعاة حرب ونتطلع الى تحقيق الاستقرار ونقوم بالاتصالات اللازمة في هذا الصدد، لأن أي تفجير واسع النطاق في جنوب لبنان سيقود المنطقة الى تفجير شامل". وشدد على "التزام لبنان تطبيق القرار الدولي الرقم 1701، وعلى أن التطبيق الكامل لهذا القرار يستوجب أولاً وقف الانتهاكات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية والانسحاب من الأراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلها".
وقال بوريل من وزارة الخارجية عقب لقائه وزير الخارجية عبدالله بو حبيب "يمكن تجنّب الحرب ويجب أن نتجنّبها"، لافتاً إلى أنه يمكن للديبلوماسية أن تسود من أجل العثور على حلّ". وشدد على أن "من الضروري تجنّب التصعيد في الشرق الأوسط وتجنّب جرّ لبنان إلى الحرب، فهذا آخر ما يحتاجه". وأضاف "لبنان في خطّ المواجهة في الصراع الحالي ولبنان الذي يتمتع باستقرار قادر على الحفاظ على مصالحه واستقلاله والمساهمة بالتالي في الاستقرار الإقليمي"، مشيراً الى ضرورة تنفيذ القرار 1701". وشدد على أن "الأولوية هي تجنب التصعيد الإقليمي ودفع الجهود الديبلوماسية لخلق الظروف للتوصل إلى سلام عادل ودائم بين إسرائيل وفلسطين وفي المنطقة".
فما قاله بوريل عن ضرورة تلاقي الإرادات الخيّرة لتجنبّ حرب إقليمية واسعة انطلاقًا من جنوب لبنان يتقاطع مع ما يبديه رئيس الحكومة من مخاوف متعاظمة لا يتوانى عن الإفصاح عنها في اتصالاته الداخلية والخارجية، وذلك لتجنيب لبنان ما لا طاقة له على تحمّله من كل النواحي. فالحرب إذا وقعت ستكون كارثية على كل المستويات الإنسانية والاقتصادية والعمرانية، خصوصًا أن بعض الخبراء العسكريين يتوقعون أن تكون الخسائر التي سيتكبّدها لبنان هذه المرة ضعف أضعاف الخسائر التي لحقت به في حرب تموز، من دون أن يعني ذلك أن الوضع في العمق الإسرائيلي سيكون أفضل حال من الوضع الكارثي في لبنان. وهذا ما تعرفه إسرائيل جيدًا، وذلك استنادًا إلى ما يصل إليها من تقارير استخبارتية عن حجم وقوة ترسانة "حزب الله".
ولكن وعلى رغم الوضع المقلق في الجنوب المتوازي مع صدى الحرب على غزة، فإن ما ختم بوريل زيارته به بالنسبة إلى دفع الجهود الديبلوماسية لخلق الظروف للتوصل إلى سلام عادل ودائم بين إسرائيل وفلسطين وفي المنطقة، قد يفتح الباب لتسويات ممكنة، وهذا ما سينعكس استقرارًا في لبنان والمنطقة كلها. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی الجنوب
إقرأ أيضاً:
يونيسيف تدعو لدعم أطفال لبنان والمساهمة في نداء عام 2025 لجمع 658.2 مليون دولار
دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف إلى دعم أطفال لبنان والمساهمة في نداء عام 2025 لجمع 658.2 مليون دولار لتقديم المساعدات المنقذة للحياة إلى 2.4 مليون شخص في لبنان، مؤكدةً أن الحرب الأخيرة في لبنان ألحقت ندوبًا "جسدية وعاطفية" بالأطفال، وأكدت أنها ملتزمة بمواصلة دعم جهود التعافي وإعادة البناء من الآثار المدمرة للحرب، فضلاً عن سنوات الاضطرابات السياسية والاقتصادية.
ونقل مركز إعلام الأمم المتحدة عن ممثل اليونيسيف في لبنان أخيل آير قوله إن الحرب "أحدثت خسائر فادحة للأطفال، وأثرت على كل جانب من جوانب حياتهم تقريبًا - صحتهم وتعليمهم وعلى مستقبلهم في نهاية المطاف.. إن أطفال لبنان بحاجة إلى دعم عاجل للتعافي وإعادة بناء حياتهم والبقاء على قيد الحياة من التأثيرات الدائمة لهذه الأزمة".
وأفاد استطلاع أجرته اليونيسيف في يناير الماضي بأن 72% من مقدمي الرعاية أكدوا أن أطفالهم كانوا قلقين أو متوترين أثناء الحرب.. بينما قال 8 من كل 10 منهم إنهم لاحظوا بعضَ التحسن في الصحة العقلية لأطفالهم منذ وقف إطلاق النار. وأكدت اليونيسيف أن أولئك الذين تحملوا فترات طويلة من الإجهاد الصادم قد يواجهون عواقب صحية ونفسية مدى الحياة.
وكشف التقييم أيضًا عن صورة مقلقة لتغذية الأطفال، وخاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في محافظتَي بعلبك الهرمل والبقاع، والتي استهدفتها الغارات الجوية الإسرائيلية مرارًا وتكرارًا.. ويعاني ما يقرب من نصف الأطفال دون سن الثانية في المحافظتين من "فقر غذائي شديد" - مما يعني أنهم يستهلكون اثنين أو أقل من 8 مجموعات غذائية رئيسية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن ما يقرب من نصف الأطفال دون سن 18 عامًا في البقاع وأكثر من ثلثهم في بعلبك الهرمل إما لم يأكلوا أو تناولوا وجبةً واحدةً فقط في اليوم الذي سبق إجراء التقييم.
كما أدى الصراع إلى تفاقم الوضع التعليمي الصعب في لبنان، حيث كان أكثر من نصف مليون طفل خارج المدرسة بالفعل بعد سنوات من الاضطراب الاقتصادي وإضرابات المعلمين وتأثير جائحة كوفيد-19.. حتى مع وقف إطلاق النار، لا يزال أكثر من 25% من الأطفال خارج المدرسة، حيث لا يستطيع العديد من الأطفال الالتحاق بالمدرسة بسبب عدم قدرة أسرهم على تحمل التكاليف.
وأظهر التقييم الأممي أيضًا أن 45% من الأسر اضطرت إلى خفض الإنفاق على الصحة، و30% على التعليم لتوفير الضروريات الأساسية، كما تفتقر العديد من الأسر إلى الضروريات الأساسية، بما في ذلك مياه الشرب والأدوية ومصادر التدفئة لفصل الشتاء.
اقرأ أيضًا«اليونيسيف» تعرب عن قلقها إزاء تدهور أوضاع الأطفال بالضفة الغربية
اليونيسيف: نحتاج زيادة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة والأعداد غير كافية حتى الآن
اليونيسيف: سنعمل على معالجة أسباب سوء التغذية وتوفير المياه النظيفة في قطاع غزة