يوميات مواطن عراقي في زمن الدولار
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
آخر تحديث: 8 يناير 2024 - 9:31 صبقلم:سمير داود حنوش لم يكن يريد أو يطمع من زعاماته وساسته وتيجان رؤوس الوطن سوى عيشة هنية وخبزة معها بعض الماء الصالح للشرب. بالطبع ليست مجانا فقد اعتاد أن يدفع إيجار كل شيء في وطنه، حتى قطعة الأرض التي تؤويه مع عائلته مدفوعة الثمن مقدما لأنه يسكن بالإيجار.كان يتغنّى أمام أطفاله بحبه للوطن، وكيف سرق منه ذلك الوطن أحلى سنوات حياته قضاها ما بين خدمة العلم وسنوات الوظيفة.
كان منتشيا بحب الوطن بالرغم من أنه كان يكره السياسة وعالمها.بدشداشته البيضاء كان يُجالس رفاق العمر في ذلك الزقاق الضيق الذي تفوح منه رائحة المياه الثقيلة.لا مفر من الاستسلام لشروط الدولار والاعتراف به، أيقن الرجل أنه كان مخطئا فلا مكان للدينار في حياته ما دامت حياته أجمعها رهينة للآخرين، لم يُدرك هذه الحقيقة إلا مُتأخرا، الجميع كانوا يستعيدون كلمات المغني العراقي حضيري أبوعزيز الذي توفي عام 1973 والذي كان صوتا للعراقيين عندما غنّى لهم “عمي يا أبوالتموين”، كانت تحمل الكثير من المعاناة والبؤس للشعب العراقي.تقول كلمات الأغنية “عَمّي يا أبوالتموين مَشّي العريضّة/ والسمرة على الجاي (الشاي) طاحت مريضَة/ الشكَّر (السكر) غالي/ امنين أجيب الجاي والشكر غالي عذّب أحوالي”. صديقي المتقاعد رجل بسيط لم يعترف يوما بعملة اسمها الدولار، كان يحب الدينار العراقي ولا سواه، ورغم أن الدينار تغيّرت طباعته وألوانه وقيمته على مر الأنظمة السياسية إلا أنه كان يأبى الاعتراف بغيره حتى بعد أن وصلت قيمة الدينار في زمن الحصار المفروض على العراقيين من قبل أميركا إلى درجة أن الناس كانت تزن العملة بميزان الفواكه والخضروات عند شراء بعض الأشياء.بالرغم من تعرّي الدينار، كان الرجل يحاول أن يستر عورته بالدفاع عن عملة البلد الوطنية.استيقظ الرجل السبعيني من نومه مفزوعا في صباح يومٍ من أيام الديمقراطية التي ألبست ثوبها أميركا للعراقيين، على أصوات زوجته وأولاده وهم يلعنون ويشتمون زمن الفساد والسرقات والحياة الصعبة التي يزيد من قسوتها ومرارتها ارتفاع سعر الدولار وفساد رجال السلطة من السُرّاق. لم تعد أعذار الرجل تُقنع الغاضبين فاضطر إلى الخروج من بيته للقاء رفاق دربه، في الطريق كان ينظر إلى جميع الوجوه وهي تتحدث عن أزمة الدولار وأضراره على حياتهم.حاول أن يُرضي عائلته ببعض الحاجات التي يحملها لهم عند عودته من متجر قريب من منزله فوجد أن الأسعار قد تضاعفت.أخيرا، اعترف الجميع بالأمر الواقع للدولار الذي يحكم ويتحكم في المصائر، الدولار الذي إن ضحكت فيه صورة بنجامين فرانكلين ابتسمت الحياة، وإذا كان العكس فالويل والثبور بالانتظار، سمع صوت صاحب عربة لبيع قناني الغاز وهو يتشاجر مع جيرانه لأن سعر القنينة ارتفع مع ارتفاع سعر الدولار، حتى سائق التوك توك اعتذر منه عن قبول الأجرة القديمة مطالباً بزيادة مثل زيادة سعر الدولار. كان جنون الأسعار يُطارد الرجل أينما التفت وارتحل.أخيرا أدرك أنه لا مفر من الاستسلام لشروط الدولار والاعتراف به، أيقن الرجل أنه كان مخطئا فلا مكان للدينار في حياته ما دامت حياته أجمعها رهينة للآخرين، لم يُدرك هذه الحقيقة إلا مُتأخرا.جلس مع أصدقائه في ذلك الزقاق الضيّق وهو يتحدث بألم وحسرة وندم كيف كان سعر الدينار الواحد في زمنه الذهبي يعادل ثلاثة دولارات، وكيف كان يفرض الدينار هيبته عندما يتجول به صاحبه بلدان العالم، شعر الرجل بأنه مخدوع في كرامته بالدينار وسطوته. أخيرا، اعترف الجميع بالأمر الواقع للدولار الذي يحكم ويتحكم في المصائر، الدولار الذي إن ضحكت فيه صورة بنجامين فرانكلين ابتسمت الحياة، وإذا كان العكس فالويل والثبور بالانتظار.لم يكن الرجل يدرك أنه رهينة الدولار ومن فوقه سلطة ترهن الوطن والمواطن وحتى الأرض بالدولار.في كل جولة كان الدولار ينتصر على الدينار، ربما ليس العيب في الدينار.عاد الرجل إلى منزله بعد نُزهة السير في الطرقات ومشاهدة ردود أفعال الناس وهي تلعن الغلاء وارتفاع الأسعار بسبب الدولار وهو يردد مع حاله عاش الدولار…عاش.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: أنه کان
إقرأ أيضاً:
بالمسيرات.. هجوم عراقي على شمال دولة الاحتلال
أعلنت فصائل مسلحة عراقية أن عناصرها هاجمت هدفين حيويين في شمال الأراضي المحتلة، بواسطة الطيران المسير.
وهاجمت كذلك الفصائل أهدافا حيوية 3 مرات متتالية خلال الساعات الماضية في ميناء حيفا بواسطة الطيران المسير.
وفي وقت سابق، استهدفت الفصائل العراقية بالمسيرات 4 أهداف حيوية في مدينة إيلات، وذلك خلال 4 عمليات منفصلة.
وحسب شبكة “السومرية نيوز” العراقية، قالت الفصائل: "استمرارًا لنهجنا في مقاومة الاحتلال، ونُصرةً لأهلنا في فلسطين ولبنان، وردًا على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحق المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، هاجم عناصرنا أربعة أهداف حيوية في "ايلات"، بأربع عمليات منفصلة خلال، بواسطة عدد من الطائرات المسيرة".
وأكدت كذلك استمرار عملياتها في دكّ معاقل الأعداء بوتيرة متصاعدة.
كما أصدرت بيانات متكررة خلال الأشهر الماضية تعلن فيها استهداف مواقع إسرائيلية حيوية منذ أشهر، ردا على حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة.