مع شن الجماعات الموالية لها هجمات من نقاط متعددة، وانتعاش برنامجها النووي فجأة، تفرض إيران تحديا جديدا على الولايات المتحدة التي تجد نفسها أمام خيارات صعبة ومحدودة للغاية، لاسيما في ظل دعم منافستيها الاستراتيجيتين روسيا والصين لطهران.

ذلك ما خلص إليه ديفيد سانجر وستيفن إرلانجر، في تقرير بصحيفة "ذا نيويورك تايمز" الأمريكية (The New York Times) ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفين أن "الرئيس الأمريكي جو بايدن وكبار مساعديه للأمن القومي اعتقدوا، في الصيف الماضي، أنه تم احتواء احتمالات الصراع مع إيران ووكلائها".

ولفتا إلى أنه "بعد محادثات سرية، توصل الطرفان (في سبتمبر/ أيلول الماضي) إلى اتفاق أدى إلى إطلاق إيران سراح خمسة أمريكيين مقابل 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة وسجناء إيرانيين. وبدا أن المسلحين الذين تمولهم وتسلحهم طهران، حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، هادئون نسبيا".

وتابعا: "كما أبطأت إيران عملية تخصيب اليورانيوم في مواقعها النووية؛ مما أدى إلى تأخير تقدمها نحو تصنيع السلاح. لكن هجوم حماس على إسرائيل، في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ورد الفعل الإسرائيلي الصارم أديا إلى تغيير كل ذلك".

اقرأ أيضاً

إيران حققت أقصى نفوذ إقليمي ممكن.. المرشد وإسرائيل بين 5 أسباب

زيادة تخصيب اليورانيوم 

و"الآن يواجه المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون، وعشرات الدول التي تعمل بشكل متضافر للحفاظ على تدفق التجارة في البحر الأحمر، إيران العدوانية الجديدة"، بحسب سانجر وإرلانجر.

وتضامنا مع قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية مدمرة ومستمرة بدعم أمريكي، شنت الجماعات الموالية لإيران هجمات على أهداف إسرائيلية و/ أو أمريكية، وهو ما ردت عليه تل أبيب وواشنطن بهجمات.

وأضاف سانجر وإرلانجر أنه "بعد شن عشرات الهجمات، من لبنان إلى البحر الأحمر إلى العراق، دخلت هذه الجماعات في صراع مباشر مع القوات الأمريكية مرتين في الأسبوع الماضي، وتهدد واشنطن علنا بشن ضربات جوية إذا لم يهدأ العنف".

كما قالا إن "المفتشين الدوليين أعلنوا، في أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن إيران بدأت زيادة ثلاثة أضعاف في تخصيب اليورانيوم، الذي يمكن استخدامه في صنع قنبلة نووية".

وأردفا أنه "وفقا لأغلب التقديرات، فإن إيران تمتلك الآن الوقود اللازم لثلاثة أسلحة نووية على الأقلـ ويعتقد مسؤولو المخابرات الأمريكية أن التخصيب الإضافي اللازم لتحويل هذا الوقود إلى مادة يمكن استخدامها في صنع قنبلة نووية، سيستغرق بضعة أسابيع فقط".

وتتهم دول إقليمية وغربية، بينها إسرائيل التي تمتلك ترسانة نووية، إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما فيها إنتاج الكهرباء.

و"يقول مسؤولون مخابراتيون أمريكيون وأوروبيون إنهم لا يعتقدون أن الإيرانيين يريدون صراعا مباشرا مع الولايات المتحدة أو إسرائيل، فهو صراع تعتقد طهران أنه لن ينتهي بشكل جيد"، كما زاد سانجر وإرلانجر.

واستدركا: "لكن يبدو أن الإيرانيين على أتم استعداد لتجاوز الحدود وتمكين الهجمات وتنسيق استهداف القواعد الأمريكية والسفن التي تحمل البضائع والوقود (المرتبطة بإسرائيل)، والسير إلى حافة القدرة على صنع أسلحة نووية مرة أخرى".

اقرأ أيضاً

التواصل غير المباشر مع إيران محور رئيسي في رحلة بلينكن إلى المنطقة.. لماذا؟

دعم روسي وصيني

سانجر وإرلانجر قالا إن "ما يزيد من تعقيد ومشكلة هو الاتساع الكبير في نطاق مساعدات إيران لروسيا، وما بدأ كقطرة من طائرات "شاهد" (المسيّرة الإيرانية) التي تم بيعها لروسيا من أجل استخدامها ضد أوكرانيا (المدعومة من الغرب)، تحول إلى فيضان".

وتابعا: "والآن يعتقد مسؤولو المخابرات الأمريكية أن إيران تستعد لشحن صواريخ قصيرة المدى لاستخدامها ضد أوكرانيا، بينما تعاني كييف من نقص الدفاع الجوي وقذائف المدفعية".

واعتبرا أن هذا "انعكاس لتغير حاد في ديناميكية القوة: فمنذ غزو روسيا لأوكرانيا (فبراير/ شباط 2022)، لم تعد إيران تجد نفسها معزولة، فقد أصبحت فجأة في تحالف من نوع ما مع روسيا والصين، وهما عضوان (دائمان) في مجلس الأمن الدولين (...) وفجأة أصبح لدى إيران قوتين عظميين، ليس فقط كحليفين، ولكن كعميلين يخترقان العقوبات".

وقالت سانام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس: "أرى أن إيران في وضع جيد، وقد تغلبت على الولايات المتحدة ومصالحها في الشرق الأوسط".

وأضافت أن "إيران تنشط على جميع الجبهات، وتقاوم أي نوع من التغيير من الداخل، بينما تقوم بتخصيب اليورانيوم بمستويات مثيرة للقلق للغاية".

وبحسب سانجر وإرلانجر، فإن "بايدن يواجه خيارات صعبة، إذ انسحب من الشرق الأوسط للتركيز على التنافس مع الصين وردعها (في آسيا)، والآن يتم سحبه مرة أخرى (إلى الشرق الأوسط)".

وتابعا: "ويعترف مسؤولون أمريكيون، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، أن خيارات إدارة بايدن محدودة للغاية. ومع قيام إيران بتزويد روسيا بالأسلحة وبيع النفط للصين، لا توجد فرصة لاتخاذ إجراء في مجلس الأمن".

اقرأ أيضاً

تشاتام هاوس: الردع الأمريكي ضد إيران تضرر بشدة.. وهذه طريقة ترميمه

المصدر | ديفيد سانجر وستيفن إرلانجر/ ذا نيويورك تايمز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إيران أمريكا حماس إسرائيل البحر الأحمر حزب الله الحوثيون الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

ضرب إيران يقترب.. خبير يكشف حقيقة رفع أمريكا وأوروبا للعقوبات عن سوريا

تشهد منطقة الشرق الأوسط خلال الآونة الأخيرة عدة تحولات جيوسياسية، وهناك ما يعرف بالربيع العربي قد تحول إلى مشروع جديد يعكس التوسع الإسرائيلي على حساب المنطقة العربية، ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى الدور الذي لعبته إيران في تمددها الإقليمي. 

قال الدكتور عبدالله نعمة، المحلل السياسي والباحث الاستراتيجي في العلاقات الدولية، إن ما يجري في منطقة الشرق الأوسط اليوم حول تغيير شكل المنطقة وتحويل ما سمي بالربيع العربي ليصار إلى مشروع جديد، وهو التوسع الإسرائيلي وتكبير خريطة إسرائيل على حساب المنطقة العربية وهذا لم يكن يحصل لولا أن إيران هي السبب الرئيسي، لأنها أعطت اللاعبين الكبار الحجة بضرب المنطقة العربية بعد تمدد إيران ضمن بلاد وخط محور  الممانعة والغريب. 

وأضاف نعمة- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن اللاعبين الكبار أيضا هم من تركوا إيران تمتد وتهيمن على هذه الدول ولكن عندما فكرت إيران جديا بالمفاعل النووي وبدأت تقف في وجه إسرائيل وأمريكا، وتضع شروطا إما يتم إنشاء مشروعها النووي أو تبقي الصراع مفتوح على إسرائيل عبر أذرعها في منطقة الشرق الأوسط. 

مقتل وإصابة 7 جنود إسرائيليين في غزةالدفاع المدني في غزة: الاحتلال يغتال أكثر من 50 شهيدا خلال 24 ساعة

وأشار نعمة، إلى أنه هنا بدأ الخلاف لأن إسرائيل لم ولن تقبل أن تمتلك إيران سلاحا نوويا، وخاصة بعدما إيران ضربت إسرائيل ولو بشكل مسرحي، لأنها لا تريد أن ينتقل الصراع لإيران نفسها، وكانت تضحي بغزة والفلسطينيين ولبنان واللبنانيين وسوريا والسوريين، بعدما نال العراق ما نال من إيران، ولم ننس تدخلها باليمن وما فعلت بدول الخليج، وما سيحصل لليمن في الأيام القادمة لأن أمريكا وإسرائيل ستقومان بضرب اليمن.

وتابع: "وبعدها سيأتي دور إيران نفسها بمشاكل داخلية إيرانية بعد ضرب مفاعلها النووي؛ لأنه كما نعلم أن هناك قرارا دوليا بإنهاء هذا المحور وتكون أمريكا وللأسف انقلبت على إيران لمصلحة إسرائيل وايران عندها لم تعد قادرة على التوسع أو التدخل في المنطقة ولم يسمح لها بالغطرسة والتدخل بأي دولة، لأن إسرائيل وأمريكا قد سيطرتا سيطرة كاملة على منطقة الشرق الأوسط". 

وأردف: "من غير المحتمل أن تستجيب أمريكا ودول الغرب لمطالب رفع العقوبات على سوريا في الوقت الحالي".

واختتم: "روسيا ستنسحب من سوريا وهذا ما ضمن الاتفاق الذي حصل بين ترامب وبوتين مقابل إرضاء روسيا في أوكرانيا، وأن ما تقوله أمريكا عن المسيرات، وما يقوله نتنياهو يتجه كلامهما على نفس الطريق، طريق الشرق الأوسط الجديد وتوسع خارطة إسرائيل، فهكذا خدمت إيران أمريكا ولن نتكلم أكثر من ذلك". 

رئيس المجلس الوطني الفلسطيني يدين جرائم الاحتلال في غزةمسؤولون إسرائيليون: من الممكن التوصل لاتفاق غزة خلال أسبوعين

مقالات مشابهة

  • إيران تقبل تشديد الرقابة على منشأة نووية مثيرة للجدل
  • الرقابة المالية: 3.5 مليار جنيه تمويلات عقارية خلال سبتمبر الماضي
  • الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـتهدئة التوترات بين تركيا وقسد بسوريا
  • التربية الفلسطينية: 12.799 طالباً استشهدوا منذ 7 أكتوبر العام الماضي
  • سلة الحشد الشعبي تتغلب على دجلة الجامعة في أولى مباريات المرحلة الثانية
  • ضرب إيران يقترب.. خبير يكشف حقيقة رفع أمريكا وأوروبا للعقوبات عن سوريا
  • برنامج الأغذية: سجلنا في أكتوبر الماضي أعلى معدل لتقديم المساعدات بالسودان
  • حكومة اقليم كوردستان تشرع بصرف رواتب شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي
  • إيران تقترب من امتلاك قنبلة نووية.. وإسرائيل تبحث عن خيارات عسكرية جديدة
  • الدفاع الروسية: أمريكا تعمل على تصنيع رؤوس حربية نووية جديدة