الجزيرة:
2024-11-23@11:48:14 GMT

مخيم جباليا.. من هنا انطلقت شرارة انتفاضة الحجارة

تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT

مخيم جباليا.. من هنا انطلقت شرارة انتفاضة الحجارة

أحد أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، أنشئ بمحاذاة بلدة جباليا بعد نزوح آلاف الفلسطينيين إليه قادمين من قرى ومدن جنوب فلسطين عقب النكبة عام 1948. تشرف وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين ( أونروا) على مختلف الخدمات الاجتماعية المقدمة لسكان المخيم، الذي يعاني من الاكتظاظ.

الموقع

يقع مخيم جباليا في الشمال الشرقي لقطاع غزة بمحاذاة مدينة تحمل الاسم ذاته، وعلى مسافة كيلومتر واحد عن الطريق الرئيسية غزة-يافا.

تحده من الشمال قرية بيت لاهيا ومن الجنوب والغرب مدينة جباليا وقرية النزلة ومن الشرق بساتين الحمضيات.

يرتفع المخيم على سطح البحر حوالي 30 قدما، ويبعد عن مدينة جباليا مسافة كيلومتر تقريبا، وهو من أقرب المخيمات إلى معبر إيريز المنفذ الوحيد لسكان غزة إلى إسرائيل.

سبب التسمية

سمي المخيم نسبة إلى مدينة جباليا التي يقع بمحاذاتها، وهو اسم مشتق من الجبل بحسب بعض المصادر، فيما تقول مصادر أخرى إنه مشتق من كلمة "أزاليا"، البلدة الرومانية القديمة التي بنيت عليها قرية النزلة.

وعدته روايات أخرى تحريفا لكلمة "جبالية" السريانية المأخوذة من جذر "جَبْلا" بمعنى الفخار والطين.

نشأة المخيم

بدأ أوائل اللاجئين الفلسطينيين يستقرون في المخيم بعد نكبة 1948، وأشرفت عليه جمعية الكويكرز البريطانية ووزعت الخيام على اللاجئين إلى حين تأسيس وكالة الأونروا، بناء على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 الصادر في 6 ديسمبر/كانون الأول 1949.

شهد قطاع غزة عام 1950 شتاء قارصا وعاصفا أدى إلى اقتلاع جميع الخيام وتشريد العائلات النازحة، فاستعاضت الأونروا -التي شرعت في عملها في العام نفسه- عن الخيام ببيوت صغيرة من طابق واحد مبنية من الإسمنت وألواح الزينكو، وكانت الوحدات السكنية متكدسة ومتقاربة لا تفصلها سوى أزقة ضيقة تتحول إلى طرقات موحلة في فصل الشتاء.

وحسب روايات اللاجئين فإن تلك الغرف لم تكن تحتوي على دورات مياه، بل كانت في الشوارع، إذ تم تخصيص قسم منها للنساء وقسم للرجال، ولم تكن كافية للسكان، مما دفعهم إلى إدخال إصلاحات على تلك الغرف وإضافة غرف ومراحيض ومطابخ وبناء طوابق جديدة بطريقة عشوائية.

السكان

استقر في المخيم بعد النكبة 35 ألف لاجئ، معظمهم كانوا قد هُجروا من القرى والمدن الواقعة جنوب فلسطين، مثل اللد والرملة ويافا وبئر السبع وأسدود ويتوزعون على 5587 عائلة.

ارتفع عدد السكان عام 1995 إلى حوالي 80.137 نسمة، أما في عام 2023 فيكشف الموقع الرسمي للأونروا أن عدد سكان المخيم بلغ 116.011 نسمة، يتوزعون على مساحة لا تتجاوز 1.4 كيلومتر مربع.

تعرض السكان للترحيل القسري على مدار السنوات، ففي عام 1970 رحّلت إسرائيل حوالي 975 عائلة من سكان المخيم إلى مشروع بيت لاهيا والنزلة المتاخم لحدود المخيم، وفي عام 1971 عملت على هدم وإزالة ما يزيد عن 3600 غرفة تسكنها 1173 عائلة، بدعوى توسيع أزقة وطرقات المخيم حتى تتمكن سيارات جنود الاحتلال العسكرية من دخول المخيم وتعقب عناصر المقاومة.

شرارة الانتفاضة

انطلقت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الأولى المعروفة كذلك باسم انتفاضة الحجارة من مخيم جباليا في 8 ديسمبر/كانون الأول 1987، عندما دهس سائق شاحنة إسرائيلي مجموعة من العمال الفلسطينيين في حاجز إيريز، مما أسفر عن استشهاد 4 عمال وجرح 7 آخرين. وتحولت جنازة الضحايا إلى مظاهرات كبيرة سرعان ما انتشرت في جميع أنحاء قطاع غزة والضفة الغربية.

واستمرت هذه الانتفاضة إلى حين توقيع اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.

 البنية التحتية والخدمات الاجتماعية

تشرف وكالة الأونروا على مختلف الخدمات الإغاثية في المخيم، إذ تدير 32 منشأة تابعة لها، وحسب بياناتها يوجد فيه 16 مدرسة تعمل 6 منها بنظام الفترة الواحدة و10 تعمل بنظام الفترتين (صباحي ومسائي)، إلى جانب 3 مراكز صحية ومركز توزيع أغذية ومكتبة عامة و7 آبار ومكتب صيانة وصحة بيئية.

يعيش سكان المخيم ظروفا اجتماعية متدنية وقاسية بسبب الاكتظاظ السكاني وضيق المساحة، وترتفع معدلات البطالة فيه، إذ يعتمد معظم السكان على المساعدات الغذائية والنقدية التي تقدمها الأونروا لتغطية احتياجاتهم اليومية، كما يعانون من انقطاع الكهرباء المتكرر ومن تلوث إمدادات المياه، إذ إن 90% من المياه غير صالحة للاستهلاك البشري.

اغتيالات في المخيم

يعد مخيم جباليا أحد المعاقل الرئيسية للمقاومة الفلسطينية، مما يجعله مستهدفا من إسرائيل في كل عملياتها العسكرية بغاية إخضاع سكانه وكسر شوكة المقاومة.

وكان المخيم ساحة مفتوحة لعمليات قصف واغتيالات ومجازر طيلة عقود، ومن أبرز الاغتيالات التي نفذتها فيه إسرائيل:

28 فبراير/شباط 2004 إطلاق صاروخ على سيارة كانت تقل محمود جودة أحد القادة البارزين في حركة الجهاد الإسلامي، مع عضوين آخرين في الحركة، مما أدى لاستشهادهم وإصابة 11 من المارة بجروح. 27 أكتوبر/تشرين الأول 2005 أطلقت طائرة مسيرة صاروخا على سيارة كانت تقل شادي سهيل مهنا ومحمد أحمد قنديل من أعضاء سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد، مما أدى إلى استشهادهما واستشهاد راكبَين آخرين، و3 أطفال كانوا في الشارع نفسه. 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2005 أطلقت مروحية إسرائيلية صواريخ على سيارة كانت تقل حسن المدهون، أحد قادة كتائب شهداء الأقصى، وفوزي أبو القرع، أحد قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مما أدى إلى استشهادهما، وإصابة 10 من المارة بجروح. 8 ديسمبر/كانون الأول 2005 أطلقت القوات الإسرائيلية صاروخا على منزل في المخيم كان يوجد فيه إياد قداس وإياد نجار، وهما عضوان في كتائب شهداء الأقصى، مما أدى إلى استشهادهما، وإصابة 5 مارة بجروح. 6 فبراير/ شباط 2006 أطلقت القوات الإسرائيلية قذيفة مدفعية باتجاه سيارة كانت تقل حسن عصفور ورامي حنون، وهما عضوان في كتائب شهداء الأقصى، لكنها أخطأت الهدف، وعادت بعدها لإطلاق صاروخ من مروحية أصاب السيارة وأدى لاستشهاد راكبيها. 5 يوليو/ حزيران 2006 تم إطلاق صاروخين على سيارة كانت تقل عماد عسلية ومجدي حماد مع اثنين آخرين من أعضاء لجان المقاومة الشعبية، مما أدى إلى استشهاد عسلية وحمّاد وإصابة رفيقيهما بجروح و2 من المارة. 1 يناير/كانون الثاني 2009 استهدفت طائرات إسرائيلية من طراز "إف 16" منزل القيادي في حركة حماس نزار ريان وأسفرت العملية عن استشهاده هو و15 من أفراد عائلته. مجازر في مخيم جباليا

تعرض المخيم طيلة عقود لمجازر سقط فيها مئات المدنيين، ودمرت خلالها المباني السكنية والمؤسسات المدنية والخدماتية ما زاد من استفحال ظروف الحياة في المخيم.

ونفذت إسرائيل عملية عسكرية أطلقت عليها "أيام الندم" عام 200ِ4 بدعوى تأمين منطقة عازلة لحماية المستوطنات الإسرائيلية من صواريخ كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وقصفت خلال هذه العملية المخيم لـ17 يوما، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 100 فلسطيني وتشريد أكثر من 600 وتدمير مئات المباني السكنية والمؤسسات المدنية والصحية والخدماتية.

وفي عام 2005 استهدفت إسرائيل عرضا عسكريا لحركة حماس في المخيم بـ4 صواريخ، مما أسفر عن استشهاد 19 شخصا بينهم طفلان وإصابة حوالي 80 آخرين بجروح.

وفي يوليو/حزيران 2014 ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجزرة في مخيم جباليا بعدما قصفت مدرسة تابعة لـ"الأونروا" احتمى بها حوالي 3000 فلسطيني مما أدى إلى استشهاد 20 شخصا وإصابة أكثر من 50.

وأدان الأمين العام للأمم المتحدة حينها بان كي مون المجزرة، ووصف قصف المدرسة بغير المبرر، أما بيير كرينبول المفوض العام للأونروا فقد وصف الهجوم بأنه أكبر فشل مأساوي يشهده المجتمع الدولي في مجال توفير الحماية.

ومع انطلاق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عقب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرض مخيم جباليا لاستهداف ممنهج من الاحتلال الإسرائيلي، إذ ارتكب فيه الكثير من المجازر.

وارتكب سلاح الجو الإسرائيلي مجزرة الترانس يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ قصف السوق الشعبي الرئيسي بالمخيم بالقنابل الثقيلة مما أدى إلى استشهاد حوالي 50 مدنيا وتدمير عدد كبير من المنازل وممتلكات المواطنين.

وشهد المخيم مجزرة أخرى في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بعد أن دمر سلاح الجو الإسرائيلي مربعا سكنيا قرب المستشفى الإندونيسي بشكل كامل، وأسفر القصف عن سقوط أكثر من 400 مدني بين شهيد وجريح.

وذكرت كتائب القسام أن 7 من المحتجزين لديها من الإسرائيليين قتلوا في هذا القصف بينهم 3 ممن يحملون الجوازات الأجنبية.

وحدد تحليل بصري أجرته صحيفة "غارديان" البريطانية، ما لا يقل عن 5 حفر في الحي نجمت عن القصف، ورجحت استخدام قنابل يبلغ وزنها حوالي 2000 رطل أي حوالي 900 كيلوغرام.

وفي 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 تعرضت مدرسة الفاخورة التي كان يحتمي بها آلاف النازحين لقصف إسرائيلي عنيف أدى إلى استشهاد 200 فلسطيني، وأدان عدد من الهيئات الدولية والدول هذه المجزرة ودعوا لفتح تحقيق فيها.

وليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها مدرسة الفاخورة -وهي أكبر مدارس مخيم جباليا- للقصف، إذ قصفها الاحتلال في 2009 مما أدى إلى استشهاد أكثر من 40 مدنيا وقصِفت أيضا عام 2014 واستشهد فيها أكثر من 10 مدنيين.

وفي 2 ديسمبر/كانون الأول 2023 استشهد أكثر من 100 شهيد في مجزرة جديدة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في المخيم، حيث قصفت طائراته بناية سكنية تعود لعائلة آل عبيد بصاروخ وكانت البناية تؤوي عددا من العائلات والنازحين من المخيم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دیسمبر کانون الأول أکتوبر تشرین الأول مخیم جبالیا فی المخیم قطاع غزة الأول 2023 أکثر من فی عام

إقرأ أيضاً:

فيتو روسي.. شرارة الحرب الساخنة؟

كتب الدكتور عزيز سليمان – أستاذ السياسة والسياسات العامة

لم يكن العالم بحاجة إلى دليل إضافي على هشاشة النظام الدولي الحالي، إلا أن الفيتو الروسي الأخير ضد قرار بريطاني-سيراليوني حول السودان جاء كالقشة التي قد تقصم ظهر ما تبقى من السلم العالمي. القرار، الذي استند إلى سيادة السودان وتناول الأوضاع المتدهورة فيه، أثار موجة من الجدل، حيث بدت مواقف الدول الكبرى وكأنها تُترجم صراعًا خفيًا بين أقطاب الحرب الباردة المستجدة، لتتحول هذه الحرب شبه الباردة إلى مواجهة ساخنة قد تطيح باستقرار العالم بأسره.
الفيتو الروسي.. دوافع وتداعيات
من منظور موسكو، يعد الفيتو رسالة مزدوجة: الأولى، تأكيد على استعادة نفوذها في المعادلات الدولية، والثانية، مواجهة ما تعتبره تدخلًا غربيًا في شؤون الدول ذات السيادة. أما الغرب، الذي يدعم القرار بحجة حقوق الإنسان، فيبدو عالقًا بين إداناته العلنية للفيتو وعجزه عن تجاوزه، في مشهد يعكس تناقض سياساته الخارجية.
لكن الفيتو الروسي ليس مجرد تعبير عن سياسة القوة؛ بل هو أيضًا انعكاس لتحول في العلاقات الدولية نحو مزيد من الاستقطاب. في حين تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها تطويق النفوذ الروسي والصيني، تستغل روسيا نقاط التوتر العالمية لفرض أجندتها، مما يجعل السودان ساحة جديدة لصراع المصالح الدولية.
السودان.. أزمة إنسانية في مرمى النيران
في خضم هذا التنافس الجيوسياسي، تبقى أوضاع السودانيين الملحة خارج أولويات الأطراف المتنازعة. من النزوح القسري إلى تفاقم المجاعة، تتوالى معاناة الشعب السوداني وسط صمت دولي يُثير الريبة. ومع تصاعد دور ميليشيا الجنجويد، التي تتلقى الدعم العسكري من الإمارات، أصبحت الكارثة الإنسانية في السودان أكثر تعقيدًا.
إذا أراد المجتمع الدولي للسودان خيرًا، فإنه مطالب بوقف إمداد الأسلحة للجنجويد. هذا الدعم لا يُساهم فقط في تأجيج الصراع، بل يفتح الباب أمام المزيد من الفظائع التي ترتكب بحق المدنيين. كما أن تطبيق مبدأ "مسؤولية الحماية" (R2P) بات ضرورة أخلاقية قبل أن يكون التزامًا دوليًا.

مسؤولية الحماية.. المبدأ المنسي
لماذا تتجاهل الأمم المتحدة ومجلس الأمن هذا المبدأ الأصيل في فقه حماية المدنيين؟ هل أصبحت المصالح السياسية أهم من أرواح البشر؟ أم أن ازدواجية المعايير هي القاعدة الجديدة في السياسة الدولية؟
في ظل هذا التواطؤ الدولي، تبدو الدعوات لتفعيل "مسؤولية الحماية" مجرد كلمات جوفاء. ومع ذلك، يظل الأمل في أن تعيد القوى العالمية النظر في سياساتها، وأن تتجاوز الحسابات السياسية الضيقة لإنقاذ شعب باتت حياته رهينة لصراعات الآخرين.

ختامًا
لن يكون السودان أول ولا آخر دولة تُسحق تحت عجلة المصالح الدولية، لكن الفارق هنا هو أن أزمة السودان تكشف عورة النظام العالمي بأسره. إذا أراد العالم مستقبلًا أكثر استقرارًا، فعليه أن يبدأ من هنا، من السودان، حيث تختبر المبادئ وتُصقل القيم. أما إذا استمر الصمت، فإن فيتو اليوم سيكون مجرد الشرارة الأولى لحرب لا يعرف أحد كيف ومتى ستنتهي.

quincysjones@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • استشهاد ثلاثة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على مخيم البريج
  • استشهاد فلسطينيين بقصف إسرائيلي لشقة سكنية في مخيم النصيرات
  • تظاهرة غاضبة تجوب شوارع عمّان
  • يزن حوالي 135 كيلوغراما... إصطياد خنزير بري ضخم في أعالي جرود الضنية
  • فيتو روسي.. شرارة الحرب الساخنة؟
  • طائرات الاحتلال تنفذ سلسلة غارات على مخيم جباليا شمالي قطاع غزة
  • محافظ إب يدشّن المخيم الطبي الجراحي والعلاجي المجاني بمستشفى يريم لأسر وأبناء الشهداء
  • طه: التعداد السكاني في كركوك يصل حوالي مليون و900 ألف نسمة
  • استشهاد شاب برصاص الاحتلال في مخيم العين غرب نابلس
  • «الثقافة الفلسطينية» تُحيي شجاعة أطفال فلسطين: يصنعون من الحجارة أغنيات