الكراهية بين تنظير علمي وواقع أليم
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
يصادف يوم الثالث من يناير مرور سنة على قيام منشط علمي مهم، ففي هذا التوقيت من العام الماضي 2023 انعقدت الندوة الاستفتاحية للمؤتمر العلمي الأول لكلية الإعلام بجامعة أفريقيا العالمية بعنوان: (الإعلام وخطاب الكراهية- التحديات والحلول). أدار هذه الندوة البروفيسور علي محمد شمو الخبير الإعلامي المعروف، وكان حضورها أكثر مما توقعته لجنة تحضير المؤتمر، ويعزى ذلك إلى أن القضية المطروحة قد لامست وجدان كل الشعب السوداني، في وقت كنا نحسبه أسوأ ما يمر به تاريخ السودان إلى أن تبين لنا أن القدر كان يخبئ لنا الأسوأ، وأعقب الندوة في اليوم التالي افتتاح المؤتمر وجلساته التي ناقشت أكثر من عشرين ورقة علمية تناولت خطاب الكراهية بعدة مدلولات وجوانب سياسية واجتماعية وإعلامية ونفسية وقانونية، وجدت حظها من حضور متنوع أثرى هذه الأوراق بالنقاش الجاد والحلول التي كان يمكن بها إيجاد منفذ للخروج من نفق الكراهية الذي اقحم فيه شعب السودان المكلوم دون إرادته، إلا أنه ولعله سمة المجتمعات الأفريقية فيه أن العلم والسياسة فيه أعداء لا يتفقان، أو كامرأة وضرتها لا تجتمعان وإن كانت المصلحة بينهما مشتركة، ودائما ما أقول إننا لسنا في حاجة للتنظير والحديث، بقدر ما أننا في حاجة إلى وضع آليات التنفيذ ومراقبة ذلك واستمرارية الأدوات وديمومتها.
ولا أزال أتساءل يوما بعد يوم إلى متى نبحث عن حلول لمشاكلنا عبر البندقية، وإلى متى يظل العلم عندنا شهادة لا توفق بها حتى في إيجاد وظيفة، ولكنها تبقى مستندا مطلوبا في ملفك السري وإن كانت غير حقيقية. وإلى متى لا يكون العلم والمعرفة هما الهادي إلى سواء السبيل.
لا أجد في من يحمل السلاح متعديا على الآخر إلا جاهلا يستحق الاشفاق… وأراه لا يؤذي إلا نفسه، ولا يعلم من ذلك شيئا، إنهم قوم يجهلون لا يملكون وعيا، وتعريف الوعي أنه حالة دراية المرء بمحيطه والاستجابة له لكنه من الواضح أن هؤلاء لا يعلمون ماذا يحيط بهم ولماذا يفعلون ما يفعلون، ولو علموا و أدركوا لما فعلوا فعلتهم التي فعلوها، ولما اسكنونا دار البوار.
إن الكراهية لا تحارب بالكراهية، وإن السلام لا يأتي الا بالرأي الجمعي و إن الرأي الجمعي لا يتكون الا بوعي الأفراد ، والأفراد في عنق من وكلت لهم الزعامة و القيادة. وكل من علم ولم يعمل بما علم به وله بكلمة حق قالها ولم يسكت عن قولها، فقد أوفى بواجبه وقدم ما هو مطلوب منه. وفي ذلك يحضرني قول الشاعر أبو اسحاق الألبيري:
إِذا ما لَم يُفِدكَ العِلمُ خَيراً
فَخَيرٌ مِنهُ أَن لَو قَد جَهِلتا
وَإِن أَلقاكَ فَهمُكَ في مَهاوٍ
فَلَيتَكَ ثُمَّ لَيتَكَ ما فَهِمتا
إن حاجة المجتمع الآن إلى وعي وإدراك وصحوة من غفوة طالت كثرت فيها الكوابيس والأحلام، أكثر من حاجتها لاتفاقات دولية ترعاها جهات لا تعلم عن حالنا إذ نحن في حاجة لتربية وإعادة تأهيل وتعميق لعقيدة تسكن في القشور تذهب مع أولى رياح تدنو منها، ولا يتعلم الإنسان إلا من التجارب، وها نحن ننتظر ماذا يعلمنا الدرس… ويا ليته الدرس الأخير!
ليلى الضو أبو شمال
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
مدير «الإغاثة الطبية في غزة»: واقع أليم ينتظر سكان القطاع بعد دمار منازلهم
قال بسام زقوت، مدير جمعية الإغاثة الطبية في غزة، إنّ الفرحة التي يعيشها المواطن الفلسطيني بعودته إلى منزله بعد 15 شهرا من العدوان الإسرائيلي والنزوح الذي تكرر من مراحل مختلفة ومعاناة إنسانية كبيرة، هي فرحة مؤقتة وسيصطدم بواقع أليم ينتظره في بيته المدمر وعدم وجود الموارد، فضلاً عن عدم القدرة على الإصلاح بالشكل السريع الذي يتمناه المواطن.
طريق طويل للعودة إلى شمال غزة ينعكس على الصحةوأضاف «زقوت»، خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أنّ الطريق من جنوب إلى شمال قطاع غزة طويل، يحتاج المواطن الفلسطيني أن يمشي سيرا على الأقدام من 10 إلى 17 كيلومترا حتى يصل إلى مكان سكنه، ما يشكل خطرا صحيا على كبار السن والحوامل والمواطنين الذين يحملون أمتعة ثقيلة، مشيرا إلى أن هناك حالة وفاة سُجلت بالأمس لرجل مسن لم يستطع تحمل عبء الطريق.
نقاط طبية منتشرة للتعامل مع الأزمات عند عودة النازحينوتابع: «لدينا نقاط طبية على الجهتين قبل حاجز نتساريم وعلى الجهة الجنوبية، نستقبلهم أيضا بطواقم طبية أخرى على الجهة الشمالية، إذ أن هناك إصابات لدى الأطفال، كما أن هناك الكثير من كبار السن الذين يعانون من أمراض مزمنة تظهر لديهم مضاعفات سواء إغماء أو دوخة أو تعب شديد، لكن الشعب الفلسطيني يتحمل كل هذا الألم في سبيل العودة دياره».