موقع النيلين:
2025-03-11@00:09:16 GMT

الكراهية بين تنظير علمي وواقع أليم

تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT


يصادف يوم الثالث من يناير مرور سنة على قيام منشط علمي مهم، ففي هذا التوقيت من العام الماضي 2023 انعقدت الندوة الاستفتاحية للمؤتمر العلمي الأول لكلية الإعلام بجامعة أفريقيا العالمية بعنوان: (الإعلام وخطاب الكراهية- التحديات والحلول). أدار هذه الندوة البروفيسور علي محمد شمو الخبير الإعلامي المعروف، وكان حضورها أكثر مما توقعته لجنة تحضير المؤتمر، ويعزى ذلك إلى أن القضية المطروحة قد لامست وجدان كل الشعب السوداني، في وقت كنا نحسبه أسوأ ما يمر به تاريخ السودان إلى أن تبين لنا أن القدر كان يخبئ لنا الأسوأ، وأعقب الندوة في اليوم التالي افتتاح المؤتمر وجلساته التي ناقشت أكثر من عشرين ورقة علمية تناولت خطاب الكراهية بعدة مدلولات وجوانب سياسية واجتماعية وإعلامية ونفسية وقانونية، وجدت حظها من حضور متنوع أثرى هذه الأوراق بالنقاش الجاد والحلول التي كان يمكن بها إيجاد منفذ للخروج من نفق الكراهية الذي اقحم فيه شعب السودان المكلوم دون إرادته، إلا أنه ولعله سمة المجتمعات الأفريقية فيه أن العلم والسياسة فيه أعداء لا يتفقان، أو كامرأة وضرتها لا تجتمعان وإن كانت المصلحة بينهما مشتركة، ودائما ما أقول إننا لسنا في حاجة للتنظير والحديث، بقدر ما أننا في حاجة إلى وضع آليات التنفيذ ومراقبة ذلك واستمرارية الأدوات وديمومتها.

وأحزنني أن الكل اتفق على أن الكراهية هي المعوق الأول لنا في السودان لتحقيق تنمية وتطوير، ولكنه يظل حديث المساء المدهون بزبدة تخرج عليه شمس الصباح فتذيبها. لفت انتباهي في هذا المؤتمر الذي كلفت فيه بأعمال لجنة الإعلام أن المجتمع السوداني بكل طوائفه وقبائله أبدى حبه لهذه الفعالية التي تنبذ الكراهية، وأراد المشاركة وتفاعل مع كل ما دار فيها، واستبشرنا خيرا بأن لا يقف ذاك النقاش عند قاعة المؤتمر بل يتعداه إلى خروجنا كإعلاميين لتوعية المجتمع وخاصة مجتمعات الهامش وتعريفهم بضرورة المشاركة في صنع المحبة، إلا أننا لم نكن نعلم بأن الأيام كانت تدبر لنا من أنواع الكراهية ما لم نحسبه ولا نتخيله، حيث جاءت الحرب وكان لجامعة أفريقيا نصيبها من الدمار وأصابتها لعنة الكراهية التي أصابت الخرطوم كلها، وهي التي كانت تنادي بالمحبة والسلام. حينها سكت الكلام وحل بها ظلام وغمام ، وصارت خرابا وركام.
ولا أزال أتساءل يوما بعد يوم إلى متى نبحث عن حلول لمشاكلنا عبر البندقية، وإلى متى يظل العلم عندنا شهادة لا توفق بها حتى في إيجاد وظيفة، ولكنها تبقى مستندا مطلوبا في ملفك السري وإن كانت غير حقيقية. وإلى متى لا يكون العلم والمعرفة هما الهادي إلى سواء السبيل.
لا أجد في من يحمل السلاح متعديا على الآخر إلا جاهلا يستحق الاشفاق… وأراه لا يؤذي إلا نفسه، ولا يعلم من ذلك شيئا، إنهم قوم يجهلون لا يملكون وعيا، وتعريف الوعي أنه حالة دراية المرء بمحيطه والاستجابة له لكنه من الواضح أن هؤلاء لا يعلمون ماذا يحيط بهم ولماذا يفعلون ما يفعلون، ولو علموا و أدركوا لما فعلوا فعلتهم التي فعلوها، ولما اسكنونا دار البوار.
إن الكراهية لا تحارب بالكراهية، وإن السلام لا يأتي الا بالرأي الجمعي و إن الرأي الجمعي لا يتكون الا بوعي الأفراد ، والأفراد في عنق من وكلت لهم الزعامة و القيادة. وكل من علم ولم يعمل بما علم به وله بكلمة حق قالها ولم يسكت عن قولها، فقد أوفى بواجبه وقدم ما هو مطلوب منه. وفي ذلك يحضرني قول الشاعر أبو اسحاق الألبيري:
إِذا ما لَم يُفِدكَ العِلمُ خَيراً
فَخَيرٌ مِنهُ أَن لَو قَد جَهِلتا
وَإِن أَلقاكَ فَهمُكَ في مَهاوٍ
فَلَيتَكَ ثُمَّ لَيتَكَ ما فَهِمتا
إن حاجة المجتمع الآن إلى وعي وإدراك وصحوة من غفوة طالت كثرت فيها الكوابيس والأحلام، أكثر من حاجتها لاتفاقات دولية ترعاها جهات لا تعلم عن حالنا إذ نحن في حاجة لتربية وإعادة تأهيل وتعميق لعقيدة تسكن في القشور تذهب مع أولى رياح تدنو منها، ولا يتعلم الإنسان إلا من التجارب، وها نحن ننتظر ماذا يعلمنا الدرس… ويا ليته الدرس الأخير!

ليلى الضو أبو شمال

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

بالمصرى .. عن عيد الأم وجدتى وأمي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 فى عيد الأم اسمحولى أحكى عن أمى اللى ولدتنى وأمى اللى ربتنى وأشكرهم.. جدتى لأبويا الحاجة نوحة أمى إللى ربتنى واللى القدر خلاها تتحمل مسئولية تربيتى من وأنا طفله عندى ٦ سنين.. الست اللى اتعلمت منها كل حاجة فى الحياة واللى كانت حياتها عبارة عن الاهتمام بينا كلنا.. بناكل من إيديها ونعيش بنصايحها ودعواتها لينا وكنت لما أتعب ترقينى بإيديها وأنا حاطة راسى على رجلها وأروح فى النوم.. الست اللى كانت بتحلم بالرسول وحكت أحلامها للراحل محمد الكحلاوى ومن قصصها غنى جانى فى منامى يابا لبسنى توب واللى كانت عيديتها البسيطة فيها بركة عجيبة.. جدتى الست اللى كانت نظيفة جداً ولازم تتعطر قبل ماتنام.. جدتى الست اللى جوزها مات وهى شابة وسابلها ٦ أولاد.. ٣ بنات و٣ صبيان.. ولما بابا بكى يوم رحيل والده قالتله اسكت أبوك سابك راجل ومن النهارده أنت المسئول عن إخواتك.. جدتى اللى ربتنى زى ماربت  عماتى علشان كده أنا مش شبه جيلي.

جدتى اللى لما جالها جلطة فى المخ والدكاتره قالوا إن اللى فاضل مجرد ساعات ودخلت غيبوبة مسكت إيديها وقعدت أكلم ربنا وأترجاه يرجعهالى تانى لأنى محتاجة وجودها وفعلاً فاقت وقالتلى حاقعد معاكى ٣ أيام.. وكل المستشفى كانوا مستغربين المعجزة وإنها فاقت من الغيبوبة وبقت زى القمر وكانت بتدعيلى وتقولى إنها راضية عنى وبعد ٣ أيام فعلاً ويوم عيد الأم اللى كان موافق ١٧ رمضان الساعة ٢.١٥ صباحاً رحلت.

جدتى الحاجة نوحة اللى كانت بتقولى إنتى بنت يعنى لازم مهما كان عندك ناس تساعدك تتعلمى تعملى كل حاجة تنضفى بيتك وتطبخى وتخيطى وتكوى علشان النهارده عندك حد يساعدك لكن ممكن بكره الأحوال تتغير ولازم تكونى قادرة وعارفة تعملى كل حاجة.. جدتى اللى علمتنى إيه يصح وإيه مايصحش وإزاى أتعامل بالأصول مع الناس ولما أطلب حاجة من الست اللى بتساعدنا فى البيت لازم أقولها من فضلك وأتعامل معاها بحب ورحمة. جدتى اللى ليها كل الفضل فى حياتى واللى عايشة برضاها واللى يقينى إنها فى مكان أفضل وحلو قوى فى الجنة.

أما أمى اللى ولدتنى فهى الكرم الطائى اللى كانت ممكن تبيع حاجة من عندها علشان تسلف المحتاج واللى لو حد قالها ساعتك حلوة تقلعها وتلبسهاله وتهاديه بيها وتحلف ماهى راجعة.. أمى اللى كنت لما أكلمها فى التليفون تفضل تدعيلى لغاية ماقولها كفايه دعاء عاوزة أطمن عليكى وأعرف أخبارك ولازم تختم المكالمة بكلمة بحبك يا سحر.

أمى اللى لما كانت بتزورنى وتبات عندى وأصحى من النوم ألاقيها لابسة النضارة وماسكة الجرايد بتقراها وممكن تتأثر وتبكى بحرقه لو قرأت حادث أو خبر محزن.. أمى الست اللى عاشت علشان تعطى فقط واللى ماخدتش حاجة لنفسها وسعادتها كانت فى العطاء فقط.

أمى اللى لما حارس بيتها مرض، قررت تنقله فى أوضة فى بيتها وتراعيه وتخدمه وتقول ده حقه زى ماعاش بيخدمنا لازم نخدمه لحد مارحل.. أمى اللى لو لقت حد تايه فى الشارع تاخده بيتها تأكله وتساعده وتوصله لمكانه.. أمى الست الجدعة واللى عاشت بقلب طفلة تفرح بحاجات بسيطة وتبكى بحرقة من مشهد فيلم مؤثر.

أمى اللى رحلت فى هدوء وهى بتتوضى علشان تصلى الفجر، مفتقدة دعاها وطيبتها وكرمها وحنانها وعايشة برضاها وعارفة إنها أكيد فى مكان أحسن واللى طول ماكانت عايشة كنت حاسة إنى لسه طفلة ولما رحلت حسيت إنى فجأة كبرت ميت سنة.. أمى فريال كل سنة وانتى فى الجنة سعيدة ومتهنية. 

وكل سنة وكل أم خلفت وكل أم ربت وكل أم علمت  وكل أم أثرت.. وكل أمهات الكون فى صحة وستر وأمان وسلام والله يرحم من رحلوا.. وزى مابيقولوا اللى خلف ماماتش، أنا بقول إن اللى ربى هو اللى مامتش.

مقالات مشابهة

  • بالمصرى .. عن عيد الأم وجدتى وأمي
  • المجلس الوزاري يناقش استكمال جداول الموازنة وواقع السوق النفطية المحلية والعالمية
  • تفسير علمي لمعجزة شق البحر الأحمر أمام النبي موسى
  • هزاع بن زايد يشدد على أهمية العمل لتعزيز مكانة العين كمركز علمي متقدم
  • الإسكندرية في 24 ساعة| حادث أليم بمحور المحمودية.. والاحتفال بيوم الشهيد
  • قتيلان في حادث مرور أليم بتيبازة
  • أحمد كريمة: روايات بالبخاري ومسلم تحتاج لمراجعات وعمل علمي
  • كيف قادت الكراهية سياسيا هولنديا من اليمين المتطرف إلى الإسلام؟
  • قيام الليل في رمضان.. معجزة لمن كانت له حاجة عند الله
  • العربية لحقوق الإنسان تدين استهداف السكان في طرطوس واللاذقية وتحذر من تفشي الكراهية الإثنية