يُظهر تعامل الولايات المتحدة مع القرار الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي، في 22 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كيف أنها منحت إسرائيل تفويضا مطلقا لقتل الفلسطينيين في قطاع غزة، بحسب فينيامين بوبوف، مدير مركز شراكة الحضارات بوزارة الخارجية الروسية.

بوبوف أضاف، في مقال بمجلة "نيو إيسترن أوتلوك" (NEO) ترجمه "الخليج الجديد"، أن "الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة منذ أكثر من ثلاثة أشهر، والتي قُتل فيها أكثر من 20 ألف فلسطيني وجُرح ما يزيد عن 53 ألف آخرين، تسببت أيضا في دمار هائل للمنازل، ووضعت أكثر من مليوني شخص في غزة على حافة الهاوية".

وتابع: "توجد موجة متزايدة من التعاطف مع معاناة الفلسطينيين في جميع أنحاء العالم، وإدانة للقصف الإسرائيلي الهمجي، ومن المؤسف أن المحاولات اليائسة التي بذلتها الأمم المتحدة لوقف الأعمال العدائية وتحقيق وقف مستدام لإطلاق النار، فشلت حتى الآن في تحقيق النتائج المرجوة".

وأرجع ذلك إلى أن "الولايات المتحدة تحاول بكل الوسائل توفير غطاء دبلوماسي للعمل العسكري الإسرائيلي، وعرقلة قرارات مجلس الأمن، والتصرف ضد الإرادة المعلنة بوضوح لأغلبية دول العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة".

و"في ديسمبر الماضي، قررت الدول العربية، عبر عضوية الإمارات في مجلس الأمن، دفع المجلس إلى اتخاذ قرار، وبالفعل وافق على قرار يدعو إلى هدنة إنسانية بين إسرائيل وحركة "حماس"، وزيادة المساعدات لغزة، وخلق الظروف التي تسمح بوقف مستدام للأعمال العدائية"، كما زاد بوبوف.

وأردف أن "واشنطن رفضت بشكل قاطع الموافقة على وقف عاجل لإطلاق النار، كما رفضت اقتراح بإنشاء آلية مراقبة في غزة تحت رعاية الأمم المتحدة بالأفراد والمعدات اللازمة بقيادة الأمين العام للمنظمة الدولية (أنطونيو غوتيريش)".

واستطرد: "وطالب الأمريكيون بتأجيل التصويت على القرار أربع مرات لتجنب الصياغة القوية الواضحة.. وفي النهاية أعرب ممثل إسرائيل (في الأمم المتحدة) عن امتنانه للولايات المتحدة".

ومنذ اندلاع الحرب، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تقدم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للاحتلال أقوى دعم عسكري ومخابراتي ودبلوماسي ممكن، ويعتبر مراقبون الولايات المتحدة "شريكة" في "جرائم الحرب الإسرائيلية" بغزة.

اقرأ أيضاً

ترقب وانتقادات.. ردود فعل دولية إزاء قرار مجلس الأمن بشأن مساعدات غزة

وضع كارثي

بوبوف قال إن "حماس"، في المقابل، وصفت عبر بيان قرار مجلس الأمن بأنه "خطوة غير كافية؛ لأنه لم يتضمن وقف إطلاق النار ولا يلبي متطلبات مواجهة الوضع الكارثي الذي خلقته إسرائيل".

ووصفت منظمات حقوق الإنسان عديدة، ولا سيما منظمة أطباء بلا حدود، القرار بأنه "لا معنى له تقريبا"، كما انتقدت جماعات الإغاثة العاملة في غزة القرار، باعتباره "أضعف من أن يساعد في تخفيف معاناة الفلسطينيين".

وقال مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن الولايات المتحدة "لجأت إلى تكتيكات لي الذراع المفضلة لديها"، واصفا القرار بأه "بلا أنياب".

وأضاف أن سلوك الولايات المتحدة "مخزٍ، وقد خربت قرارات مجلس الأمن بشأن غزة، مما أعطى إسرائيل الضوء الأخضر لارتكاب جرائم حرب".

نيبينزيا أردف أنه تم إضعاف صياغة نص القرار بشكل أساسي بسبب الضغوط الأمريكية، وبنوده المعتمدة تحافظ على سيطرة إسرائيل على جميع المساعدات الإنسانية لسكان غزة.

وفي غزة يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني يعانون حتى من قبل الحرب الراهنة من أوضاع كارثية جراء حصار إسرائيلي مستمر للقطاع منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.

اقرأ أيضاً

بعد تفريغه من مضمونه.. مجلس الأمن يعتمد قرارا بشأن توسيع دخول المساعدات إلى قطاع غزة

محاباة إسرائيل

و"حتى الصحافة الأمريكية تدرك أن هدف (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو المتمثل في تدمير حماس غير واقعي. وأظهر استطلاع للرأي، أن 72% من الفلسطينيين في غزة يؤيدون هجوم حماس، في 7 أكتوبر الماضي، وهي نسبة ترتفع إلى 82% بين سكان الضفة الغربية"، كما أضاف بوبوف.

وفي ذلك اليوم، وردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" هجوم "طوفان الأقصى" ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية بمحيط غزة.

وقتلت "حماس" في الهجوم نحو 1200 إسرائيلي وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه نحو 8600 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.

وشدد بوبوف على أن "تصرفات إدارة بايدن فيما يتعلق بالحرب في غزة بغيضة، وحتى توماس فريدمان، كاتب العمود المؤيد لإسرائيل، كتب في صحيفة نيويورك تايمز، في 23 ديسمبر الماضي، أن الولايات المتحدة يجب أن تخبر إسرائيل بوضوح أن هناك حاجة إلى انسحاب كامل من غزة مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين ووقف دائم لإطلاق النار تحت إشراف دولي".

وأضاف أن "كل الأحداث المرتبطة باعتماد قرار مجلس الأمن، تظهر أن الإدارة الأمريكية تعارض نفسها أمام المجتمع الدولي برمته، وتعطي عمليا تفويضا مطلقا لقتل الفلسطينيين".

وزاد بأنه "في القيام بذلك، لا تسترشد واشنطن بمصالحها الوطنية، بل بالرغبة في محاباة إسرائيل. وتحذر صحف عربية عديدة من أن الولايات المتحدة ستدفع ثمنا باهظا نتيجة لهذا المسار الذي يأتي بنتائج عكسية".

اقرأ أيضاً

حرب الصياغة.. تفاصيل البحث عن قرار لغزة ينجو من فيتو أمريكا

المصدر | فينيامين بوبوف/ نيو إيسترن أوتلوك- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تفويض قتل فلسطينيون أمريكا إسرائيل مجلس الأمن غزة الولایات المتحدة الأمم المتحدة مجلس الأمن فی غزة

إقرأ أيضاً:

مسؤولان بارزان بالكونغرس يهددان بعقوبات ضد الأمم المتحدة حال التحقيق مع إسرائيل

هدد السيناتور الأمريكي جيم ريتش، وعضو مجلس النواب بريان ماست بفرض عقوبات على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في حال تشكيل هيئة خاصة للتحقيق في الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وبعث ريتش الذي يتولى رئاسة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، وماست الذي يتولى رئاسة مجلس العلاقات الخارجية بمجلس النواب، برسالة تضمنت هذا التهديد للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وجاء في الرسالة أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يركز على "إسرائيل بشكل مكثف للغاية وغير متناسب".


وزعمت أن هناك "ميلاً معادياً لإسرائيل" داخل الأمم المتحدة، وتطرقت إلى العقوبات التي أعلنتها الولايات المتحدة ضد المحكمة الجنائية الدولية بسبب مذكرة التوقيف بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وهدد المسؤلان البرزان أي دولة عضو بمجلس حقوق الإنسان أو مؤسسة تابعة للأمم المتحدة تدعم إنشاء آلية تحقيق ضد "إسرائيل" بأنها ستواجه عقوبات مماثلة.

ودعت الأمين العام للأمم المتحدة إلى "اتخاذ كل الاحتياطات ورفض" إنشاء آلية التحقيق.

وفي 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ووزير الحرب الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.


وفي 7 شباط/ فبراير الماضي وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يقضي بمعاقبة "الجنائية الدولية" لإصدارها مذكرة اعتقال بحق نتنياهو، وفي 13 من ذات الشهر فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على المدعي العام للمحكمة كريم خان.

وبدعم أمريكي مطلق ترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الثاني/ أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 164 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • مجلس الأمن يعقد إحاطة حول ليبيا في أبريل الجاري
  • نشرة أخبار العالم | إسرائيل تعتزم ضم أجزاء من غزة.. انتكاسة لترامب في ويسكونسن.. مناورات عسكرية صينية تهدد تايوان.. والحصبة تهدد الولايات المتحدة
  • مشرعون أمريكيون يهددون الأمم المتحدة بعقوبات في حال التحقيق مع إسرائيل
  • مسؤولان بارزان بالكونغرس يهددان بعقوبات ضد الأمم المتحدة حال التحقيق مع إسرائيل
  • في عيد الفصح..إسرائيل تحذر اليهود من السفر إلى سيناء
  • في هذا الموعد.. إسرائيل تحذر من السفر إلى سيناء
  • فرنسا تتولى رئاسة مجلس الأمن الدولي للشهر الجاري
  • إيران تطالب مجلس الأمن الدولي بإدانة تهديدات ترامب
  • "إم 16" ودولارات.. إسرائيل تكشف "خلية" تديرها حماس من تركيا
  • “الصليب الأحمر” يعرب عن صدمته لقتل إسرائيل 14 مسعفا في رفح